سياسةمحليات لبنانية

المتاهة: عقل الجمهورية المريض منذ لبنان الكبير

 

بمناسبة مرور مئة عام على إعلان دولة لبنان الكبير، او بالأحرى وللحقيقة ،مرور مئة عام على توسعة جغرافية جبل لبنان (المتصرفية) لتشمل الجنوب والبقاع والشمال(جزء من ولايات) ،بمناسبة مرور قرن من الزمن  على هذه الخطوة ، هل كانت فكرة انسانية وخطوة ادارية صحيحة أم كانت خطوة تآمرية و فكرة فتنوية؟

لم يستشر الفرنسي(ظاهرة المندوب السامي غورو) حينذاك سكان المناطق رأيهم بالانفصال عن سوريا وفلسطين اداريا ،ولم يستطلع احد اراء سكان جبل لبنان حول توسعة كيانهم الاداري لتتحول التسمية من جبل لبنان الى لبنان الكبير بشعبه العظيم.!

لم تكن الامور بسيطة بأن تقنع عقلاً متوترا في العلاقة الدموية- التنافسية -الطبقية  للثنائية المارونية -الدرزية  على الاندماج بعقل شيعي متوجس ومترقب يتبع التقية ليحافظ على بقائه وحياته وسط خلافة اسلامية سنية تجد في افكارهم  ضلالة وكل ضلالة بدعة وكل بدعة في النار، وايضا على الاندماج مع عقل اسلامي لأهل السنة ، عقل سلطوي حاكم لا يثق بأقليات تتمرد من حين لآخر ضد الامة كلما لاح في الافق علم لحملة صليبية او راية لاطماع فاطمية.

ركّب العقل اللبناني على عجل،عمل على صناعته فرنسي حاقد على العثمانيين واجنبي حاقد على الشرق، حرصا على وهم ديمومة مسيحيين، و طمعا في تقسيم بلاد العرب و تمهيدا لقيامة دولةاسرائيل.

كان لبنان الكبير نتاج حفلة سكر احتفالا بموت خلافة عثمانية مريضة بعد نهاية الحرب العالمية الاولى، حفلة رفع انخاب لوزيري خارجية بريطانيا وفرنسا بين سايكس وبيكو…

دمجت العقول من دون وجود طبيب نفسي حاذق، دمجت  بأفكارها و بآلامها وبهواجسها وبقلقها وبخوفها وبتراكم تاراتها التاريخية فيما بينها ،فكان عقلا هلامياً  لبنانيا بعدة عقولٍ مضطربةٍ متناحرة  وطائفية كل عقل فيه يتهم العقل الآخر بالاضطهاد وبالتسبب بالمجازر ويتوعده بالثأر.

وكان اضطراب العقل الانفصالي او الفصامي بامتياز (متلازمة اضطراب تعدد الشخصيات)

حكم العقل اللبناني عقولا لا تثق بعضها ببعض بل تكن الضغينة والكراهية.

لم تأت الخلافات في الدولة اللبنانية بالصدفة بل هي امتداد لخلافات لمكونات مجموعات تاريخية ما نسيت تاريخها وبقيت متمسكة بالجغرافيا.

ما نشاهده اليوم في الجمهورية اللبنانية الثانية ليس بعيدا ابدا عن اضطرابات عقل جمعي  رُكُب وصنع على عجل وبآليات خاطئة وبمكونات متوترة وجوديا وبعقول على درجة عالية من الحذر والكراهية للآخر المختلف والغريب ، عقول ميؤوس من اعادة برمجتها وغسل افكارها.
ما نراه اليوم من طوائف احزاب ومن احزاب طوائف ،ليس الا عقل الجمهورية المريض،  وما المتمردون من منتفضين واصلاحيين  وثوريين وعلمانيين الا خوارج وقرامطة و شيوعيين حالمين وروبن هوديين و صعاليك رائعين يراهنون على عقل جديد للجمهورية من دون ارث العقل الجمهوري المريض نفسيا و القديم وهذا هو المستحيل…
هل تكون اعادة فكفكة الجمهورية حلاً ام بداية لحروب اخرى بعنوان جديد…
انها جمهوريةالجحيم…
:يتبع"
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى