رأي

المأزق الإسرائيلي في غزة آخذ في التوسع (أكرم بزي)

 

كتب أكرم بزي – الحوار نيوز

 

 

يبدو أن المأزق الأميركي – “الإسرائيلي” في قطاع غزة بات لا يحتمل. فحجم الخسائر الذي ظهر لغاية الآن في الإعلام “الإسرائيلي” أمس الثلاثاء 12/12/2023 أكثر من  115 قتيلاً. وبذلك يرتفع إجمالي عدد الضباط والجنود القتلى الذين سمح الجيش الإسرائيلي بنشر أسمائهم إلى أكثر من  440 قتيلاً منذ إطلاق حركة حماس عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول الماضي.

  والبيان الذي أصدره “الجيش الإسرائيلي أنه “تم خلال الأيام الماضية تنفيذ عملية إمداد لوجيستي تضمنت إسقاط نحو 7 أطنان من الإمدادات لمئات الجنود الذين يقاتلون حاليا في خان يونس.. وأن العملية تمت بالإنزال المظلي من طائرة من نوع سامسون”، هذا البيان يعني أن طرق الإمداد البرية باتت مقفلة أمام الجيش الإسرائيلي. هذا من دون ذكر أرقام الإصابات والتي بلغت أكثر من 5000 آلاف منذ بدء العملية البرية لغاية الآن.

وبحسب المعلومات الواردة من قطاع غزة عن المقاومة، يبدو أن الجيش “الإسرائيلي” تحول الى مجموعة رهائن، وأنهم في مأزق، فلا يمكنهم التراجع ولا يمكنهم التقدم أكثر، وبالتالي فإن حجم القتلى والجرحى أكبر بكثير من الأرقام المتداولة في الإعلام “الإسرائيلي” بالإضافة إلى ارتفاع حجم الأسرى لدى حركتي حماس والجهاد الإسلامي وباقي الفصائل المقاومة، إضافة الى حجم الخسائر بالدبابات وناقلات الجند والآليات الذي بلغ أكثر من 1000 آلية.

مع تشدید الخناق على رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو عالمیا وحجم الضغوط عليه وحديث اسرائيل عن احتمال ابرام صفقات تبادل اسرى جديدة وهدن جديدة ،يشعر نتنياهو ان رهاناته قد سقطت، وما هروبه باتجاه الضفة الغربية واقتحامها أمنياً ومطالبته بنزع سلاح عناصر الشرطة الفلسطينية من جماعة الرئيس محمود عباس ما هي إلا الورقة الأخيرة التي بدأ بها.

فإشعال فتيل مواجهات في الضفة الغربية قد ينجح، لأن عناصر الامن الفلسطيني لن ترضى بأن تسلم سلاحها الى المستوطنين الصهاينة الذي يتوقون لافتعال المجازر بأهالي الضفة الغربية، ويهدف نتنياهو من هذه العملية لتحقيق إنجاز لم يستطع إنجازه في قطاع غزة، وهو بهذه المحاولة يريد فرض التهجير القسري، على قطاع غزة والضفة الغربية، وهذا ما يريده المتطرفون الصهاينة.

أما على المستوى السياسي فتبدو الصورة مخالفة لرغبات نتنياهو. فالرئيس الأميركي جو بايدن قال أمس الثلاثاء: عن الحكومة الإسرائيلية: “لقد بدأوا يفقدون هذا الدعم، وأن نتنياهو بحاجة إلى إجراء تغييرات على حكومته”، مشيرا إلى أن “الحكومة الحالية هي أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ إسرائيل وهي لا تريد حل الدولتين”. وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، يبدو أن هذا الدعم القوي تراجع يوم الثلاثاء، إذ تمثل تعليقات بايدن أكبر تغيير حتى الآن في اللغة التي استخدمتها الولايات المتحدة في ما يتعلق بإسرائيل منذ بدء الحرب.

وحجم الضغوط لم يتوقف هنا، فالبيان الصادر عن كندا ونيوزيلندا وأستراليا والذي “يدعم الجهود الدولية لدعم وقف اطلاق نار دائم في غزة، وثمن هزيمة “حماس” لا يمكن أن يكون سبباً للمعاناة المستمرة لجميع الفلسطينيين”، وأيضاً المتحدث باسم الأمن القومي الأميركي الذي قال:” يجب توحيد غزة والضفة تحت هيكل حكم واحد وسلطة متجددة”.

وما يدلل على مستوى الهزيمة التي تتعرض لها “إسرائيل” ما عبر عنه الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة “هآرتس” والتي تتضمن انتقادات حادة للجيش ومسؤولي الحكومة إذ قال: “كأن آلاف الأطفال الذين زهقت ارواحهم ، ونحو أكثرمن 20 ألف (شهید)، ومليون ونصف نازح، وعشرات الآلاف من الجرحى، والمجاعة والمرض والدمار في غزة، كل هذا لم يكن كافيا. وقال ساخرا: “علينا أن نظهر لهم ولأنفسنا من هم هؤلاء ومن نحن، علينا أن نثبت لهم مدى قوتنا ومدى ضعفهم”. وأضاف منتقداً: “صور السجناء الفلسطينيين العراة سبب واضح لسقوطنا الأخلاقي وضياع البوصلة”.

ومواقف الرأي العام العالمي بالإضافة إلى المنظمات الدولية التي باتت تتحرك، وتتهم إسرائيل مباشرة وحليفتها الولايات المتحدة التي تمدها بالسلاح والتخطيط وغيره، بدأت تأتي أكلها، ما دفع حكومات كأستراليا وكندا ونيوزيلندا إلى تغيير موقفها 180 درجة خلال أقل من أسبوعين،وهذا مؤشر إيجابي لصالح الفلسطينيين.

ويبدو أن هناك ما يشي بما يشبه “حل ما” لما بعد وقف إطلاق النار في غزة، تعمل عليه الإدارة الأميركية، لأن حجم الخسائر الإسرائيلية على المستوى العسكري والامني والاقتصادي، بالإضافة إلى تجفيف مخازن الأسلحة الأميركية والأوروبية، والاستنزاف الحاصل على جبهتي أوكرانيا وغزة باتت خسائره أكبر بكثير من المتوقع لأميركا وحلفائها.

فالصمود البطولي الأسطوري لشعب غزة المقاوم، والاستبسال بالقتال ضد آلات التدمير والقتل والتوحش الهمجي الصهيوني الذي لم يتورع عن قتل الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات وقتل الصحافيين، وتدمير أكثر من 65% من قطاع غزة، بالإضافة إلى المعركة التي أنهكت العدو الصهيوني بالضربات المؤلمة والمدمرة في شمال فلسطين (جنوب لبنان) من قبل المقاومة الإسلامية، وهجرت اكثر من 100 ألف مستوطن من شمال فلسطين إلى وسطها وإيلات، مع العمليات العسكرية ضد القواعد الأميركية في العراق والبطولة اليمنية في إغلاق باب المندب والبحر الاحمر أمام السفن القادمة إلى الكيان الصهيوني،كل ذلك جعل الإدارة الاميركية تراجع حساباتها، وتعيد صياغة مواقفها باتجاه الوصول إلى وقف إطلاق نار، والوصول الى تسوية ما بدأ الإعداد لها.

ويبدو الإعلان عن زيارة جاك سوليفان مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الاول إلى إسرائيل والثاني إلى الشرق الأوسط، يأتي في هذا السياق.فهل نحن أمام هدنة جديدة لالتقاط الأنفاس وتبادل للأسرى، أو تصعيد أكبر باتجاه توسيع رقعة الحرب أكثر مما هي عليه؟

الأيام القليلة المقبلة ونتائج الميدان ستظهر لنا الجواب.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى