ثقافةفي مثل هذا اليوم

في ذكرى غيابه:السيد الخوئي.. منارة الفقهاء(محمد عبد الله فضل الله)

 

بقلم محمد عبدالله فضل الله – الحوار نيوز

ولد أستاذ الفقهاء والمجتهدين السيد أبو القاسم الخوئي في 19/ 11/ 1899م في مدينة خوي الإيرانية ،وتوفي في 8/8/1992م في النجف الأشرف. وبين الولادة والوفاة مسيرة عريقة من العطاء والنبوغ والإبداع، فكان بحق من أبرز فقهاء الشيعة ومراجع التقليد في القرن الرابع عشر الهجري.

عمره الطويل المليء حيوية ونشاطا مكنه من أن يصبح من الأساتذة الكبار في عالم الفقه والأصول. فقد واصل التدريس ما يقرب من الستين عاماً ألقى خلالها دورة فقهية كاملة وعدّة دورات في أصول الفقه، ناهيك عن موسوعته الرجالية (معجم رجال الحديث) ،فاستقطب بمنهجه وخبرته الكثير من طلاب الدراسات العليا في الحوزة العلمية النجفية حتى ذاع صيته في الآفاق.

من مميزاته حبه للعلم  ونهمه له، والاشتغال به منذ نعومة أظفاره ،وتواضعه  للكبير والصغير وتقواه وترفعه عن التعرض للاخرين بالقدح والتجريح أيا كانوا، أضف إلى ذلك عبقريته وذكاءه الحاد ، وقدرته الفائقة على الحفظ، وحسن بیانه .فقد كان يمتلك ذاكرة لا نظير لها  وحفظ القرآن الكريم كاملا وهو ابن عشر سنين.

تميز أيضاً ببساطة العيش ورعاية شؤون طالب العلم، فكان بحق مثال العالم الذي يوافق قوله فعله وسيرته، لا كما نشهد في أيامنا على كثير من النماذج الشاذة اللاهثة وراء زخارف الدنيا والتي تعتلي المنابر من دينية وغيرها من دون أن تكون مؤهلة بالحد الأدنى فتسيء إلى الواقع والحياة.

إننا نفتقد إلى نماذج قيادية ربانية وإلى كوادر علمية واجتهادية رائدة تعيد التوزان إلى الواقع العلمي، وتدفع نحو حركة إبداعية تملأ لحظاتنا غنى وفعالية وتبعدها عن التصحر والخواء.

العباقرة قليلون ،وهم من يثبت الحياة العلمية والفكرية ويدفعون بها نحو التأصيل والتأثير بديناميكية تأخذ بيد الإنسان وتفتح مداركه على رحابة الفكر والشعور، وعلى عمل عقلي صاخب الإشكالات والتساؤلات التي تنفخ الروح في عروق المسائل لتحيلها إلى شيء حي ومتحرك ترى شخوصه في الواقع مع نبضات قلبك ونشاط عقلك.

الذكرى تبعث في النفس حنيناً إلى أيام لا بد من تدراكها مفعمة بالحيوية ،وتشهد علينا بكل ما فيها في وقت اختلطت الأمور إلى حد الاشتباك ،وكأن الصمت والانعزال هما سبيل النجاة الوحيد على مرارتهما .

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى