إقتصاد

بين الحصار والعقاب والقدر: الزمن يتجاوز لبنان(عماد عكوش)

 

د. عماد عكوش – الحوار نيوز

أفتتحت القمة الـ18 لمجموعة العشرين (جي 20) ، في العاصمة الهندية نيودلهي ، تحت شعار “أرض واحدة ، عائلة واحدة ، مستقبل واحد”. ورحب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالقادة المشاركين ، ومن بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، وتم التقاط الصور الترحيبية لدى وصولهم إلى مكان انعقاد القمة. وأصبح الاتحاد الأفريقي رسمياً عضواً في مجموعة العشرين بدعوة من رئيس الوزراء الهندي ، الذي قال في كلمته الافتتاحية : “بموافقة الجميع، أطلب من رئيس الاتحاد الأفريقي أن يأخذ مكانه كعضو دائم في مجموعة العشرين”. وقد انتقل رئيس الاتحاد الأفريقي بعد ذلك للجلوس إلى جانب قادة دول مجموعة العشرين.

وقد تم الاعلان في هذا الاجتماع عن اتفاق للسكك الحديدية والموانئ يضم عدة دول ويربط الشرق الأوسط وجنوب آسيا ، وذلك على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي . يأتي الاتفاق في أطار الرد على مشاريع الصين والتي تم الاعلان عنها خلال اجتماع “البريكس” الماضي، ومبادرة البنية التحتية العالمية الصينية “الحزام والطريق” من خلال طرح واشنطن شريكاً ومستثمراً بديلا أمام الدول النامية في مجموعة العشرين. وقال بايدن إنها “صفقة كبيرة حقيقية” من شأنها أن تربط الموانئ عبر قارتين وتؤدي إلى “شرق أوسط أكثر استقرارا وازدهارا وتكاملا”. وأضاف خلال فعالية للإعلان عن الاتفاق إنه سيتيح “فرصاً لا نهاية لها” للطاقة النظيفة والكهرباء النظيفة ومد الكابلات لربط المجتمعات.

يقول مسؤولون أميركيون إن المشروع يهدف إلى ربط دول الشرق الأوسط من خلال السكك الحديدية وربطها بالهند من خلال الموانئ ، ما يساعد على تدفق صادرات الطاقة والتجارة من الخليج إلى أوروبا ، وذلك من خلال تقليص أوقات وتكاليف الشحن واستخدام الوقود .

وقال جون فاينر نائب مستشار الامن القومي للولايات المتحدة الاميركية إنه من المقرر توقيع مذكرة تفاهم بشأن الاتفاق من جانب الاتحاد الأوروبي والهند والسعودية والإمارات والولايات المتحدة وشركاء آخرين في مجموعة العشرين. وقد كان الرئيس الأميركي واضحا بتسميته لهذه الدول، وهي الاردن والكيان الاسرائيلي ، أي ان سكة الحديد ستصل الى ميناء حيفا ليكون الممر البحري لهذه المجموعة على البحر الابيض المتوسط .وهذا سيؤدي حتما الى أضرار كبيرة لكل من لبنان ومصر . من جهته نوه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال كلمته  بمبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار التي أطلقها الرئيس بايدن، وتشترك فيها السعودية بـ20 مليار دولار.

أذاً، تم استبعاد لبنان عن كل المشاريع التي تبنتها هذه القمة سواء بمشاريع الربط عبر سكة الحديد ، او حتى مشاريع الطاقة .

في المقابل تسعى الصين الى ربط نفسها بشبكة من الطرق تطلق عليها طريق الحرير. ويعرف المشروع رسميا باسم “الحزام والطريق”، وهو مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، ويهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية . ويعود تاريخ طريق الحرير القديم إلى القرن الثاني قبل الميلاد، ويشير الاسم إلى شبكة الطرق البرية والبحرية التي ربطت بين الصين وأوروبا مرورا بالشرق الأوسط، بطول يتعدى عشرة آلاف كيلومتر.

أما الطريق الجديد، فهو مشروع صيني عملاق تشارك فيه 123 دولة، تريد الصين من خلاله تسريع وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية ، بما في ذلك آسيا وأوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية والوسطى . وقد طرحت الصين على لبنان عدة مشاريع لإدخاله ضمن هذه المجموعة وليكون جزءا أساسيا منها، فما هي هذه المشاريع وكيف يمكن للبنان ان يستفيد منها ؟

لقد عرضت الصين عدة مشاريع على لبنان منها :

– تنفيذ مشروع خطة الكهرباء عبر بناء ثلاثة معامل للكهرباء في لبنان على طريقة الـbot ، حيث يجري تمويل هذه المشاريع من قبل الصين لمدة 15 عاماً. تبدأ الدولة اللبنانية بعد هذه السنوات الـ15 ببيع الكهرباء للمواطنين والدفع للصين ، فيما تؤمّن الكهرباء 24/24 للمواطنين . والصين لم تطلب أي ضمانات سيادية، فهي تعرف وضع لبنان وأنه غير قادر على وضع ضمانة سيادية.

– إنجاز سكّة حديد لكل لبنان ويمكن من خلالها ربط الشبكة السورية والتي تصل الى تركيا وبالتالي أوروبا، كما تربط لبنان بالعالم العربي حتى الخليج وعندما أتى الصينيون للبحث في هذا المشروع ، قالت الدولة اللبنانية أن لا إمكانية مادية لديها للدفع لإنجاز الخرائط والأمور الفنية ، فوضع  الصينيون كل إمكاناتهم في خدمة لبنان معربين عن استعدادهم للدفع لجميع الخرائط وإنجاز سكّة حديد من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب . وقد وجهت الشركات الصينية كتاباً بهذا الخصوص للرئيس دياب ووزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار، ولكن لم يتم الاجابة على هذا الكتاب والجميع يعلم سبب عدم الرد.

– الطريق العربي من بيروت الى الحدود السورية، حيث قدّم الصينيون طلباً وأعربوا عن استعدادهم لتنفيذ هذا المشروع ، وقدموا مراسلة الى وزير الأشغال ورئيس الحكومة الذي كان متحمساً ، ولكن في وقت لاحق جرى إقفال هذا الملف لأسباب أيضا يعلمها الجميع .

السؤال الكبير الذي يطرح نفسه أين لبنان من هذه المشاريع الكبرى اليوم ؟

 لقد تم استبعاد لبنان عن كل المشاريع التي يتم رسمها للمنطقة سواء من مجموعة البريكس ، أو من مجموعة ال”جي 20 “، ليس هذا فقط بل هو يخضع للحصار والعقوبات أيضا والتي تضغط على اقتصاده وأمنه ، فهو ممنوع ان يقبل الاستثمارات ، وممنوع ان يوقف النزوح السوري اليه ، وممنوع ان يعيد النازحين الى وطنهم ، وممنوع ان يسمح لهم ان يرحلوا بالبحر ، هذا اللبنان للأسف يخضع لأسوأ حصار وعقاب من قبل دول كبرى .ومخطئ من يظن ان الاستسلام يمكن ان يؤدي الى خروجه من هذه الازمة ، فالمطلوب هو تدمير الحالة اللبنانية ، وجعل اسرائيل القوة الاقليمية العظمى في المنطقة ، واستسلام لبنان لن يغير في هذه الاستراتيجية الاميركية في المنطقة .

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى