رأي

ما بين تدخل الحزب في الحرب والمعركة البرية(حيدر شومان)

 

كتب حيدر شومان – الحوار نيوز

 

يكثر الحديث منذ بدء عملية طوفان الأقصى حول موضوعين أساسيين: الأول هل سيدخل حزب الله الحرب دفاعاً عن غزة المحاصرة؟ والثاني هل سيقتحم الجيش الإسرائيلي غزة برياً؟

لا شك أن بين كلا الأمرين ترابطاً عضوياً لا يمكن نكرانه، فلقد كثر التداول عند محور الممانعة بأن أي خطر وجودي تتعرض له حماس، كالهجوم البري مثلاً، فإن المعركة لن تبقى محصورة في غزة وما حولها، بل ستتسع إقليمياً، وضخم بعضهم بقوله عالمياً.

لا ينكر أحد أن ما يجري في قطاع غزة هو حرب إبادة تطال المدنيين والمستشفيات والمساجد والكنائس ولا تستثني شيئاً مما يُفترض أنه من المقدسات، ولكن نتنياهو، رئيس وزراء الكيان، لن يفتخر بقتل الآلاف من المدنيين وهدم الأبنية والمؤسسات، ولن يعفيه شعبه من مسؤولية الخسارة المدوية والإهانة الكبيرة والصدمة الهائلة التي لم تعرفها إسرائيل وجيشها منذ نشأة هذا الكيان، ولذا فإن عليه أن يقوم بإنجاز كبير يحفظ به شيئاً من ماء وجهه. والهجوم البري على الرغم من مخاطره الجسيمة قد يحقق له شيئاً من ذلك، فيما لو نجح في القضاء نهائياً على حماس. ولقد نصحه الأميركان بخطورة الأمر مع مساندته مادياً ومعنوياً في كل ما يحقق غايته المنشودة.

ويعتبر نتنياهو وحكومة الحرب الجديدة أنهم أمام فرصة سانحة للقضاء على حماس ،في وقت يلقون دعماً غير مسبوق من الأميركان والغرب، أياً كانت الطريقة أو الوسيلة ومهما بلغت قساوتها وضراوتها وسقوط ضحايا من الأعداء الذين اعتُبروا “حيوانات بشرية”، وقتل الحيوانات ليس بالأمر الذي يُلام فيه المرء ،خصوصاً عندما يكون “دفاعاً عن النفس”. ونسمع اليوم من تصريحات العدو أقوالاً تتعلق بالمرحلة المقبلة من تدمير القطاع وتفجيره، فهل ستُبدل خطة الهجوم البري بشكل كامل، أم أن العملية ستكون على أجزاء ومراحل متقطعة استثنائية قد تطول مدتها؟

 في جميع الأحوال يبدو جلياً مدى تهيب الإسرائيلي من الدخول في هذه العملية المكلفة الأثمان، ولذا نرى تخبطاً في آراء المحللين السياسيين بين من يعتبر أن وقوع الهجوم البري أمر سوف يتحقق، وبين من لا يعتبر ذلك.

أما بالنسبة لتدخل حزب الله في المعركة، فلا شك أنه دخلها من اليوم الثاني لعملية طوفان الأقصى، لكن توسع مراميها يعتمد على تحول دراماتيكي للمعركة في غزة أو حدوث عمل عسكري كبير في الأراضي اللبنانية يغير قواعد الاشتباك السائدة منذ أسبوعين ويبدل أساليب الحرب بشكل مختلف تماماً، ولا نستغرب التدخل الإقليمي في الحرب بناءً على وحدة الساحات التي كثيراً ما أكد عليها محور المقاومة.

إن حزب الله يتفهم جيداً الواقع اللبناني المعاش، والأزمات المختلفة التي يتخبط فيها اللبنانيون، ما يجعل من دخولهم حرباً ضد إسرائيل أمراً لا قدرة لهم على تحملها، خصوصاً أن حرب ال 2006 ما تزال في البال بأبشع صورها على الرغم من الانتصار الذي حققه اللبنانيون ومقاومتهم. لكن هناك من يعتبر أن سقوط غزة وحماس ليس سوى البداية وأن المستهدف الثاني بعدها هو لبنان ومقاومته، ولن يثني العدو شيئ عن دخول معركته بعد أن شهدنا التواطؤ الغربي الذي ليس له مثيل منذ عقود طويلة، ولن يغير حربه مع لبنان شيئاً.

لا أحد يعلم كيف ستتدحرج الأمور، وكيف ستكون الأيام أو الأسابيع المقبلة، وما نراه من وحشية الإسرائيلي ضد الأبرياء والمدنيين في قطاع غزة يشي بأن هذا العدو لن ينهي المعركة بالشكل الكلاسيكي كما اعتدنا من قبل، وأنه مكمل في مسعاه حتى يحقق ما يراه انتصاراً تاريخياً له في هذه الحرب، وبإذن الله لن يحققه، وسيغرق في وحول المستقبل الآتي.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى