رأي

اميركا في الطور الاخير لوجودها في المنطقة (حسن عماشا)

كتب حسن عماشا – الحوار نيوز

منذ دخول حاملة الطائرات الأمريكية مياه الخليج وانتشار  بعض القطع البحرية في البحر الأحمر،نشرت سلسة من المقالات والتحليلات تحمل في طياتها وبين سطورها جملة من عناوين التهويل، وكأن أميركا تدخل المنطقة لأول مرة. ترافقت مع تصعيد أميركي في الخطاب العام واعادة طرح عناوين مثل “حل الحشد الشعبي” في العراق. واعادة طرح تطبيق قرارات َجلسة الأمن المتعلقة بسوريا لجهة تشكيل حكومة انتقالية وتعديل الدستور. والمطالبة بتسليم سلاح حزب الله. والدفع بمسار التطبيع مع “الكيان الصهيوني”والمترافقة بتحريك ادواتها الصغيرة في المنطقة من “داعش” وأخواتها.

-رغم الأجواء التصعيدية في المنطقة والتعنت الظاهر الاميركي عبر طرح شروط شكل جوهرها عناوين بداية غزو العراق عام ٢٠٠٣ اي قبل عشرين عاما بالتمام ،استنفذت فيها الولايات المتحدة كل ادواتها وخياراتها من حرب ٢٠٠٦ على لبنان وحلم “الشرق الأوسط الجديد” وما سمي “الربيع العربي” الثورات الملونة، وحلفاء من دول في المنطقة وكيانات وادوات الفوضى من “داعش” حتى منظمات ما يسمى “المجتمع المدني” بألوانها واطيافها المختلفة.
وفشلت كلها ،وما زالت الولايات المتحدة تطرح الشروط عينها. ليس لغباء او عدم ادراك من قبل المخططين الامريكيين. إنما لحاجة اميركا الى السيطرة المطلقة على المنطقة والتحكم الكامل في مواردها ومعابرها الدولية وموقعها على خارطة العالم، وهي بهذه الحالة او تربحها بالكامل لتستطيع الوقوف بوجه الدول الصاعدة وتعطل اندفاعاتها في التحرر والنمو ولو بدرجات متفاوتة. او تقر بخسارتها وتعود لتتقوقع في حدودها. فتنتقل الي طور تاريخي جديد. مآله انهيار الإمبراطورية الأمريكية.
لذا هي ليست في وارد إنتاج تسويات مهما كان حجم المكاسب فيها لن يلبي حاجاتها للحفاظ على هيمنتها على العالم.
من هنا تحاول اميركا بالحشد لاساطيلها وجنودها في المنطقة ان تحقق ما عجزت بالاعتماد على حلفائها وادواتها في تحقيقه. بالتهويل والإرهاب وزيادة الحصار من دون أن تندفع إلى حرب مفتوحة لا تستطيع التحكم في مساراتها ونتائجها. في مواجهة محور تتعاظم قوته وتتسع وتتعمق علاقات اطرافه في كل المنطقة.
وبعد تجربة الانسحاب الذليل والفوضوي من أفغانستان وفي ظل الحرب في أوكرانيا التي تستنزف مواردها وامكانتها فضلا عن موارد وإمكانيات حلفائها الأوروبيين. فلن يكون من جدوى لهذا الحشد الا تأمين انسحاب أميركي منظم من المنطقة.
وهي تعلم أن الانزلاق إلى حرب مباشرة تعني خسارتها حتما مهما كانت تملك من قوة تدميرية فانها بذلك تخاطر بخسائر كبيرة في وجنودها ومعداتها الاستراتيجية من حاملات الطائرات وغيرها. وهي لا تستطيع أن تتحمل هكذا خسائر تفقد معها اي امل بالحفاظ على اميريكا نفسها.
فلا حرب في المنطقة، اللهم الا اذا بادرت قوى المحور فيها. وهي بدورها لن تفعل ولو كانت ضامنة الانتصار فيها تجنبا لدمار شامل بقدر الإمكان. لذا فإن المسارات توحي بالخروج الأميركي بلا حرب بعد أن يختبر عجز الحصار عن تحقيق أهدافه والمسألة أصبحت مسألة وقت ليس اكثر. وكلما عبرت قوى المحور عن تماسك ورفض الشروط وكلما صمدت الشعوب يتسارع الوقت اكثر في صالحها وصالح الاجيال المقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى