ثقافةكتاب

الكذب الابيض المقدس: قراءات في نصوص الاخوان المسلمين وتطبيقاتها في الغرب

 

طلال الامام /السويد  

سمعت  كثيراً عن هذا العمل سابقاً ولم أتمكن من الحصول عليه الى ان قدمه لي ( اعارة طبعاً)  مشكوراً احد الاصدقاء .

الحديث يدور عن كتاب ” الكذب الابيض المقدس قراءات في نصوص الاخوان المسلمين وتطبيقاتها في الغرب ( السويد نموذجاً ) ” لمؤلفه سامح ايجبتسون، وهو كاتب  سويدي من أصل مصري يعمل كباحث في جامعة لوند /السويد ، (صدر الكتاب عام 2018 عن دار المعارف ويقع في 418 ص).

 نشير  بداية الى أن المؤلف قام بدراسة موثقة عن ايديولوجية حركة الاخوان المسلمين واستراتيجياتها معتمدا على وثائقها وخطابات قادتها في مختلف البلدان منذ نشأتها حتى اليوم . كما يلقي الضوء على استراتيجية عمل الحركة في الغرب عموماً، وفي السويد بشكل خاص، من خلال الرابطة الاسلامية في السويد، ومحاولة احداث اختراق لأحزابها وبيئتها  السياسة لتنفيذ اجنداتها . اعتمد المؤلف على وثائق /ارشيف العديد من المؤسسات الحكومية السويدية ( وزارة الخارجية ، مؤسسة السيدا التابعة لوزارة الخارجية السويدية ، دائرة الضرائب وسواها ) نشرات الحركة وبياناتها المنشورة، اضافة الى لقاءات خاصة ،واخيرا علاقتها بمختلف الاحزاب  السياسية لدرجة وصل فيها  بعض اعضائها الى مراكز قيادية في تلك الاحزاب وحتى الى الحكومة.

الملفت انه واعتمادا على ارشيف الوثائق الرسمية، يتضح مستوى علاقة الاخوان المسلمين عبر الرابطة الاسلامية في السويد والمجلس الاسلامي السويدي  مع مختلف الاحزاب السويدية ،وبشكل خاص الحزب الاشتراكي الديموقراطي السويدي وحجم المساعدات المالية التي حصل عليها.

طبعا من الصعوبة بمكان الحديث عن هذا العمل الضخم بمقالة، لذلك سوف أتوقف عند ابرز النقاط الواردة التي لا تغني ابداً الإطلاع عليه بشكل كامل من قبل  المهتمين والباحثين، فهو مرجع موثق.

  – يتحدث الكاتب في الفصل الثاني عن الاختراق الاخواني للاحزاب السويدية وتحالفات الرابطة  الاسلامية السويدية وجمعياتها مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي ( مثلاً شغل عمر مصطفى منصب قيادي في الحزب).

كما حصل موقع تونس نيوز الذي كان يديره التونسي مهدي غربي، وهو عضو في الرابطة الإسلامية، على جائزة مارتن لوثر كينغ السويدية عام 2013. واورد العديد من المراسلات واللقاءات بين الرابطة و قادة حزبيين وحكوميين في السويد على امتداد سنوات.

أما في حزب الخضر فقد تمكن محمد كابلان مثلاً،  الذي شغل سابقاً منصب رئيس اتحاد الشباب المسلم في السويد ،وهو على علاقة مع الرابطة الاسلامية، تمكن من الفوز بمنصب قيادي في الحزب ووصل الى البرلمان بل واصبح وزيراً للاسكان  قبل ان يتم ابعاده. كما تمكن عبد الرزاق وابري من مدينة غوتنبورغ  من النجاح في الانتخابات البلدية عن حزب المعتدلين الجدد (حزب يميني).

– من بين مصادر تمويل الرابطة الاسلامية بالسويد نجد وفقا لكتيب المجلس الاسلامي عام 2001: “هبات” من التجار والمحسنين الخليجيين وخاصة السعوديين والكويتيين ؟  …من المشاريع التي تقيمها المؤسسات التابعة للرابطة…مساعدات خارجية لتغطية رواتب مدرسي القرآن الكريم وبعض الأئمة …وغير ذلك .

– تتضح علاقة الرابطة الاسلامية مع تنظيم الاخوان المسلمين من خلال  الشخصيات التي دعيت لحضور مؤتمرات الرابطة .اذ نجد ان من بين المدعويين لتلك المؤتمرات التي عقدت في السويد بين اعوام1994 -2017  مثلاً :

راشد الغنوشي / تونس ، عصام العريان / مصر ، كمال الهلباوي المتحدث الرسمي باسم الاخوان في بريطانيا ، محمد يتيم / المغرب ، حسن هويدي /سورية ، خالد  مشعل / حماس ، عصام العطار /سورية ، محمد قطب ( اخ سيد قطب القيادي في الحركة) ،جاسم  مهلهل  امين عام حركة حدس الكويتية ( الجناح السياسي للاخوان في الكويت ) ،وصال المهدي زوجة زعيم الاخوان في السودان حسن الترابي ، فتحي يكن /لبنان، الشيخ سلمان بن فهد العودة عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة يوسف القرضاوي،  الداعية عمرو خالد / مصر، عبد الله بصفر / السعودية ، خالد المذكور / الكويت ، ابو جرة السلطاني رئيس حركة مجتمع السلم في الجزائر، عزام التميمي / فلسطين ، وجدي غنيم / مصري ممنوع من دخول بريطانيا ، جمال مسرور / بنغلاديش ممنوع من السفر للولايات المتحدة ، علي  البيانوني المراقب العام للاخوان المسلمين في سورية، محمد راتب النابلسي /سورية ،انيس الراوي / العراق ، طارق محمد الطوري / عضو رابطة علماء الشريعة /الكويت ،  أنس التكريتي /بريطانيا ، جاسم المطوع / الكويت ، نور الدين علي قرة /سورية ونعيمة بن يعيش /المغرب .. وغيرهم وغيرهم .

وهكذا نرى انه تمت دعوة العديد من اقطاب الاخوان  المسلمين في مختلف البلدان ودعاة آخرين، بل وبعض الاسماء المدرجة على قوائم الارهاب وبينهم محكومون بالسجن في مصر او ممنوعون من دخول العديد من البلدان  ، وهذا مؤشر اخر على العلاقة الوثيقة بين الرابطة الاسلامية في السويد وتنظيم الاخوان المسلمين. كما يلاحظ ان جميع المؤتمرات عقدت بحرية  في السويد ،بمعنى تحت انظار السلطات السويدية  والحكومة الامر الذي يثير اكثر من تساؤل؟

يلقي الكاتب الضوء على اتحاد الشباب المسلم في السويد الذي تأسس عام 1990 وضم ابناء قيادات الجيل الاول من الاخوان المسلمين، أمثال  فداء الدين وياسر السيد عيسى ابناء  الاخواني طريف السيد عيسى /سورية .تجدر الاشارة الى  ان المذكورين  قاما بدور كبير في احداث  عام 2011 في سورية اعلامياً عبر تجنيد المقاتلين وارسالهم الى سورية  ،ودعم منظمات تكفيرية تحت شعار مساعدة المدنيين  او مساعدات انسانية . كما أفسحت  لهم مختلف وسائل الاعلام السويدية والبريطانية وغيرها حيزا واسعا في اخبارها للتحدث عن الاوضاع في سورية منذ عام 2011. ويذكر ان هيثم رحمة /سوري، وهو الامام  السابق لمسجد الرابطة في ستوكهولم واحد مؤسسي اتحاد الشباب المسلم، قام بقيادة مجموعات مسلحة  تنسق مع تنظيم القاعدة و بتهريب اسلحة الى سورية وبجمع تبرعات تحت شعارات  مساعدات انسانية .

 – تأسيس مدارس اسلامية: تم تأسيس مدارس اسلامية في كل من ستوكهولم (اكثر من مدرسة)  ومدن  غوتنبورغ ، اوروبرو ، ڤيكشو ، واوبسالا.

كانت كل مدرسة من هذه المدارس تحصل على معونات سنوية من الدولة السويدية تقدر بملايين الكرونات .مثلا حصلت المدارس الاسلامية في ستوكهولم على اكثر من 33 مليون كرون خلال ثلاث سنوات.

أورد المؤلف ارقام المساعدات التي قدمتها الحكومة السويدية لمختلف المدارس الاسلامية وتقدر بملايين الكرونات من جيوب دافعي الضرائب .

أخيرًا بودي التوقف حول  ما اورده  الكاتب من معلومات عن هيئة  الاغاثة الاسلامية التي اسسها هيثم رحمة /سوري ( وردت الاشارة اليه  سابقاً) .بلغت ايرادات هذه الهيئة حوالي 50 مليون كرون عام 2013 ، ارتفعت عام 2014 الى اكثر من 70 مليون كرون، وقفزت عام 2015 الى اكثر من 106 مليون كرون .تجدر الاشارة الى ان الحكومة السويدية هي المانح الاكبر عبر مختلف المنظمات المدنية والرسمية  . وذكرت مؤسسة السيدا التابعة لوزارة الخارجية السويدية انها قدمت دعما لهيئة الاغاثة السورية منذ تأسيسها بلغ اكثر من 280 مليون كرون .واصبحت الهيئة منذ عام 2014 واحدة من الشركاء الاستراتيجيين الاحد عشر للسيدا للحصول على الدعم الانساني .

هذا عرض سريع ومكثف لما ورد في الكتاب ، لا يغني ابداً عن الاطلاع عليها كونه كتاب توثيقي وأرشيفي يساعد المهتمين والباحثين في اعمالهم .

أخيرًا ثمة اسئلة كثيرة تدور في ذهن القارىء  حول أسباب واهداف العلاقة الوثيقة بين احزاب سويدية مثل الحزب الاشتراكي الديموقراطي وحزب المعتدلين والرابطة الاسلامية في السويد وافرعها، بل ودعمها باشكال مختلفة مادياً ومعنويًا  ؟  كيف يمكن تفسير  علاقة احزاب تدّعي العلمانية مع حركة الاخوان المسلمين التي تحالفت مع القاعدة ، طالبان وداعش ؟

اسئلة كثيرة تحتاج لأجوبة، لعل الآتي من الايام يجيب عليها .

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى