العالم العربيرأيسياسة

تنسيق إسرائيلي – داعشي للعدوان على سوريا..والعرب يستكثرون الإدانة(جواد الهنداوي)

 

د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز

ليست المّرة الاولى ( ربما لن تكن الاخيرة ) أن تتزامن الهجمات البّرية لداعش ،والتي ادّت الى استشهاد واصابة اكثر من ثمانين مواطنا سوريا ، مع هجمات اسرائيل الجويّة على مناطق سكنيّة في سوريا ،والتي ادّت الى استشهاد اكثر من خمسة عشر مواطناً سورياً . نفذَّ ارهابيو داعش هجومهم على سوريا بتاريخ ٢٠٢٣/٢/١٧ ، و تلاه هجوم ارهابيي الكيان الاسرائيلي بتاريخ ٢٠٢٣/٢/١٩ .

 كل ما يحدث في المنطقة ،من هجمات ارهابية و مواقف سياسية و اقتصادية  ونقدية ، يتم بتخطيط وبعناية من الدوائر المعنية بخراب دول وشعوب المنطقة ( منطقة الشرق الاوسط ) .لم يكْ للصدفة دور في صيرورة ما نشهده من احداث . ويُعزي البعض ( وقد يبالغ ) الى ذات الدول ،التي تخطط وتشرف على تنفيذ خراب دول المنطقة وتجويع شعوبها ونهب ثرواتها ،وقوع الكوارث الطبيعية كالفيضانات و الزلازل .

 الهجومان الارهابيان مصدرهما واحد (إسرائيل ) ، وهدفهما واحد وهو النيل من القدرات المعنوية و العسكرية والاقتصادية لدولة ذات سيادة ، ويمّرُ شعبها بتداعيات كارثية انسانية ،الامرُ الذي يؤكدُ تجرّدِ هذا المصدر ( اسرائيل ) من ادنى مشاعر الانسانية وسُلّمْ الاخلاق .

الاعتداء المزدوج ( الداعشي الاسرائيلي ) على سوريا يضعنا امام استنتاجات .فما هي ؟

   – تسارعْ وتيرة الاعتداءات الاسرائيلية على اقطاب محور المقاومة في المنطقة ( ايران ،سوريا ) ،و تجنّب اسرائيل الاعتداء على لبنان او مصالح ومواقع حزب الله فيه  .

اسرائيل ،على ما يبدوا ،تسابق الزمن من اجل ،كما تدعيّ ،

منع امتلاك ايران قدرات نووّية او اسلحة استراتيجية ،او منع نقل اسلحة نوعية دقيقة الى سوريا والى حزب الله في لبنان . تعلمُ اسرائيل جيداً بأنّ اعتداءاتها لن تحققْ ما تدعيه ، ولن توقفْ التطورّ النوعي للسلاح الايراني و القدرات النووية الايرانية ،ولنْ تمنع من نقل السلاح المتطور والدقيق الى سوريا او لبنان او الى فلسطين  .اذاً لهذه الاعتداءات اهداف سياسية ومعنوية ،تخصُّ إسرائيل و العرب والعالم ، اكثر واهم من نتائجها العسكرية و المادية ؛ من بين الاهداف هو انتشال الداخل الاسرائيلي المهترئ  سياسياً و اجتماعياً من قاع التردي والتفكّك ، ومحاولة اسرائيلية لجرّ ايران او سوريا للرّد العسكري والمباشر على اسرائيل ، و كما اعتقد ، فإنَّ الموقف المشترك لايران ولسوريا ازاء هذه الاعتداءات هو ” تحملّ الضرر واحتواء الاعتداء والرّد غير المباشر افضل من اعطاء مكسب او منفعة لاسرائيل ” .

اسرائيل ،من خلال هذه الاعتداءات ،تبحثُ عن حرب ، ونتنياهو لا يخفي ذلك ، ولا احد يجهل ذلك ايضاً ، ولكن محور المقاومة يرّدُ ضمناً بانه ( اي المحور ) هو منَ يقرر ذلك وليس اسرائيل .لن تجازف اسرائيل بالاعتداء على مطار بيروت او مواقع لحزب الله ،يعلمُ الكيان بأنَّ للحزب رداً مباشراً ، وللكيان تجارب حروب فاشلة و مكلّفة معنوياً على جيشه و شتات شعبه مع حزب الله .

غياب ادانات امميّة او اقليمية ( الجامعة العربية ،منظمة التعاون الاسلامي) او دولية اوعربية لهذه الاعتداءات المتكررة على دول في المنطقة ( ايران و سوريا ، و الحدود العراقية السورية ) ، تجعل الكيان الغاصب في نظر ووعي الاسرائليين و المجتمع الدولي ،بأنه كيان ” لشعب الله المختار وفق التفسير الصهيوني للعبارة ” ، وتُرسّخ الاعتقاد بانه كيان ” فوق القانون ” وغير خاضع للشرعية الدولية ، و مسموح له فعل ما يشاء … وهذا هو الواقع ، وهل من دليل يخالف هذا الواقع ؟  ومن نتاجات هذا الواقع هو سيادة شعور الآخرين ( دول وشعوب المنطقة ) بالعجز وبالنقص ، ولما لا ، حتى بالذل ، وهذا هو ما تريده الحركة الصهيونبة ، ولقيطتها اسرائيل .

    – تكرار هذه الاعتداءات وعدم ادانتها يوّكد ما نكتبه ونكرره عن كذبة وخدعة مبدأ ” أمن و استقرار المنطقة ” ،الذي أحدثتهُ الدوائر الامبريالية و الصهيونية  والرجعية  منذ خمسينيات القرن الماضي وبعد احتلال فلسطين ، واصبحت هذه الخدعة راسخة في الوعي الجمعي والاعلام الرسمي والعمل الدبلوماسي  والمواقف السياسية ، وماهي الا مُبرّر لديمومة وامن وهيمنة اسرائيل . وكأنَّ احتلال اسرائيل لارض فلسطين والجولان والاستمرار في بناء و توسيع المستوطنات و تشريد وقتل الشعب الفلسطيني ، وتكرار الاعتداءات على دول المنطقة وممارسة اغتيال عقول و كفاءات ابناء العرب والمسلمين ، هي افعال من اجل ” امن و استقرار المنطقة ” !

 لماذا يستكثر العرب على شعوبهم وعلى تاريخهم واجب ادانة اعتدادات اسرائيل على شعبهم في سوريا ،وعلى امن واستقرار المنطقة ؟

لماذا لا تصدح الدول العربية و الجامعة العربية بادانات واضحة وصريحة لكل جريمة اعتداء ترتكبها إسرائيل على شعوب المنطقة ، وبحجّة ” أمن و استقرار المنطقة ” ؟

اذا كان مانع بيان الادانة هو مجاملة امريكا ، والحيلولة دون تفسيره دعماً للحكومة السورّية ،فليتذرعوا بما تردّده امريكا ” امن و استقرار المنطقة ” ليظهروا ايضاً حرصهم على امن واستقرار المنطقة ، وحرصهم على عدم انزلاق المنطقة نحو حرب طاحنة جديدة .

اعتقد أن عدم ادانة العدوان الاسرائيلي على سوريا لا يعبّر عن موقف الشعوب ،التي برهنت ، في تضامنها وتبرعاتها ، عن انتمائها الانساني و الاسلامي والعروبي مع سوريا دولةً وشعباً ،خلال كارثة الزلزال التي حلّت بسوريا و بتركيا.

*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى