باب الحارة بوجه جديد!
طلال الامام – ستوكهولم/ خاص الحوارنيوز
يثير الفيديو الذي يتم تداوله في الفترة الاخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي (بحسن او بسوء نية) العديد من التساؤلات ،بل والاستفزاز، فهو يظهر لقطات من برنامج تلفزيوني يعتمد التوجه الى العامة من الشعب بسؤال “ملغوم” كي يستحصل على أجوبة يوظفها في إطار الفكاهة والسخرية بالطريقة التي يريدها!
وقد استحصل هذا البرنامج على أجوبة لشريحة من السوريين على اسئلة سخيفة من شاكلة: تعتزم الامم المتحدة نقل خط الاستواء الى سورية ما رأيك؟ أو تنوي سورية فتح سفارة لها في دمشق “.
الاجوبة التي أبرزها الفيديو بيّنت أن المشاركين ليس فقط لم يكتشفوا خطأ السؤال / المقلب بل وصاروا يهاجمون الامم المتحدة وآخرين ربطوا المسألة بالمؤامرة، بكلمة اظهرهم الفيديو كم هم سذّج عديمو الثقافة بحدها الادنى.
ان من المعروف في العالم كله قيام جهات حكومية او منظمات اهلية او وسائل اعلام بإجراء استبيانات بأشكال مختلفة من اجل معرفة مزاج الرأي العام او موقفه من قضية اجتماعية، سياسية او اقتصادية،وهذا امر طبيعي. ويمكن القول بثقة وعن تجربة ان الكثير من تلك الاستبيانات لها اهداف اخرى غير تلك التي تعلنها. مثلا ترويجا لفكرة، تجييش ديني طائفي او اثني يأتي مغلفا بشعارات براقة، تلجأ الجهة التي تقف خلف الاستبيانات الى ابراز الاجوبة التي تؤكد ما نرمي اليه. وفي الحالة التي نتحدث هناك حتما سوريون اجابوا بسذاجة على الاسئلة التي ذكرناها سابقا.
لكن السؤال الاساسي هو: هل هذه الشريحة تمثل السوريين كلهم او تعطي فكرة عن مستوى السوريين المعرفي؟
حتما هناك نسبة كبيرة لم تمر عليهم تلك الاسئلة الساذجة واجابوا بشكل صحيح لكن لم يبرزها الفيديو. لماذا؟
من الممكن اجراء استبيان في اي بلد في العالم في السويد او فرنسا او الصومال وانتقاء اسئلة محددة (حسب الجهة التي تقف وراؤه وهدفها) ونشر اجوبة محددة تظهر ضحالة الاجوبة وجهلهم في بديهيات. هل يمكن تعميم هذه الاجوبة المنتقاة والقول بانها تمثل مستوى الشعب السويدي كله؟ حتما لا.
اعتقد ثمة هدف خبيث وراء ترويج مثل هذه الفيديوهات. لذلك ارجو من اصدقائي عدم توسيع نشرها او الترويج لها. اعتقد جازما ان سورية ورغم اهوال الحرب الارهابية التي تشن عليها والضائقة المعاشية التي يمر بها السوريون بفعل الحصار والفساد ،اقول رغم ذلك فان الفيديو الذي يتم الترويج له لا يعكس المستوى الثقافي الحقيقي لبلد الابجدية الاولى …. ان هذه الفيديوهات تذكرني بنسخة وان بوجه جديد لمسلسل باب الحارة السيء الذكر الذي شوه صورة المرأة السورية لغايات معروفة.
الحروب ليست بالسلاح فقط ،وانما بالتشويه وقلب الحقائق عبر البسمة او السخرية. انها ايضا وايضا حرب اعلامية.