في مثل هذا اليوم 22 شباط 1958 ،أعلنت الوحدة بين مصر وسوريا في إطار الجمهورية العربية المتحدة ،وتم توقيع ميثاق الجمهورية المتحدة من قبل الرئيسين السوري شكري القوتلي والمصري جمال عبد الناصر الذي اختير رئيسًا والقاهرة عاصمة للجمهورية الجديدة.
اعتبر البعض أن الوحدة المصرية – السورية التي أعلنت في 22 فبراير1958، كانت نتيجة المطالبة الدائمة لمجموعة من الضباط السوريين، في وقت كان فيه قادة حزب البعث العربي الاشتراكي قد قاموا بحملة من أجل الاتحاد مع مصر. إذ يرى الصحافي باتريك سيل “أن جمال عبد الناصر لم يكن متحمسا لوحدة عضوية مع سوريا، ولم يكن يطمح لإدارة شؤون سوريا الداخلية ولا أن يرث مشاكلها. كان بالأحرى ينادي بـ “التضامن العربي” الذي بموجبه يقف العرب وراءه ضد القوى العظمى، وكان يحتاج بصورة خاصة إلى السيطرة على سياسة سوريا الخارجية بهدف حشر أعدائه من الغربيين والعرب. وكانت هذه فكرة مختلفة تماما عن برنامج البعث الوحدوي الداعي إلى تحطيم الحدود ،ولكنه لم يستطع أن يأخذ شيئا ويدع شيئا، وهكذا دفعه السوريون دفعا إلى الموافقة على قيام الجمهورية العربية المتحدة.”
ورأى الدكتور جورج جبور “أنه منذ منتصف عام 1954، ومنذ مطلع عام 1955 خصوصا، أبدت الجماهير في سوريا اهتماما خاصا بثورة مصر: اتفاقية القناة، مقاومة الأحلاف، بلورة الفكرة العربية لدى قادة ثورة مصر، الضغط الصهيوني على مصر متمثلا في الحملة على غزة في مطلع عام 1955، مؤتمر باندونغ، صفقة الاسلحة، توضح الاتجاه الاجتماعي للثورة ومحاربتها الجدية للإقطاع… كل ذلك اكسب الثورة وقائدها احتراما عظيما في الأوساط التقدمية والديموقراطية في القطر العربي السوري، فإذا أضفنا إلى كل ذلك الوزن الذي تمثله مصر في الوطن العربي، بشريا وحضاريا وجغرافيا خصوصا، اتضح لدينا أن استقطاب الزعامة الناصرية للجماهير العربية في النصف الثاني من الخمسينات كان أمرا محتما”.
جاء وفد عسكري سوري إلى القاهرة بالسر دون علم الحكومة السورية مطالباً بالوحدة الفورية. وقد فاوض عبد الناصر وعبد الحكيم عامر طيلة أيام 13-16 يناير، وتكللت المهمة بالاتفاق العام على الوحدة ،ولإكمال المهمة وصل وزير الخارجية السوري صلاح البيطار، يوم 16 يناير للتوقيع بالحروف الأولى على ميثاق الوحدة بين سوريا ومصر.
وتابع جبور: “بدأت ملامح هذا الاستقطاب في سوريا عام 1955 حين طرحت حكومة الثورة في مصر مواجهة حلف بغداد شعار انتهاج سياسة عربية خارجية مستقلة، ضمن نطاق الجامعة العربية، وتقوية ميثاق الضمان الجماعي العربي. لقي هذا الشعار ما يستحقه من تقدير لدى القوى الوطنية في سوريا فتألفت حكومة جديدة ساهم فيها حزب البعث في الحكم، كذلك بدأت منذ تلك الفترة دعوة حزب البعث إلى الاتحاد بين مصر وسوريا باعتبار أنهما البلدان الأكثر تحررا من البلدان العربية الأخرى”.
ويرى المؤرخون لتلك الفترة من تاريخ سوريا السياسي، أنه مع انتخاب شكري القوتلي في العام 1955، حسم الموقف لمصلحة التيار المنادي بالتعاون والتحالف مع مصر، واتفقت مصر وسوريا على إنشاء قيادة عسكرية موحدة يكون مركزها في دمشق، وكانت العوامل الخارجية قد لعبت دورها الأول في تعزيز هذا التقارب، حيث بدأ الاتحاد السوفياتي في بداية عام 1956، بحملة ديبلوماسية واسعة لاكتساب دول الشرق الأوسط، وقبلت سوريا ومصر في شهر شباط من نفس العام صفقات السلاح السوفياتي في الوقت الذي كان فيه حلف بغداد يهدد الأراضي السورية بدعم من بريطانيا.
ورأى الدكتور أحمد سرحال أنه عند اندلاع معركة سيناء في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 1956 ووقوع العدوان الثلاثي على مصر “أعلنت الحكومة السورية حالة الطوارئ في أراضيها واتجهت وحدات من قواتها للمرابطة في الأردن بعدما عطلت خط أنابيب التابلاين الناقلة للبترول السعودي إلى الساحل اللبناني. وقد اضطرت هذه الوحدة للانسحاب من الأردن ابتداء من 24 إبريل (نيسان) 1957 بعد أن هددت القوات الأميركية بالتدخل ضدها”.
لم يعد بوسع الحكومة السورية التراجع عن سياستها الجديدة إذ شعرت بقدر من العزلة أمام السياسة العراقية بل والإسرائيلية، فعقدت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 1957 معاهدة للتعاون الاقتصادي مع الاتحاد السوفياتي. واجتمع في 18 تشرين الأول 1957 مجلس النواب السوري ومجلس النواب المصري في جلسة مشتركة وأصدرا بالإجماع بياناً فيه دعوة إلى حكومتي البلدين للاجتماع وتقرير الاتحاد بين الدولتين.
وفي هذا الاتجاه اجتمع رئيسا البلدين وأركان حكومتيهما وأصدروا بياناً في 22 فبراير (شباط) 1958 أعلنوا فيه توحيد القطرين في دولة واحدة تحت اسم “الجمهورية العربية المتحدة”، التي قرر أن يكون نظامها رئاسياً ديموقراطياً. وبالفعل جرى استفتاء شعبي على الوحدة وتم انتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة. ووضع في 5 مارس (آذار) 1958 دستور جديد مؤقت للجمهورية العربية المتحدة. وقد أناط الدستور السلطة التنفيذية برئيس الجمهورية يمارسها فعلياً بمعاونة نواب الرئيس والوزراء الذين يعينهم ويقيلهم بنفسه، وهم مسؤولون أمامه دون غيره، علماً بأنه كان هناك إلى جانب الحكومة المركزية في الجمهورية العربية المتحدة مجلسان تنفيذيان إقليميان: المجلس التنفيذي المصري، والمجلس التنفيذي السوري اللذان يرأس كل منهما وزير مركزي، أما السلطة التشريعية فقد تولاها مجلس الأمة المكون من نواب يعين نصفهم رئيس الجمهورية والنصف الآخر يختاره من بين أعضاء مجلس النواب السابقين في سوريا ومصر، وقد منح مجلس الأمة حق طرح الثقة بالوزراء، ولكن بصورة فردية من دون المسؤولية الوزارية الجماعية التي بقيت قائمة أمام رئيس الجمهورية فقط. وبذلك حافظ النظام على طبيعته الرئاسية المتشددة، ولا سيما أن بعض أعضاء المجلس كانوا يعينون من قبل الرئيس، وهذا يخالف ويتجاوز طبيعة النظام الرئاسي القائم مبدئياً على الفصل بين السلطات”.
24 شباط (فبراير) 1958،القى الرئيس عبد الناصر من دمشق خطابا جاء فيه:
أيها المواطنون:
إننى أشعر الآن وأنا بينكم بأسعد لحظة من حياتى، فقد كنت دائماً انظر إلى دمشق وإليكم وإلى سوريا وأترقب اليوم الذي أقابلكم فيه، والنهارده.. النهارده أزور سوريا قلب العروبة النابض.. سوريا اللى حملت دائماً راية القومية العربية.. سوريا اللى كانت دائماً تنادى بالقومية العربية.. سوريا اللى كانت دائماً تتفاعل من عميق القلب مع العرب في كل مكان.واليوم – أيها الإخوة المواطنون – حقق الله هذا الأمل وهذا الترقب وأنا ألتقى معكم في هذا اليوم الخالد، بعد أن تحققت الجمهورية العربية المتحدة.
كانت السلطة بأكملها في يد الجيش حينها، إلا أنه اختار عدم تسيير أمور البلاد بشكل مباشر ،وبدلاً من ذلك أوكل للسياسيين من الأحزاب السياسية التقليدية في عهد الجمهورية السورية مهمة تشكيل الحكومة الانفصالية. كانت الدولة التي تم استعادتها تعتبر استمراراً للجمهورية السورية، ولكن بسبب تأثير الناصريين والقوميين العرب جرى اعتماد اسم جديد وأصبحت الجمهورية العربية السورية. كان النظام المستعاد هشاً وفوضوياً كما أثرت صراعات الجيش الداخلية على سياسة الحكومة. وكان السياسيون المحافظون التقليديون على اتصال بشكل متزايد مع الجيش الأكثر تطرفاً، الذي تمكن في نهاية المطاف من إبعاد النظام القديم خلال انقلاب 8 مارس 1963.
في برقية مؤرخة 8 أكتوبر1961، أبلغ رئيس الوزراء ووزير خارجية الجمهورية العربية السورية رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أن سوريا قد استأنفت وضعها السابق كدولة مستقلة، وطلبت من الأمم المتحدة أن تأخذ علما بالعضوية المستأنفة في الأمم المتحدة للجمهورية العربية السورية. 1958 إلى 27 سبتمبر 1961. “[بحاجة لمصدر]
وأخيرا، وفي رسالة مؤرخة 2 أيلول / سبتمبر 1971، أبلغ الممثل الدائم لجمهورية مصر العربية لدى الأمم المتحدة الأمين العام أن الجمهورية العربية المتحدة قد استعادت اسم جمهورية مصر العربية (مصر)، وفي رسالة مؤرخة 13 سبتمبر 1971، ذكرت البعثة الدائمة للجمهورية العربية السورية أن الاسم الرسمي لسوريا هو “الجمهورية العربية السورية”.