مواصفات البلدية الحديثة والمنتجة :إقتراحات إستثمارية تغني الصندوق البلدي (عماد عكوش)

بقلم د. عماد عكوش – الحوارنيوز
في ظل التحديات التنموية التي تواجه البلديات اليوم ، وخاصة تلك التي تمتلك موارد طبيعية واستراتيجية مثل المساحات الكبيرة ، (الموقع على الطرق الدولية ، الشواطئ البحرية ، وقربها من الأنهار)، يصبح إنشاء لجنة متخصصة داخل الهيكل البلدي أمراً حتمياً.
هذه اللجنة ستكون بمثابة “خلية تفكير استراتيجي” تقدم رؤية متكاملة لكيفية تنظيم البلدية مالياً وإدارياً، مع توظيف الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي لتعزيز كفاءة العمليات، وإطلاق مشاريع إنتاجية تنظيمية تستثمر الموارد المتاحة بأفضل صورة .
يمكن لهذه اللجنة ان تتشكل من خبراء ماليين متخصصين في التخطيط المالي البلدي وإدارة الأصول ، خبراء الإدارة والتنظيم لتحسين الهياكل الإدارية وإجراءات العمل ، خبراء التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتطوير حلول رقمية ذكية ، مهندسين للتخطيط العمراني ومشاريع البنية التحتية ، خبراء البيئة والتنمية المستدامة لإدارة الموارد الطبيعية ، وممثلين عن المجتمع المحلي لضمان تلبية احتياجات السكان .
من المهام الاساسية لهذه اللجنة :
1. التقييم الشامل للموارد المالية والبشرية والعقارية والطبيعية المتاحة.
2. وضع خطط مالية مستدامة تعتمد على تحليل البيانات والتنبؤ بالإيرادات.
3. إعادة هيكلة الإجراءات الإدارية باستخدام الذكاء الاصطناعي والمكننة .
4. تصميم مشاريع إنتاجية تستثمر الموقع الاستراتيجي والموارد الطبيعية.
5. وضع معايير لقياس الأداء وتحسين الجودة بشكل مستمر.
يمكن لهذا التنظيم ان يحقق ما يلي :
تحسين الإيرادات:
- الاستثمار في أراضي البلدة وخاصة مشاع البلدة او تلك التي يملكها مغتربون لا يستغلونها بشكل صحيح واقتصادي .
- إنشاء مناطق صناعية يمكن تأجيرها للغير او للشركات .
- تطوير الشاطئ البحري كإنشاء مجمعات سياحية بيئية مع مناطق خدمات تدر إيرادات كما انشاء مرافئ صيد ومزارع للأسماك البحرية .
- استغلال النهر لإنشاء مشاريع زراعية كأحواض لزراعة السمك او بعض المشاريع السياحية والمقاهي.
خفض النفقات:
- مكننة الخدمات البلدية مثل معالجة التصاريح والاستفسارات عبر الدردشة الآلية لخفض العمالة .
- التحول للطاقة الخضراء باستخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة استهلاك الطاقة في المرافق البلدية .
- الصيانة المسبقة باستخدام برنامج الصيانة المعد مسبقا لتجنب الاعطال قبل حدوثها .
الشفافية المالية :
- تتبع الإنفاق البلدي ومنع الفساد .
- التحليلات المالي للتنبؤ بالعجز المالي واتخاذ إجراءات استباقية .
- الموازنات التقديرية ومقارنتها مع الارقام المحققة لتكوين فكرة عن التجاوزات حال حصولها.
إعادة هندسة العمليات:
- منصة إلكترونية موحدة مثل منصة “بلدتي” التي تدمج جميع الخدمات البلدية .
- استخدام الذكاء الاصطناعي في الرقابة لكشف المخالفات مثل استخدام طائرات الدرون لكشف مخالفات البناء او التعدي على الاملاك العامة .
- إدارة النفايات لتحسين جمع النفايات والفرز وإعادة التدوير .
نضيف هنا أمكان الاستفادة من المشاريع الإنتاجية لزيادة واردات البلدية وبالتالي تقديم مزيد من الخدمات للمواطنين . من الامثلة المهمة لهذه المشاريع :
المشاريع السياحية :
- متابعة تلزيم الشاطئ بشكل ينعكس ايجابا على واردات البلدية وعلى الشركات والمؤسسات التي تستثمر بعضا من الشاطئ .
- الاستفادة من ضفاف الأنهر لانشاء مرافق سياحية وتأجيرها للمستثمرين .
- انشاء مسارات نهرية للسياحة البيئية .
المشاريع الزراعية :
- الزراعة المنتجة بالتركيز على اقامة المشاتل المتخصصة والتي تعتمد على تطوير الشتل والاشجار ليتم زراعة ما يحقق اعلى منفعة .
- سوق مركزي لمنتجات المزارع المحلية تكون قريبة من الطريق الدولي حتى يستفيد منها كل القرى والمدن القريبة او تلك التي تعتمد الطريق الدولي .
- انشاء مركز تدريب زراعي .
- انشاء مركز تدريب ومستوصف بيطري .
مشاريع الطاقة المستدامة
- محطة طاقة ألواح شمسية على مساحات محددة من اراضي المشاع .
- إنارة ذكية للمرافق العامة تعمل بالطاقة الشمسية وتضبط شدة الإضاءة حسب الحاجة .
في إدارة الأصول:
- جرد العقارات المملوكة من قبل البلدية والدولة ضمن النطاق البلدي للضيعة .
- إدارة المساحات الخضراء لمراقبة الغطاء النباتي .
- تأجير العقارات المملوكة من قبل البلدة لفترات محددة .
- انشاء مدينة صناعية وجمع كل محلات المهن الصناعية ضمن هذه المدينة .
- الشراكة في بعض المشاريع مع القطاع الخاص لتمويل بعض المشاريع .
ستواجه البلديات تحديات كثيرة ومهمة منها :
- مقاومة التغيير من بعض الموظفين .
- تكلفة الاستثمار الأولية في البنية التحتية .
- الحاجة إلى تحديث التشريعات والتي تتناقض مع هذه التطلعات ولا سيما تعديل المرسوم الاشتراعي رقم 118 الصادر بتاريخ 30 حزيران 1977 .
إن إنشاء لجنة متخصصة بهذه المواصفات سيمكن البلدية من التحول من جهة تقدم خدمات تقليدية إلى منصة تنموية متكاملة، تستثمر مواردها المالية والبشرية والطبيعية الاستثمار الأمثل ، وتوظيف أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي ، وستخلق مصادر دخل مستدامة للبلدية، وتوفر فرص عمل للمجتمع المحلي، وتحسن جودة الحياة بشكل عام.
ان النجاح في هذه الرؤية يتطلب إرادة سياسية من الاحزاب والدولة ، وشراكات استراتيجية مع القطاع الخاص ، ودراسات استثمارية مدروسة ، ولكن العائد المتوقع مالياً وتنموياً واجتماعياً سيبرر كل الجهد المبذول، خاصة مع الميزات التنافسية الفريدة التي يمكن ان تتمتع بها البلدة من موقع استراتيجي وموارد طبيعية متنوعة ، والخطوة الاولى الاساس يجب ان تكون جرد ما تملك البلدة، وهي نقطة البداية .