سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف: انحسار المبادرات الرئاسية.. والبلاد معلقة الى حين

 

الحوارنيوز – خاص

مع انحسار المبادرات الرئاسية الداخلية والخارجية، تبدو البلاد وكأنها معلقة على أعمدة الإنتظار الإقليمية، أما داخليا فالمعضلات الاقتصادية والمعيشية وقضية النزوح الاقتصادي السوري الى تفاقم.

ماذا في التفاصيل؟

 

  • صحيفة النهار عنونت: الوساطات تنحسر تدريجاً ونصرالله يستبشر بالتنقيب

وكتبت “النهار” تقول: لا يبدو ان القوى اللبنانية على اختلاف توجهاتها ووسط تفاقم التوترات والانقسامات الحادة في ما بينها في معضلة الاستحقاق الرئاسي تملك المعطيات الدقيقة والتفصيلية عن طبيعة الانحسار اللافت والواضح في مسار التحركات الخارجية المتصلة بالازمة، ولو ان المتابعين للوساطة القطرية تحديدا ينفون وجود انحسار بدليل ان الموفد القطري، كما يتردد، سيكمل لقاءاته التي لم تستكمل بعد مع بعض قليل من القيادات. ومع ذلك، فان مؤشرات جدية تتراكم في المشهد الداخلي وبدأت تعكس في الأسبوعين الأخيرين برودة يستبعد ان تكون عفوية في مسار الوساطتين الفرنسية والقطرية، الامر الذي يترجمه خلو الساحة السياسية من أي مؤشرات لتحريك جمود الازمة ناهيك عن التصعيد السجالي والإعلامي بين “معسكري” الازمة التي يعبر الكثيرون من المعنيين عن خشيتهم من عودتها فعلا الى نقطة البدايات.

 

ويلفت مطلعون في هذا السياق الى ان انصرام شهر أيلول وحلول تشرين الأول على واقع مقفل مجددا امام أي مخارج للازمة، اسقط رهانات كانت جدية للغاية لدى جهات داخلية وخارجية على ان هذه الفترة كانت قد أدرجت في اطار الموعد الأكثر تأهلا لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد وان تلك الرهانات بدت نتيجة معطيات متقدمة دوليا وإقليميا ولبنانيا منطلقة من ضغوط كبيرة لحمل القوى اللبنانية كافة على حسم الازمة والاحتكام الى اللعبة الديموقراطية والدستورية بما يحمل الجميع لاحقا على التسليم بشرعية ومشروعية أي رئيس يأتي نتيجة هذه العملية الانقاذية للبلاد من تداعيات الازمات المتعاظمة تحت وطأة الفراغ الرئاسي. ولكن المطلعين انفسهم يؤكدون ما صار معروفا لدى قوى داخلية كثيرة من ان الاجتماع الأخير للمجموعة الخماسية في نيويورك لم يخفق نتيجة بعض التباينات بين دولها فحسب، بل أكثر واهم من ذلك نتيجة اقتناع عام لدى الدول الخمس المنضوية في اطار المجموعة بعقم المحاولات التي جربت لحمل القوى اللبنانية على الإفادة من جهود المجموعة وتصميمها على مساعدة لبنان في تجاوز ازمته الامر الذي استتبع انحسارا يعتقد انه متعمد وليس عفويا لاشعار اللبنانيين بضرورة تحمل مسؤولياتهم بأنفسهم وتحذيرهم من مغبة تخلي الدعم الدولي المتاح لهم، وهو ما لمح اليه بوضوح وصراحة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان أخيرا من خلال تلويحه بوقف التمويل الدولي للبنان .

 

ونقلت مراسلة “النهار” في باريس رنده تقي الدين عن مصادر عربية وفرنسية ان محادثات المبعوث الرئاسي الفرنسي الوزير جان ايف لودريان في السعودية مع وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان والمستشار في الديوان الملكي المسؤول عن الملف اللبناني نزار العلولا بحضور السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، اسفرت عن دعم سعودي لنهج لودريان في محاولته للتوصل الى حل مسألة الفراغ الرئاسي في لبنان رغم الصعوبات الضخمة التي يواجهها. ويسود الاوساط السعودية العليا تشاؤم كبير ازاء حل ازمة لبنان بسبب ممارسات المسؤولين اللبنانيين ولكن السعودية وهي على تنسيق تام مع دولة قطر، جاهزة لدعم جهود لودريان وتوجيه رسائل لاصدقائها في لبنان لدفعهم لانتخاب رئيس وذلك لان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وعد الرئيس ايمانويل ماكرون انه سيساعد فرنسا في لبنان. كما علمت “النهار” من مصادر عربية وفرنسية ان لا معارضة لانتخاب العماد جوزف عون اذا كان يحظى بموافقة الجميع. والمبعوث الفرنسي والجانب السعودي متوافقان على ان شخصية العماد جوزف عون مناسبة لتولي الرئاسة اذا توافق الاطراف اللبنانيون عليه. كما ان الجانبين اكدا وحدة الحال بين الدول الخمس حول لبنان التي قد تقوم بتحرك مشترك لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري لدفع عملية الانتخاب. واكدت مصادر فرنسية ان قطر اكدت لفرنسا انها تدعم مبادرتها وان ليس لديها اي مبادرة متوازية وان التنسيق السعودي القطري تام .

والتحليل الفرنسي انه اذا استمر الوضع كما هو سيزيد الاهتراء في البلد فلبنان لن ينهار بل يهترئ وهذا خطر كبير خصوصا ان فرنسا وحدها ورئيسها ايمانويل ماكرون ما زالت مهتمة بالملف اللبناني .

 

 

  • صحيفة الأخبار عنونت: نصرالله: سهِّلوا سفر النازحين إلى أوروبا

وكتبت تقول: فيما بات واضحاً تواطؤ مسؤولين رسميين وفريق من السياسيين في منع معالجة أزمة النازحين السوريين، دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أمس، إلى وضع خطة وطنية شاملة للبحث في معالجة هذا الملف بعيداً عن العداء للشعب السوري، وإلى الضغط على الغرب بقيادة أميركا لفكّ الحصار عن سوريا.

وفيما بات سلوك الحكومة ينذر بانفجار يطيح بأي إمكانية لتحقيق ولو جزء يسير من الحل بالتنسيق مع الدولة السورية، تتعزّز جهود المشروع التوطيني الذي تديره دول الغرب ومفوّضية الأمم المتحدة. فبعد ثلاثة أسابيع على اللقاء التشاوري الذي انعقد في السراي الحكومي بحضور وزراء وقادة الأجهزة الأمنية للبحث في أزمة النزوح وتداعياتها والتدابير الواجب اتخاذها، شهدت الأيام الماضية سجالاً صاخباً بين عدد من الوزراء حول مقاربة الملف، ما أوحى بانقسام سياسي حادّ من شأنه مضاعفة المصاعب. وبدل أن تباشر الحكومة والأجهزة المعنية تنفيذَ القرارات التي تمّ الاتفاق عليها، دخلت القضية دائرة التوتر، وهو ما عبّر عنه بوضوح الاشتباك الكلامي بين وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ووزير المهجّرين عصام شرف الدين الذي اتّهم بو حبيب بأنه «خانع ومهادن ومتواطئ»، بعدَ أن طالبه وزير الخارجية بـ«تخفيف الحكي، لأنه لن يستطيع فعل شيء في هذا الملف».

 

وقال مرجع كبير معنيّ بالملف لـ«الأخبار» إن «الخطوات التي اتُّخذت بعد اللقاء التشاوري ليست كافية»، مشيراً إلى أنْ «لا أداة تنفيذية فعلياً للمقرّرات التي صدرت عن اللقاء. فلا البلديات قادرة على القيام بما هو مطلوب منها كاملاً، ولا التنسيق بين الأجهزة الأمنية يحصل بالشكل المطلوب، فضلاً عن غياب القرار السياسي بفتح قناة رسمية جدية مع الدولة السورية، حيث يُفترض أن يبدأ الحل الجدّي».
ولفت المرجع إلى أنه «في حال استمر الحصار الخارجي على سوريا، فهذا يعني استمرار النزوح الكثيف في اتجاه لبنان الذي قد يذهب إلى انفجار كبير في ظل ضعف الأجهزة وغياب القرار السياسي». واعتبر أن «الأزمة الأساسية تكمن في أن الحكومة الحالية ليست صاحبة سلطة ولا صاحبة مشروع، وأن رئيسها نجيب ميقاتي وعدداً من وزرائها بمن فيهم وزير الخارجية متورّطون في مشروع التوطين أو أنهم لا يريدون الوقوف في وجه الخارج خوفاً على مصالحهم، ويعتبرون أن هذه الحكومة هي لتقطيع الوقت ليس إلا ولن يغامروا باتخاذ مواقف مضرّة بهم».
وبالعودة إلى قرارات اللقاء التشاوري، قالت مصادر وزارية إن «الإجراءات التي بدأت تُتخذ على نطاق ضيق من حيث إقفال المحالّ غير المرخّصة أو القبض على عدد من السوريين أو مداهمة مخيمات اللاجئين ليست كافية أو بالمستوى المطلوب، وهي في الإطار الأمني أو السياسي تُعتبر أقرب إلى محاولة لتنفيس الاحتقان في المجتمع اللبناني ليس إلا». وأكّدت المصادر أن «بو حبيب الذي أعلن عن لقائه وزير الخارجية السورية فيصل المقداد ومندوب سوريا في الأمم المتحدة بسام صباغ (الذي سيصبح نائباً لوزير الخارجية) خلال تواجده في نيويورك والاتفاق معهما على زيارة دمشق فور عودته، لن يصدق بوعده. وهناك قرار واضح بالاستمرار في السياسة الماضية وعدم الالتزام بالرؤية الجديدة التي يُحكى عنها أو اتخاذ قرار جريء ضد مشروع الخارج».

 

أما عن الاتفاق مع مفوّضية الأمم حول تسليم الداتا التابعة لجميع النازحين السوريين على الأراضي اللبنانية، فقد «بدأ تنفيذها لكن لا أفق لها من دون العودة إلى سوريا». وكشفت المصادر عن «تقارير وصلت إلى بعض المعنيين من أجهزة أمنية تفيد بوجود نوايا لافتعال أعمال عنف ضد النازحين في عدد من المناطق نتيجة الخطابات العنصرية التي يتعمّد البعض إطلاقها في إطار الشعبوية من دون الأخذ في الاعتبار تداعيات هذا التحريض، وقد تنتج عن ذلك ردود فعل انتقامية ستؤدي إلى خلق توترات أمنية متنقّلة بين المناطق قد لا تستطيع الأجهزة ضبطها بسبب الضغوطات عليها وعدم توافر الإمكانات اللازمة لفرض الأمن».

 

نصرالله: لنسهّل هجرتهم
إلى ذلك، دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى وضع خطة إستراتيجية وطنية موحّدة يتفق عليها اللبنانيون لمعالجة ملف النازحين. وقال في كلمة أمس بمناسبة ذكرى المولد النبوي في الضاحية الجنوبية، إن «البعض في لبنان يرى في ملف النزوح تهديداً وجودياً وأمنياً للبنان»، متسائلاً: «لكن ماذا يفعل هؤلاء المجمعون على هذا التهديد؟». وتابع: «يجب وضع خطة يحملها اللبنانيون إلى العالم والأصدقاء ويضغطون بها على حكومة تصريف الأعمال والجيش اللبناني والقوى الأمنية والبلديات لأن هذا قد يوصلنا إلى نتيجة».
ولفت نصرالله إلى «أن لا أحد في لبنان يعرف عدد النازحين السوريين الحقيقي، لذا يجب أن يكون هناك إحصاء جدّي، ويجب التمييز بين اليد العاملة والنازحين»، مشيراً إلى أن «الموضوع الأهم هو معالجة الأسباب لا النتائج، والمسؤول الأول عن النزوح الأمني إلى لبنان هو من أشعل الحرب في سوريا، أي الإدارة الأميركية، وهي المسؤولة أيضاً عن النزوح الاقتصادي». وأضاف: «فرضت أميركا قانون قيصر على سوريا وحاصرتها، وفرضت عقوبات على كل الشركات التي كانت ستأتي لتستثمر في سوريا، لذلك هي تعاني اقتصادياً وحياتياً، ما أدى إلى نزوح اقتصادي إلى لبنان، لذلك يجب أن يقال للغربيين إنه حتى يبقى لبنان يجب أن يتم إلغاء قانون قيصر. وإذا تم رفع العقوبات عن سوريا وبدأت الشركات بالاستثمار في سوريا فسيعود مئات الآلاف إلى بلدهم».

 

ميقاتي وعدد من الوزراء بمن فيهم وزير الخارجية إما متورّطون أو يخافون على مصالحهم

وتساءل نصرالله عن موقف «السياديين من تصرفات المفوّضية الدولية التي تفعل ما تشاء في لبنان»، مشيراً إلى أن «السفيرة الأميركية في لبنان تزور مسؤولين وتجري تحقيقاً عند كل إجراء بإعادة نازحين إلى سوريا وفق القانون وتهدد المسؤولين بالعقوبات». وتحدّث نصرالله عن «فكرة قابلة للنقاش» بأن «تسمح الدولة اللبنانية لمن يرغب من النازحين بالاتجاه إلى أوروبا وهذا سيؤدي حتماً إلى أن تأتي الدول الأوروبية خاضعة إلى بيروت لتقول ماذا تريدون لإيقاف هذه الهجرة وهذا ما قامت به تركيا، على أن يُسمح لهؤلاء بالسفر في سفن مجهّزة لا تركهم لقوارب الموت».
وحذّر نصرالله اللبنانيين من خلق حالة عداء مع السوريين. وقال: «يجب أن لا يتحوّل الجو القائم إلى جو عداء مع هؤلاء الناس ولا يتجاوز أحد حدود القانون والأخلاق، وأن يتصرف أحد كأنّ النازحين في لبنان أصبحوا مباحي الدم والمال». ودعا المعنيين إلى «التفتيش عن مافيات التهريب وقمعها».

 

وساطة مرتقبة حول الحدود البرية… ومؤشّرات التنقيب بحراً إيجابية

كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن وساطة مرتقبة قريباً بما خصّ الحدود البرية مع فلسطين المحتلة. وقال إن «استخدام مصطلح ترسيم حدود لبنان البرية مع فلسطين المحتلة خاطئ لأن الحدود مرسّمة، ولا يصح الربط بين الملف الرئاسي والحدود البرية». وأضاف أن «الوساطة ستركّز على منطقة شمال الغجر لأنهم يريدون حل مسألة الخيمتين وبكل الأحوال هذه مسؤولية الدولة اللبنانية»، لافتاً إلى أن البحث «يتمحور حول النقاط 13 التي يحتلها العدو، وأهمّها نقطة الـ B1 في الناقورة، وأيضاً شمال بلدة الغجر ربطاً بملف خيمتَي المقاومة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا». وشدّد على أن «الملف هو من مسؤولية الدولة اللبنانية، ولا يجوز ربط ملف الحدود البرية بالملف الرئاسي والمفاوضات الأميركية – الإيرانية». وأضاف: «كما في ملف المياه، فإن أيّ خطوة تساعد على تحرير الأرض ستلقى تعاوناً وتضامناً من المقاومة. وحقنا في الأرض نأخذه كاملاً ولا نساوم عليه في ملفات أخرى».
وتحدّث نصرالله عن «مؤشرات إيجابية» بما خصّ التنقيب عن النفط في البحر، وقال: «للأسف الشديد هناك أناس أعداء لشعبهم ويتحدّثون عن عدم وجود نفط في البلوك 9، ومعلوماتنا تفيد بأن كل المؤشرات في البلوك 9 إيجابية. ومن الشواهد كذلك أن الشركات نفسها التي تعمل في البلوك 9 قدمت للعمل في البلوك 8 والبلوك 10». ولفت إلى أنه «لا يوجد جديد في ملف الرئاسة لأبشّركم به، وعلينا متابعة الجهود التي تُبذل في هذا الصدد».

 

 


الجمهورية: لا انفراج رئاسياً.. الحراك القطري: صدام خيارات.. عبوة النازحين تُهدّد لبنان كله

و كتبت “الجمهورية” تقول: لن يكتب للبنان الخروج من أزمته طالما هو ملوّث بمكوّنات فاشلة تعاني العقم السياسي، وتقدّم كل يوم الدليل تلو الآخر على انّها الولّادة لكلّ الأوبئة والأدران السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية التي باتت تضع البلد على شفير أن يُمحى عن بكرة أبيه.

 

هذا العقم السياسي المستفحل في هذا الزمن الرديء، دخل شهره الثاني عشر من الفراغ في رئاسة الجمهورية، ومكونات تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، على منصات الشحن والتوتير وتسميم الاجواء وتعميم التفرقة، تحاصر البلد بسياساتها الهابطة التي حوّلت الحلبة الرئاسيّة الى مقبرة جماعية للمبادرات والمساعي الداخلية والخارجية الرامية الى تحرير الرئاسة الأولى من أيدي القابضين عليها.

 

مرحلة انتظار طويل

الوقائع الداخلية والخارجية المرتبطة بالملف الرئاسي لا تشي من قريب او بعيد بما يؤشر إلى انفراجات وشيكة في أفق الازمة الرئاسية، ولا بما قد يجعل من الحراكات الجارية ذات جدوى تُبنى عليها ولو آمال ضعيفة، بإمكان تجاوزها حقل المطبات والعقبات والتعقيدات المنصوبة على طول الخط الرئاسي وعرضه. وامام هذا الواقع، «لم يعدْ ثمّة ما يقال، بل ماذا ينفع الكلام بعد؟»، على حدّ تعبير مرجع سياسي، يبدو انّه سلّم بأنّ المسار الرئاسي قد بلغ نقطة الإنسداد الكلّي، ومفتاحه ابتلعه غول الإنقسام السياسي. وابلغ الى «الجمهورية» قوله: «لقد وصلنا الى ما كنت اخاف منه، ففي هذا الجوّ الرافض للحوار والتوافق، والهارب من الاستجابة لكل مساعي ومبادرات الانقاذ، من الغباء افتراض أنّ في الامكان انتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور، وحتى في المدى البعيد، وهذا يعني انّ إقامتنا في هذا الوضع المسدود ستطول الى أن يقضي الله امراً كان مفعولا». وذهب به تشاؤمه الى القول: «أشعر فعلاً أننا بلغنا نقطة اللاعودة، والله يسترنا من اللي جايي علينا».

 

هذه الصورة التشاؤمية، يرسمها المرجع السياسي بالتوازي مع المسعى القطري المستمر، والمُحاط بصمت مطبق على تحركات ولقاءات الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني، وتعطي إشارة غير مباشرة بأنّ هذا المسعى ما يزال عالقاً في دائرة التعقيد. وعلى ما تقول مصادر مطلعة على أجواء هذه التحركات واللقاءات لـ»الجمهورية» فإنّ حراك الموفد القطري حضر من الاساس في مهمة عنوانها الجوهري «إقناع الاطراف المعنية بالملف الرئاسي بالتنازل لمصلحة لبنان»، ولكنه من اللحظة الاولى التي انطلق فيها، دخل في ما يبدو انّه «صدام خيارات»، فالمسعى الذي يقوده يرمي الى استكمال ما مَهّد له الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، بالذهاب الى خيار رئاسي جديد من ضمن سلّة اسماء طرحها لا تضم إسمَي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والوزير السّابق جهاد أزعور، إلّا أنّه اصطدم بالخيارات الرئاسيّة المحسومة سلفاً من قبل الاطراف الداخلية، والتي جمّدت المسعى القطري خارج دائرة التفاعل الايجابي معه، وهو امر يرجح فرضية فشله».

 

المسعى القطري أمام مانعَين

وبحسب معلومات مصادر موثوقة لـ»الجمهورية» فإنّ «المسعى القطري، وعلى الرّغم ممّا يقال إنّه منسق مع الاميركيين تحديدا، ولا يمانعه السعوديون، ولا يزعج الفرنسيين، لا يبدو انه يتمتع بقوة الدفع اللازمة التي تمكّنه من احداث الخرق المطلوب في الجدار الرئاسي، وهو وضع مُشابه للمبادرة الفرنسية، وكذلك للمهمة التي تصدّت لها اللجنة الخماسية، فكلاهما فشلتا في جَذب اللبنانيين الى حل رئاسي، وكانت النتيجة ان فشلت المبادرة الفرنسية وانكفأت الخماسية.

 

وتلفت مصادر المعلومات الى انّ بعض الأطراف المحلية التي تصنّف نفسها سيادية وتغييرية، تناغمت مع المسعى القطري بالخيار الرئاسي الجديد الذي يسوّق له، ووجدت فيه فرصة لتحقيق هدفها بمنع من تسمّيه «مرشّح الممانعة» من الوصول الى رئاسة الجمهورية، الا ان هذا المسعى وجد نفسه في المقابل، امام مانعين اساسيين لسريانه في الهشيم الرئاسي، ولا يبدو انه قادر على تجاوزهما:

المانع الأوّل، هو التيار الوطني الحرّ، الذي كان السبّاق في حسم موقفه العدائي حيال ترشيح الوزير فرنجية وكذلك قائد الجيش العماد جوزف عون، وذهب رئيس التيار النائب جبران باسيل الى شَيطنتهما بالمعنى السياسي. وتبعاً لذلك ما زال يسوّق لخيار رئاسي جديد وفق مواصفاته وطروحاته وبرنامج عمله، وهذا الخيار يتناقض جذرياً مع الخيار الرئاسي الجديد للمسعى القطري الذي لم يعد سراً انّه محصور بالعماد جوزف عون.

 

أمّا المانع الثّاني، فهو ثنائي حركة «أمل» و»حزب الله» المتمسّكان بدعم ترشيح الوزير فرنجية، وقد اكدا في السرّ والعلن ولكلّ الزوّار والموفدين العرب والأجانب بأنّه لا يوجد لديهما ما يسمّى «PLAN – B». وخلافاً لكل ما يقال او يروّج من تفسيرات او تحليلات وفرضيات، فإنّ اوساط الطرفين تؤكد انّ فكرة التراجع عن هذا الدعم ليست مطروحة لديهما، بل لا مكان لها في قاموسهما. وبالتالي فإنّ «الثنائي» ليسا في وارد التراجع عن دعم ترشيح فرنجية، خصوصاً ان رئيس تيار المردة نفسه، وخلافا للترويجات التي دأبت بعض منصات التشويش على بثّها واشاعتها، مصمّم على خوض المعركة الرئاسية حتى نهاياتها، وفكرة ان ينسحب من ميدان الترشيح، قد يتمناها البعض، ولكنها ليست واردة لديه على الإطلاق».

 

الخطر الموازي

من جهة ثانية، فإنّ ما هو أدهى من العقم التعطيلي والتخريبي المتحكّم بالمسارين السياسي والرئاسي، هو الخطر المتعاظم في موازاته، المتمثّل بتفخيخ لبنان من أدناه الى أقصاه بعبوة النازحين السوريّين التي باتت مزروعة في كلّ الأرجاء اللبنانية، وعلى نحو تقترب فيه أعدادهم من ان تفوق عدد اللبنانيين.

هي جريمة كبرى ترتكب بحق بلد يعاني أسوأ ازمة اقتصادية ومالية، يرعاها المجتمع الدولي بالاستخفاف بلبنان، وتحويله عمداً الى ما يشبه «دولة استيطان» لهؤلاء وتقديمه مغريات مالية لهم للتمدّد اليه، في الوقت الذي يبخل فيه على هذا البلد بتوفير ولو الحد الادنى ممّا يساعده على تحمّل اعباء النزوح. وتشارك فيها عصابات تهريب منظمة ومحمية بفلتان الحدود، وهو الامر الذي يتطلب ممّن هم في سدة السلطة والمسؤولية اتخاذ الاجراءات الرادعة بحق المهربين، وكذلك في اتجاه الدافعين الى إبقاء النازحين في لبنان.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى