ثقافة

حرب الحقد والموت والإنتظار وخيم الأكفان البيضاء..  زفّوها!(هدى سويد) 

 

هدى سويد ـ إيطاليا – الحوار نيوز

تتوالى الصور ورحلات الموت العاجز، الموت العاجز فريسة القوة والحقد المتجذر سنينا، الموت العاجز كرب وضيق ، وحدة وعزلة ما بين جولات الحروب الإسرائيلية  وما بين الموت الفلسطيني واللبناني المجاني.   

يتوالى دون هدنة ضجيج العنف،ضجيج السلاح والقصف بحجة التفتيش عن تلك الأنفاق والرهائن في العتمة تحت الأرض، بينما فوقها، تحت ضوء الشمس: برد، زخات مطر وزخ دمار يشهد اليوم واللحظة على حياة عاجزة على الحياة ، الرئة على التنفس والعين على النسيان . 

تحت ضوء الشمس لا فرصة لأنين ولا استعادة الأطفال لطفولتهم ، بسمتهم ،عائلاتهم مدرستهم ورفاق الأمس. 

 

يقول علم النفس إن الأطفال يقدرون على النسيان ،لا يبالون لأنهم يلهون وينسون !

أسأل علم النفس وإذا كان هؤلاء الأطفال نشأوا وكبروا مع المخيمات والخيم ، ممنوعة عليهم أسقف البيوت ؟ 

أسأل علم النفس وإذا كان هؤلاء الأطفال وعوا على نكبات أكبر من أعمار أجسادهم ،  طردوا من بيوتهم مستعيضين عنها بالخيم البيضاء المنصوبة كالأكفان ، خيم لا يمكنهم الإحتماء فيها ، خيم كالظل خيم كبيت عنكبوت ؟.. 

أسأل علم النفس وإذا كان هؤلاء الأطفال إن خرجوا من هذه الأكفان لا يمكنهم اللهو في الساحة ، وإن خرجوا مصطفين مع ذويهم في انتظار الانتظار ، ينهال عليهم جنون حقد وعقد إسرائيلي لا تكفيه مساحات العالم بأسره كي يعيش، 

بينما  يحيا ويستعيد ذاته باقتطاع رقعة جغرافية كل يوم ، يتنفس مرتاحا ملء رئتيه برؤية المدنيين بحر دم والأطفال أشلاء . 

أسأل علم النفس كيف يمكن لهؤلاء الأطفال اللهو والنسيان إذا كانت كل مقاومة ممكنة هي إرهابيّة ، كما يُعبّر رامي ايغرا مسؤول موساد سابق الذي اعتبر على قناة “كان” الإسرائيلية ” أن جميع المدنيين في غزة مذنبون وأن جميع الفلسطينيين فوق 4 سنوات في قطاع غزة يدعمون حركة حماس وانهم يستحقون العقاب الجماعي”؟

ما الذي يُمكن أن يقوله علم النفس (والاجتماع ، القانون والإنسانية ومنظمة العدل الدوليّة) لمن سيبقى على قيد الحياة ممن عايشوا عجز الحياة والموت ، في البيوت والخيم ، في المستشفيات والطرقات وتحت الركام ،هل بوسعهم النسيان ؟ وإن وجدوا مساحة سلم للعيش ،اللهو واللعب ؟

ما الذي  سيقوله للظالم الذي لا يتوانى كل لحظة عن رفع سيفه ضد المظلومين، دون أن يرف له جفن ودون خجل من مذابحه تاركا آباء فقدوا ولدا تلو الآخر، وأبا تلو أم وعائلات بأكملها؟  

كيف يمكن للذاكرة أن تغتسل في ظل عتمة المستقبل وانقطاع المياه والكهرباء ووسائل الصمود الإنساني، في ظل مصادرة الأطباء والمدنيين وصيدهم رهائنا ؟

ماذا سيقول ؟ 

سامحهم يا أبتاه ؟  

كيف ؟ والنظريات لم تعد صالحة للتطبيق ؟

لا عتب على الغرب الذي يصادر أوطاننا منذ وعينا ،

العتب على البيت الذي يصافحه ويصافح الظالم الذي سلمه رقابنا بشهامة كانت تُقال مبتسما أمام الصورة ، ملتزما الصمت أمام المذابح والدمار وكل ما تم بناؤه من ماض وتاريخ .

العتب على المستفيدين من هذا البيت ، المراهنين على الاستفادة من الوقت لجني مصالحهم .

ما هذه الظلامة ؟ 

إخراج الأبرياء من بيوتهم للمرة الألف ، تجميعهم وحشرهم نازيا استعدادا لقصفهم، نعم قصفهم كحجارة أو مبنى ؟ 

 أن تهددنا مذبحة ونحن أحياء ؟ 

أن يشرع شعب بأكمله عراء جسده لإبادة وهو حي؟ 

يتناثر الموت ورائحة الأشلاء .

في الساحة خيم وأكفان بيضاء. . زفوّها !.

* صور النص (للفنانة الإيرانية بهارا بيشه ) 

  

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى