رأي

الرد الإيراني بين سقفين: الحرب المفتوحة أو ..”الضربة الذكية”(علي يوسف)

 

كتب علي يوسف – الحوار نيوز

 

ليس سرا وليس من باب الذكاء والاكتشاف القول إن هدف الضربة الصهيونية للقنصلية الايرانية في دمشق هو محاولة مزدوجة لإدخال ايران والولايات المتحدة الاميركية في الحرب الدائرة بأشكالها المتنوعة في المنطقة …

وليس سرا ان العدو الصهيوني يحاول ازالة  التغطيات وكشف “الباطنية الايرانية  “التي باتت كل قوى المقاومة تعتمدها في عملها، وان  تكن هذه الباطنية تُظهر شكلا، تشوهات في منطق المواقف والتصريحات ، واحيانا  تؤدي الى تشوهات في الوعي وعلامات استفهام وتشكيك تُعيد التطورات ضبطها من ضمن الباطنية عينها التي تحدد الاهداف والالتزامات، وتُبرز العمل الجدي والدؤوب وتُبقي المسارات تحت سقف الغموض، وآخرها سقف الميدان غير المحدد النطاقات والتكتيكات وشروط الانتقالات المرحلية وشروط الانتقال من التكتيك الى الخطوات الحاسمة وماهيّة مرحليات الخطوات الحاسمة، وإلى اين الاستمرار بمكتسبات النقاط وأيّها النقطة التي تنقلنا الى  خطوات الحسم،  والى اي حد يمكن الاستمرار في تحمل المجازر والعدوانات المتنوعة والفجور الغربي والفجورالعربي.

لا شك بأن ايران سترد على الضربة، ولكن الرد مايزال مبهما بين سقفين: سقف الدخول بالحرب المفتوحة التي تستدعي التدخل الاميركي والغربي المباشرين، وسقف ما يُسميها البعض “الضربة الذكية ” التي لا تقلل من نوع الرد، ولكنها تبقينا على حد باطنية الميدان ….

لن ادخل في تقييم هذه السياسات لأن ذلك لن يقدم ولن يؤخر، وقد يُفهم خطأً فيذهب البعض في التقييم الى حيث لا أريده، كما تجري العادة حاليا في  التفسيرات و كما حصل مثلا في تفسير قول سيد المقاومة بعد حرب ٢٠٠٦ “لو كنت اعلم ..”..

ولكن ما اود قوله متابعة  لما قلته سابقا حول رؤيوية الميدان  في رفع السقف السياسي في الحرب الدائرة بأشكالها وقواها، هو ان الشروط التي وضعتها  هذه الحرب على الطاولة والتي هي حكما انطلقت من شروط عملية  طوفان الاقصى الفلسطينية والرد الصهيوني عليها  وتطورت الى شروط  باتت لا تلامس  فقط الحرب الوجودية  للكيان الصهيوني الغاصب،  بل تتعداها الى رسم ملامح  توازن دولي جديد  …

لن اتوسع في هذا الامر حاليا، ولكن  من باب تحديد الاتجاهات اقول اننا امام احتمالين :

– اما ان يستطيع الكيان الصهيوني استعجال جر ايران والولايات المتحدة  الى حرب اقليمية مفتوحة …مستبقا في ذلك اكتمال محاور التوازنات الدولية الجديدة تجنبا لأخذ الحرب الى صراع ما فوق الاقليم  ..

– او ان تنجح الباطنية الايرانية وقوى المقاومة في تطوير باطنية الميدان واستعجال تكوين محور التوازن الشرقي، بحيث لا تنحصر المواجهة المقبلة الآتية حكما وقريبا جدا بين محور المقاومة وبين الولايات المتحدة الاميركية والدول الغربية فقط، بل تتعداها الى  مواجهة بين محورين على المستويين الاقليمي والدولي،  بما يعطي المواجهة البعد التاريخي الذي  يحقق توازنا جديدا، ما بين انهيار الرأسمالية الغربية لمصلحة  نظام الفجور المافيوي اللاقيمي واللاأخلاقي واللاإنساني، وما بين صعود محور شرقي متمسك باعتماد القانون الدولي القائم على العدالة والحقوق والقيم ،وبما يعيد احياء نظام رأسمالي يقيم اعتبارا للإنسان والعدالة الاجتماعية والتنمية والأنظمة المجتمعية.

قد يعتبر البعض ان هذا الكلام سابق لأوانه،  ولكن من رأى ما حصل امس في مستشفى الشفاء في غزة، ليس لجهة تدمير المستشفى ومتابعة الابادة الوحشية فقط،  بل ايضا سحل الجثث الوحشي بجنازير الدبابات ، ومن ثم ضرب القنصلية الايرانية في دمشق ..ومن رأى الانخفاض المريع في مستوى ردود الفعل  الدولية  على ذلك رغم الصراعات الدولية المعروفة والحادة … من  رأى كل ذلك يدرك ان امام الميدان ومحور المقاومة عملا يفوق الرتابة المعتمدة والتطورالبطيء للسقوف السياسية، والتي لا تتناسب مع تطور المأزق الصهيوني الذي يدفع  بقيادة الكيان الصهيوني المغتصب الى الهروب الى الامام، وتفعيل الاسراع  في جر المنطقة الى الحرب الاقليمية التي تستند هي فيها الى مشاركة المحورالغربي، بما يُثقل المعركة على محور المقاومة الذي لم يجهز بعد !!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى