العالم العربيسياسة

قانون قيصر: حصار إقتصادي لغايات سياسية

 

دانييلا سعد – الحوار نيوز
على الرغم من أن المقصود هو معاقبة “نظام بشار الأسد” في سوريا بزعم ارتكابه “مجازر بحق الشعب السوري” كما جاء في مندرجات قانون قيصر، الا أنه في واقع الأمر فرصة لمعاقبة حلفاء “النظام” سيما اللذين “ساهموا وما زالوا بإبقائه على قيد الحياة”.
و لبنان أرض خصبة لتنفيذ وتطبيق القانون وممارسة أقصى أنواع الضغوطات على النظام وحلفائه في آن واحد.
الآثار السياسية وقانون قيصر:
شكلت الحكومة اللبنانية والتي يسميها البعض “حكومة حزب الله”،  لجنة وزارية خاصة لدراسة قانون قيصر وتأثيراته على الجانب اللبناني في محاولة منها لإيجاد طرق دبلوماسية لتخفيف الأثر السلبي للقانون على الداخل اللبناني، وبالتوازي لا تزال الاجتماعات الدورية مع صندوق النقد الدولي قائمة ومن أبرز النقاط التي تتم مناقشتها هو موضوع حصول لبنان على حزمة من المساعدات المالية والنقدية .
إن أول ضحايا تمنّع لبنان تنفيذ قانون قيصر هو المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي حيث تعتبر الولايات المتحدة الأميركية من أكبر المساهمين في رأسماله.
وعليه، تصبح المعادلة، كما هو جليا على الشكل التالي: لا مساعدات ما لم تتخذ الحكومة قرارا بقطع العلاقات التجارية والعسكرية مع سوريا.
واستطرادا، فإن صندوق النقد الدولي يضع مسألة الإصلاحات كبند رئيسي على طاولة الحوار وشرط أساسي للبدء ببرنامج المساعدات، ولا تقتصر هذه الإصلاحات التي ذكرت في مؤتمرات باريس السابقة فقط بل تتعداها للتركيز بشكل أساسي على ضرورة توقيف كافة أشكال التهريب وتشديد الرقابة على الحدود، فهل يشكل ذلك بابا للبحث بترسيم الحدود مع سوريا على خلفية تنفيذ مقررات مجلس الأمن 1559 و1701 وبالتالي توقيف وصول الدعم العسكري من أسلحة وتعزيزات عبر الجسور البرية من إيران الى المقاومة في لبنان؟
الآثار االاقتصادية على لبنان:
لطالما ارتبط اسم لبنان بسوريا على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والمالية والمصرفية، سوريا التي تسمى “رئة لبنان الحيوية” والتي من خلالها كان لبنان يقوم بكافة المبادلات التجارية مع الدول العربية، على الرغم من أن حجم التبادلات تراجع بعد الازمة السورية مقابل ارتفاع كبير بحجم عمليات التهريب الحاصلة نتيجة غياب إجراءات الدولة الرقابية المتشددة في هذا الخصوص.
فهل يحول قانون قيصر الشلل النصفي للنشاط التجاري الشرعي وغير الشرعي على حد سواء إلى شلل كامل؟
وعند بدء تطبيق القانون هل سيتوقف المهربون الموزعون كما هو معروف على ما يقارب ال 120 معبرا غير قانوني ، من مواصلة نشاطاتهم كالمعتاد وخاصة لجهة تهريب الأموال والوقود.
فعلى سبيل المثال لا الحصر وبحسب معلومات المصرف المركزي في لبنان فان حجم الخسائر قدر بنحو 4 مليارات دولار أميركي نتيجة تهريب مادة الفيول المدعوم الى سوريا.
يضاف الى ذلك أن المبادلات التجارية وخاصة أن التجارة عبر الطرق البحرية والجوية انعكست على لبنان سلبا نظرا لارتفاع كلفتها وبالتالي فقدان القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية في الأسواق العربية.
ثم، هل يستثني المسؤولون الأمريكيون رجال الأعمال اللبنانيين الذين لم يشاركوا في دعم نظام الأسد؟
إن سوريا هي الطريق البري الوحيد للتجار والصناعيين والمزارعين اللبنانيين لإرسال بضائعهم إلى الدول العربية.  فالاقتصاد اللبناني الضعيف لن يتحمل المزيد من الضربات اذا ما لم يتم التمييز بين التجارة الشرعية والتي تمر كترانزيت الى الخارج السوري، ثم ماذا عن موقف الدولة السورية في هذا المجال؟
أما من الناحية المصرفية، فقد أصبحت الأموال محاصرة عندما بدأ الاقتصاد اللبناني بالتفكك منذ السنة الماضية وحتى الان ،وخاصة عندما قامت المصارف اللبنانية بفرض قيود على السحوبات المصرفية للبنانيين والأجانب من سوريين وغيرهم، فلا يخفى على أحد أن الكثير من أصحاب رؤوس الأموال السوريين كانوا يودعون أموالهم لدى المصارف اللبنانية.
وسيفرض القانون تعليق كل الاتفاقيات العسكرية والهيئات التنسيقية الطويلة الأمد مع دمشق. وهي تشمل المجلس الأعلى السوري اللبناني ، وهي هيئة أنشئت بموجب معاهدة الإخوان والتعاون والتنسيق لعام 1991.
لا بد من الاشارة الى ما ورد في قانون قيصر في المادة 402 منه والتي تتحدث عن السلطة القوية الممنوحة للرئيس الأمريكي في تنفيذ القانون، فقد سمح القانون للرئيس بالتنازل عن تطبيق بعض أحكامه، وذلك  ضمن اطار الاعفاءات أو التنازلات لأسباب امنية او إستخباراتية او لأي شخص ،وأن مدة القانون خمس سنوات وهي محددة بزمن وليس بحالة، فيمكن للحالة أن تصنف سياسية مثلاً، ويأتي القرار استنسابيا  الأمر الذي يثير الريبة من استخدام القانون بهذا الشكل.
فهل ستطبق أميركا الخناق نهائيا على لبنان أو سيكون هناك بعض التراخي ارضاء لحلفائها؟
بإختصار، أنه قانون حصار إقتصادي لغايات سياسية، فهل ستعلن القوى المناهضة للولايات المتحدة موقفا مقابلا وتضع قواعد اشتباك جديدة تستهدف الأمن الغذائي لدولة الإحتلال؟
لننتظر ونر..

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى