العالم العربيسياسة

العراق:عوامل و معطيات أساسية تسمح للكاظمي بنيل ثقة البرلمان

ِ

 

د.  جواد الهنداوي -الحوارنيوز خاص*
          
أختلفُ مع الآراء التي تُكتبْ أو تُقال ، في تصريح او مقال ، و مفادها أنّ في ترشيح السيد الكاظمي مناورة و خدعة سياسية تهدفُ الى كسب الوقت و الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال ،برئاسة السيد عادل عبد المهدي.
و بصرف النظر عن رصانة او هزالة الحجج التي تسوُقها هذه الآراء ، و عن نوايا طارحيها ، نرى في هذه الآراء تجاوزا على حقائق    ووقائع ،فما هي ؟
اولاً : لا أعتقدُ أن في نيّة السيد عادل عبد المهدي الرغبة في الاستمرار في حكومة تصريف اعمال و في حالة سياسية تُوصفْ " بحكومة او بوضع البطّة العرجاء " .
ثانياً . أرى في الرأي القائل بأن " رغبة و مصلحة ايران تقتضيان  الاستمرار  بحكومة السيد عادل عبد المهدي ، والاستمرار بإجهاض ايّة محاولة سياسية لتشكيل حكومة جديدة " ، هو  استهانة بسيادة العراق وبقدرة الإرادة العراقية ، هو ترويج لعراق تابع و خاضع .
ثالثاً . ارى في هذه الآراء تكريسا وترسيخا لثقافة " جلد الذات " ، وتمكين الآخر (صديق او خصم ) على مُقدراتنا وعلى أراداتنا . التشاور مع الصديق ( إنْ كان جاراً او بعيد ) ، وليس التسليم لامرهِ او الاستسلام لهُ هو فعلٌ محمود و وارد في العلاقات الدولية ، لاسيما ونحن في مسار سياسي لايزال في مخاض ولم يحصلْ بعد على شهادة " التجربة الديمقراطية " .
  ماهي المعطيات او العوامل التي تُبرّر رأينا ،عنوان المقال؟
مثلما يُقال في كسب المُراد  والمنال : " تُقاس الأمور في خواتيمها " . لا أحد ينفي  حصول اجماع نيابي شيعي في ترشيح السيد الكاظمي ،سواء كان هذا الإجماع برضا تام من البعض ،او تجنّباً من البعض الآخر لأنَّ يكون " حجر عثرة " ، مثل ما صرّحَ، علناً  السيد الخزعلي ، قائد عصائب اهل الحق .
نحن امام ترشيح نالَ موافقة الكتل السياسية النيابية الشيعية ، و موافقة المكوّنات السياسة و النيابية الاخرى ( الكردية والسنيّة ) . أصبحَ الترشيح عراقياً وليس شيعياً . وللأمر أثار سياسية مهمة على الصعيد الوطني و العربي و الدولي .
    
عراقياً، لا أحدَ ( حزب ، مكون ) يُريد ان يلعب دور " ألمُعطّل " لحلٍ ،طالَ انتظاره ، و في ظلِ ظروف استثنائية .
بيان كتائب حزب الله العراق ، غير المؤيد للترشيح ،له أهداف بنيويّة تتعلق في الحزب و أخرى سياسية ذات بُعد اقليمي ، أفصحُ عن بعضٍ منها ،و أقول: يُريد الحزب ،في هذا البيان ، تأكيد وتعزيز شخصيته العراقية ، وليس لأيران ، التي رحّبت رسمياً بترشيح السيد الكاظمي ،أملاءات على الحزب .
ترشيح السيد الكاظمي ، مناسبة للحزب المذكور و كذلك لايران لايصال رسالة الى الآخرين ، وخاصة الى الأمريكين ،مفادها : ليس كل ما تقوم به الفصائل المسلحة في العراق هو بأمر او بأشارة من ايران .و هذا ما  جاء بتصريح رسمي إيراني للناطق باسم الخارجية الإيرانية ،قبل أيام وقبل ترشيح السيد الكاظمي ، بأنَّ عمل وتعامل الفصائل المسلحة في العراق تجاه الأمريكين ليس له علاقة بايران .
بيان كتائب حزب الله في العراق هو تصعيد في لغته ، و أراه بداية لتفاهم في جوهره وهدفه،  وأتمنى من السيد الكاظمي اغتنام هذه الفرصة ؛ فرصة أنْ تكون كتائب حزب الله و غيرها عناصر في تعزيز السيادة الداخلية للعراق . شعار هذه الكتائب وغيرها هو احترام سيادة العراق ، وعلينا أقناعهم بأن سيادة العراق الداخلية هي أسبق وقبلَ سيادة العراق الخارجية . لاسيادة خارجية للعراق اذا لم يكْ العراق دولة .
    لا أحد يشكُ في معطى التوافق الضمني الإقليمي ( ايران ) ، والدولي ( أميركا ) على ترشيح السيد الكاظمي . لا ايران و لا أميركا ، لهما مصلحة ان يكونا في تعارض مفضوح مع الإجماع العراقي على الترشيح ، و كلاهما ( ايران وأميركا ) يصرحان بانهما مع الإجماع الوطني ، ومن اجل اجماع عراقي .
رُبَّ سائل مُحق في استفهامه ، وهو ؛ ما علاقة أميركا و ايران في ترشيح رئيس وزراء العراق ؟
لكليهما و لغيرهما مآرب و مصالح في العراق وضرورة علاقات مع العراق . دون ان نخوض في مصالحهما التكتيكية والاستراتيجية القريبة والبعيدة ، نضعُ جانباً ، الآن ، مصلحة أميركا في النفط و في أمن وهيمنة اسرائيل ، نكتفي في الإشارة الى انَّ أميركا تفكّر في الوقت الحاضر بإنجاز انسحاب جزئي او كلي من العراق ، ولا بُدَّ ان تستكمل مشوارها ، الذي بدأته مع السيد رئيس وزراء تصريف الأعمال ، في جدولة الانسحاب ، و في التفاوض على مستقبل العلاقات العراقية الامريكية .
أيران تعتبر ما يجري في العراق يؤثر على أمنها القومي ، وهذا سبب من الأسباب التي دفعت ايران الى مساعدة العراق ، كُل العراق ، في حربه ضّد الإرهاب . ثُّمَ أولمْ تقع حرب بين ايران والعراق طالت اكثر من ثمانية أعوام ، ساهمت دول عربية و أخرى في أضرامها و تغذيتها ؟
  ليس فقط ايران ترى في العراق ساحة تتعلق بأمنها القومي ،كذلك تركيا التي تبرر وجود وحدات قتاليه لها بالقرب من بعشيقة ، في شمال العراق ، بضرورات أمنها القومي .
أصبح مفهوم الامن القومي للدول مُحركاً للعلاقات الدولية ،اكثر قوة من ميثاق الأمم المتحدة ومن القانون الدولي . وما تقوم به تركيا  في سوريا من احتلال للأراضي السورية ،بحجة إنشاء شريط حدودي يضمن أمنها القومي ،شاهد على ما نكتب.
علينا، وعلى العرب كدول، أنْ نفكر في توظيف " الامن القومي " في تعزيز العلاقات بيننا و دول الجوار و من اجل احترام كيان وسيادة الدولة وليس في تبعية الدولة او احتلال جزء من أراضيها .
أرى في الإجماع الوطني والتوافق الضمني الإقليمي  والدولي على ترشيح السيد الكاظمي قوة له وضمان في نيل الثقة، و فرصة مواتيّة له لتعزيز كيان وسيادة الدولة ، ولتقارب ولتفاهم بين من يعينهم أمن واستقرار العراق والمنطقة.

*سفير سابق لجمهورية العراق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات -بروكسل

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى