ثقافةكتاب

ندوة فكرية حول كتابين عن العصبية في المجتمع الرقمي والتنشئة حولها

 

الحوار نيوز – خاص

برعاية وحضور رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران وبمشاركة منتدى المعارف-بيروت، أُقيمت ندوة فكرية لمناقشة كتابيّ : ” التنشئة على العصبية ” للبروفسور فريديريك معتوق بالتعاون مع الدكتور فادي دقناش، و” العصبية في المجتمع الرقمي ” للبروفسور نديم منصوري ،وذلك في قاعة المحاضرات في معرض بيروت الدولي للكتاب-سي سايد – وسط بيروت.

وقد حضر الندوة النائب إدكار طرابلسي، النائب علي درويش، نائب الحاكم الأول لمصرف لبنان الدكتور وسيم منصوري، أمين عام مجلس النواب عدنان ضاهر، محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، العمداء والمديرون وطلاب المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية، أعضاء شبكة التحول والحوكمة الرقمية وفعاليات ثقافية وإجتماعية ووسائل الإعلام.

بدايةً رحّب البروفسور فريديريك معتوق بالحضور وأشار في كلمته الى أنّ ” لا خروج لنا من مشاكلنا ولا خروج لنا إلى الحداثة إن لم نقلع عن عصبياتنا.”

وتابع:” فلنبق على طوائفنا، الإنتماء الطائفي ليس هو المشكلة، المشكلة تكمن في تسييس الإنتماء الطائفي وإعطائه برنامجا سياسيا وبعدا سياسيا. لذلك أنا والبروفسور نديم منصوري  حاولنا معالجة هذا الموضوع قدر المستطاع وبدأنا مسيرة طويلة”.

وأردف:” لو أن في الشرق الأوسط عموماً وفي العالم العربي مراكز تحترم نفسها لكان هناك مركزٌ خاص لدراسة العصبيات، لأن هذا الموضوع المسكوت عنه لن يُحلّ بذاته، بل إنه بحاجة إلى مفكرين وإلى كُتّاب ونقّاد لكي يُعالَج.”

ختم قائلاً:” شرفٌ كبير لنا أن يكون بيننا حضرة رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران الذي يأتي من أفق العلوم الدقيقة، ولكن له باع أيضاً طويل في العلوم الإنسانية وهو يجسّد اليوم الجسر المفتوح بين شقّي العلوم: العلوم الدقيقة والعلوم الإنسانية. كما يشرفنا أن يكون معنا الدكتور مصطفى حجازي، من الرعيل القديم من الباحثين الذين أسسوا لعلم النفس في لبنان والعالم العربي أجمع.”

بدران

وأدلى رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران برأيه حول كتاب ” العصبية في المجتمع الرقمي” للبروفسور نديم منصوري مشيراً الى المحاولة الجريئة والسبّاقة له في كتابه “العصبية في المجتمع الرقمي”، حيث يضيء على مسائل حسّاسة، ناتجة عن الانتشار السريع للمجتمعات الرقمية، مع ما تحمله معها من تعصب وعصبيات وتحريض وبث للكراهية قد توصل الى نزاعات وحتى حروب على ارض الواقع.” وحسنًا فعل بتعريف قُرّائه عامة وطلابنا خاصة، وبلغة سهلة ومباشرة على المفاهيم والمعاني المتصلة بالرقمية والتي قد لا تكون واضحة بما فيه الكفاية امام اغلبية وازنة من افراد المجتمع.”

وأردف:” يستمتع القارئ بما تضمّن الكتاب من شروحات وافية لتلك المعاني المُوضّحة والواضحة للهوية الرقمية. ولمقارباته للمبادئ التقنية التي يجب ان تتدخل في عملية انتقال الفرد من مواطن في دولة ومجتمع الى فضاء عالمي أرحب. وأيضا دفعه باتجاه ضرورة اكتساب مهارات اساسية في مجالات المعرفة العلمية والقانونية وغيرها للتمكن من مواكبة آمنة للعصر الرقمي. كي لا نقع في محظور ارتجاج حضاري محتمل إذا ما تم القطع المتسرع مع العديد من الموروثات، لا سيما الثقافية واللغوية. واستبدال القطع الحضاري بالوصل وبالتبادل الثقافي المتوازن الذي يمنح الفرصة للهويات الرقمية ان تتحاور وتلتقي بدل ان تتناحر وتنغلق في عصبيات لا حول لها ولا طول.”

وأكد على نجاح الدكتور منصوري بالتصدي لواحد من أخطر الامراض المجتمعية، “العصبية” وذلك عبر تشريح مسألة العصبيات او خطب الكراهية السائدة في العديد من المجتمعات، بينها ويا للأسف مجتمعنا اللبناني. وابراز اشكالها المتعددة وكيفية استفادتها من التكنولوجيا الرقمية لتعميم العنصرية او التعصب القومي او السياسي او الديني، ونبذ الاخر بطرحه امثلة على ذلك كإغراق المجتمع الرقمي بحوارات خطرة لا تستند الى العقل وقوة المنطق بل الى العاطفة وحرارة الغريزة. والهدف هو تعبئة الناس وجرّهم الى حروب وصراعات متعددة الاشكال تحت عناوين مخادعة ولأسباب مضمرة، اقلها انها لا تخدم مصالحهم بل مصالح الشركات الكبرى والقوى العظمى المتحكمة بهذه التقنيات العالية.

وأشاد البروفسور بدران بهذا الكتاب الذي وصفه بالكتاب الشيّق والمليء، وأسعده ان الجامعة اللبنانية تشكل البيئة الحاضنة لإنجازه كما غيره من المؤلفات والابحاث والمنشورات مؤكداً أن في الجامعة اللبنانية ” ندرك دورنا الريادي ومسؤوليتنا الاخلاقية والقانونية والوطنية في مواجهة مختلف الظواهر التي قد تعصف ببلدنا وذلك من خلال الحوار والقلم والبحث والكتاب.”

كما طلب من زملائه في كليات العلوم والهندسة والحقوق والآداب والعلوم الاجتماعية للعمل كفريق واحد في مواجهة التحديات العلمية وفي شتى ميادين العلم، ومنها ما نحن بصدده اليوم، التكنولوجيا الرقمية. وعلى انتاج قواعد الاستخدام الامن للهويات الرقمية ومواكبة متواصلة لهذا العالم الرقمي الذي يشهد تغيّرات شبه يومية.

ختاماً توجه بالشكر للدكتور نديم منصوري على الجهد الكبير الذي بذله لإنجاز كتابه القيم هذا هنّأه على الحيوية الاكاديمية التي يتمتع بها، وتمنى على زملائه الاساتذة الباحثين الاستمرار في عملهم وابحاثهم مهما اشتدت الصعوبات التي نعرفها ونعاني منها كما كل اهل الجامعة والتي لن نترك فرصة الا ونلتقطها لحل مشاكل جامعتنا.

ونوّه بالقيمة العلمية الكبرى التي يمثلها العميد فريدريك معتوق، العميد الباحث الأكاديمي الذي أمضى سحابة عمره عاملاً لتعزيز موقع الجامعة العلمي والفكري. بأمثاله تفخر الجامعة اللبنانية.

آملاً ان تبقى بيروت منارة العلم ومدينة الكتاب وان تبقى الجامعة اللبنانية حاضنة العلماء والباحثين.

وشكر النادي الثقافي العربي على إعادة إحياء هذه التظاهرة الثقافية التي تعتبر رئةً حيوية يتنفس لبنان وحدةً وقوة من خلالها.

حجازي

بدوره أدلى الدكتور مصطفى حجازي برأيه حول كتاب ” التنشئة على العصبية ” للبروفسور فريديريك معتوق الذي وصفه أنه ليس مجرد مؤلف كتاب بل هو أسّس لمدرسة في علم الإجتماع والعلوم الإنسانية، مشيراً إلى أن هذا العلم قد استوردناه من الغرب مثلما استوردنا التكنولوجيا ومظاهر الحداثة.

وتابع:” أخذنا على عاتقنا أنا والبروفسور معتوق أن ننزل إلى الميدان، نستفيد من منهجيات العلوم التي استوردناها من الغرب، ولكن كان لا بد أن نوطّنها ونبيّن كيف يمكن أن ندرس مجتمعاتنا من خلالها، ونستعين بها من أجل فهم مجتمعاتنا.

بينما الواقع الآن في الحقيقة، يكمن في تطبيق المنهجيات والنظريات ونتائج المنهجيات والنظريات كما وُضِعت في الغرب.”

واعتبر الدكتور حجازي أن البروفسور معتوق قد أسس مدرسة، خاصةً مع إصداره الكتاب الرابع الذي يتناول فيه ذات الفكرة والموضوع ، وقد التقى مؤخراً معه في كتاب العصبيات وآفاتها من الناحية النفسية، وتعلّما منه الكثير حسب ما قال.

كما أشار إلى أن الكتاب على صعيد المحتوى يتكلم عن العصبية، أما على صعيد المنهج فقد بيّن بشكل بليغ كيف أن المنهجيات المستخدمة في العلوم الإنسانية عندنا، وهذه كارثة كبرى للعلوم الإنسانية.

وأشاد بالمنهج البحثي المعتمد في هذا الكتاب والذي يجب أن يُعمم في الدراسات النفسية والإجتماعية كما أشار إلى أن ّمحتوى الكتاب قد بيّن كيف أن المدرسة أو المصنع في الغرب يقولب الإنسان على المواطنة وعلى المجتمع المدني، ويُعطَّل مجتمعياً ومؤسسياً. بينما في الشرق ما زال قانون الأسرة والعائلة الممتدة والعشيرة والطائفة هو المرجع وهذا ما بيّناه في بحثهما القيّم حول التنشئة.

منصوري

واعتبر البروفسور نديم منصوري أن كتابه هو مشروع فكري متكامل، وفي مكانٍ ما يستكمل سيلولة معرفية بالبيئة العصبية.

وأضاف:” ما حاولت فعله في هذا الكتاب ،كتبت ابن خلدون الرقمي، وفي هذا الإطار ستقرأون الكثير من المصطلحات، كيف أنها دخلت من حيث لا ندري إلى مواقع التواصل الإجتماعي.

فكان ملفتاً هذا الأمر ولا سيما أن مع أيّ مشكلة أوعارض سياسي أو اجتماعي نرى كيف تضج مواقع التواصل الإجتماعي بخطابٍ مشحن بالكراهية ومشحن بالتشهير والذّم والقدح ولكن دون أن ندرك ما هو مصدر هذه العواطف المتأججة التي تبرز عند أيّ حالة مفصلية  سياسية ثقافية واجتماعية وهذا ما يدل بأنّ ثمّة تنشئة معينة، لهذا عمدنا في هذا الكتاب بأن نتبنى ليس مصطلح خطاب الكراهية كما هو معتمد في الأمم المتحدة أو ما هو شائع ، بل تبنّي مصطلح آخر وسوف نعمل على هذا الأمر وهو الخطاب العصبية.”

وأردف:” إن مصدر هذا الكره والتشهير هو حتماً العصبية، وهذا الأمر يبرز في العالم العربي بشكلٍ كبير ولكن الكتاب يبرز أشكال الخطاب القومي والخطاب السياسي والخطاب العنصري والخطاب التكفيري والخطاب المذهبي والطائفي. هناك أشكال لهذه الخطابات أبرَزَها الكتاب بشكلٍ مفصّل عبر أمثلة من الواقع اللبناني والعربي وكذلك الدولي، وهذا الأمر كان ملفتاً بالنسبة لي لهذا السبب حاولت أن أجمّع هذه الأفكار وأن أسير بالمدرسة التي تحدّث عنها الدكتور مصطفى حجازي ومتابعة هذا المسار.

وأشار البروفسور منصوري إلى أنّ الكتاب بالنسبة له هو مشروع متكامل ولهذا السبب شدّد على ضرورة  التكامل في هذا الأمر على مستوى الجامعة ومراكز الأبحاث والمجتمع التشريعي والمجتمع السياسي.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى