منوعاتهجرة

“البحر أمامهم والوطن وراءهم”: رحلة الهجرة الإفريقية (محمد عساف)

 

محمد عساف – الحوارنيوز / فرنسا

تشكّل الهجرة غير الشرعية من إفريقيا إلى فرنسا جانباً مأساوياً من رحلة البحث عن حياة أفضل، حيث يخاطر آلاف المهاجرين بحياتهم لعبور البحر في قوارب مطاطية متهالكة، بعد أن يدفعوا مبالغ طائلة للمهربين. أما من يعجز عن دفع التكلفة، فقد يلجأ للاختباء في شاحنات كبيرة، في رحلة محفوفة بالمخاطر.

 

السنغال نموذجا

تعود جذور الهجرة السنغالية إلى فرنسا إلى أوائل القرن العشرين، حين خدم الجنود السنغاليون في صفوف الجيش الفرنسي خلال الحربين العالميتين، واستقر بعضهم في فرنسا بعد انتهاء النزاعات. ومع مرور الزمن، أصبحت فرنسا وجهة رئيسية للمهاجرين السنغاليين، إلى جانب مهاجرين من دول إفريقية أخرى مثل كوت ديفوار(ساحل العاج) وغانا والغابون.

 

ورغم الروابط التاريخية بين فرنسا وإفريقيا، فرضت فرنسا تدريجياً سياسات هجرة أكثر تقييداً، ما زاد من صعوبة الوصول إليها بطرق شرعية.

وفقًا لبيانات الاتحاد الأوروبي لعام 2018، احتلت السنغال المرتبة العاشرة بين الدول التي يسلك مواطنوها طريق الهجرة غير الشرعية بحرًا إلى أوروبا.

تُعدّ الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وارتفاع معدلات البطالة من أبرز العوامل التي تدفع الشباب الإفريقي إلى المغامرة بحياتهم بحثاً عن فرص عمل وتحقيق الاستقرار. وبالرغم من المخاطر، يواصل المهاجرون دعم عائلاتهم في الوطن؛ إذ تشير الإحصاءات إلى أن نحو نصف المهاجرين في أوروبا يرسلون تحويلات مالية منتظمة، تُساهم في تعزيز دخل الأسر وتخفيف وطأة الأزمات الاقتصادية.

 

وتُظهر دراسة صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية الفرنسي عام 2023 أن 44% من المهاجرين في فرنسا يعتبرون أن ظروف حياتهم هناك أفضل بكثير مما كانت عليه في بلدانهم الأصلية.

 

يروي (أ.ه) وهو مهاجر وصل إلى فرنسا بطريقة غير شرعية، كيف سجد وزملاؤه على الأرض بمجرد وصولهم إلى الأراضي الأوروبية، فرحًا بنجاتهم من الموت في البحر. وأوضح أن رحلتهم ذكّرته بمقولة طارق بن زياد عندما قال: “البحر من ورائكم والعدو من أمامكم”، إلا أن المهاجرين رأوا البحر أمامهم، والوطن وراءهم، تاركين أحبابهم وأحلامهم خلفهم. ورغم المشقة، يستمر (أ.ه) في مساعدة أهله في إفريقيا، ويعمل على تهجير إخوته بنفس الطريقة، على أمل أن يعيشوا حياة أفضل.

 

بين الخطر والطموح، يظل المهاجرون حاملين في قلوبهم حلم بناء مستقبل أكثر إشراقًا لأنفسهم ولعائلاتهم. وعلى المجتمعات الأوربية البحث عن حلول عادلة تُوازن بين حماية الحقوق الإنسانية والسيادة الوطنية، لتُفتح أبواب الأمل دون أن تكون الحياة هي الثمن.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى