إقتصاد

المؤشرات الاقتصادية العالمية تنذر بانهيار كبير

يلتقي العديد من خبراء الاقتصاد والمؤسسات المالية الدولية على أن المؤشرات الاقتصادية العالمية للعام 2019 تنذر بخطر كبير يهدد بانهيار مالي  اين منه الانهيار الذي حصل في العام 2008 .
ويعتبر رجل الاعمال الفلسطيني الأردني طلال أبو غزالة قائد المحاسبة العربية وهو المؤسس والرئيس لمجموعة طلال أبو غزالة الدولية، وهي مجموعة شركات عالمية تقدم الخدمات المهنية في مجالات المحاسبة والاستشارات الإدارية ونقل التكنولوجيا والتدريب والتعليم والملكية الفكرية والخدمات القانونية وتقنية المعلومات والتوظيف والترجمة والنشر والتوزيع.

قبل أيام نشر أبو غزالة تقريرا تحت عنوان :" استعدوا قبل فوات الأوان للأزمة الاقتصادية العالمية القادمة عام 2020 ".وقد لاقى هذا التقرير رواجا منقطع النظير على أكثر من مستوى ،لما يتضمنه من تحذيرات تقوم على رؤية واقعية للغد.
يقول أبو غزالة :
لطالما قرعتُ ناقوس الخطر محذراً من أزمة اقتصادية كبيرة قد تضرب الصعيد العالمي بحلول عام  2020  .وخلافا لبعض تحليلات الخبراء، لدي سبب وجيه للاعتقاد بأن الأزمة الجديدة ستكون مدمرة أكثر بكثير من عام 2008 ، التي وصفها بن برنانكي  رئيس المجلس الاحتياطي الفدرالي (بنك الولايات المتحدة المركزي) وقتها بأنها  أسوأ أزمة مالية على المستوى العالم .وعلى الأرجح، وكما حصل في السابق، سوف تبدأ هذه الأزمة في الولايات المتحدة.
ويضيف أبو غزالة :من المتوقع أن تستمر الضائقة الاقتصادية الجديدة لسنوات، وسيكون لها الأثر الكبير في الغرب، مسببة ركوداً كبيراً ومؤدية لإفلاس حوالي خمسة بلدان أوروبية. غير أن البلدان الناشئة بالمقابل مثل الصين والهند من المتوقع أن تنمو وتزدهر. الأزمة المالية التي اجتاحت العالم سنة 2008 تم احتواؤها تقريبا، لكن الأخطر والأدهى بكثير هي الأزمة الاقتصادية القادمة.
ويقول أبو غزالة في تقريره:إن حجم الاقتصاد الأمريكي الذي يشكل 25 % من اقتصادات العالم يناهز حالياً ال 20 تريليون دولار أمريكي. لكنه كما قدمنا، تأتي الديون الوطنية الأمريكية  لترفع حجم الديون   الى 21.6  تريليون( لتناهز فعلاً 107 % من إجمالي الناتج المحلي. بالمقابل، يبلغ حجم الاقتصاد في الصين نصف الإقتصاد الأمريكي فقط. لكنه إذا قوبل باحتساب تكافوء القوة الشرائية في الصين  ، يصبح الاقتصاد الأكبر على المستوى العالمي.وعلى صعيد العالم، يبلغ مجموع الناتج القومي الإجمالي العالمي حوالي 80 تريليون دولار أمريكي، فيما يناهز المبلغ الإجمالي لديون العالم 300 تريليون – وهي ليست حالة صحية في المطلق.وعليه أتوقع أن خمسة بلدان أوروبية سوف تتعرض للإفلاس في العام المقبل، هذا لا يعني إقفال دكاكينها، » لكنها ستشهد تراجعاً في قدراتها على توفير الخدمات للمواطنين. سوى أن دولاً مثل البرازيل، وروسيا،والهند، والصين وكوريا سوف تنمو بمعدلات ثابتة خلال السنوات العشر القادمة. وأعتقد أن أفريقيا، وخلال الفترة نفسها، ستكون على نفس مستوى البلدان المتقدمة من حيث النمو الاقتصادي لتصبح ما كانت عليه أوروبا منذ 50 عاماً.وستواصل اقتصادات المنطقة الخليجية وتيرة نموها الحالي بفضل عائداتها النفطية. لكنه إذا تم تصدير كل النفط اليوم فلن يكون ذلك في مصلحة البنى التحتية الموازية لمثيلاتها الأوروبية. من أجل ذلك، لا بد من استثمار هذه الموارد المتاحة.ولا بد أن يستفيد العالم العربي برمته من الازدهار القائم في
منطقة الخليج، وكما شهدنا، سوف تكون الاستثمارات في العالم العربي هي الأكثر أماناً.
ويختم أبو غزالة بملاحظة مفادها:علينا ان نتذكر أن هنالك رابحين وهنالك خاسرين في أوقات الحروب. بإمكاننا أن نكون رابحين اذا قررنا ان نتخذ الإجراءات اللازمة وأن نختار الخيارات الصحيحة.

توقعات صندوق النقد

في هذه الاثناء حذّر صندوق النقد الدولي من أنّ الاقتصاد العالمي يواجه خطر انهيار مالي كبير في ظل فشل الحكومات والمنظمات السير بالإصلاحات لحماية النظام المالي والمصرفي.
وقد تمّ انجاز الكثير من الاحتياطات المصرفية خلال السنوات العشر الأخيرة لوضع رقابة صارمة على القطاع المالي، ولكن يبدو أنّ المؤشرات غير مطمئنة في ظل مخاطر كبيرة يواجهها العالم اليوم قد يكون اهمها نسبة الديون المرتفعة، والتي تُعتبر اعلى مستوى للديون منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008.
و يشير صندوق النقد الدولي الى زيادات هائلة في عمليات الإقراض التي يقوم بها ما يسمّى shadow banks في الصين، وعدم فرض قيود صارمة على شركات التأمين ومديري الاصول التي تتعامل مع تريليونات الدولارات من الاموال، الأمر الذي يزيد القلق.
وجاءت تحذيرات صندوق النقد الدولي على استقرار النظام المالي العالمي مع جملة نكسات للاتفاقات الدولية، لا سيما مع إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، والتي قوّضت جهوداً مضنية توصلت اليها الدول لغاية الآن.
في تصريحات أدلت بها في تشرين الاول الماضي، حذّرت كريستين لاغارد من تنامي إجمالي الديون في كل من القطاعين العام والخاص، منذ الأزمة المالية، والذي بلغ 182 تريليون دولار، الامر الذي يضع الدول الناشئة او الشركات امام تحدي زيادة اسعار الفوائد الاميركية، وما قد يؤدي الى هروب الاموال منها وزعزعة اقتصادها. لذلك، قد تكون احدى النقاط الأساسية هي الديون وارتفاع اسعار الفوائد، الّا انّ هناك عوامل أخرى تجعل من الاقتصاد العالمي في خطر. وهناك تهديد للنمو اقلّه في العام المقبل، وقد يكون اهم هذه العوامل الحروب التجارية وصعود الصين كقوة عالمية. وستؤدي تهديدات ترامب بفرض الرسوم على جميع الواردات من الصين، الى ضرب الناتج المحلي الاجمالي الصيني بما قدره 1.5 نقطة مئوية.

عالمياً، قد لا تكون الامور اهون من اوروبا، وفي ظل التوتر داخل اوبك للنفط، ولا سيما وان اي تصعيد قد يسبب انخفاض اسعار واسعة النطاق، بالاضافة الى تصاعد التوترات بين ايران والسعودية، الامر الذي قد يشل اسواق الطاقة العالمية وهو امر خطير بالنسبة للدول المصدّرة والمستوردة للنفط.هذا الوضع قد يؤدي الى صراع اوسع في منطقة الخليج، واحتمال شن حرب بين ايران والسعودية واغلاق مضيق هرمز وشل اسواق الطاقة، ولا سيما وانّ اي انقطاع للإمدادات من الخليج تُترجم بسرعة ارتفاعاً في الاسعار وبالتالي ضرب آفاق النمو في الاقتصاد العالمي.

وفي تحليل منفصل، وفي اطار التوقعات الاقتصادية السنوية لصندوق النقد الدولي، حذّر الصندوق من «تحدّيات كبيرة تلوح في الافق ويجب العمل لمنع انهيار ثانً» والارتفاع في الاقتراض من قبل الشركات والحكومات بأسعار فوائد رخيصة لم يظهر او ينعكس جدياً في مجالات البحث والتطوير او الاستثمار في الهياكل الأساسية.

  قد تكون العقوبات الموجّهة ضد إيران هي رسالة الى الصين والهند وغيرها من الدول التي تستورد النفط الايراني. وسياسة العقوبات هذه جاءت لتزيد من مخاطر التدهور الاقتصادي وتراجع النمو في العديد من الدول.وقد تكون اهم المخاطر سياسة ترامب وعدم استطاعة المحللين التنبؤ بها وما تشكّله من ضرر، الا انّ سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب تساعد في التخفيف من خططه وعدائيتها على الاقتصاد العالمي والاميركي الشمالي بشكل خاص.
لذلك تبدو السنة 2019 فيها الكثير من المخاطر السياسية والاقتصادية معاً وتهدّد بحروب تجارية تعرقل النمو وتخفف من اندفاعه. كل ذلك في ظل تباطؤ عالمي وتراجع في النمو، ومع استحقاقات أوروبية اصبحت مكلفة ان كانت الـbrexit او ايطاليا وخطط انفاقها او الشرق الأوسط ونفطه.
البنك الأوروبي
وفي تقري له آخر السنة قال البنك المركزي الأوروبي  إنّ الاقتصاد العالمي بصدد التباطؤ في 2019 ثم يستقر بعد ذلك، لكنه ما‭ ‬زال يتوقع ارتفاع الأسعار.وألقى المركزي الأوروبي بثقله بقوة خلف ذلك التوقع في نشرته الاقتصادية الدورية، لكنه ما زال يتوقع «ضغوطاً تضخمية» على مستوى العالم وفي منطقة اليورو.‬‬

وأضاف التقرير: من المتوقع أن يزيد التضخم الأساسي تدريجاً في المدى المتوسط، بدعم من إجراءات المركزي الأوروبي للسياسة النقدية واستمرار التوسع الاقتصادي وزيادة نمو الأجور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى