العالم العربيسياسة

ليبيا: أخبار الميدان وضوء على أبعاد التدخل التركي

 

الحوارنيوز – خاص
أفاد المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الوطني الليبي، اليوم الجمعة، أن القوات المسلحة تتقدم إلى محمية الهيشة شرقي مصراتة.
كما أكد الجيش الليبي أن قواته كبدت ميليشيات "الوفاق" مزيدا من الخسائر.

وكان الجيش الليبي أحكم السيطرة مطلع الأسبوع على مدينة سرت الساحلية (450 كلم شرق طرابلس و250 كلم على مصراتة)، التي كانت تحت نفوذ "قوة حماية وتأمين سرت" التابعة لقوات "الوفاق"، بعد عملية عسكرية خاطفة ومفاجئة، وضعت الجيش وجهاً لوجه مع مدينة مصراتة ذات الثقل العسكري والسياسي وحتى الاقتصادي في الغرب الليبي.
إلى ذلك، رفض الجيش مساء الخميس المبادرة الروسية الداعية إلى وقف إطلاق النار بداية من يوم الأحد المقبل، وأعلن مواصلة عملياته العسكرية حتى تحرير العاصمة طرابلس ممن وصفهم بـ "الجماعات الإرهابية والمليشيات المسلّحة" في إشارة إلى القوات التي تقاتل إلى جانب حكومة الوفاق الليبية في طرابلس..

من جهة أخرى أعدت الزميلة رزان أيوبي تقريرا عن أبعاد التدخل التركي في ليبيا والذي ساهم بتأجيج الصراعات المسلحة على حساب العملية السياسية التي كانت تقودها الأمم المتحدة، وجاء في التقرير الذي نشر في موقع أوغاريت بوست:
أخذ الانخراط التركي في ليبيا بعداً متصاعداً، مع توقيع حكومة الوفاق الليبية والحكومة التركية، قبل أيام، في اسطنبول، على مذكرتين تنصان على تحديد مناطق النفوذ البحري بين الطرفين، وتعزيز التعاون الأمني بينهما، الأمر الذي اعتبرته مصر واليونان وقبرص، إجراء لا يترتب عليه أي أثر قانوني، فيما اعتبره البرلمان الليبي خيانة عظمى من جانب رئيس حكومة الوفاق وخطراً على الأمن العربي، ورغم أن التدخلات التركية في ليبيا ليست حديثة، إلا أن مراقبين يرون في الخطوة الأخيرة محاولة تركية لشرعنة دعمها العسكري لحكومة الوفاق من جهة، وضمان الوصول إلى مصادر الطاقة في المتوسط والداخل الليبي من جهة ثانية.
في تحدٍ لدول المتوسط.. توقيع مذكرتي تفاهم بين أنقرة وحكومة الوفاق لترسيم الحدود البحرية وتعزيز التعاون الأمني
ووقعت حكومة الوفاق الوطني الليبية والحكومة التركية، الأربعاء الماضي، في مدينة اسطنبول، بحضور الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، فايز السراج، على مذكرتين تنص أولاهما على تحديد مناطق النفوذ البحري بين الطرفين، فيما تقضي الثانية بتعزيز التعاون الأمني بينهما.
وعلى إثر ذلك، أصدرت اليونان وقبرص ومصر بيانا مشتركاً اعتبرت فيه أن توقيع مذكرتي التفاهم حول التعاون الأمني والمناطق البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية إجراء لا يترتب عليه “أي أثر قانوني”.
واعتبرت مصر واليونان خلال لقاء جمع وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أمس الأحد، مع نظيره اليوناني، نيكوس دندياس، في القاهرة، أن رئيس المجلس الرئاسي الليبي، فايز السراج، تجاوز الصلاحيات المقررة في اتفاق الصخيرات؛ الذي وقعه المشاركون في الحوار الليبي يوم 11 يوليو/تموز 2015 براعية أممية، وذلك بالتوقيع على مذكرات مع دول أخرى خارج إطار الصلاحيات المقررة في اتفاق الصخيرات.
على غرار بقية الدول العربية.. انتفاضة 2011 بداية التدخل التركي في ليبيا
التدخل التركي في ليبيا جاء قبل ثماني سنوات، بعد اندلاع “انتفاضة” عام 2011 ، على غرار تدخلاتها في دول عربية أخرى، مثل سوريا والعراق؛ للمساهمة في إعادة رسم خريطة تلك الدول على النحو الذي يتوافق مع رغبة الرئيس رجب طيب إردوغان (العثمانية الجديدة).
أما العنصر المشترك الذي تستخدمه تركيا “مطية” لشرعنة تدخلاتها فهو الإخوان المسلمين والجماعات المتشددة الأخرى، ووفقاً لنواب برلمانيين تحدثوا لصحيفة “الشرق الأوسط” في وقت سابق، أنه منذ انتفاضة 2011 بدأت أنقرة بإستضافة قيادات يتهمها القضاء الليبي بـ التورط في جرائم عنف وإرهاب والإضرار بالأمن القومي، مثل عبد الحكيم بلحاج ـ المتهم بالاستيلاء على أموال طائلة، بالإضافة إلى علي الصلابي، المدرج  اسمه في “قوائم الإرهاب” وكذلك قيادات ينتمون لـ “مجلس شورى بنغازي” المصنّف “تنظيماً إرهابياً”، ومنهم أحمد المجبري، وطارق بلعم. كما اتهمت تقارير عدة انقرة بنقل عناصر تنظيمات متشددة (داعش والنصرة) من سوريا إلى ليبيا.
شحنات أسلحة ووثائق مسربة تكشف التورط التركي في ليبيا
ومنذ اندلاع النزاع المسلح بين الجيش الوطني الليبي، المؤيد لمجلس النواب، بقيادة المشير، خليفة بلقاسم حفتر، والجيش الليبي المؤيد لحكومة الوفاق، برئاسة فايز السراج، دخلت تركيا بثقلها على خط القتال الدائر، حيث قدمت تركيا دعماً عسكرياً لحكومة الوفاق، تمثلت بعشرات شحنات الأسلحة المهربة إلى مسلحي حكومة الوفاق، رغم القرار الأممي القاضي بحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا. وضبط شحنات أسلحة تركية محملة على متن سفن، كان آخرها السفينة التي تحمل اسم “أمازون”، محملة بآليات عسكرية وأسلحة متنوعة، قبل أن تصل إلى ميناء طرابلس. وتشمل هذه الشحنات طائرات بدون طيار ومدرعات تركية وأسلحة فردية، إضافة إلى عسكريين ومختصين لتدريب مقاتلي الميليشيات وتشغيل الطائرات المسيرة.
فيما كشفت وثائق ليبية مؤخراً وجود تحويلات مالية من عدة جهات محلية لشركة SSTEK التابعة لرئاسة صناعات الدفاع التركية التي يرأس إدارتها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وبحسب الوثائق المسربة طلبت وزارة داخلية حكومة الوفاق من مصرف ليبيا المركزي تحويل مبالغ في عدة مناسبات لصالح الشركة التركية، لغرض ما سمته توريد احتياجات خاصة لصالح وزارة الداخلية.
وتملك شركة BMC التركية المتخصصة في صناعات الآليات المدرعة التركية؛ وهي الشركة التي صدرت الآليات المدرعة إلى طرابلس قبل أشهر لدعم الميليشيات هناك 55 % من شركة  SSTEK
وكان تقرير للأمم المتحدة قد كشف في وقت سابق انتهاك تركيا لقرارات حظر التسليح، مؤكدا اتهامات وجهها الجيش الوطني الليبي إلى تركيا بمساعدة الميليشيات التابعة للوفاق في طرابلس.
وفور توقيع مذكرتي التفاهم الأخيرة، أعلنت حكومة الوفاق عن دفعة جديدة من شحنات الأسلحة التركية، يرتقب وصولها إلى طرابلس.
البعد الاقتصادي وإخوان المسلمين المحركين الرئيسيين للتدخلات التركية في ليبيا والبلدان العربية
يشكل البعدين الاقتصادي والإيديولوجي دافعين أساسيين لحكومة العدالة والتنمية، برئاسة أردوغان، في معظم تدخلاتها في شؤون الدول العربية، وقد يفهم البعض دوافع تركيا للتدخل في سوريا أو العراق، لجهة الحدود المشتركية التي تجمعها مع البلدين، ولكن ليبيا التي تبعد آلاف الكيلومترات عن الأراضي التركية، تؤكد أطماع تركيا أردوغان في المنطقة، بحسب مراقبين.
أما الشق الاقتصادي بحسب هؤلاء، فيتمثل برغبة أنقرة ترسيخ وجودها في البحر المتوسط، وإعطائها طابعاً شرعياً من خلال الاتفاق الأخير، مع حكومة سراج في ليبيا، والذي يرسم الحدود البحرية بين الطرفين، وذلك بعد الرفض الأوروبي لعمليات التنقيب التي تجريها سفن تركية في البحر المتوسط، على السواحل القبرصية (الجرف القاري). فيما وصفته اليونان بأنه أمر مناف للعقل من الناحية الجغرافية لأنه يتجاهل وجود جزيرة كريت اليونانية بين الساحلين التركي والليبي. وبالإضافة إلى البحر المتوسط تطمح تركيا بمصادر الطاقة في الداخل الليبي، وكذلك مشاريع إعادة الإعمار واستثمارات مستقبلية في البلاد، بحسب خبراء
وفيما يتعلق بالشق الإيديولوجي فإن المحرك الرئيسي للتدخلات التركية في الدول العربية، هي الإخوان المسلمين وارتباطاتها المتينة مع حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ويرى محللون أن الهدف من تدخل تركيا في الشأن السوري وقبلها في مصر، هو نفسه الذي يحركها للتدخل في ليبيا، وهو دعم مشروع الإخوان في حكم البلدان العربية والسيطرة على مقدراتها، وكذلك محاولة الاقتراب من حدود مصر التي أفشلت مشروع الإخوان المسلمين، بحسب هؤلاء.


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى