سياسةصحفمحليات لبنانية

أحداث عين الحلوة:”فتح” ضحية فتنة فرج

 

الحوار نيوز – صحافة

خصصت صحيفة الأخبار اليوم ملفا لأحداث مخيم عين الحلوة بعنوان “فتح ضحية فتنة فرج” .

وتحت عنوان “فتح خسرت عسكرياً وسياسياً وتنظيمياً… ونفدت ذخيرتها: هل يُفتح الباب أمام وأد فتنة ماجد فرج؟” كتبت الأخبار:

 

 

المساعي التي بُذلت وتُبذل على أكثر من صعيد لوأد الفتنة في عين الحلوة لم تحل أصل المشكلة، إذ إن من يبذلون هذه الجهود ينطلقون عملياً من ضغط أبناء المخيمات الذين ضاقوا ذرعاً بالتفلت الأمني، وتحت ضغط أبناء صيدا الذين يعانون، وكذلك سالكو طريق بيروت – الجنوب، من القذائف «الفالتة» والرصاص العشوائي، وبعضه مقصود لتوسيع دائرة التوتر.

في الوساطات، تمظهرت الخلافات اللبنانية – اللبنانية وفقَ المحاور التي تشكّلت إلى جانب المتقاتلين. وكان لافتاً أن القيادات الصيداوية التي تدخّلت لوقف إطلاق النار، لم تكن حاسمة جداً مع الفصائل الفلسطينية، حتى إنه في أحد الاجتماعات، وعندما عبّر النائب أسامة سعد عن امتعاض أبناء صيدا من هذه المعارك العشوائية، لم يعمل على كبح جماح المسؤول الفتحاوي فتحي العردات الذي كان يصعّد الموقف سياسياً، ويطرح مطالب لا تقود إلى وقف فوري لإطلاق النار، إلى درجة أن أطرافاً فلسطينية عبّرت عن استغرابها لعدم ممارسة سعد الضغوط التقليدية على فتح. أما جهود حزب الله وحركة أمل فتركز على حصر المواجهات بالمجموعات نفسها وعدم توسّعها لتشمل فصائل المقاومة من حماس والجهاد الإسلامي، سيما أن هذه رغبة أركان في السلطة الفلسطينية، خصوصاً بعد الزيارة الخبيثة لرئيس مخابرات السلطة ماجد فرج لبيروت الأسبوع الماضي.

صحيح أن كل اشتباك في مخيمات لبنان لا يخرج إلا بكوارث إنسانية تزيد من أزمة سكان أكثر البؤر فقراً وعشوائية ونقصاً في المرجعيات الحاسمة قانونياً واجتماعياً. لكن، هذه المرة كانت الأضرار أكبر، إذ خسرت فتح تسعة من قياداتها وعناصرها، مقابل واحد لعصبة الأنصار وآخر للمجموعات الإسلامية، إضافة إلى 32 جريحاً بينهم ستة من أبناء صيدا الذين أصيبوا بالرصاص المتفلّت.

وأظهرت الساعات الأخيرة من الاشتباكات أن عاملاً مهماً دفع بقيادة فتح في عين الحلوة إلى القبول بوقف إطلاق النار، تمثّل في نفاد الذخيرة وعدم تلبية طلباتها بتزويدها بذخيرة ومقاتلين من خارج المخيم. فيما لعبت عصبة الأنصار دوراً في منع المجموعات الإسلامية من شنّ هجمات ضد مقرات فتح، كانت ستكشف فتح كحركة هرمة غير قادرة على المواجهة. وهي أدركت، برغم الخلافات بين أركانها، أن توسيع دائرة المعركة سيجعلها عرضة لضربة قاسية لا تريدها لا هي ولا قيادة السلطة في رام الله.

لعبت عصبة الأنصار دوراً في منع شن المجموعات الإسلامية هجمات ضد مقرات فتح

بالعودة إلى الوقائع الأمنية التي رافقت عمليتَي الاغتيال، الأولى ضد عناصر من الإسلاميين، والثانية ضد القيادي العسكري الفتحاوي، فإن غالبية المصادر تشير إلى علامات استفهام، خصوصاً أن بعض المتورطين في الأعمال العسكرية يرتبطون بطرق مختلفة مع أجهزة استخبارات السلطة الفلسطينية، وسط معلومات عن أن فرج حمل معه إلى لبنان كمية كبيرة من الأموال وُزعت على قيادات الحركة وعلى آخرين. ويصعب أن تجد مسؤولاً شارك في الاتصالات خلال اليومين الماضيين، لا يشير بأصبع الاتهام إلى خلايا مشبوهة، سواء نسب انتماء عناصرها إلى أجنحة في فتح، أو إلى المجموعات الإسلامية. حتى إن قياديين بارزين في حركة فتح عبّروا عن امتعاضهم من طريقة عمل فرج، ومحاولته فرض قواعد جديدة تخالف الأصول المتّبعة في لبنان، علماً أن هذه القيادات نفت وجود أي دور للعناصر الفتحاويين المنشقين لمصلحة القيادي محمد الدحلان، وتحدّثت هذه القيادات عن مشكلة كبيرة تواجه فتح في لبنان، خصوصاً إذا قررت السلطة خلق قيادة جديدة وفرضها على الجميع، سياسياً وتنظيمياً وعسكرياً.

عملياً، خرجت فتح من هذا الاشتباك خاسرة على أكثر من صعيد، وسيلمس الفتحاويون أن خسارة القائد العسكري أبو أشرف العمروشي، ستنعكس ضعفاً على تشكيلات الحركة، ولن يقدر خلفه أبو أياد الشعلان على القيام بالمهمة. أما الحديث عن احتمال عودة فرج إلى بيروت، فليس فيه أي حكمة، علماً أن مصادر في فتح نفت علمها بذلك، لكنها أشارت إلى أن الخبر مردّه إلى أن فرج لم يستكمل محادثاته في بيروت، بعدما اضطر للانتقال سريعاً إلى تركيا للمشاركة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الاجتماعات التي عقدها مع قيادة حركة حماس.
وكانت هذه الاجتماعات مناسبة لتوضيح الكثير من النقاط العالقة، خصوصاً من جانب نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري الذي أنّب فرج على ما يقوم به في لبنان، بعد ما قام ويقوم به داخل فلسطين. علماً أن فرج كان محرّضاً على العاروري بشكل أساسي في اجتماعات عدة عقدها في بيروت.
فرج الذي سمع في تركيا كلاماً حاسماً بأنه ممنوع عليه العمل في لبنان ضد فصائل المقاومة، يعرف أنه بعد ما جرى في عين الحلوة، سيكون سلوكه وحتى حضوره إلى بيروت محل استنكار لبناني وفلسطيني، وهو عندما يعود إلى رام الله، سيكتشف أن المقاومة ضد قوات الاحتلال ستشتد أكثر، وسيواجه تحديات إضافية داخل حركة فتح نفسها.

 

شهداء فتح

 

  • وتحت عنوان “تعويم الإسلاميين وتشتيت منظّمة التحرير: فتح جنت على نفسها” كتبت آمال خليل في الملف:

 

بعد ثلاث ليال سُود على مخيم عين الحلوة وجواره، انتهى اقتتال فتح والشباب المسلم ليل أمس. المساعي لوقف إطلاق النار بدأت من بيروت وصيدا وحيَّي التعمير والصفصاف وصولاً إلى رام الله، وأسفرت عن اتفاق «لا غالب ولا مغلوب». في مسوّدة إعلان وقف النار، تكرّرت بنود وردت في اتفاقيات مماثلة لاشتباكات سابقة بين الطرفين، من دون أن تسفر عن حلول جذرية: تشكيل لجنة تحقيق في عمليات القتل المتبادلة وتوقيع اتفاق شرف بين الفصائل لعدم الاحتكام مجدداً للشارع وتكليف القوة الأمنية المشتركة الإشراف على سحب المظاهر المسلّحة. هذا في النصوص، لكن ميدانياً يشعر الفتحاويون بأنهم هُزموا، ولا سيما أن رفيقاً لهم قد تسبب بالاشتباك. عسكرياً، تلقّوا الضربة الأولى باغتيال قائدهم (قائد قوات الأمن الوطني في صيدا) العميد أبو أشرف العرموشي في الساعات الأولى لبدء المعركة. ثم نفدت ذخيرتهم في الساعات الأخيرة، فصاروا أكثر تجاوباً مع مطالب وقف القتال. لكنّ حسابات العسكر في عاصمة الشتات لا تنطبق مع حسابات السلطة الفلسطينية.

وفيما كانت الأنظار تترقّب منذ أسبوع نتائج زيارة رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية العامة ماجد فرج للبنان واجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في القاهرة، تسبب تصرف عنصر غير منضبط بإعادة تعويم الإسلاميين في عين الحلوة حيث يشكلون الخصم الأبرز لفتح. الحركة وقوات الأمن الوطني الفلسطيني تبرأت من محمد زبيدات الملقب بـ«الصومالي» الذي أطلق النار ليل السبت على ثلاثة من جند الشام. وفيما اتهمته بعض القيادات بالعمل لصالح أجهزة أمنية لبنانية، تمكّن زبيدات من الفرار خارج المخيم بعد اندلاع الاشتباك. علماً أن العرموشي ومرافقيه قُتلوا بكمين خلال توجههم لاعتقاله وتسليمه للسلطات اللبنانية.

 

منذ هجوم فتح على معقل الإسلامي بلال بدر في حي الطيرة عام 2017، لم يشهد المخيم اشتباكاً بهذا الحجم. خلف جبهة واحدة، توحّد «الشباب المسلم» المؤلف من بقايا جند الشام وفتح الإسلام، بمؤازرة عناصر من تنظيم داعش دخلوا منذ أسابيع من سوريا. أبرز قادة المعركة كان هيثم الشعبي وبلال بدر الذي انتقل من حي الطوارئ حيث توارى منذ معركة الطيرة إلى الصفصاف، وهما بحسب تقارير فتح من أبرز المتهمين بالجريمة. هكذا، بعد تهميش طويل، عاد «الشباب المسلم» إلى المعادلة في عاصمة الشتات. كما عاد إلى المعادلة، بعد تغييب طويل، «أبو محجن»، أحد مؤسّسي عصبة الأنصار الإسلامية. فالاشتباك الأخير الذي كان الأول بعد وفاة شقيقه رئيس العصبة أبي طارق السعدي، والاختبار الأول لسلوك أبي محجن بعدما كان شقيقه وسيطاً في حالات مماثلة بين الدولة وفتح وبين الإسلاميين. التزمت العصبة بالحياد عسكرياً قبل أن تعلن بأنها لم تشارك في القتال وتدعو لوقف إطلاق النار رغم اقتراب مقاتلي فتح من مراكزها واستهداف محيط مسجد الشهداء في الصفصاف. أما الحركة الإسلامية المجاهدة، شريكة العصبة في تجمع القوى الإسلامية، فقد غاب رئيسها الشيخ جمال خطاب عن المشهد قبل أن يشترك ببيان دعت فيه القوى الإسلامية إلى وقف القتال وتسليم القتلة من الجانبين. مساعي العصبة بطلب من جهات لبنانية نجحت في إقناع «الشباب المسلم» بالالتزام بوقف إطلاق النار.

فشلت فتح في اختبارها الأول بعد زيارة فرج الذي أعلن عن إعادة تنظيم الحركة سياسياً وعسكرياً

أما فتح، فقد فشلت في اختبارها الأول بعد زيارة فرج الذي أعلن عن إعادة تنظيم الحركة سياسياً وعسكرياً. ورغم دعمها من قبل الدولة، تلقّت هجوماً على خلفية السلاح المتفلّت. رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تجانسا في موقفهما من الاشتباكات بـ«ضرورة التزام المخيمات بمرجعية الدولة والقوانين اللبنانية». مع ذلك، من المنتظر أن ترد فتح الصاع للإسلاميين بجولة قريبة عسكرية أو أمنية. وفي محاولة لرص الصفوف، عيّنت قيادة الساحة سريعاً خلفاً للعرموشي الذي شيّعته أمس في مخيم الرشيدية، هو الفتحاوي العتيق مسؤول اللجان الشعبية السابق أبو أياد شعلان الذي يُصنف من فئة «العسكر الناعم». وكان مقاتلون من مخيمات بيروت وصور قد توافدوا إلى عين الحلوة للمشاركة في القتال، لكن قيادة الحركة رفضت دخولهم وأعادتهم إلى مخيماتهم لكيلا تتوسع رقعة التوتر إلى المخيمات الأخرى.

على هامش الاشتباك، سُجّلت مصالحة بين رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني باسل الحسن والسفير الفلسطيني أشرف دبور خلال لقائهما ليل الأحد في عين الحلوة في محاولة لوقف إطلاق النار. أُدرج اللقاء ضمن نتائج مساعي فرج لترتيب وضع فتح مع الدولة بعد الهجوم الذي سمعه من الحسن والجيش ضد أداء دبور. وكان الأخير أُلحق بوفد فتح في لقاء القاهرة بعد زيارة فرج مباشرة. ويأمل الفتحاويون من إعادة ترتيب العلاقة مع الدولة استعادة الدور كمرجعية والحد من نفوذ هيئة العمل المشترك التي تحركها حماس.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى