سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: لبنان بين جمهورية الموز ..و جمهورية اليوروبوندوز

الحوارنيوز – خاص

هي جمهورية الموز أو جمهورية اليوروبوندز أو كلاهما معا؟
في الجمهورية الأولى فساد وغياب القانون وإستبداد وتمسك بسلطة فارغة، وفي الثانية إرتهان وبيع أصول سيادية وتفلت من رقابة ومحاسبة.
بهذه الروحية تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم المرحلة المقبلة بعد نيل الحكومة الثقة.
صحيفة "النهار" عنونت:" جلسة المجلس اللاثقة تمنح الحكومة الثقة" وكتبت تقول:" جلسة غير دستورية تؤكد ان الفوضى في لبنان قائمة على قدم وساق، وان السلطة مستمرة في تجاوز القوانين ‏تحت عنوان الضرورة ولمرة واحدة فقط وغيرها من التبريرات التي تنعكس سلباً على سمعة لبنان على الصعيد ‏الدولي، اذ ان تجاوز القانون شكل من أشكال الفساد الذي يسري أيضاً على الاجراءات الاقتصادية والمالية ‏والتجارية‎.‎
‎ ‎
جلسة مناقشة البيان الوزاري افتتحت متأخرة عن موعدها نصف ساعة من دون توافر النصاب القانوني المحدد بـ ‏‏65 نائبا، وهو العدد الذي لم يتوافر الا في وقت لاحق، ما يطرح السؤال عن نتائجها، وتالياً عن صحة الثقة التي ‏منحتها الحكومة باكثرية 63 صوتاً من 84 نائباً حاضراً. وفيما اتهم الحزب التقدمي الاشتراكي بالتواطؤ مع ‏الرئيس نبيه بري لتوفير نصاب لاحق باعتماد التعداد لمن هم داخل حرم المجلس وليس في القاعة العامة، أصدر ‏‏"اللقاء الديموقراطي" بياناً أوضح فيه "إن لائحة الحضور التي تم تسريبها من قبل البعض في دوائر المجلس ‏النيابي والتي تضع نواب اللقاء الديموقراطي في موقع تأمين نصاب جلسة المجلس هي لائحة غير دقيقة على ‏الإطلاق، وبالتالي فإننا نتمنى على رئيس المجلس التدقيق في هذا التسريب غير الصحيح، حيث أن نواب اللقاء ‏دخلوا الجلسة النيابية بعد انطلاق أعمالها وفي وقت كان رئيس الحكومة قد أنجز جزءاً غير يسير من قراءته لبيان ‏حكومته الوزاري، وهذا ما يثبته النقل التلفزيوني المباشر.يبقى التأكيد أن اللقاء كان قد أعلن بكل وضوح أنه ‏سيشارك في الجلسة، ولن يمنح الثقة للحكومة انطلاقاً من دوره الدستوري الذي يحرص عليه‎".‎
‎ ‎
وعلّق الرئيس حسين الحسيني على الأمر قائلاً: "صحيح أن النظام الداخلي يقول بامكان انعقاد جلسة الثقة بـ65 ‏صوتاً، "لكنّ الجدل الدائر حول دستورية بدء رئيس المجلس الجلسة من دون أن يؤمن النصاب هو تفصيلي، لأنه ‏سينفي الأمر، والأصل أن المجلس غير شرعي كونه ناتجاً من قانون انتخابي مخالف للدستور، وكل ما يدور في ‏أروقته بالتالي غير شرعي". وشبّه الحسيني ما يجري بـ"عصابة سطت على مصرف، اتفقت على السرقة ‏واختلفت على تقاسم المنهوبات‎".‎

صحيفة "الأخبار" خصصت إفتتاحيتها للحديث عن الأوضاع المالية وعنونت:" لبنان يتجه لوقف سداد الديون" وكتبت تقول:" مع اقتراب استحقاق سندات اليوروبوندز في 9 آذار المقبل بقيمة 1.2 مليار ‏دولار، يحتدم النقاش حول خيارَين: الاستمرار في سداد الدين أو التخلّف ‏عنه. على ضفّة السداد، يقف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحيداً، فيما ‏يتموضع رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة في موقع أقرب الى ‏رفض السداد، والسعي الى مشورة تقنية من صندوق النقد الدولي تساعدهم ‏على تغطية اتخاذ القرار

بعد 25 يوماً يستحق دَين على لبنان بقيمة 1.2 مليار دولار. هذا الدين هو عبارة عن سندات خزينة بالعملة ‏الأجنبية (يوروبوندز) أصدرتها وزارة المال في آذار 2010 لمدّة 10 سنوات وبفائدة سنوية 6.375%، أي أن ‏الخزينة دفعت سنوياً لحملة هذه السندات 76.5 مليون دولار، أو ما مجموعه 765 مليون دولار خلال السنوات ‏العشر الماضية. ويأتي هذا الاستحقاق في ذروة الأزمة المالية ــــ النقدية التي بدأت منذ سنوات وتفاقمت مؤشراتها ‏منذ ظهور سعرَين لصرف الليرة مقابل الدولار، بفارق يزيد 55% على السعر المدعوم من مصرف لبنان ‏‏(1507.5 ليرات وسطياً مقابل 2325 ليرة في السوق الموازية) وعدم قدرة مصرف لبنان على اتّخاذ تدبير نهائي ‏مقبول في مواجهة تمويل السلع الأساسية مثل المحروقات والدواء والقمح والمستلزمات الطبية، بل اختبر المقيمون ‏في لبنان تقنيناً في هذه السلع لعدّة أيام، ودفعوا فروقات سعر الصرف من رواتبهم التي تآكل أكثر من 34% منها ‏بفعل وجود سعرَين لليرة (نسبة تآكل الليرة محتسبة من قبل جهات متخصّصة على أساس سلّة من السلع ‏المستوردة بسعر الليرة في السوق الموازية). والأسوأ من ذلك كلّه، أن حاكم مصرف لبنان أقرّ بأن المصارف ‏تودع لديه 70 مليار دولار بالعملات الأجنبية، بينما هو لا يملك أكثر من 30 ملياراً في احتياطاته بالعملات ‏الأجنبية؛ من ضمنها احتياطات إلزامية بقيمة تفوق 19 مليار دولار‎.


إزاء هذا الوضع، واصلت القوى السياسية عقد اجتماعات ولقاءات منذ تأليف الحكومة إلى اليوم، من دون أن تحسم ‏موقفها النهائي بعد. إلا أنه ظهرت مؤشرات في الأيام الأخيرة عن موقف ستتخذه الحكومة في اجتماع يُعقد في ‏قصر بعبدا ظهر الخميس المقبل مع بروز أرجحية تدعم التوقف عن السداد وإطلاق عملية التفاوض مع الدائنين ‏بالاستناد إلى مشورة صندوق النقد الدولي. وبحسب مصادر مطّلعة، فإن رئيس الحكومة حسان دياب دعا إلى ‏اجتماع للجنة الوزارية ــــ المالية قبل ساعتين من موعد جلسة الحكومة لمناقشة القرار النهائي، علماً بأنه تبلّغ من ‏معظم الوزراء رفضهم مواصلة سداد الديون‎.

في الواقع، إن اللقاءات التي عقدت بعد تأليف الحكومة لم تتوصّل إلى نتيجة سوى تلك التي كشف عنها رئيس ‏مجلس النواب نبيه بري، الذي أشار إلى أن بتّ سندات آذار ينبغي أن يستند إلى مشورة (تقنية) من صندوق النقد ‏الدولي. بعض المراقبين يشيرون إلى أن برّي كما غيره من زعماء الكتل السياسية في لبنان، يبحثون عن وصيّ ما ‏يلصقون به أخذ لبنان نحو هذا الخيار أو ذلك، وهم لا يبدون أي نيّة لتحمّل المسؤولية، ليس فقط لأنهم ليسوا ‏قادرين على تحديد الخيار الأنسب، بل لأنهم ليسوا قادرين على الخروج من حدود اللعبة المحليّة التي تنطوي على ‏تبادل الاتهامات كسباً للشعبية‎.

وتشير المصادر إلى أن المشورة المنتظرة من الصندوق، سبقتها تحضيرات مع صندوق النقد والبنك الدولي من ‏أجل إنجاز خطّة تمهيدية لاتخاذ القرار النهائي، على أن تكون جاهزة خلال بضعة أيام لعرضها على الدائنين ‏الأسبوع المقبل إذا اتخذ القرار بالتوقف عن السداد. وتتضمن هذه التحضيرات الآتي‎:

ــــ مشاورات عقدت بين مسؤولين محليين مع ممثلي صندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط، لدرس ‏‏"الإخراج" المناسب لما يسمّى "مساعدة تقنية" سيقدّمها صندوق النقد الدولي بشأن إعادة هيكلة الدين العام. وهذه ‏المساعدة تشمل تقديم الدعم العلني لعملية إعادة هيكلة الدين العام، وتقديم الدعم التقني للسيناريوات المحتملة بشأن ‏إعادة الهيكلة ونتائجها على الوضع المالي للخزينة ومصرف لبنان والمصارف. هذا الدعم هو البديل من لجوء ‏لبنان إلى برنامج مع الصندوق. وهناك الكثير من القوى السياسية التي تعتقد بأن الحصول على هذه المساعدة ‏التقنية أهون مما قد تفرضه تطورات الأزمة المالية ــــ النقدية ــــ المصرفية في الأيام المقبلة، إذ ستصبح الخيارات ‏مؤلمة جداً وقد تفرض على لبنان اللجوء "مكرسحاً" إلى برنامج مع صندوق النقد، بينما يمكنه اليوم الحصول ‏على مساعدة تقنية وهو يملك بضعة مليارات من ذخيرة الاحتياطات بالعملات الأجنبية‎.

ــــ بعد يومين يفترض أن يُنجز البنك الدولي بالتعاون مع وزارة المال خطّة متوسطة الأمد تمتد على ثلاث سنوات ‏لتحفيز النموّ الاقتصادي ستعرض على اللجنة الوزارية، ثم على الدائنين، في إطار خطّة شاملة مع سيناريوات ‏صندوق النقد الدولي. وقد سبقتها موافقة البنك الدولي على منح لبنان قرضاً ميسّراً بقيمة 400 مليون دولار سينفق ‏في مجمله على برنامج استهداف الأسر الفقيرة الذي يعدّ برنامجاً زبائنياً لتوزيع المساعدات على الأزلام والتابعين ‏لهم سياسياً المسجّلين في البرنامج المعتمد كسياسة عامة بدلاً من أن يكون برنامجاً ظرفياً لمساعدة هذه الأسر على ‏تخطّي مرحلة الفقر‎.

إزاء هذا الواقع، ستتمحور مشورة صندوق النقد الدولي حول مسارين: مواصلة الهندسات المالية التي ينفّذها ‏مصرف لبنان لشراء مزيد من الوقت بالكلفة الباهظة، والقيام بعملية منظمة لإعادة هيكلة للدين العام بعد استشارة ‏صندوق النقد ومشاركة البنك الدولي في صياغة الخطة الاقتصادية للسنوات الثلاث المقبلة‎.

عملياً، يقف رياض سلامة وحيداً على ضفّة خيار مواصلة الهندسات المالية. وتقول المصادر إن سلامة يفضّل ‏القيام بعملية "سواب" لاستبدال سندات يوروبوندز تستحق على المدى الطويل بالسندات التي تستحق في آذار ‏المقبل وفق السعر السوقي لكل منها، وفوقها هندسة تتضمن إقراض المصارف مبالغ بالليرة فائدتها متدنية ‏وتوظيف هذه الأموال لديه بفائدة مرتفعة. سلامة يعتقد بأن هذه العملية تتيح شراء مساحة وافرة من الوقت بكلفة ‏غير كبيرة نسبياً، وعلى هذا الأساس حاول استمالة رئيس الحكومة، لافتاً إلى أن الاستبدال لن يؤثّر على ‏احتياطاته بالعملات الأجنبية المخصصة لتمويل السلع الأساسية، وبالتالي لن تكون هناك ردّة فعل شعبية تجاه ‏تسديد الأموال للخارج، فيما المودعون في لبنان لا يتمكنون من الحصول على ودائعهم. ومن الواضح أن ما يقوله ‏مصرف لبنان ينطوي على الآتي: تصدر وزارة المال سندات جديدة بنفس قيمة الإصدار المستحق وفوائده، ‏ويضمن مصرف لبنان أن تشتري جهات خارجية سندات قيمتها توازي قيمة ما دفعه لحملة السندات الأجانب في ‏الإصدار المستحق (لا أحد لديه فكرة من هو المجنون الذي سيخاطر بشراء سندات بلد على قاب قوس أو أدنى من ‏التخلف عن سداد الديون‎).

ويتوقع ألا يكون خيار الاستبدال والاستمرار في الهندسات المالية موافقاً عليه من صندوق النقد الدولي الذي وجّه ‏انتقادات لاذعة لمصرف لبنان على تنفيذ الهندسات المالية المكلفة جداً على ميزانية مصرف لبنان، وانتقده أيضاً ‏بسبب السياسات النقدية غير التقليدية التي تكبده المزيد من الخسائر. وهذا أحد الأسباب الذي يدفع سلامة إلى رفض ‏فكرة وجود صندوق النقد الدولي من أساسها، إذ إنه يعتقد بأن الصندوق سيجبره على فتح دفاتره وكشف موجوداته ‏الفعلية والالتزامات الحقيقية المترتّبة عليه. وهو أصلاً يرفض تقديم جردة واضحة وشفّافة عن هذه الموجودات ‏والالتزامات لرئيس الحكومة بما تشمل من ديون وتسليفات للقطاع المصرفي والعلاقة بينه وبين المصارف. قبل ‏بضعة أيام، سأله دياب عن هذه الجردة فأجاب سلامة بأنه يحتاج الى أسبوعين لإعدادها، ما جعل دياب يستغرب ‏الموقف، فأوضح سلامة محرجاً: هي موجودة، لكنها بحاجة الى تدقيق. مصادر قريبة من دياب تنفي حتى الآن ‏تلقّيه أي معلومات مفصّلة عن هذه الجردة، رغم الاهتمام الذي أبداه دياب أخيراً في متابعة أوضاع القطاع ‏المصرفي واستقباله رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود (لم تتّضح حتى الآن أسباب زيارة سمير ‏حمود أمس للرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة‎).

في المقابل، فإن التوقف عن السداد هو سلوك يقود نحو الاستعانة التقنية بصندوق النقد الدولي. هذا الأمر يعزّز ‏صدقية الخطة التي ستقدمها الحكومة للدائنين الأجانب ويضمن، إلى حدّ ما، موافقتهم عليها. هذه الخطّة تعني أن ‏لبنان سينتقل إلى مرحلة منظمة في عملية إعادة الهيكلة، ويتطلب الأمر ثلاثة فرق: فريق اقتصادي (البنك الدولي)، ‏فريق تقني (صندوق النقد الدولي واللجنة الوزارية وخبراء محليون)، وفريق قانوني (مكاتب محاماة عالمية يرجح ‏أن يكون بينها مكتب الوزير السابق كميل أبو سليمان‎).

يبدأ هذا المسار من خلال تعيين لجنة للتفاوض مع الدائنين‎ (Credit committe) ‎سيكون لديها نحو 6 أشهر ‏للتوصل إلى اتفاق مع الدائنين. في هذه الفترة، على لبنان تدبير أموره، أي تأمين تمويل استيراد السلع الأساسية، ‏ومعالجة العقود الخاصة التي وقّعتها الشركات المصدرة، ومعالجة عقود الاستيراد أيضاً، وتأمين حماية لأصحاب ‏الرواتب المتوسطة وما دون من انخفاض قيمة الليرة وتآكل رواتبهم، وتأمين الحماية لأموال الضمان الاجتماعي، ‏والحفاظ على الودائع… هناك الكثير للقيام به. على لبنان اليوم الاختيار بين تجربة الأرجنتين التي تواصل التخلّف ‏عن السداد، وبين فنزويلا التي تناضل من أجل استيراد السلع الأساسية"‎.‎
‎‎
في ظل هذه المفاضلة، قد تبدو هناك حاجة إلى إقصاء الآراء السياسية عن القرار. فهناك من يعتقد بأن الاستعانة ‏التقنية بصندوق النقد الدولي الذي يوفّر على القوى السياسية أعباء اتخاذ قرار التوقف عن السداد ويوفّر لها الغطاء ‏المناسب لإلقاء اللوم على مشورة الصندوق، قد يشكّل فرصة لتسويق أو إغراق لبنان ببرنامج مع صندوق النقد ‏الدولي، وهو أمر يختلف بآلياته عن آليات تقديم المشورة التقنية لكنه يشكّل حافزاً سياسياً لدى هؤلاء من أجل ‏تعزيز الحصار المالي والاقتصادي الذي بدأته الولايات المتحدة بفرض العقوبات المالية على مصارف ورجال ‏أعمال وشركات لبنانية‎.‎

صحيفة "اللواء" عنونت:" ثقة ب 63 لحكومة المغمورين: المطرقة تقاوم الإنتفاضة! مجلس الوزراء غدا ودياب يلتزم خطة طوارئ وواشنطن لمواجهة اقتصادية" وكتبت تقول:"  خرجت حكومة الرئيس حسان دياب بثقة 63 نائباً كما اشارت "اللواء" في جلسة اقتصرت على يوم واحد، ‏وبحضور نيابي، جمع الكتل النيابية منحت الثقة (تكتل لبنان القوي، حزب الله، حركة أمل، كتلة المردة، واللقاء ‏التشاوري)، وتلك التي حجبت الثقة (كتلة "المستقبل"، كتلة الجمهورية القوية، وكتلة اللقاء الديمقراطي) واتجهت ‏إلى العمل الفوري، وهي تحمل كرة النار، فتقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء غداً في بعبدا‎..‎

عبثاً واجه الحراكيون الشجعان الحكومة، ليس بأشخاصها، بل بانعدام الثقة بالطبقة السياسية، التي أفرزتها، في معمعة ‏لم يشهد لها تاريخ لبنان ما بعد الطائف، أو حتى قبله، سابقة لا في الانهيارات المتتالية ولا في الاحتجاجات‎..‎

ليس المهم ان الجلسة انعقدت، وكان يتعين ان تنعقد، بعد ما اصرت القوى الأمنية المولجة بالخطة التي وضعت لتوفير ‏أمن المجلس والسراي والنواب على انفاذها، ولو اقتضى الأمر، بعض من العنف، وفقاً لما اشارت إليه "اللواء" في ‏حال لم تفلح الاتصالات الاستثنائية في إقناع الحراكيين بسلمية الحراك والإقلاع عن المواجهة‎..‎

ورد الرئيس دياب، على كلمات النواب، التي جاء بعضها من قبيل لزوم ما يلزم، بوضع موازنة بين حدّين: حدّ شرعية ‏‏"النواب المنتخبين" (حيث من هناك تمنح الثقة)، وحدّ مشروعية الانتفاضة التي تمثل شرعية كبيرة من الشعب ‏اللبناني (والتي لولاها لما رأت الحكومة الماثلة لنيل الثقة النور‎).‎

الأبرز ان اللعبة الديمقراطية أخذت مجراها، ولو على الطريقة اللبنانية، فساهمت المعارضة النيابية في تأمين نصاب ‏الجلسة، من زاوية الحرص على دور المؤسسات الدستورية المنتخبة، وان كانت الثقة مضمونة، فالكتل التي سمت ‏دياب كان بإمكانها تأمين الثقة‎.‎

والمهم في هذا السياق، انه على الرغم من إصابة العشرات بجروح، من ناس الانتفاضة وجمهورها، فإن المطرقة ‏النيابية التي كانت بيد رئيس المجلس، وإن بدا انها كانت "تقاوم" الانتفاضة إلى ان المحصلة جاءت لمصلحة ‏الشرعيتين النيابية والشعبية. بانتظار ما سيحصل، من زاوية تحذير الرئيس دياب من انه "إذا افلتت كرة النار من يد ‏هذه الحكومة، فإن ألسنة النار ستتطاير بكل اتجاه، ولن يكون أحد بمنأى عن خطرها وحريقها"، فإن الرئيس دياب ‏التزم بـ"إنجاز خطة طوارى قبل نهاية شباط لمعالجة، حاجات النّاس الطارئة ومواجهة الاستحقاقات والخدمات ‏الراهنة‎".‎

وإزاء ما يتعين عمله في ما خص الديون السيادية، افادت مصادر مطلعة لـ"اللواء" ان التوجه الجدي الوحيد لدى ‏رئاسة الجمهورية هو ان تكون هناك خطة كاملة اصر رئيس الجمهورية على ان يذكر البيان انها تعرض وتقر قبل ‏نهاية شباط الجاري لمعالجة الوضع النقدي والمالي والمصرفي كي يندرج اي خيار من خيارات 9 اذار او نيسان او ‏حزيران اي استحقاقات اليوروبوند من ضمن هذه الخطة وإلا يأتي القرار منفردا ومعزولا عن اي خطة كما اعتباطيا‎.‎

ولفتت المصادر الى ان هناك خيارا أولا هو عدم الدفع وخيارا ثانيا هو الدفع وكل خيار من هذين الخيارين له تداعياته ‏ونتائجه وهناك خيار ثالث يقوم على المفاوضة والأستمهال والمبادلة ولكن الأهم ان يندرج اي قرار او خيار ضمن ‏خطة متكاملة تعكف عليها وزارة المالية ووزارة الاقتصاد وحاكمية مصرف لبنان للتقدم بها من الحكومة قبل نهاية ‏شباط‎ .‎

وكانت معلومات تحدثت عن ان بعض المصارف باعت جزءا من عملات اليوروبوند الى شركات عالمية بهدف الربح ‏ما يؤدي الى اشكالية ورجحت معلومات اخرى ان يتم تكليف المصرف المركزي بالخيار المناسب في ما خص هذه ‏الأستحقاقات دون العودة الى الحكومة. لكن الموقف الأميركي بعد نيل الثقة لم يكن مشجعاً‎..‎

وقال مسؤول في الخارجية الاميركية: ان التدبيرات الأمنية التي اتخذت في لبنان لنيل حكومة دياب الثقة مخزية ولا ‏تُلبّي مطالب الشعب المنتفض وسنواجه حكومة اللون الواحد اقتصاديا ووجب إعادة النظر بالمساعدات للقوى الأمنية‎.‎


ومهما كان من أمر، فإن الثقة التي نالتها حكومة الرئيس حسان دياب، بـ63 صوتاً، كانت محسوبة بدقة، تبعاً للكتل ‏النيابية التي صوتت لها، لكنها ستبقى ملتبسة، نظراً للجدل الذي دار حول نصاب الجلسة، لدى افتتاحها، وبالتالي من ‏المنطقي القول، ان انعقاد الجلسة كان غير دستوري، وهي مخالفة للنظام الداخلي للمجلس، تصبح الثقة بالحكومة غير ‏دستورية في حدّ ذاته، وبالتالي يجوز الطعن بها، بحسب ما لوح رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي قاطع ‏الجلسة، معتبراً ان المجلس والحكومة سقطا امام امتحان شرعية تمثل الشعب، في إشارة إلى "الإنتفاضة" التي رافقت ‏انعقاد الجلسة في الشارع ورفعت شعار لا ثقة، لمنع وصول النواب إلى ساحة النجمة، غير انها لم تتمكن من تحقيق ‏ذلك، تحت ضغط "القوة المفرطة" التي أستخدمتها القوى الأمنية والجيش ضد المنتفضين، لتأمين الجلسة ومعها الثقة ‏المطلوبة‎.‎

وهكذا دارت على مدى ساعات النهار، منذ ساعات الفجر الأولى، وحتى رفع الجلسة الصباحية، رحى مواجهات عنيفة ‏من الكر والفر، بين المتظاهرين الذين تجمعوا امام مداخل المنطقة المحصنة بالباطون والاسلاك الشائكة، والقوى ‏الأمنية التي استعانت بالجيش بشكل كثيف للغاية، في حين كان النواب يحاولون الوصول إلى المنطقة العازلة، فنال ‏بعضهم نصيبه من الضرب كالنائب القومي سليم سعادة، الذي تعرض لاصابة في الرأس ما أدى إلى نقله إلى مستشفى ‏الجامعة الأميركية حيث تمت معالجته وعاد لاحقاً إلى الجلسة، فيما تعرّضت سيّارة وزير التنمية الإدارية دميانوس ‏قطار إلى الرشق بالبيض الفاسد، بينما لجأ آخرون إلى "تمويه" نفسه، فحضر في سيّارات عادية، أو على ‏‏"موتوسيكلات"، مثل وزير الاشغال ميشال نجار، أو النائب في كتلة التنمية والتحرير محمّد نصر الله، أو النائب في ‏كتلة "المستقبل" هنري شديد (قبل ان يتبلغ قرار الكتلة بعدم الدخول قبل تأمين النصاب‎).‎

وبحسب معلومات ترددت في كواليس المجلس، ان الخطة الأمنية التي وضعت بناءً لتوجيهات المجلس الأعلى للدفاع ‏لتأمين انعقاد الجلسة، تسربت إلى الحراك، الذي حرك مجموعات منذ الفجر، عند المداخل التي وضعتها الخطة ‏لوصول النواب إلى المجلس، وكان يفترض ان تكون سرية، وانه لهذا السبب استطاعت المجموعات كشف ورصد ‏سيّارات النواب لدى محاولتها الدخول، على غرار ما حصل مع عضو كتلة التحرير والتنمية النائب أنور الخليل ‏والنائب سعادة وسيارة الوزير قطار، فيما كشف الرئيس نبيه برّي في بداية الجلسة عن تكسير أكثر من خمس سيّارات ‏تابعة للنواب، مشدداً على ان هذا المجلس سيبقى للجمع وليس للفتنة، وخاطب الحراك قائلاً: "هل يُبرّر لنا وللقضاء، ‏وهل يرضى بالاعتداءات التي حصلت على قوى الجيش وقوى الأمن، والاعتداء الذي طاول النائب سعادة وسيارات ‏النواب والوزراء؟‎".‎

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى