بيئةمنوعات

المزيد من الأمراض الجرثومية آت ..والإدارت المعنية شريكة في الجريمة(غادة حيدر)

 

غادة حيدر* – الحوارنيوز خاص

يحصد اللبنانيون اليوم ثمار ما زرعته الإدارات المعنية من فوضى وعبث متعمدان في قطاعي المياه والصرف الصحي، يضاف اليهما الانهيار الشامل لمؤسسات الدولة المالية والإدارية ما سمح لتراكم النفايات في الشوارع على امتداد سنتين تقريباً من ضاعف من مخاطر الأمراض الجرثومية ومن تلوث غير مسبوق في الهواء، حتى احتلت عاصمتنا الجميلة بيروت المرتبة الأولى بين العواصم العربية الأكثر تلوثاً.

اليوم الكوليرا وغدا التيفوئيد وغيرها من الأمراض المعوية والصدرية والجلدية والسرطانية، وكل ذلك ناتج عن فوضي وعبث وفساد متراكم منذ عشرات السنوات، كشفه وعجل بظهوره انهيار إدارات الدولة وعجزها عن تغطية الفساد بالفساد، أو الكذب بمزيد من الكذب.

منذ عشرات السنوات ونحن نعيش فوضى:

  • حفر آبار عشوائية
  • منح رخص غير مدروسة
  • عدم التزام بالمعايير الصحية والبيئية والجيولوجية
  • غياب الرؤية لحفظ المخزون الباطني وهدر الموارد الخارجية
  • غياب المرجعية الموحدة لمنح التراخيص لفترة طويلة
  • استباحة جمعيات المجتمع المدني وجمعيات دولية لفترة طويلة الأراضي اللبناني وتنفيذ مشاريع دون حد أدنى من التنسيق مع الجهات الرسمية المختصة

كل ذلك وغيرها الكثير من الملاحظات التي تعكس بالضرورة حجم الفساد والعشوائية التي أوصلتنا الى هنا.
جاء في المادة 1 من قانون المياه (تعريف)
تلوث المياه: الادخال المباشر او الغير مباشر نتيجة لعمل بشري، لمواد أو حرارة في الهواء أو الماء أو البر قد يلحقق ضررا بصحة الانسان أو بنوعية النظم البيئية البرية ذات العلاقة المباشرة بالنظم البيئية المائية ومن شأنه أيضا أن يؤدي الى ضرر في الممتلكات المادية أو تلف أو عائق للتمتع بالبيئة السليمة واستخداماتها الشرعية الأخرى.

إن عدم الإلتزام بمضمون هذا التعريف وخرقه هو جريمة موصوفة تعاقب عليها القوانين، فكيف إذا تحولت هذه الجريمة من فعل نظري الى حقيقة راح ضحيتها العشرات من اللبنانيين حتى الآن؟

أين المساءلة والمحاسبة التي يجب أن تسير بالتوازي مع إجراءات المعالجة اللاحقة للنتائج؟

ان تفريغ مياه الصرف الصحي والمياه العادمة في الأنهار والمجاري دون أي معالجة عدا عن كونه خطرا على السلامة العامة والحياة الحيوانية والنباتية والبيئية هو مخالفة قانونية يعاقب عليها القانون وبحسب قانون المياه أحكام القانون 2000/221 تعطي المادة 86 من القانون الصلاحية للمؤسسات العامة للمياه بالسهر على حماية المياه والنظم البئية المائية، كما المحافظة على الأوساط المائية المادة 87.
وتسمح المادة 102 للمؤسسات الاستثمارية العامة للمياه، كلا ضمن نطاقها، تكليف الضابطة العدلية تثبيت المخالفات لأحكام هذا القانون بموجب محاضر ضبط، من خلال الدخول الى محيط والى أبنية التجهيزات والمنشآت والآلات والمستودعات : الحصول على كل الوثائق المتعلقة بالتجهيزات والنشاطات ذات الصلة : أخذ عينات واتخاذ التدابير الضرورية.
وتضع المادة 89 على مالك العقار المجاور لضفة نهر تأمين حسن الاعتناء بالضفاف والمحافظة على الحياة النباتية والحيوانية ضمن احترام توازن النظم البيئية المائية، وهو موجب يسمح بتأمين أرضية لملاحقة ملوثي الأنهر وخاصة نهر الليطاني.

اذن يبقى السؤال عن من يتحمل مسؤولية هذه الكوارث بوجود مؤسسات ضابطة يمكنها تجنيبنا هذه الكوارث؟

كما الحال دائما، تقع الكارثة ويبدأ الصراخ …
كنا قد حذّرنا في مقالات سابقة من خطورة التلوث البيئي وما يترتب عليه من آثار سلبية ومخاطر على الصحة العامة والبيئة بكل مكوناتها الحيوانية والمائية والهوائية والطبيعية … وكالعادة لا آذان صاغية … منذ سنوات طويلة ولبنان يعاني من سوء ادارة على كل الأصعدة ولاسيما البيئية، فبدلا من الحد من انتشار رقعة الملوثات ومعالجة الأضرار ومسبباتها هي تتوسع لتصل ليس فقط للمزروعات ومجاري الأنهار وبرك المياه انما امتدت لتطال كل بيت وكل فرد في مجتمع موبوء بيئيا وسياسيا واقتصاديا.

لماذا وقعت الكارثة؟
حسب علماء واختصاصيين ان مياه الصرف الصحي تحتوي على كميات كبيرة من الفيروسات والبكتيريا والطفيليات والميكروبات الضارة، وحسب رأيهم (العلماء) هناك ميكروبات معوية وهي التي تسبب في التهابات المعدة، وميكروبات انتهازية وسموم تنتجها الميكروبات وهي التي تدخل الجسم من خلال الاستنشاق، وهناك الطفيليات بما في ذلك الديدان المعوية.
ان الأخطار والأضرار الكارثية لمياه الصرف الصحي تطال المجتمع بكل مكوناته البشرية والحيوانية والمائية والبيئية، والكثير من الأمراض المرتبطة بمياه الصرف الصحي كداء العطاف، التهاب المعدة والأمعاء، التهاب الكبد الوبائي، داء السلمونيلات، التيفوئيد، شلل الأطفال، الكوليرا وغيرها من الامراض الخطيرة بحسب أطباء وأصحاب اختصاص.

يجب على وزارة الطاقة أن تتحمل مسؤوليتها في حماية الموارد المائية من التلوث ومنع الأنشطة التي ادت الى تدهور نوعية المياه وتلويثها والحاق الضرر بالصحة العامة.
وأن يتم تغريم كل صاحب منشأة صناعية تسبب عن قصد أوغير قصد بتلويث المياه الجوفية أو أي مجرى مائي ملاصق لمنشأته ولم يتقيد بأحكام قانون حماية البيئة.
وحسب المادة 33 تغريم كل من ينقل المياه بواسطة الصهاريج والبراميل اذا لم تتلاءم مع المعايير المفروضة والضوابط المعمول بها لنقل المياه المخصصة لهذا الأغراض. مع مراعاة أحكام القانون رقم 210 تاريخ 30/3/2012

وما بين تصريف مياه الصرف الصحي الغير معالجة او الغير معالجة بشكل كاف، والرشح في خزانات الصرف الصحي، آثار الافراط في استعمال المبيدات الكيميائية الزراعية، نفايات المستشفيات والنفايات المنزلية والصلبة وتصريف زيوت المحركات والنفايات الصناعية لن تكون الا قنبلة جرثومية متكررة في انتشار الميكروبات والأمراض المستعصية مما سيزيد الكلفة الصحية، وذا الاستهتار المتعمد أو غير متعمد والمتكرر في ملفات البيئة سيكون له تبعات بيئية كارثية على الأجيال القادمة.

والجدير بالذكر أن بكتيريا ايكولاي والتي تتألف من عدة أنواع من البكتيريا منها ما يتحمله جسم الانسان ومنها ما يسبب تسمم ينتج عن شرب ماء ملوث ببراز الانسان او الحيوان أو حتى من أماكن سباحة اختلطت مياهها بمياه الصرف الصحي اي ببراز الانسان وهذا لا يقتصر على اصابة بتسمم مؤقت انما باختلالات صحية طويلة المدى.

وبالنسبة لتلوث المياه الجوفية انطلاقا من أنابيب الصرف الصحي هناك تقنيات ممكن استعمالها وتطبيقها على انابيب الصرف الصحي لتحديد  المناطق الموبوءة وهذه تعتمد على التكنولوجيا الصوتية او حتى على الموجات الفوق الصوتية لاتخاذ التدابير والوقاية اللازمة كخطوة اولى …

على الرغم من ضعف الإدارة والخلل في النيابات العامة والأجهزة الأمنية إلا أن التقاعس اليوم في وضع اليد القضائية على الملفات السابقة هو فساد إضافي، فهل حان وقت صحوة الضمير أم أن الفساد الإداري المظلل بفساد سياسي سيستمر حتى آخر لبناني؟

  • ناشطة بيئية ورئيسة جمعية غايا البيئية – لبنان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى