رأي

قضاة في غير مكانهم ..ظلم للعدالة!

 

كتب واصف عواضة:


ليس مفهوما ولا مستساغا إصرار الحكومات المتعاقبة على سلب العدالة رجالها ،في وقت هي بأحوج ما تكون اليهم ،لإنجاز ما تراكم ويتراكم من قضايا في قصور العدل تحت مبرر النقص في عدد القضاة.
منذ فجر التاريخ كان موقع القاضي وما يزال،أكبر من أي وظيفة، وأرقى من أي منصب،وأعظم من أي مهمة،وأشرف من أي وكالة.فهو سيف الحق وميزان العدالة وعنوان التجرد ،فلماذا تصر السلطة على سلبه كل هذه المناقب من أجل وظيفة أخرى مهما علا شأنها ؟ ولماذا يرضى القاضي بمهمة زائلة بديلا عن مهنة عظيمة دائمة اكتسبها بعرق الجبين وسهر الليالي ؟
على سبيل المثال لا الحصر، هناك خمسة محافظين من القضاة من أصل سبعة محافظين.وثمة العديد من مراكز الفئة الأولى يتولاها قضاة ،وهم في غير مكانهم الطبيعي.فمن أفتى بأن الإدارة السليمة تحتاج الى قضاة؟
اليوم تنتهي ولاية محافظ بيروت القاضي زياد شبيب .سوف يعود الرجل الى السلك القضائي بعد انقطاع دام ست سنوات .أغلب الظن أن هذا الانقطاع فوّت عليه الكثير من المعلومات القانونية والخبرة التي تكتسب غالبا من خلال الممارسة .هو اليوم مضطر لمراجعة القوانين من جديد،والاطلاع على ما فاته من فتاوى قضائية يتابعها القضاة عادة من زملاء لهم في الداخل والخارج.
في المناسبة، ثمة ثلاثة مرشحين من القضاة لخلافة المحافظ شبيب.وثمة من يستغرب هذا الإصرار السياسي على تعيين القضاة في مناصب المحافظين ،مع العلم أن هذا الموقع يتطلب إداريين كفؤين ،اذ ليس مطلوبا من المحافظ أن يحكم بالعدل ،بل أن يدير منطقة تضم مختلف إدارات ومؤسسات الدولة.
لقد حفل التاريخ القديم والحديث بقضاة ما تزال سيرهم تطرق أبواب العدالة ، وتضج بأسمائهم الكتب ،فيما نسي التاريخ مسؤولين وإداريين عبروا في صفحاته مرور الكرام.فالعدالة أحوج ما تكون الى رجالها ،والقضاة في غير مكانهم الطبيعي إعتداء على القضاء ،وظلم موصوف للعدالة والمتقاضين معا.
والسلام على من اتبع الهدى.  

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى