إغتراب

طيران الشرق الاوسط بين الواجب الوطني والمعايير المهنية

 

محمد الجوزو – الحوارنيوز

يستقبل لبنان غدا الأحد الدفعة الأولى من رحلة عودة من يرغب من اللبنانيين إلى وطنهم وهو أمر شكل مساحة للتباينات بين مجموع القوى اللبنانية بدلا من أن يكون موضع إجماعهم.
ومن المؤسف أن يستغل البعض هذه القضية النبيلة لرشق "شركة طيران الشرق الأوسط" بسهام على طريقة " كلام حق يراد منه باطل".
نعم من حق من يرغب من اللبنانيين بالعودة وهو حق مقدس وخيرا ما قررته الحكومة في هذا السياق، غير أن القرار ليس كافيا بذاته بل الآلية التنفيذية هو الأساس.
كان من المفترض أن تبادر الحكومة في التخفيف عن كاهل الغالبية العظمى من المغتربين الراغبين بالعودة او بأرسال عائلاتهم كلفة العودة من خلال الطلب الى "الشركة" استيفاء اسعار التذاكر كما لو كانت بمواسم عمل طبيعية، على أن تساهم الدولة بفرق الكلفة المرتفعة نتيجة الأوضاع المعروفة.
إن ترك الحكومة هذه المسألة على عاتق "الشركة" أحدث نوعا من البلبة والإستياء المبررين.

  لقد عمد البعض الى تصفية حسابات سياسية مع "الشركة" عبر التصويب عليها فيما هي وضعت نفسها منذ اللحظة الاولى بتصرف الدولة والمغتربين لاعادتهم، من خلال خبرة إدارية ومهنية إستثنائية.

لا شك أن ما تقوم به "الشركة"، وهي شركة تجارية تعمل وفقا لقانون التجارة وليست مؤسسة عامة، لاعادة المغتربين هو عمل مهني ووطني كبير وسط ظروف دولية معقدة وخطيرة خاصة وانها تعرض أسطولها لخطر الوباء.
وإذا كانت "الشركة" قد وضعت آلية إدارية ومالية قد يرى فيها البعض انها "مجحفة" بحق بعض الراغبين بالعودة لاسيما مسألة احتساب الكلفة ووقف قبول تذاكر السفر المشتراة سابقا مع الإحتفاظ بحق الشاري الإستفادة منها لاحقا، فإنها بذلك تطبق قرارات وتوجيهات مجلس الوزراء مع العلم انها ليست ملزمة بذلك خاصة وان مصرف لبنان يملك ٩٩% من اسهم الشركة بصفة التاجر.
وعلى الرغم من ذلك فإن الإعتراض المبدئي يجب أن يكون بوجه الآلية التنفيذية التي أقرتها الحكومة، وربما كان من الأفضل أن تتتخذ الحكومة قرارها بتسهيل عودة من يرغب على نفقتها بحيث يشعر معها اللبناني بأنه ينتمي لدولة قوية تقف الى جانبه وتحميه، وليس بوجه "شركة" غير ملزمة بتحمل أعباء النقل بأي شكل من الاشكال مهما حاول البعض تضليل الرأي العام واقناعه بعكس ذلك.

ومن المؤسف في موضوع اعادة المغتربين عدم التنسيق مع لجان وخلايا الأزمة التي شكلت في عدد كبير من بلدان الإغتراب من اشخاص معتبرين يفقهون في شؤون الجاليات وتفاصيلها دون أن نعرف السبب الفعلي لذلك وخلفياته، وحيث اضطروا للتعاون، بدا وكأنه لرفع العتب!

وبنظرة سريعة شاملة للآليات التي اعتمدتها الدول الاخرى لتسهيل عودة رعاياها نتلمس الفرق، ربما لأننا دولة غير قادرة اليوم ومواردها شحيحة، غير اننا كان يمكن لنا تحويل هذه المناسبة لفرصة نستعيد معها ثقة المغتربين بوطنهم ومؤسساته التي تراجعت الى حد كبير نتيجة الأزمة المصرفية وأزمة الثقة العامة بالمؤسسات الرسمية.

إن الإستثمار مجددا بالجسم الإغترابي حاجة وطنية وإقتصادية وعلينا أن نحول هذه المناسبة لبناء استراتجية جديدة ودور وطني جديد تجاه المغتربين الذين هم أبرز الاركان التي قام عليها الوطن على مدى عقود، معنويا واقتصاديا، ولولا تحويلاتهم لكنا شهدنا منذ زمن انهيار إقتصادنا وتراجع في قيمة سعر الصرف لعملتنا التي تتهاوى اليوم ويعالجون انهيارها كما يعالجون عودة المغتربين المغتربين بالمسكنات فيما المطلوب جراحة.
*عضو المجلس الإقتصادي الإجتماعي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى