سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف:الزلزال التركي يطغى على الشأن السياسي..واجتماع باريس نحو “بيروت 1”

 

الحوار نيوز – خاص

الزلزال التركي وما خلفه من كوارث إنسانية ومادية في تركيا وسوريا ،وما عكسه من هلع وهواجس لدى اللبنانيين ،طغى على الشأن السياسي وسط استنفار رسمي لمواجهة ترددات الزلزال ،فمرت جلسة مجلس الوزراء بسلاسة وأقرت البنود المطلوبة من دون ضجيج ،فيما يتجه اجتماع باريس الخماسي بشأن لبنان نحو عقد اجتماع “بيروت 1” بحسب الأنباء الواردة من العاصمة الفرنسية.

كيف عكست الصحف هذه التطورات؟

 

 

النهار عنونت: لبنان في استنفار واجتماع باريس يحضّر لـ”بيروت 1

 وكتبت صحيفة “النهار” تقول: بقوة العصف المخيف الذي حمله زلزال مدمر كارثي ضرب بقوة في تركيا وسوريا واثار ذعرا عارما في لبنان، تراجعت كل القضايا والاستحقاقات والمواجهات الداخلية الى المرتبة الخلفية ولم يبق في الواجهة سوى أولوية الاستنفار العام الذي فرض نفسه على كل شيء في ظل هذا الويل الكارثي الذي شغل المنطقة والعالم. ومع فجر الذعر الذي دهم لبنان بكل مناطقه، حلت لغة واحدة نادرة على المشهد الداخلي هي لغة الاستنفار والتحسب، فيما بدا لافتا تعطيل قنبلة المواجهة القضائية، اذ بادر المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار بنفسه الى تعطيل اللغم بارجاء مواعيد كل الاستدعاءات التي كان طلبها الى مواعيد غير محددة مشددا على شرط التعاون مع النيابة العامة التمييزية لاكمال التحقيق. ودعي مجلس القضاء الأعلى الى جلسة اليوم لدرس بند وحيد هو ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت كلا. كما ان جلستين لمجلس الوزراء واللجنة الوطنية لادارة الكوارث مرتا من دون ضجيج سياسي. واما لقاء باريس الخماسي حول لبنان فلم يظهر على شاشة الترقب طوال ساعات يوم الاستنفار وسط طغيان تطورات الزلزال المدمر وارتداداته الى ان صدر البيان الختامي عنه مساء.

وقد استنفرت الاجهزة اللبنانية والادارات المعنية لمواكبة الوضع المستجد، وتقرر اقفال المدارس اليوم وغدا. وإذ اعلن الجيش اللبناني ارسال 20 عنصرًا من فوج الهندسة إلى تركيا للمساهمة في أعمال البحث والإنقاذ، رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتماعاً طارئاً لـ”اللجنة الوطنية لإدارة الكوارث والأزمات” التابعة لرئاسة الحكومة في السرايا قررت اتخاذ مجموعة من الاجراءات المتعلّقة بالهزّة الأرضية التي وقعت فجراً. وأصدر وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام المولوي قرارا “عاجلا جدا” يطلب إعلان حال طوارئ بلدي وإجراء مسح بالاضرار الناتجة عن الهزة الارضية التي ضربت لبنان. وكلف المدير العام للتربية عماد الاشقر مديري التعليم الأساسي والثانوي ورؤساء المناطق التربوية في المحافظات والمسؤولين عن المؤسسات التربوية الخاصة، التعاون مع البلديات ومع الهيئة العليا للإغاثة ونقابة المهندسين ، معاينة مباني المدارس والثانويات الرسمية بعد حدوث الهزة الأرضية. وأجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالا هاتفيا برئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس متضامنا بعد الزلزال المدمر الذي اصاب مناطق سورية وتسبب بسقوط ضحايا واضرار. وابلغ الرئيس ميقاتي نظيره السوري وضع الامكانات اللوجستية المتاحة في لبنان في خدمة جهود الاغاثة الجارية.

وابلغ ميقاتي مجلس الوزراء بانعقاد اجتماع لهيئة ادارة الكوارث واعطائها التوجيهات اللازمة في ما يتعلق بمواكبة كل ما يحصل وتزويد المواطن بالاجراءات والتوجيهات المناسبة منعا لحصول اي هلع، والاستعداد لأي طارئ، والكشف الوقائي على المباني والمنشآت التي يقال إنها اصيبت باضرار، وخاصة سد القرعون للتأكد من عدم حصول اي تصدع .

واقر مجلس الوزراء سلفة خزينة لتسعير الأدوية على سعر صرف 1500 . وأكد وزير الإقتصاد أمين سلام انه خلال أسبوعين لن يكون هناك أي خطر من حصول أزمة قمح وأعلن انه تم اقرار اعتمادات لدعم القمح بقيمة 8 ملايين دولار.

واعلن وزير التربية عباس الحلبي “ان حيزا كبيرا من الجلسة كان للقطاع التربوي “وكان حرص من جميع الوزراء على استكمال العام الدراسي”. وقال وزير الإعلام زياد المكاري خلال تلاوته المقررات: ستكون هناك مساعدات مالية بقيمة مليار و500 مليون ليرة للقطاع العام ككل كما سيكونُ هناك مبلغ مماثل لوزارة التربية.

اللقاء الخماسي

اما في شأن اللقاء الخماسي في العاصمة الفرنسية فأفاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني ان الاجتماع الخماسي ضم الى جانب فرنسا الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، للبحث بالملف اللبناني من جميع جوانبه الاجتماعية والانسانية والسياسية والاقتصادية. والاعلان عن هذا الاجتماع بشكل رسمي وصدور بيان هما دليل على الاهتمام الفرنسي بالوضع اللبناني والتاكيد من قبل فرنسا والمشاركين ان لبنان ليس متروكا بل هو حاضردوما في اتصالاتهم الديبلوماسية.

وشاركت مصر وقطر لاول مرة في هذا الاجتماع الذي اكتسب وفق مصادر ديبلوماسية طابعا سياسيا جراء مشاركة الممثلة الاميركية بربارا ليف الى جانب المندوب المصري. وقد تطرق المجتمعون الى الجانب السياسي بشكل عام والانتخابات الرئاسية بشكل خاص لملء الشغور الرئاسي باسرع وقت من دون تلميحات او تهديدات لعدم رغبة المجتمعين باتهامهم بالتدخل في هذه الانتخابات.

ونوهت المصادر بان الاعلان رسميا عن اجتماع يشارك فيه مستشارون هو مؤشر لتوسيع المشاورات لكي تشمل الشق السياسي فباريس تريد تاكيد دورها كمحرك لحل الازمة اللبنانية التي باتت تهدد الامن الداخلي في البلد. واشارت المصادر الى انه من غير المستبعد ان يحضر هذا اللقاء لاجتماعات اخرى يشارك فيها وزراء خارجية الدول المعنية للتحضير لاجتماع موسع ورفيع، “بيروت ١” على غرار اجتماع “بغداد ٢” لوضع صيغة لحل للازمة اللبنانية من جميع جوانبها السياسية والاقتصادية وتشارك فيه طهران كما شاركت في اجتماعات “بغداد ٢” بالاضافة الى دول اقليمية ودولية تتابع الملف اللبناني. وتوضح المصادر انه رغم ان التوتر يسود العلاقات الفرنسية – الايرانية ما زالت قنوات التواصل مفتوحة بين البلدين وتسعى باريس بجهد يومي الى عقد هذا الاجتماع الذي قد يشكل منصة اطلاق للضغط على الطبقة السياسية اللبنانية لحل الازمة وانتخاب رئيس وتعيين رئيس لمجلس الوزراء وتشكيل حكومة تبادر الى القيام بالاصلاحات وفق مطالب صندوق النقد الدولي. كما ان الاجتماع يعبر عن الاستمرار في دعم لبنان من الدول الصديقة ومساعدته على الخروج من النفق سريعا وان وضعه على قاب قوسين من الانهيار.

واراد المجتمعون من خلال بيانهم عدم الدخول في سراديب السياسة اللبنانية والانتخابات الرئاسية بل دعوة الاطراف الى التعقل والاسراع في سد الفراغات الدستورية والتحذير من تداعياتها السلبية والقيام بالاصلاحات الاساسية لمنع هذا الانهيار واكدوا من جديد ان لا مساعدات من دون اصلاحات.

وشاركت في الاجتماع مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى باربرا ليف، نزار العلولا مستشار الديوان الملكي السعودي، مساعد وزير الخارجية القطري محمد الخليفي والمستشار في الرئاسة الفرنسية للشرق الاوسط باتريك دوريل وآن غيغن مديرة قسم الشرق الاوسط في الخارجية الفرنسية. ومثّل مصر في الاجتماع سفيرها في باريس علاء يوسف. وشارك في الاجتماع أيضاً سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شيا وسفيرة فرنسا في لبنان آن غريو.

غير ان اللافت في الامر انه كان مقررا ان يصدر بيان عن المجتمعين نحو الساعة السابعة مساء بتوقيت باريس ولكن البيان لم يصدر في الساعات اللاحقة بعد انتهاء الاجتماع .

 

 

 


الديار عنونت: زلزال مدمر يحوّل مناطق تركية وسورية الى «ركام» ولبنان تحت «الصدمة»
نعي مبكر لنتائج اللقاء «الباريسي» واشنطن والرياض: لا تنتظروا منا شيئا!
تجميد تحقيقات المرفأ بانتظار التسوية «والقوات» تجهض دعوة بكركي للحوار

 وكتبت صحيفة “الديار” تقول: احتل «غضب الطبيعة» المشهد داخليا واقليميا اثر الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا واصاب سكان دول المنطقة بما فيها لبنان «بالهلع» في ليلة شتاء عاصفة وباردة لم تمنع الكثيرين من مغادرة منازلهم والخروج الى الشوارع في حالة من الصدمة. حجم الكارثة البشرية لم تتكشف فصولها النهائية بعد وقد تبلغ ارقاما قياسية نسبة لاعداد المباني المنهارة على سكانها خصوصا في الجنوب التركي حيث المركز الرئيسي للزلزال الذي تجاوزت هزاته الارتدادية المئات. اما في لبنان الذي استنفرت اجهزته الاغاثية تحسبا للأسوأ، اقتصرت الاضرار على بضعة تصدعات في المباني والطرقات ،فيما اعلن عن فقدان الاتصال، بأب وابنته من المغتربين العكاريين في احدى المناطق التركية المتضررة. وعشية اجتماع مفترض لمجلس القضاء الاعلى اليوم، عاد التحقيق في جريمة المرفأ الى «ثلاجة» الانتظار من جديد بعد قرار المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بتاجيل الاستدعاءات المقررة يوم امس الى «أجل غير مسمى» منقذا القضاء و»العدلية» من «زلزال» لم تكن هزاته الارتدادية معلومة في قوتها وحجم اتساعها.

وزاريا، عقدت جلسة الحكومة الاستثنائية الجديدة دون «صخب» معتاد من قبل التيار الوطني الحر بعدما بات الامر «عرفا» يتجاوز قدرته على منعها في ظل تراكم الملفات والقضايا الملحة غير القابلة للتأجيل، فأقرت حزمة مساعدات للقطاعين العام والتربوي وتم ارجاء البحث في ملف الانتخابات البلدية. وفيما «اجهضت» القوات اللبنانية صباح امس، اللقاء الموسع المزمع عقده في بكركي لانتفاء الحاجة اليه في غياب اي أفق لتحقيق خرق في الملف الرئاسي، بحسب تقدير «معراب»، احتلت المشهد في المساء جمعية المصارف التي اعلنت اضرابا غير محدد المدة احتجاجا على ما تعتبره قرارات قضائية غير منصفة بحقها. اما انظار البعض فكانت مشدودة بالامس الى باريس، دون الكثير من الآمال الى «الاجتماع الخماسي» الذي عقد على وقع تسريبات اميركية وسعودية خلاصتها «لا تنتظروا منها شيئا»! 

هلع.. ودبلوماسية الكوارث 

في اجواء عاصفة وباردة، استفاق اللبنانيون فجر امس على هزة ارضية قوية، ساد بعدها الهلع وخرج السكان الى الشوارع في اكثر من منطقة، ليتبين لاحقا ان مصدر الزلزال جنوب تركيا وشمال سوريا، وقد توالت الهزات الارتدادية في لبنان طوال يوم امس، وقد استنفرت الاجهزة اللبنانية والادارات المعنية لمواكبة الوضع المستجد، فأقفلت المدارس حتى يوم الخميس. وفيما اكد بوحبيب فقدان الاتصال بمواطنين لبنانيين في المناطق التركية المنكوبة، كشف النائب محمد سليمان عن مقتل الدكتور وسام الأسعد وابنته ندوة. ورأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قبل الظهر اجتماعاً طارئاً لـ»اللجنة الوطنية لإدارة الكوارث والأزمات» التابعة لرئاسة الحكومة. وسمحت الكارثة بعودة الاتصالات الدبلوماسية الى اعلى مستوياتها من الباب الانساني بين بيروت ودمشق، واجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالا هاتفيا برئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس متضامنا،كما قدم له تعازيه بالضحايا الذين سقطوا ، ومنهم افراد من عائلته. وابلغ الرئيس ميقاتي نظيره السوري وضع الامكانات اللوجستية المتاحة في لبنان في خدمة جهود الاغاثة الجارية. وقد  كلف رئيس  الحكومة وزير الاشغال العامة والنقل علي حميّة متابعة الملف وتقديم ما يلزم. كما قدم وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب في اتصال هاتفي مساء امس، من «نظيره السوري فيصل المقداد ومن سوريا حكومة وشعبا بأحر التعازي بضحايا الزلزال وأكد «الاستعداد لتقديم كل مساعدة ممكنة ضمن الإمكانات المتوافرة. وقد ضرب الزلزال في سوريا محافظات حلب وإدلب وحماة واللاذقية وطرطوس، وقال الدفاع المدني السوري الموجود في مناطق المعارضة شمال غرب البلاد إن المئات قتلوا واصيبوا، ووصف الوضع بالصعب جدا، مؤكدا أن مدينة حلب هي الأكثر تضررا، وأنهم بحاجة لمساعدة دولية. 

مساعدة «رمزية» الى تركيا 

وارسل الجيش اللبناني 20 عنصرًا من فوج الهندسة إلى تركيا للمساهمة في أعمال البحث والإنقاذ، وفي تركيا قتل وأصيب الالاف ، ورفعت السلطات التركية حالة الإنذار إلى المستوى الرابع، وهو يشمل طلب المساعدة الدولية. وقالت إدارة الطوارئ والكوارث التركية إن زلزالا بقوة 7.4 درجات على مقياس ريختر ضرب ناحية بازارجيك من ولاية كهرمان مرعش جنوب تركيا، على عمق 7 كيلومترات، في حين أفاد المعهد الأميركي للزلازل بأن قوة الهزة الرئيسية بلغت 7.8 درجات. واستمر الزلزال في كهرمان مرعش لنحو دقيقة وتسبب في دمار عشرات المباني وفي حريق ضخم، وبالإضافة إلى كهرمان مرعش، ضرب الزلزال ولايات غازي عنتاب وأضنة وملاطيا وديار بكر وشانلي أورفا وعثمانية، وتسبب في انهيار مئات المباني وحوصر العديد تحت الأنقاض. وأظهرت مقاطع مصورة السكان وهم يهرعون للشوارع وسط أجواء باردة بسبب الثلوج التي تساقطت في الأيام الماضية. وقال رئيس مرصد الزلازل في تركيا إن هذا الزلزال هو الأكبر منذ زلزال آب 1999 الذي تسبب في مقتل 17 ألف شخص، بينهم ألف في إسطنبول. فيما اكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان انه اقوى من زلزال عام 1933. 

الاجتماع الخماسي؟ 

في غضون ذلك بحث الاجتماع «الخماسي» في باريس امس نقاطا عامة حول الازمة اللبنانية، ووفقا لمصادر دبلوماسية، كان اللقاء ايجابيا لناحية تجديد الحرص على استقرار لبنان، لكن المجتمعين لم يدخلوا في اية تفاصيل محددة تتعلق باسماء مرشحة للرئاسة الاولى… وكان التوافق تاما على ان يقوم اللبنانيون بقيادة بلادهم نحو الخروج من الازمة عبر سلسلة اصلاحات واضحة. بمعنى آخر، فان الامر يقع على عاتقهم اولا… وقد شاركت في الاجتماع مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى باربرا ليف، ومساعدها تيري ولف ، نزار العلولا مستشار الديوان الملكي السعودي، مساعد وزير الخارجية القطري محمد الخليفي والمستشار في الرئاسة الفرنسية للشرق الاوسط باتريك دوريل وآن غيغن مديرة قسم الشرق الاوسط في الخارجية الفرنسية. ومثّل مصر في الاجتماع سفيرها في باريس علاء يوسف،وشارك أيضاً سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شي وسفيرة فرنسا في لبنان آن غريو.. 

«الكتاب» الاميركي يقرأ من عنوانه! 

ووفقا لمصادر مطلعة، لم يكن احد يراهن على اكثر من بيان الخارجية الفرنسية، فمساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بربارة ليف كانت قد نصحت الوفد النيابي اللبناني الذي التقته قبل ايام في واشنطن، بأن لا يعولوا على الولايات المتحدة الاميركية في الاستحقاق الرئاسي، او في اعادة بناء السلطة التنفيذية، وقد لمسوا غياب اي وجود للملف اللبناني على الاجندة الاميركية في هذه المرحلة. وكانت واضحة في الطلب منهم بان يبادروا بأنفسهم إلى حل عقدة انتخاب رئيس جديد للبلاد وتشكيل حكومة جديدة قادرة على تولي مسؤولية إعادة بناء المؤسسات وتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية. وقالت صراحة «ان اخراج بلادكم من المأزق هو مسؤوليتكم اولا»، وفهموا ان واشنطن ليست في صدد دعم اي مرشح رئاسي. وقد جاء اعلان البنك الدولي عن «طي صفحة» القرض المخصص للكهرباء والغاز، ليزيد من قتامة الصورة الاميركية السلبية وضوحا.  

لماذا لا تبالي السعودية؟ 

ومن الجانب السعودي لا تبدو الصورة افضل حالا، فالرياض ليست معنية من قريب او بعيد بالعودة الى الساحة اللبنانية، وفقا للصيغة القديمة المعتادة، وهي سبق وابلغت باريس والدوحة انها لم تعد معنية بالاستثمار سياسيا في لبنان، وتدخلها الاقتصادي سيكون محدود جدا لا يتجاوز المساعدات الانسانية المحددة الوجهة والصرف الدقيق. ووفقا لمصادر دبلوماسية، فان من لم يدرك بان الادارة السعودية للملفات الخارجية قد تغيرت،لا يفقه شيئا في علم السياسة، فالسعودية في طليعة الدول التي استفادت من الحرب الروسية الأوكرانية، نتيجة ارتفاع أسعار البترول عالميا، وتجاوز الناتج المحلي التريليون دولار، فما الذي تحتاج الى الاستثمار فيه على الساحة اللبنانية سواء في السياسة او الاقتصاد؟. ولولا الاشتباك غير المباشر مع طهران على الساحة اليمنية لما احتاجت اصلا الى الحوار مع الايرانيين. فوفقا للرؤية السعودية، طهران محاصرة ودول محورها تعاني اقتصاديا، بينما هي جزء من «دول العشرين». ومن هنا يمكن فهم التعامل السعودي «الفظ» مع الازمة الاقتصادية المصرية والمجاهرة بعدم تقديم اي دعم مالي جديد «غير مشروط». واذا كانت دولة كمصر قد فقدت اهميتها الاستراتيجية بالنسبة الى السعودية غير المكترثة بفض الشراكة معها، الا اذا لبت شروطها الخاصة بالتنازل عن قطاعات خاصة وحكومية ترغب في الاستحواذ عليها، وتخفيف قبضة الجيش على الاقتصاد المصري، وهو العامود الفقري لبقاء الدولة المصرية الحالية، فكيف حريا بدولة انفقت فيها الرياض مليارات الدولارات وكانت الخلاصة «صفر»؟. ولهذا فان ما يجب ان يفهمه اللبنانيون في هذه المرحلة انه عليهم عدم انتظار شيء لا من واشنطن ولا من الرياض، فيما تبقى باريس عاجزة مع الدوحة عن احداث الاختراق المطلوب، وسقف التوقعات لن يتجاوز البيان الصادر عن الخارجية الفرنسية حول اللقاء «الباريسي». 

جعجع «والنعي» المبكر 

 وفي هذا السياق، كان لافتا النعي المبكر من قبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لنتائج اجتماع باريس، وكذلك دعوة بكركي الحوارية، وقال بعد اجتماع لتكتل الجمهورية القوية في ان اجتماع الدول الخمس في باريس، على وقع الأزمة الحاصلة في لبنان، جيد، ولكن الأكيد أنه لن يتم البحث بأسماء لرئاسة الجمهورية، لأن الأسماء تُبحث في الداخل وتحصل كما يتم التداول بها بين الكتل النيابية. وشدد جعجع على أنّ حزب الله لم يتخل في أي لحظة عن مرشحه لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية، ومشاورته مع باسيل لم تأت بنتيجة، معتبرًا «أننا أمام مسرحيّة لحزب الله وحلفائه لإيصال مرشحهم للرئاسة، ولن نقبل بمرشح «لا حول ولا قوة له»، وبأنّ نمدد الأزمة 6 سنوات أخرى». وقال «الناس لا تهمّها اجتماعات فولكلوريّة واجتماع بكركي افضل ألا يحصل اذا لم تكن هناك نتيجة منه، معلنا عن زيارة وفد من التكتل الى الصرح البطريركي اليوم. 

«والاشتراكي» غير متفائل 

وفي السياق نفسه، لم يبد وفد كتلة «اللقاء الديموقراطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط وعضوية النواب وائل أبو فاعور وفيصل الصايغ وبلال عبد الله، بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان اي رهان على نجاح اجتماع باريس في تغيير الوقائع اللبنانية، وقال الصايغ بعد اللقاء، لم نلتمس شيئا جديا بعد حول وجود مبادرة خليجية اتجاه لبنان، العالم في انتظار ما سيفعله اللبنانيون. وعلى المسؤولين اللبنانيين ان يتحركوا ويتصرفوا، والعالم ينتظر معنا ويريد مساعدتنا ويقف معنا. وعن نتائج اجتماع  فرنسا قال «لا شك أنه غير حاسم ولكن يقدم الأمور خطوة إلى الأمام ويعرض خارطة طريق، ويؤكد الموضوع الاجتماعي الاقتصادي الإغاثي، ونأمل أن تكون هناك نتائج سياسية ولكن الجميع ينتظر اللبنانيين ماذا سوف يفعلون. 

«العدلية» تنجو من «كارثة» 

في هذا الوقت، نجت «العدلية» من خضة جديدة بعدما قرّر المحقّق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، تأجيل جلسات التحقيق المحدّدة خلال شهر شباط، وذلك بالنظر للظروف المستجدة المرتبطة بقرارات صادرة عن النائب العام التمييزي، وحفاظاً على سلامة التحقيق وحسن سيره. كما برر ذلك خلال مغادرته لمكتبه بالامس، واشار الى انه بغياب تعاون النيابة العامة التمييزية لن يكون هناك اي معنى لاي استجوابات راهنا. وعلم في هذا السياق، ان البيطار، الملاحق بتهمة اغتصاب السلطة يريد من القضاء ان يبت بالدعوى ضده من قبل المدعي العام التمييزي غسان عويدات عليه قبل ان يستانف اعماله. اي في الخلاصة عادت الامور الى «نقطة الصفر» بانتظار المخارج والحلول. وعاد ملف التحقيق الى «الثلاجة» بانتظار حل الازمة المعقدة، لكن ما ثبت خلال الايام القليلة الماضية انه ثمة « لا» كبيرة تعيق «تطيير» البيطار…»ولا» اخرى تمنعه من المباشرة في تحقيقاته. وفي هذا الاطار، تفيد المعلومات ان «تبريد» الاجواء الذي حصل بالامس والذي افضى الى تاجيل البيطار جلسات التحقيق، كان خلاصة اتصالات مكوكية اجراها رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود بكل من المحقق العدلي ومدعي عام التمييز، ولم يغب عن خط «الوساطة» رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي حرص على تهدئة الامور اولا ثم البحث عن المخارج بعيدا عن «الصخب» والتشنج، علما ان ايا من الحلول لم تتبلور بعد على الرغم من وجود بعض الاقتراحات التي يعمل على بلورتها وستدرس خلال اجتماع مجلس القضاء الاعلى اذا انعقد اليوم. علما ان عويدات لم يتوان عن التاكيد لكل من راجعه انه سيمضي حتى النهاية في اجراءاته اذا ما اصر البيطار على «اغتصاب» السلطة، وكان سيسطر مذكرة جلب بحقه لو اصدر واحدة مماثلة بحق النائب غازي زعيتر، والنائب السابق نهاد المشنوق، وقد حذرت مصادر امنية من حصول تصادم بين جهاز امن الدولة وعناصر الجيش المولجة حماية البيطار، فيما لو صدرت مذكرة مماثلة. ولهذا اختار الجميع التهدئة. 

جلسة حكومية دون «ضجيج» 

في غضون ذلك، التام مجلس الوزراء دون «ضجيج» الاحتجاجات المعتادة من التيار الوطني الحر، ودون التوقف عند توصيف الجلسة بـ «غير القانونية» من قبل رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واضحا بتجاوز اي اعتراضات مفترضة، وقال في مداخلته أنّ الشغور الرئاسي الحالي «لا أفق واضحا لإنهائه بعد، بدأنا الشهر الرابع من شغور في منصب رئيس الجمهورية، ومن غير المنطقي ولا الأخلاقي أن ننكفئ عن المهمات المطلوبة منا أو نتعمّد الاستقالة العملية من مسؤولياتنا»، مجدّداً دعوته إلى جميع الوزراء للعودة إلى المشاركة في الجلسات الحكومية، كلما اقتضت الحاجة لعقدها…وفي القرارات، أعلن وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، زياد المكاري، تأجيل البحث في بند الانتخابات البلدية. وأشار، خلال تلاوته مقررات جلسة المجلس، إلى إقرار مساعدات مالية بقيمة مليار و500 مليون ليرة للقطاع العام ككل، مؤكداً أنّه سيكون هناك مبلغ مماثل لوزارة التربية. وفي هذا الإطار، أكد وزير التربية، عباس الحلبي، أنّ هناك حرصاً من قبل جميع الوزراء على استمرار العام الدراسي، وقال إنّه تمّ تخصيص مبالغ للتعويض عن الخسائر على الأساتذة. 

ادوية السرطان والقمح؟ 

وبعد الجلسة، أعلن وزير الصحة فراس الابيض انه «لا رفع للدعم عن ادوية السرطان وتم اقرار سلفة خزينة لتسعير الأدوية على سعر صرف 1500». بدوره، أكد وزير الإقتصاد أمين سلام انه «خلال أسبوعين لن يكون هناك أي خطر من حصول أزمة قمح». وأعلن سلام انه «تم اقرار اعتمادات خلال جلسة امس لدعم القمح بقيمة 8 مليون دولار».

 

 

 

 

 

 


الجمهورية عنونت: تركيا وسوريا منكوبتان.. الزلزال السياسي يهدّد لبنان.. المصارف: إضراب مشبوه

  وكتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: مادت الارض تحتنا، في باطنها تكسّرت طبقاتها، وعلى سطحها عواصف مطرية ورعدية وهوائية غير مسبوقة. زلزال قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر، ضرب مجموعة من دول المتوسط ومن ضمنها لبنان الذي ضربته هزّة قوية لامست الـ 5 درجات. وتركّز الزلزال بصورة خاصة في تركيا وسوريا، مخلّفًا مشاهد مخيفة وآلاف الضحايا من قتلى ومصابين ومفقودين ومحتجزين تحت الانقاض، وخرابًا ودمارًا كارثيين. وفي موازاة هذا المشهد الزلزالي المخيف، يتبدّى الزلزال السياسي الذي يضرب لبنان، بهزات ارتدادية تطال كل مفاصله، يقابله الزلزال المالي الذي ترعاه الغرف السوداء التي تمعن فتكًا بلقمة اللبنانيين، وتشكّل المصارف إحدى اكثر الغرف سوادًا، برعايتها اللصوصية الناهبة لأموال المودعين، وتكديسها في خزائن اصحابها، وإهدارها حقوق اصحاب الحقوق والتعامل معهم كمتسولين لمدخراتهم، واستمرارها في جريمة تهريب الاموال إلى الخارج لمن يدفع من المحظيين، القدر الأعلى من العمولات والرشاوى. السياسة مقفلة، والأزمة الاقتصادية والمالية في تورّم يومي، وها هي المصارف تتسلل من خلف معاناة الناس، لتعلن اضرابًا عامًا، في خطوة اقل ما يُقال انّها ميليشياوية، ومشبوهة في توقيتها واسبابها ومراميها، تعيد إلى الأذهان الإضرابات السابقة التي غطّت من خلالها عمليات السطو المفضوحة على اموال المودعين، وشكّلت شرارة انهيار الليرة واشتعال الدولار. فهذا المنحى بات يؤكّد الحاجة الملحّة لوقفه وردع فلتان المصارف بإجراءات وتدابير تُخضعها وتُلزمها بإنصاف المودعين وإعادة الأموال المنهوبة في خزائنها الى اصحابها.

النكبة

نكبة الزلزال تمدّدت من تركيا إلى سوريا حاصدة ما يزيد على الـ2000 قتيل والعدد إلى ارتفاع، إضافة إلى آلاف المصابين ودمار وخراب ما فوق الكارثي. تنادت جراءه دول العالم لمدّ يد المساعدات الانسانية والعينية والطبية لتركيا وسوريا، وكان لبنان شريكًا في ذلك، ضمن الإمكانات المقدور عليها.

الدولتان المنكوبتان

وكان زلزال قوي ضرب فجر امس، جنوب تركيا وشمال سوريا، ورفعت السلطات التركية حالة الإنذار إلى المستوى الرابع، وهو يشمل طلب المساعدة الدولية. وقالت إدارة الطوارئ والكوارث التركية إنّ زلزالًا بقوة 7.4 درجات على مقياس ريختر ضرب ناحية بازارجيك من ولاية كهرمان مرعش جنوب تركيا، على عمق 7 كيلومترات. في حين أفاد المعهد الأميركي للزلازل، بأنّ قوة الهزة الرئيسية بلغت 7.8 درجات. واستمر الزلزال في كهرمان مرعش لنحو دقيقة، وتسبب في دمار عشرات المباني وفي حريق ضخم، وفق مقاطع مصورة بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت إدارة الكوارث والطوارئ التركية إنّها سجلت 220 هزة ارتدادية. وبالإضافة إلى كهرمان مرعش، ضرب الزلزال ولايات غازي عنتاب وأضنة وملاطيا وديار بكر وشانلي أورفا وعثمانية، وتسبب في انهيار مئات المباني وحوصر العديد تحت الأنقاض. وأظهرت مقاطع مصورة السكان وهم يهرعون للشوارع وسط أجواء باردة بسبب الثلوج التي تساقطت في الأيام الماضية. وقال رئيس مرصد الزلازل في تركيا، إنّ هذا الزلزال هو الأكبر منذ زلزال آب 1999 الذي تسبب في مقتل 17 ألف شخص، بينهم 1000 في إسطنبول.

اما في سوريا، فقد ضرب الزلزال محافظات حلب وإدلب وحماة واللاذقية وطرطوس، وقالت مصادر صحية وفي الدفاع المدني السوري، انّ المئات من المواطنين السوريين لقوا حتفهم جراء الزلزال، إضافة إلى عدد كبير جدًا من المصابين، وأعداد كبيرة ايضًا من العالقين تحت الركام والانقاض. وقالت انّ الوضع صعب جدًا في المحافظات التي ضربها الزلزال، وناشدت المجتمع الدولي توفير المساعدة.

نجا لبنان

بضع ثوانٍ إرتعد فيها كلّ شيء، كانت كافية لتشكّل ما بدا انّه حدّ فاصل بين الحياة والموت، ولكن الله لطف، ونجّا لبنان وخرج مضرّجًا بأضرار في مختلف المناطق. الزلزال اللبناني بلغت قوّته 4.5 درجات على مقياس ريختر، كان على بُعد قريب جدًا من ان يتحوّل إلى تدميري؛ لحظة وقوعه بدت وكانّها من علامات يوم القيامة؛ قرابة الثالثة فجر الاثنين، تحرّك باطن الارض، تمايلت الأبنية، وتأرجح الناس في فراغ منعدم الجاذبية، وضاقت امامهم سبل النجاة، فأخلوا بيوتهم وهرعوا إلى الشوارع والفلا، ليصوغوا بذلك واحدًا من مشاهد الرعب والهلع اللذين فاقا حدود ايّ قياس لهما.

الزلزال والسياسة

الزلزال، كان الطاغي الوحيد على المشهد الداخلي، ولعلّ من هوله يفترض ان تُستخلص الدروس والعِبَر؛ مَن مِن اللبنانيين من لم يسكنه الفزع من هذا الزلزال؟ مَن مِن اللبنانيين من لم يشعر بضعفه وبوهنه وبعجزه؟ مَن مِن اللبنانيين من لم يعشْ تلك الثواني الأربعين التي بدت وكأنّها عدّ تنازلي لنهايته؟ مَن مِن اللبنانيين من لم يبق حابسًا انفاسه ترقباً لعبور الهزّات الارتدادية التي تلاحقت نهار امس؟ لبنان بالأمس كان وطن الخوف، خوف لا طائفة له، ولا مذهب، ولا انتماءات سياسية، ولا عناوين سيادية او ممانعة فيه، الكلّ؛ سياسيون، احزاب، طوائف، مناطق، كانوا سواسية كأسنان المشط أمام غضب الطبيعة، وليس على رأس اي من الخائفين خيمة أو خرزة زرقاء تحميه من هول الزلزال.

ربما شاءت الطبيعة ان ترسل هذه الرسالة المدمّرة إلى اللبنانيين بكل مستوياتهم، لعلّها تُحدث بزلزالها هزّات ارتدادية في رؤوس المعطّلين، تدفعهم إلى ان يقفوا مع انفسهم وقفة تأمّل وتبصّر في تلك اللحظة التي كادت تحوّل بلدهم إلى ذكرى، ويدركوا انّ بلدهم واستمراره واستمرارهم فيه، معلّق على شعرة، واذا كانوا غير قادرين على يصّدوا غضب الطبيعة بعواصفها وزلازلها واعاصيرها، فإنّ في مقدروهم أن يكسروا مسار انهيار صنعوه بأيديهم، ويوقفوا الزلزال السياسي الذي يعطّل الحياة في هذا البلد، وينذر باسقاطه الى أعمق أعماق الكارثة.

جليد سياسي صلب

المقولة المفترضة لانخراط المشهد اللبناني تحتها، خلاصتها أنّ ما بعد الزلزال ليس ما قبله على حدّ تعبير مصادر سياسية، التي اكّدت لـ»الجمهورية»، انّ «الطبيعة تمنح اللبنانيين فرصة لأن يعودوا إلى ذواتهم، وعلى أساس ما استُجد يفترض بكل مكونات الاشتباك الداخلي ان تتعظ مما حصل، وتسلك بلبنان المسار التحصيني له».

الّا انّ المصادر نفسها تنعى هذه الفرصة أمام إصرار هذه المكونات على السير على خط الزلزال السياسي ومفاقمته، بما يعجّل بانفجاره». وقالت: «مهما اشتدت العاصفة المناخية التي تضرب لبنان، فإنّ عمرها قصير، ومحطات الأرصاد تتوقع انحسارها في غضون الساعات المقبلة، وبالتالي فإنّ الجليد الطبيعي سيذوب حتمًا، الّا انّ العاصفة السياسية التي تهبّ على البلد من كل حدب وصوب داخلي، وتقطع اوصال الملف الرئاسي، تحتاج لتجاوزها – كما يُقال بالعامية – إلى «حلم الله». ذلك انّ الجليد السياسي المتكون على مختلف الخطوط الداخلية والطرقات المؤدية إلى شيء من الانفراج، من النوع الفولاذي الصلب العصي على الذوبان وحتى على الانصهار مهما بلغت درجة حرارة وسخونة محاولات الصّهر والتذويب».

وإذا كانت مكونات الصراع والانقسام قد حسمت تموضعاتها النهائية، أكان في موقع المتفرج على أزمة اقتصادية ومالية ومعيشية واجتماعية تزداد اختناقًا وتعقيدًا على مدار الساعة، او في موقع التصادم في الملف الرئاسي، كخطوط متوازية لا يمكن ان تلتقي تحت اي عنوان من شأنه ان يحرّر رئاسة الجمهورية من قبضة الرؤى والخيارات المتناقضة، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الوضع الشاذ والميؤوس منه: كيف يمكن لهذا الجليد السياسي ان ينكسر؟ وهل ثمة قدرة جدّية وقوية من شأنها أن تجعله قابلًا للكسر؟

باريس تتمنى

كل محاولات الداخل مُنيت بالفشل، وانتقلت عيون المراقبين لترصد الاجتماع الخماسي الاميركي- الفرنسي- السعودي- القطري- والمصري في باريس، وما سيتمخض عنه، في الوقت الذي برزت اشارات سابقة له، تحصر فعاليته ضمن حدود مطالبة اللبنانيين والتمني عليهم إنجاز استحقاقاتهم والاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تمهّد لإنقاذ لبنان من أزمته.

فبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ ما يُنقل عن الفرنسيين لا يعطي عنوانًا لاجتماع باريس أكثر من كونه تجديدًا للفرصة امام اللبنانيين لبلورة حل رئاسي، وفرنسا في صدارة الداعمين لهذا التوجّه. وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، انّ سلسلة رسائل بهذا المعنى ارسلتها باريس إلى القادة في لبنان، والسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو عكست بوضوح شديد، بأنّ باريس على التزامها بدعم لبنان، وتتملكّها رغبة فائقة في وضع حصان الحل امام العربة اللبنانية. الّا انّ الأساس في كل ذلك يبقى في أن يلقى هذا الحل الدعم، ليس من اصدقاء لبنان، بل من القادة في لبنان».

واشنطن تحذّر

اما على المقلب الاميركي، فإنّ الولايات المتحدة الاميركية، وكما يكشف عائدون منها لـ»الجمهورية»، تتقاطع مع فرنسا، وسائر الدول الصديقة، لناحية دعم لبنان واستقراره، الّا انّ حدود مقاربتها للملف اللبناني لا تتجاوز النقاشات مع الأصدقاء، على شاكلة اجتماع باريس. واشار هؤلاء، إلى انّ دعوات تلقّتها مستويات اميركية مختلفة من جهات لبنانية وسياسية ونيابية، بممارسة دور فاعل تجاه لبنان، الّا انّها لم تلق استجابة من الجانب الاميركي. وثمة اشارات واضحة واكيدة تلقّاها أصدقاء واشنطن في لبنان، بأنّها لن تتدخّل بصورة مباشرة في الملف الرئاسي اللبناني. وبمعزل عمّا إذا كانت لها نظرة معينة من بعض المرشّحين المفترضين لرئاسة الجمهورية، الّا انّها اختارت ان تنكفئ خارج خط التدخّل المباشر، وتحيّد نفسها عن اختيار او تزكية أي من المرشحين، واللبنانيون احرار في أن يختاروا لرئاسة الجمهورية من يرون فيه مصلحة لهم وللبنان.

وبحسب العائدين من واشنطن، فأنّ الاولويات الاميركية محصورة في المجال الاوكراني والحرب الباردة التي لم تعد خفية، بين واشنطن والصين، والتي بدأت تسلك منعطفات حادة في الآونة الأخيرة، وأزمة المنطاد دخلت مدار التفاعل وباتت مفتحة على احتمالات كثيرة. وتبعًا لذلك، فإنّ حضور لبنان لدى الادارة الاميركية هو حضور عرضي، وليس حضورًا يتسم بالاولوية والجدّية.

الّا انّ أخطر ما ينقله هؤلاء، يتجلّى في قراءة اميركية سوداوية للواقع اللبناني، تحذّر من مخاطر محدقة بلبنان، وتتوقع مزيدًا من التأزّم في مدى غير بعيد، وعلى مستويات مختلفة. وحيال ذلك يقول العائدون، إنّ المسؤولين الاميركيين سواء في البيت الابيض او في الخارجية الاميركية، يعتبرون أزمة لبنان بلغت مستويات ما فوق الخطورة، وانّ على اللبنانيين ان ينتشلوا انفسهم من خانة التعقيدات القائمة، ويتبعوا المسار الذي يؤدي إلى إنقاذ لبنان واستعادة توازنه السياسي والاقتصادي. وواشنطن اكّدت على اختلاف مستوياتها، وما زالت على تأكيدها، بأنّ المسؤولية الاولى والاخيرة تقع على اللبنانيين لفك هذه التعقيدات قبل فوات الأوان، وبلورة الحل الذي ينسجم مع مصلحة لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية على وجه السرعة، ويلي ذلك حكومة جديدة تقود لبنان خارج مأزقه. ودون هذا المسار لن يجد لبنان له مخرجًا من أزمته».

اجتماع باريس

وكان اجتماع ممثلي الدول الخمس، قد انعقد في باريس امس، وسط اجواء تفيد بأنّه سيخلص إلى رمي كرة الحل الرئاسي في ملعب اللبنانيين. وحضره عن الجانب الفرنسي مديرة شمال إفريقيا والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية آن غوغين، مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون شمال افريقيا والشرق الاوسط باتريك دوريل، مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، مساعد وزير الخارجية القطرية للشؤون الاقليمية محمد الخليفي، وسفير مصر لدى فرنسا علاء يوسف. كذلك شاركت في الاجتماع سفيرة الولايات المتحدة الاميركية في لبنان دوروثي شيا وسفيرة فرنسا في لبنان آن غريو.

جعجع

إلى ذلك، لفت رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعد اجتماع لتكتل «الجمهورية القوية» في معراب، إلى «اهمية ان تجتمع الدول الخمس في باريس، على وقع الأزمة الحاصلة في لبنان»، الا انّه اكّد أنّه «لن يتمّ البحث بأسماء لرئاسة الجمهورية، لأنّ الأسماء تُبحث في الداخل وتحصل كما يتمّ التداول بها بين الكتل النيابية».

واشار جعجع إلى أنّ «حزب الله» لم يتخلّ في أي لحظة عن مرشحه لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية، ومشاورته مع باسيل لم تأتِ بنتيجة»، معتبرًا «أننا أمام مسرحيّة لحزب الله وحلفائه لإيصال مرشحهم للرئاسة، ولن نقبل بمرشح «لا حول ولا قوة له»، وبأنّ نمدّد الأزمة 6 سنوات أخرى».

وقال: «الناس لا تهمّها اجتماعات فولكلوريّة، واجتماع بكركي افضل ألا يحصل اذا لم تكن هناك نتيجة منه».

«امل»: الاولوية للانتخاب

واكّدت حركة «أمل» في بيان لمكتبها السياسي امس، «أنّ الاولوية القصوى هي لانتخاب رئيس للجمهورية، لإنهاء الشغور الرئاسي وقيامة الوطن من كبوته، وإخراجه من ازماته».

وقالت: «انّ السلطة التنفيذية مطالبة اليوم اكثر مما مضى بالقيام بأدوارها وتفعيل اعمالها ضمن الأطر الدستورية والقانونية لحماية الاستقرار الاجتماعي ومجابهة التحدّيات المعيشية والتربوية التي لم يعد في الاستطاعة تجاوزها، وبمواكبة ما يقوم به مجلس النواب من تشريع للقوانين في هذه المرحلة الدقيقة هو أساس للعملية الاصلاحية، وخطة التعافي الاقتصادي وتحقيق الثقة بين لبنان والدول المانحة، خصوصاً أنّ ما رَشح من مقدمات الحراك الدولي المخصّص لمناقشة الوضع اللبناني لم يرق إلى مستوى المحنة والأزمة التي يعانيها لبنان».

ومن جهة ثانية، أعلنت «أمل» انّه «لأنّ سلامة الوطن من سلامة القضاء، فهي تحذّر من حالة تجاوز حدّ السلطة واستغلالها التي يمارسها بعض الذين يتجرأون على القضاء، إذعاناً لإملاءات خارجية فتنوية تتجاوز الحقيقة والعدالة، تهدف لمزيد من التأزّم، مما يؤدي إلى اضعاف مؤسسة القضاء».

يُشار في السياق القضائي، إلى انّ المحقق في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، أجّل جلسات التّحقيق المحدّدة خلال شهر شباط، (حيث كانت محدّدة جلسة لاستجواب الوزيرين السابقين غازي زعيتر ونهاد المشنوق) وذلك بالنّظر للظّروف المستجدّة المرتبطة بقرارات صادرة عن النّائب العام التمييزي.

ونُقل عن البيطار قوله: «أجّلت الجلسات لأنّ مصلحة ملف التّحقيق العدلي تقتضي حصول تعاون بين المحقّق والنّيابة العامّة التّمييزية، وحاليًّا هذا التّعاون غير قائم، ويُفترض أن يُحلّ، وعندها نستأنف العمل».

وترددت معلومات امس، عن أنّه «إذا ما بادر القاضي البيطار إلى تسطير مذكرات توقيف بحقّ المشنوق وزعيتر فإنّ المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات سيُسطّر مذكرة إحضار بحق البيطار على قاعدة انّ «البادي أظلم».

مجلس الوزراء

حكوميًا، عقد مجلس الوزراء جلسة في السرايا الحكومية امس برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. وفي مداخلة له خلال الجلسة، هنأ ميقاتي اللبنانيين جميعًا بالسلامة بعد الهزّة الارضية التي سُجّلت فجرًا، مبديًا اسفه لما حصل في الدول الصديقة المحيطة بلبنان جراء الزلزال الذي وقع .

وقال: «انعقد اليوم اجتماع لهيئة ادارة الكوارت وأعطيت التوجيهات اللازمة في ما يتعلق بمواكبة كل ما يحصل وتزويد المواطن بالاجراءات والتوجيهات المناسبة منعًا لحصول اي هلع، والاستعداد، لا سمح الله، لأي طارئ، والكشف الوقائي على المباني والمنشآت التي يُقال إنّها اصيبت بأضرار، وخاصة سدّ القرعون للتأكّد من عدم حصول اي تصدّع» .

واما في الجانب السياسي، فجدّد ميقاتي «دعوتي للجميع للتعاون والتلاقي في سبيل معالجة الملفات الكثيرة والداهمة التي تتطلب ان نكون معًا لتمرير هذه المرحلة الصعبة. عندما تحدث الدستور عن مرحلة تصريف الاعمال، كان في بال المشترع أنّ الشغور الرئاسي سيكون لفترة قصيرة، يعود بعدها الانتظام في عمل المؤسسات، ولكن يبدو أنّ الشغور الحالي لا أفق واضحًا لإنهائه بعد، وها نحن بدأنا الشهر الرابع من شغور في منصب رئيس الجمهورية، يتزامن مع واقع مالي واقتصادي واجتماعي في غاية الخطورة. وإزاء هذا الواقع وجدنا انفسنا أمام كمّ هائل من المشكلات والتعقيدات التي ينبغي حلّها، مما يفرض تكثيفًا للعمل والاجتماعات الوزارية والحكومية، لتأمين الحلول المطلوبة. وكلما طال أمد الشغور ازدادت التعقيدات والمطالبات».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى