رأي

هل هناك سياسة خارجية للبنان؟

 

كتب واصف عواضة:
تقول المعلومات المتوفرة عن زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان ،أن الضيف الفرنسي لم يسمع مقاربة موحدة حيال سبل معالجة الأزمة التي يتخبط فيها لبنان ،لدرجة ضج رأس الوزير بالافكار والاقتراحات التي حملها من الساحة اللبنانية.
   هذه المعلومات بالطبع لا يفترض أن تفاجئ أحدا أو تصدمه .فاللبنانيون للأسف منقسمون "حتى العظم" ،ليس في السياسة الداخلية ولا الخارجية فقط ،بل في أبسط موازين الاقتصاد والمال والمعيشة والإدارة والثقافة العامة ،حتى أنهم لم يتفقوا لغاية هذه اللحظة على مقاربة مالية مشتركة يقدمونها لمفاوضيهم في صندوق النقد الدولي .ولذلك كانت تصريحات لودريان صادمة للبعض ،حين تحدث عن الانهيار في لبنان ،داعيا اللبنانيين الى إنقاذ وطنهم.
واستنادا الى هذا الواقع ،فإن ما أسفرت عنه زيارة الوزير الفرنسي لا يعدو كونه تلك "المكرمة المتواضعة" للقطاع التربوي التي أفصح عنها لودريان ،وهي لا تتجاوز الخمسة عشر مليون يورو فقط لا غير.
أساسا لم يكن متوقعا من زيارة الموفد الفرنسي أن تقلب الموازين أو تشكل نقلة نوعية في تطورات الأزمة اللبنانية ،وواهم من كان يعتقد غير ذلك .فلا فرنسا "الأم الحنون"، ولا الأوربيون الذين شاخت بلدانهم في السياسة الدولية ، ما يزال لهم "خبز" في لبنان ولا في معظم دول العالم،في ظل الوهج الأميركي الذي يسلب العالم قراره واستقراره.
وعودة الى بدء،فإن من الطبيعي أن يخرج وزير الدبلوماسية الفرنسية من لبنان "مشوّش الأفكار"،وقد خرج غيره من قبل على هذه الصورة نتيجة غياب السياسة الخارجية اللبنانية الموحدة .فلطالما يشكو السفراء اللبنانيون في الخارج من هذه الحالة،ما يجعل البعض منهم يتصرف على هواه ،أو تبعا لسياسة مرجعيته ،وكثيرا ما يجتهد البعض الآخر ،فيخطئ أو يصيب ،ولا حسيب ولا رقيب.وجلّ ما كان يتلقاه سفراء لبنان من تعليمات في هذا المجال،أن نسّقوا مع المجموعة العربية ،وكأن السفراء العرب في الخارج على دين واحد ومقاربة واحدة.
وفي ظل هذه المعادلة ثمة من يدعو الى التزام حياد لبنان في المحافل الخارجية. وثمة أكثر من يدعو لبنان الى الخروج من "معادلة هانوي" ،وكأن لبنان تحوّل الى هانوي بإرادته ،وليس باحتلال إسرائيلي أثقل كاهله وما يزال يربض متربصا على حدوده لولا هذه المقاومة التي تشكل شوكة في خاصرته وتمنعه من التمادي في عدوانه.
في المحصلة لا تبدو حتى الآن أي نهاية لهذا النفق المظلم ،والكل ينتظر الانتخابات الأميركية ،لعل وعسى يظهر بصيص نور .لكن الأزمة اللبنانية تخطت كما يبدو انتظار "الترياق من العراق".  

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى