إغتراب

الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم: النشأة، الدور، الرؤية(1)

 

الحوارنيوز – خاص

تبدأ “الحوارنيوز” بنشر مقالات وآراء لعدد من المعنيين والمغتربين حيال دور الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وأهدافها.

إن تطورات هائلة في طبيعة الاغتراب اللبناني مرتبطة بعدة عناصر منها حجم الاغتراب اللبناني وتوزعه وتنوعه، ومنها اندماج بعضه في المجتمعات المضيفة وتحوله في بعض الدول الى “انتشار” قطع صلته بالوطن الأم أو يكاد، ومنها تحوّل الكرة الأرضية الى وطن صغير، مع التطور الهائل في عوالم النقل والاتصالات والتواصل.

ورغبة منها بإلقاء الضوء على دور الإغتراب اللبناني وهواجسه، وعلى الجامعة اللبنانية الثقافة في العالم وأهميتها كإطار اغترابي جامع، قادر على استيعاب الأفراد والجاليات والمؤسسات الإغترابية، وتوظيفها لخدمة الإغتراب والوطن وتنمية أواصر العلاقة بين جناحي لبنان: المقيم والمغترب،

تفتح “الحوارنيوز” صفحاتها للمعنيين وأصحاب الاختصاص وللمغتربين للتعبير عن رأيهم ، وذلك بهدف توحيد الرؤى والجهود وبالتالي تحقيق الأهداف النبيلة التي من أجلها أنشأت “الجامعة” وغيرها من المؤسسات الاغترابية.

وتستهل “الحوارنيوز” ملفها بمادة أعدها أحد مؤسسي “الجامعة” الراحل مالك شلهوب وتتناول نشأة “الجامعة” كما أنها تلقي الضوء على جوانب من أهدافها.

وإذ ترحب “الحورنيوز” بالمواد التي ستصلها بهذا الخصوص، ستعمد الى نشر المواد المحررة تباعاً عند وصولها.

 

كتب مالك شلهوب:

 

انشأت الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، خلال مؤتمر صيف المغتربين الذي عقد في بيروت – لبنان عام ١٩٦٠، ويعتبر ١٥ ايلول ذكرى تأسيسها الذي احتفلت به لسنوات عدة ثم قرر المجلس العالمي للجامعة الاحتفاء بهذا العيد لمدة أسبوع بدءا من ١٥ تشرين الثاني ويختتم في ٢٢ منه ذكرى عيد الاستقلال.

وقد مرت عملية التأسيس بالمراحل التالية:

لا بد بادىء ذي بدء، من الاشارة الى الفكرة التي كانت وراء تأسيسها والتي ارادها مؤسسوها صلة وصل بين شطري لبنان المقيم والمنتشر.

 لقد تكتل اللبنانيون في مختلف بلدان الانتشار منذ بدء هجرتهم الحديثة حوالي العام ١٨٦٠ وأسسوا الجمعيات والنوادي ومن ثم قامت حركات توحيد في مصر وفرنسا وفي الاميركيات: الشمالية والوسطى والجنوبية لتأليب أكبر عدد من تلك المؤسسات حول اهداف ومصالح ذات طابع لبناني وطني كان اهمها اتحاد الجمعيات اللبنانية الاميركية( FIEL) الذي أنشىء في هافانا-كوبا عام ١٩٥٩ بدعوة من صاحب الفكرة اللبناني الاصل القانوني الدكتور ناتاليو شدياق بالتعاون مع الجمعية اللبنانية في هافانا.

هذه الرغبة في الاتحاد لقيت إستحسانا كبيرا لدى الدولة اللبنانية فاعتبرت الفرصة مؤاتية لجمع شمل اللبنانيين المنتشرين في مختلف انحاء العالم وتوثيق علاقاتهم بلبنان، لا على الصعيد العاطفي فحسب بل، على أسس متينة ومنظمة، وتوحيدهم في إطار مؤسسة عالمية، فكانت فكرة انشاء جامعة اللبنانيين في العالم في عهد الرئيس شهاب  وسارعت الدولة الى الدعوة لمؤتمر عام عقد صيف ١٩٦٠ اعلن في ختامه ولادة” جامعة اللبنانيين في العالم ” التي سميت فيما بعد الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم تحقيقاً للفكرة التي طالما راودت المغتربين والعديد من العاملين بالشأن الإغترابي.

وكان أن اتخذ مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاؤيخ ٢٩ آب ١٩٥٩ قرارا بعقد مؤتمر للمغتربين اللبنانيين في مختلف انحاء العالم. وبتاريخ ١٣ كانون الثاني ١٩٦٠ اتخذ قرار آخر بتشكيل لجنة وزارية لدرس تنظيم عقد المؤتمر في صيف ١٩٥٠ وتحديد برنامج العمل وقد انبثقت عن هذه اللجنة لجنة فرعية تولت وضع تقرير شامل عن وسائل انجاح المؤتمر.

وبتاريخ أول آذار ١٩٦٠ صدر مرسوم جمهوري برقم ٣٤٢٣ قضى بإنشاء هيئة مركزية دائمة برئاسة وزير الخارجية والمغتربين تمثلت فيه الوزارات والمصالح المختصة، وكان على هذه الهيئة ان تنظم وتحضر المؤتمر العام للمغتربين وتقدم المقترحات لكي تنبثق عن هذا المؤتمر مؤسسة دائمة للمغتربين في العالم ويعد ان قامت الهيئة المذكورة بالمهمة الموكولة اليها ارسلت وزارة الخارجية والمغتربين الى بعثاتها في الخارج تعميما بتاريخ ٢٥ آذار ١٩٦٠ تشعرها فيه انها حددت يوم ١٥ أيلول ١٩٦٠ لعقد مؤتمر عام للمغتربين اللبنانيين تنبثق عنه الجامعة اللبنانية في العالم.

وفي الموعد المحدد عقد هذا المؤتمر في قصر الاونيسكو في بيروت حيث غصت رحابه برؤساء البعثات الدبلوماسية الاجنبيه والعربيه ورؤساء مختلف الطوائف والاحزاب اللبنانية وحشد كبير من المنتشرين القادمين من جميع انحاء العالم لحضور هذا المؤتمر الذي افتتحه الرئيس فؤاد شهاب والقى فيه وزير الخارجية والمغتربين الاستاذ فيليب تقلا كلمة واختتمه رئيس الوزراء صائب سلام.

وبنتيجة المناقشات التي استغرقت عدة جلسات قرر المؤتمر تأسيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وأقر صيغة نظامها الاساسي وانتخب مكتبا دائما له برئاسة وزير الخارجية والمغتربين.  وقد نصت المادة ٢١ من هذا النظام على ان يقوم المكتب الدائم بصلاحيات المجلس العالمي حتى انتخاب هذا الاخير.

واحتفاء بهذا الحدث العظيم سبق لمجلس الوزراء ان اصدر بتاريخ ٦ نيسان ١٩٦٠ قرارا بإطلاق اسم صيف المغتربين على صيف ١٩٦٠،واصدر طابعا تذكاريا خاصا يرمز الى هذه المناسبة، كما وان وزارة الخارجية والمغتربين اتخذت قرارا رقم ١٢٦/٦٠ بتاريخ ١٧ ايار ١٩٦٠ بتخفيض رسم تأشيرة الدخول الى لبنان لجميع الاشخاص القادمين لحضور المؤتمر واطلق على الطريق الممتدة من مستديرة شاتيلا حتى مطار بيروت الدولي اسم(جادة المغتربين).

وتوالى على اثر انعقاد هذا المؤتمر مؤتمرات قارية في حواضر مختلفة من بلدان الانتشار وكان أهمها مؤتمر بوسطن بتاريخ ٢١ تشرين الاول ١٩٦٢ والذي اعلن خلاله (فيال) الاندماج بالجامعة وقد افتتحه وزير الخارجية والمغتربين الاستاذ فيليب تقلا بكلمة جاء فيها:

 ” أسارع للتوضيح بأن الحكومة اللبنانية لا سلطة لها ولا تريد ان يكون لها سلطة على الجامعة وهي لا تشرف عليها ولا تقيدها في شيء وعندما ينعقد مؤتمركم العالمي في السنة المقبلة في بيروت يسلم وزير الخارجية ومكتبه الدائم كل شيء الى هيئتكم المنتخبة ولا يبقى له وللحكومة علاقة بالجامعة غير علاقة المحبة والمساعدة والتشجيع”.

ان هذا التصريح جاء بمثابة إعلان رسمي من قبل الحكومه اللبنانية بإستقلالية الجامعة . وبتاريخ ٢٠ اب ١٩٦٤ انعقد المؤتمر العالمي الثاني في بيروت، بحضور مندوبين من بلدان الانتشار كافة وممثلين عن جميع فروع الجامعة في العالم. وقد ترأس حفلة الافتتاح  فخامة رئيس الجمهورية فؤاد شهاب ووجه رسالة الى اللبنانيين مقيمين ومنتشرين . وعلى الاثر القى رئيس المكتب الدائم للجامعة وزير الخارجية والمغتربين الاستاذ فؤاد عمون كلمة جاء فيها:

” لقد بذلت الحكومه ما في وسعها من عونٍ حتى يأتي اليوم الذي تضطلعون فيه وحدكم بالمهمة وقد حان هذا اليوم وهو يومنا هذا”. مما يؤكد تصميم الحكومه بحضور رئيس الدولة وأركانها ان الجامعة اللبنانية في العالم مؤسسة مستقلة وأن عليها أن تقوم بمسؤولياتها بهذه الروح معتمده على نفسها لإتخاذ قرارات حرة ، رائدها الحفاظ على وحدة الانتشار وصونه وتحقيق الأهداف التي وجدت من اجلها”.

وبعد عدة اجتماعات عقدتها لجان العمل انتخب المندوبون في ٢٢ اب ١٩٦٤ أول مجلس عالمي للجامعة برئاسة جورج طرابلسي وأنيطت بهذا المجلس إدارة شؤونها عملا بالنظام الاساسي الجديد.  وفيما يلي الكتاب الذي وجهه وزير الخارجية والمغتربين الاستاذ فؤاد عمون الى رئيس واعضاء المجلس المذكور آنفا:

” حضرة الاستاذ جورج طرابلسي رئيس المجلس العالمي للجامعة اللبنانية في العالم واعضاء مكتب المجلس، يطيب لي أن اقدم لكم بإسم الحكومه اللبنانية وبإسمي أحر التهاني بمناسبة انتخابكم من قبل المؤتمر العالمي الثاني لرئاسة وعضوية المجلس العالمي للجامعة اللبنانية في العالم داعيا لكم بالتوفيق وللجامعة في عهدكم بكل تقدم وازدهار.

وبما ان نظام الجامعة الاساسي الجديد المصدًق عليه من قبل المؤتمر العالمي الثاني في جلسته المنعقدة نهار السبت الواقع فيه ٢٢ اب ١٩٦٤ قد أحل المجلس العالمي محل المكتب الدائم السابق في إدارة شؤون الجامعة لذا يسعدني ان أحول اليكم باسم المكتب الدائم جميع الصلاحيات التي كان يمارسها ، محققا بذلك رغبتي في وضع جميع شؤون الجامعة في يد اعضائها حالما ينتخبون هيئتهم الادارية الجديده في المؤتمر العالمي.  وانتهز هذه الفرصة لاؤكد لكم ان وزارة الخارجية والمغتربين ستواصل امداد جامعتكم بكل مساعدة وتأييد لتتمكن من القيام بمهماتها ، وستودع امانتها العامة كل ما لديها وكل ما يردها من معلومات عن المغتربين وعن سير شؤون أجهزه الجامعة في شتى بلدان الاغتراب، آملا ان يسهم التعاون المستمر بين الوزارات والجامعة في تمتين الروابط في شتى المجالات بسن المغتربين وبين وطنهم الام “. وبتاريخ ١٣كانون الاول عام ١٩٧٣ حصلت الجامعة على الترخيص الرسمي بتاسيسها رثم ٣٦٣/اد باسم الهيئة التنفيذية آنذاك .الرئيس انطوني إبراهيم وامين الصندوق ميشال الجميل والامين العام مالك شلهوب.

وهكذا تم انشاء الجامعة، وكان ان حدد نظامها الاساسي في مادته الاولى أنها “مؤسسة مدنية غير سياسية وغير عنصرية وغير دينية وغير استثمارية معترف بها كممثل للانتشار اللبناني في العالم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى