سياسةصحف

حفل عزاء للسيّد في قلب القاهرة: تشديد أمني وترهيب للحاضرين

 

 الحوار نيوز – صحافة

 تحت هذا العنوان كتب طه الغريب من القاهرة لصحيفة الأخبار:

 في مشهد نادر حدوثه، إلا في حالة الذكرى السنوية لانتفاضة 25 يناير، انتشرت قوّات الأمن المصرية في ميدان طلعت حرب، وسط القاهرة، والشوارع المحيطة به، بأعداد كبيرة تمركزت معظمها أسفل مقر «الحزب العربي الديموقراطي الناصري» وفي محيطه، وذلك تحوّطاً من الدعوة التي أطلقها الأخير، منذ أيام، لإقامة عزاء للشهيد السيّد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، أول من أمس، في مقره في ميدان طلعت حرب. وأمام مقرّ الحزب ومحيطه، رصدت «الأخبار» ما يزيد على 6 عربات أمن مركزي و4 سيارات دورية و6 حافلات مواصلات مدنية تابعة لقوّات الأمن ومدرعتَي أمن مركزي، فضلاً عن حوالي 100 عسكري وضابط شرطة من ذوي الرتب العليا، موزّعين بين محيط الميدان ومقر الحزب. أما في المقهى، أسفل مقر الحزب، وعلى شمال ويمين بوابة العقار وفي مدخله، فقد رصدت «الأخبار» ما يفوق الـ 30 عسكرياً وضابطاً، والذين يرتدون زيّاً مدنياً، فيما تمركزت معظم قوّات الأمن التي ترتدي الزيّ العسكري، في محيط ميدان طلعت حرب، على بُعد أمتار من مقر الحزب، وفي الشوارع المحيطة، وحتى المقاهي أيضاً.

ويستبطن المشهد المتقدّم، في مضامينه، مخاوف الشرطة المصرية من خروج المعزّين من مقر الحزب وإقامة أيّ نشاط في الشارع، على غرار ما حصل، مساء الإثنين الماضي، عندما قام عدد من أعضاء «التيار الناصري الموحّد» بإقامة صلاة غائب على روح الشهيد السيّد نصر الله أمام مقر «الحزب العربي الديموقراطي الناصري»، فعمدت قوّات الأمن الى الانتشار في محيط الشارع ومنعت المارّين من المشاركة في الصلاة أو في الهتافات بعدها. وبالتالي، استهدفت الشرطة المصرية من انتشارها الأمني الكثيف، والذي نادراً ما يحدث، بث الرعب وتخويف أيّ أحد ينوي حضور العزاء.
ومع ذلك، لم يثنِ هذا الترهيب العديد من الناس عن الحضور؛ ورغم عدول البعض عن ذلك خوفاً على أنفسهم، حضر العزاء، الذي استمرّ لساعتين (من السابعة مساءً حتّى التاسعة)، عشرات الشخصيات المصرية والفلسطينية، ومن بينهم ممثلو أحزاب وقوى وطنية مصرية. على أنه رغم التشديد الأمني والحضور الكثيف، لم تقم قوّات الأمن بمنع أحد من حضور العزاء، باستثناء بعض الصحافيين ومراسلي قنوات إعلامية؛ من بينها «قناة الميادين»، بعد استجوابهم. على أنه لم توقف قوات الأمن أحداً أثناء مغادرة الحضور بعد انتهاء العزاء، ولم تقم، حتى الآن، باستدعاء أيٍّ من الحضور لاستجوابه أو تحذيره.
واستُهلّ العزاء بكلمة لرئيس «الحزب العربي الديموقراطي الناصري»، محمد النمر، جاء فيها أن هذا «العزاء ليس للتعزية والحزن، ولكن ليُذكِّر الجميع بأن المقاومة مستمرة، وأن المقاومة بحكم التاريخ والجغرافيا لم ولن تموت». وبعد ذلك، قام المنظّمون بتشغيل مقاطع من خُطب للشهيد السيّد نصر الله كان قد ألقاها خلال معركة «طوفان الأقصى»، وتبعتها كلمات لشخصيات مختلفة، من بينها الصحافي حسين عمرو ناصيف، ورئيس «الحزب الشيوعي المصري» صلاح عدلي، والكاتبة كريمة الحفناوي، والصحافية نور الهدى زكي، والرئيس الأسبق لدائرة اللغة العربية في الأمم المتحدة، سهير السكري، ونائبا رئيس «الحزب العربي الديموقراطي الناصري» أحمد حسين ويوسف عبده، بالإضافة إلى عضو المكتب السياسي لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» مريم أبو دقة.

كريمة الروبي لـ«الأخبار»: العزاء «ليس للحزن، وإنما هو تجديد للعهد باستمرار دعم المقاومة في سرّائها وضرائها»

وفي كلماتهم، أكّد هؤلاء أن خسارة بحجم السيّد نصر الله هي ضربة كبيرة لحركة التحرر العربية، وأنه بالرغم من ذلك لا تزال هذه الحركة، وعلى رأسها «حزب الله»، بخير وبأفضل حال، تنظيمياً وعسكرياً، وأن المقاومة لا يمكن اقتلاع جذورها لأنها تعيش طالما يعيش العرب في ظل الاستعمار الصهيوني، ربيب الإمبريالية وذراعها في الجنوب العالمي والوطن العربي بشكل خاص. أيضاً، أكّد بعض الحضور أن ثورة الإمام الحسين لم تنتهِ بعد ولم تُهزم، وإنما تستمر إلى اليوم مع شخصيات من مثل الشهيد السيّد نصر الله، ومن سيخلفه، وزملائه ورفاقه المجاهدين في «حزب الله»، والذي يناصرون المستضعفين في فلسطين والوطن العربي، ويناضلون ضد الاستكبار الصهيوني والأميركي والإمبريالية في العالم. وانتهى العزاء بالدعاء للشهيد السيّد نصر الله، وأن يوفِّق مجاهدي الحزب والمقاومة في تسديد ضرباتهم للعدو.
من جهتها، تقول أمين إعلام القاهرة في «الحزب العربي الديموقراطي الناصري»، وعضو «المؤتمر القومي العربي»، كريمة الروبي، إن «قوّات الأمن تواجدت أمام مقر الحزب وفي محيطه بأعداد كبيرة على غير عادة، قبل يومٍ من العزاء وحتى بعد انتهائه»، لافتةً، في حديثها إلى «الأخبار»، إلى أنها «شعرت يوم استشهاد السيِّد بأنها يُتِّمَت للمرة الثانية، لأن نصر الله لم يكن مجرد قائد أو أميناً عاماً لحركة مقاومة وحسب، وإنما كان بالنسبة إلينا بمثابة أب يُطمئننا ويُشعرنا بالأمان بظهوره وحديثه كلما وقع حدث ما يثير في أنفسنا الخوف أو القلق أو التوتر». وبالنسبة إليها، السيّد نصر الله «هو الوحيد الذي يذكّرنا بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر لأنه قائد حركة التحرر الوطني العربية، لا المقاومة الإسلامية في لبنان وحسب». وتضيف أن مُصابنا في رحيل السيّد مثّل «خسارة كبيرة، لا للأمة العربية بكاملها وحسب، وإنما لجميع المناضلين ضد الصهيونية والإمبريالية في العالم»، مشدّدة على أن هذا العزاء «ليس للحزن، وإنما هو تجديد للعهد باستمرار دعم المقاومة، في سرّائها وضرائها، ومهما كانت ظروفها، وفي انكسارها قبل انتصارها». وتتابع أن المصريين «يثقون كل الثقة بأن المقاومة ستنتصر، وأن الرجال الذين ربّاهم السيِّد الشهيد في كنف حزب الله سيظلّون يكافحون ويقاتلون على طريق القدس حتى تحقيق النصر الذي وعدنا به القائد الشهيد».

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى