اجتماعياتثقافة

وجيه فانوس في ذمة الله:الباحث والناقد والأديب وصاحب العشرين كتابا

 

الحوار نيوز – خاص

فقدت الساحة اللبنانية اليوم وجها بارزا من وجوهها هو الباحث والأكاديمي رئيس ندوة العمل الوطني الدكتور وجيه فانوس إثر نوبة قلبية مفاجئة هذا الصباح،عن عمر ناهز 74 عاما .

 

وجيه فانوس المولود عام 1948 ، له نحو عشرين كتابًا تنوّعت بين النقد الأدبي، والتراث، والحضارة الإسلامية والمعاصرة. وقد تُرجم من أعماله إلى الفرنسية. حاز عددًا من المناصب الثقافية والفكرية والأكاديمية، كما جرى تكريمه في عدة مناسبات.

ولد محمد وجيه صبحي فانوس في برج أبي حيدر  في بيروت، والده صبحي من تجّار مال القبّان. تلقى دراساته الأولى في مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية (ابتدائية عثمان ذي النورين وثانوية علي بن أبي طالب)، وتخرج من المرحلة الثانوية في العام 1967 من ثانوية رمل الظريف الرسمية في بيروت. أكمل تعليمه العالي في الجامعة اللبنانية في اختصاص اللغة العربية وآدابها، وعلوم التربية من كلية التربية، وحاز درجة الكفاءة (الماجستير) في اختصاص اللغة العربية وآدابها في العام 1973  وكان موضوع رسالته بعنوان: عمر الزعني وشعره.[10]

انتخب في تلك المرحلة عضوًا في مجلس فرع الطلاب في كلية التربية من العام 1969 إلى 1971 ، كذلك تابع دراسة التاريخ والآثار في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية. وقد حصل نتيجة تفوقه، على منحة من الجامعة لمتابعة دراساته العليا في جامعة أكسفورد في إنكلترا، وكان أول طالب من الجامعة اللبنانية يقبل في هذه الجامعة، فتخرّج برتبة دكتور في النقد الأدبي، حائزًا شهادة دكتوراه في النقد الأدبي المقارن من كليَّة سانت أنتوني – جامعة أكسفورد سنة 1980 ، وكان موضوع أطروحة الدكتوراه: Aspects Of The Lebanese Contribution to Modern    Arabic ، Literary Criticism. وكان قد انتخب، خلال سني دراسته في إنكلترا، أوَّل أمين سر لإتِّحاد الطلَّاب اللبنانيين في بريطانيا وشمال إيرلندا من سنة 1975- 1979. وعند عودته إلى لبنان عيّن أستاذًا محاضرًا في الجامعة اللبنانية لحين تقاعده. 

نشاطه الثقافي والأكاديمي 

تولّى وجيه فانوس إلى جانب التدريس الأكاديمي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، العديد من المهام، منها: انتخابه ممثلاً للأساتذة، ومديرًا للفرع الأول لدورتين متتاليتين من العام 1986 إلى العام 1992، كذلك تولى رئاسة قسم اللغة العربية وآدابها في الكلية لست سنوات.

حاز رتبة الأستاذية في الجامعة اللبنانية العام 1990، وشغل مهام أستاذ زائر، ومحاضر، ومستشار أكاديمي، وعضو لجان تحكيم، وعضو مناقش، في عدة جامعات لبنانية وعربية. كذلك حاضر في الجامعة الأمريكية في بيروت، وجامعة بيروت العربية، والمدرسة الحربية، وقد عينّ المستشار الأكاديمي لرئيس الجامعة الإسلامية في لبنان، ورئيس قسم الدراسات العليا في كلية الآداب في الجامعة.

شغل فانوس العديد من المراكز والمناصب، منها رئاسة حلقة الحوار الثقافي، ورئاسة اتحاد الكتّاب اللبنانيين ، كما شغل  حتى وفاته عضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ممثلًا عن الأدباء والكتاب اللبنانيين بعد اختياره من قبل رئيس الجمهورية اللبنانية في العام 2018، ورئاسة المركز الثقافي الإسلامي، ورئاسة ندوة العمل الوطني، وكرسي محمود درويش في الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم.

لفانوس عشرات المقالات والدِّراسات باللغتين العربية والإنكليزية، منشورة في دوريَّات عربيَّة وغربيَّة متخصّصة؛إضافة إلى ندوات ومحاضرات أدبيَّة وثقافية وتربوية واجتماعية في عدد كبير من المنتديات المتخصِّصة والعامَّة في لبنان والعالم العربي.

اهتمّ فانوس بحكم تخصصه الأكاديمي في النَّقد الأدبي، والنَّقد الأدبي المقارن تحديدًا، وعوالم ما يسمّى بـ«ما وراء النَّقد»، فإنه في تدريسه الجامعي، كما في أبحاثه الأكاديمية، بالمعنى الضيِّق للاختصاص، اهتمّ للبعد الأكاديمي في النَّقد الأدبي؛ لكنه لطالما توجه، في كتاباته وأعماله الأخرى في المجالات الثقافية العامة، إلى الجمهور العام، عبر انتهاجه مجالات النَّقد الثقافي. وهذا لا يعني، أبداً، كما يقول في حوار معه:إن النَّقد الثقافي لا يندرج في رحاب الأكاديميا، بيد أنها، هذه المرَّة، الرحاب الأكاديمية التي لا تنظر إلى المادة الأدبية على أنها مجرد كيانات لغوية أو بلاغية أو تركيبية جامدة، بل على أنها نتاجٌ مركَّبٌ ينهض على تفاعلِ أمورٍ معرفية وحضاريَّة ثقافيَّةٍ كثيرة، من عناصر العيش الإنساني للفكر والتَّعبير والجمال، في ما بينها .

اتحاد الكتّاب اللبنانيين

انتخب وجيه فانوس أمينًا عامًا لإتحاد الكتاب اللبنانيين في العام 2015، ونائبًا لرئيس اتحاد الكتاب العرب ، وانتخب في العام 2019 مستَشارًا عَامًّا للأمانة العامة للإتحادِ العام للأدباء والكتّاب العربِ، للسّنوات الأَربع المقبلَة. سعى فانوس خلال توليه أمانة اتحاد الكتّاب اللبنانيين إلى تأمين دعم ماليٍ يكون بمثابة مصدر ريع مستمر للإتحاد، لكنه استقال من الاتحاد في 2 نيسان (أبريل) 2019، معلنًا استقالته في بيان مقتضب، جاء فيه:

«أعلن استقالتي من منصب الأمين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين ومن عضوية الهيئة الإدارية فيه، متمنيا للاتحاد كل نجاح وتقدم».

كتاباته

للدكتور وجيه فانوس عدة كتابات ودراسات وأبحاث، ومؤلّفات باللغتين العربيَّة والإنكليزيَّة، منها:

  • 2012: (Ameen Rihani’s Arab American Legacy: From Romanticism To Postmodernism (co-author.
  • 2012: لمحات من النَّقد الأدبي الجديد.
  • 2004: إشارات من التَّثاقف العربيّ مع التَّغريب في القرن العشرين.
  • 2003: العلاقات العامَّة في المؤسَّسات الأهليَّة.
  • 2001: مخاطبات من الضفَّة الأخرى للنَّقد الأدبي.
  • 1988 و1994: الأدب المقارن وحكايتا حب.
  • 1998: A Collection Of Literary Studies.
  • 1998   “الأدب العربي»، ثلاثة أجزاء، مرحلة التَّعليم الثانوي، (مؤلِّف مشارك).
  • 1998 ” دليل المعلم – لكتاب الأدب العربي، ثلاثة أجزاء، مرحلة التعليم الثَّانوي، (مؤلف مُشارك).
  • 1996: أحداث من السِّيرة النَّبويَّة في مرايا مُعاصرة.
  • 1995: محاولات في الشِّعري والجمالي.
  • 1993: الرَّيحاني والمعرّي.
  • 1992: Adventures In Literary Criticism
  • 1991: دراسات في حركية الفكر الأدبيّ 

   بيانات النعي

وقد نعت شخصيات سياسية وفكرية ومؤسسات وجمعيات عدة الراحل فانوس  فانوس،  فقال وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى : “غادر إلى ديار الحق رئيس ندوة العمل الوطني الدكتور الباحث وجيه فانوس ، الذي أثرى المشروع النقدي في لبنان والعالم العربي… كان المدافع الصنديد عن اللغة العربية والفكر العربي..ان على جبهته الأكاديمية في الجامعة اللبنانية والإسلامية او لجهة نشاطه الثقافي على مدار حياته كأمين عام سابق لاتحاد الكتاب اللبنانيين او في المجلس الاقتصادي الاجتماعي او مسؤوليته في المركز الثقافي الإسلامي ورئاسة ندوة العمل الوطني، إلى مدى مواقفه في الدفاع عن اصالة الهوية الوطنية في مواجهة التغريب الأكاديمي والثقافي ناهيك عن مواقفه الوطنية في الدفاع عن لبنان في مواجهة التطبيع وتعزيز ثقافة المقاومة في مواجهة الاحتلال والهيمنة…

 وقال وزير الشباب والرياضة ​جورج كلّاس:هو الذي مات عنّا في عطاء دائم و سعي مشكور لإعادة ترميم العلاقات بين المجتمعات الثقافية اللبنانية كما بين الأجيال الشبابية، من خلال جهاده الاكاديمي و حضوره الفكري و نضالاته الحوارية”.

 ولفت كلاس، الى أن “فانوس كان عَلماً من أهل الفكر و الثقافة و من ابرز المفكرين و النقّاد العرب في الادب المقارن و منهجية التفكير و التحليل و مقاربة المواضيع بروية و هدوء فكري، ما أحلَّه مكانة فكرية مايزةٍ في الجامعات و المنابر الاكاديمية العربية.  خسره لبنان و ​اتحاد الكتاب اللبنانيين​ و كل صاحب رأيٍ حر و تفكير ابيض. هو الذي كان يعتبر ان غياب المثقف عن دوره الوطني هو انتهاك للمواطنة و تخاذل في الواجبات”.  

 

 

 ورثاه الرئيس تمام سلام قائلا: “خسرت بيروت صبيحة اليوم ركناً من اركانها الثقافية والعلمية والاجتماعية رئيس المركز الثقافي الاسلامي المرحوم الدكتور وجيه فانوس، صاحب القلم والرأي والموقف البيروتي الوطني الجرئ والمسؤول”. اضاف:”وجه مشرق ساهم على مدى سنين طويلة في محطات ومواقف ونشاطات وطنية عديدة، حققت له مكانة مرموقة في الاوساط الثقافية والعلمية والوطنية بين اقرانه ممن تفتخر بهم بيروت وصروحها ومؤسساتها العريقة .

 

 
  

ونعت جمعية المبرّات الخيرية، “رئيس إتحاد مجالس أصدقاء المبرّات الدكتور وجيه فانوس فقيد العلم والثقافة، والهامه الكبيرة التي ملأت حياتنا بالفكر ولونت أيامنا بالعطاء”.

وقالت في بيان:”نخسر برحيله ناقداً وأكاديمياً وباحثاً في الآداب والتراث والحضارة الإسلامية المعاصرة، وشاغلاً لمناصب فكرية وأكاديمية متعددة، وعاملاً في سبيل العيش المشترك، والدفاع عن الأيتام والمحتاجين في العديد من مؤسسات العمل الخيري.

نفتقد بوفاته، صديقاً صدوقاً معطاءً، وفيا لأمته ووطنه ولكل الناس، وناشطاً ملأ الحياة بالحركة والحيوية والنشاطات المتنوعة الهادفة إلى الوحدة والوعي والانفتاح”.

 

 

 

كما نعى مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ورئيس جمعية ودائعنا حقّنا الدكتور طلال حمود،فقال:  

  بإسمي الشخصي وبإسم كل الصديقات والأصدقاء الناشطين في ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وجمعية ودائعنا حقّنا ننعي الراحل الكبير الذي كان قولاً وفعلاً قدوة في النضال المدني من أجل بناء نظام المواطنة والذي غادرنا وهو لا يزال يحمل القلم بيده ليكتب ويدوّن بإبداع وتفانٍ قلّ نظيرهما فكان رجل فكر وعمل وأخلاق وعطاء دائم بلا حدود.

ويشيع جثمان الدكتور وجيه فانوس  غدا الخميس في ١٤-٧-٢٠٢٣ عند صلاة الظهر في مسجد البسطة التحتا ، ويوارى في الثرى في مدافن العائلة في جبانة الباشورة.

 

*الحوار نيوز التي كان الدكتور فانوس واحدا من كتابها الدائمين تتوجه بخالص العزاء الى عائلة الفقيد والأصدقاء واللبنانيين بخالص التعازي،سائلة المولى أن  يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه.

  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى