سياسةمحليات لبنانية

الخصخصة تحتاج إلى دولة قانون.. والاقتصاد الرقمي نافذة العالم

 

دانييلا سعد – الحوارنيوز- خاص
في كل مرة يمر فيها لبنان بفترات صعبة، والتي غالباً ما تنتهي بمؤتمرات باريس أو غيرها، يصار الى الحديث عن الخصخصة كحل للأزمة الإقتصادية ،ومدخلا لعودة الدورة الإقتصادية الى تكاملها من خلال الخصخصة .
في هذه المرحلة المفصلية التي يمر بها لبنان كثر فيها الحديث عن الخصخصة وعن بيع أصول الدولة، وتعهدت الدولة اللبنانية اتخاذ خطوات عملية لخصخصة العديد من الشركات المملوكة من الدولة كجزء من الإصلاحات التي تعهدت بتنفيذها في مؤتمر سيدر الذي عقد في باريس العام الماضي.
بداية لا بد من تعريف ماهية الخصخصة وللشراكة بين القطاعين العام والخاص.
نذكر الأشكال التي تأخذها الخصخصة في اقتصادات الدول المعاصرة، وهي على النحو التالي:
1- ¬ عملية النقل الكامل أو الجزئي لأصول وموارد القطاع العام إلى القطاع الخاص. (نقل ملكية)
2- ¬ السماح للقطاع الخاص بإدارة أصول وممتلكات القطاع العام من خلال عقود الإدارة
Management Contracting)) مع إستمرار الملكية لها.
3- ¬ السماح للقطاع الخاص بإدارة أصول وممتلكات القطاع العام من خلال عقود التأجير
Leasing Contracting)) وعقود الإمتياز.
4- ¬ عملية التخلص من جميع القيود والعقبات (القانونية والإدارية) التي تحد من قدرة الإدارة على تشغيل الأصول المتاحة بفاعلية استناداً الى الإعتبارات الإقتصادية وبعيداً عن الإعتبارات السياسية.

وفق هذه التعريفات: هل الخصخصة هي الحل أم أنها مجرد وهم؟
وهل الخصخصة هي نتيجة فشل الدولة في إدارة المرافق العامة؟
وما هي القطاعات التي يمكن خصخصتها؟ وهل هناك قطاعات سيادية أن أن كل القطاعات مباحة للإستثمارات الخاصة؟
إن المسألة تكمن أولا في الإدارة السليمة وليس في الجهة التي تمتلك المنشأة. المشكلة تكمن في كيفية الإدارة وكيفية توجيه العمل ومدى إلتزام الإدارات بالشفافية والقونين المرعية. من هنا نرى أنه لا يمكن الحكم على نجاح مفهوم الخصخصة أو عدمه انطلاقا من مبدأ ملكية القطاع العام أو الخاص فقط ..
الخصخصة لا تعني تنازل الدولة عن حقوقها كليا لصالح شركات القطاع الخاص الا أن أي خطة خصخصة يجب أن تراعى في شروطها الاستقلالية والشفافية في الحوكمة والآلية والرقابة، يجب أن تنطلق ضمن أطر تنظيمية هادفة بإضفاء طابع المؤسسات وانشاء وتفعيل الهيئات التنظيمية المستقلة بعيدا عن السياسات التوظيفية المندرجة تحت الأطر الطائفية والزبائنية السياسية. كذلك، ان تعزيز الحوكمة والإدارة والكفاءات التشغيلية تماشيا مع القطاع الخاص سيحقق العديد من المكاسب ومنها تحسين تقديم الخدمات لتصبح ذات جودة عالية.
بالنظر الى التجارب التي حصلت في لبنان، نرى أنها لم تقدم خدمات بنوعية محسنة للمواطن ويعود السبب في ذلك الى سوء الإدارة وعدم وضع آليات عمل مبنية على أسس قانونية وتشريعية الأمر الذي انعكس سلبا على أداء عمل هذه المنشآت. فلا يخفى على أحد مثلا أن قطاع الاتصالات في لبنان يقدم خدمات دون المستوى المطلوب والتي لا تليق ببلد يصدر أدمغته التكنولوجية الى أوروبا وأميركا وغيرها من الدول المتقدمة، فكيف يمكن للبنان مواكبة الاقتصاد العالمي وخاصة الرقمي إذا ما كانت الخدمات المقدمة في قطاع التكنولوجيا الرقمية دون المستوى المطلوب وفي ظل بنى تحتية مهترئة ورديئة.
أتت جائحة كورونا لتؤكد على أهمية الاقتصاد الرقمي الذي سيكون العامل المحرّك للنمو الاقتصادي العالمي الشامل والذي سيسهم في تحقيق التنمية وأهداف التنمية المستدامة، فما هو الا وسيلة لمساعدة الأعمال والقطاعات وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، في التعافي من تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.
إن اقتصاد لبنان يتجاوز الحلول السهلة وان الخروج من الأزمة سيتطلب معاناة اقتصادية كبيرة. في حين أن مختلف الخيارات الموجودة أمام الدولة تبدو قاسية، فإن البديل أصعب بكثير.
من هذا المنطلق، نرى أنه على الدولة تحمل مسؤولياتها لجهة اتخاذ القرارات المناسبة، وفي المقدمة منها قرار فك الاحتكارات وفتح مجال المنافسة لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين وللقطاعات الاقتصادية كافة أم كما تعودنا ستكون مجرد قرارات تحل مشاكل آنية ولا تشمل أي نظرة مستقبلية ولا تراعي مبدأ انصاف الأجيال القادمة بحماية ممتلكاتهم وضمان حياة كريمة لهم؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى