سياسةمحليات لبنانية

قولوا لأغنيائنا!


  
هذه المقالة نشرت في جريدة " الحياة " البيروتية
بتاريخ 4 /7 / 1951،تعيد "الحوارنيوز" نشرها، نقلاً عن صفحة هناء مروة، نظرا لرهانيتها ودلالاتها ولما تضمنته من ربط موضوعي ومنهجي بين الغنى والفقر، في زمانه وكل زمان.
—————–
    قولوا لهؤلاء:  
أيها الناعمون في الأبراج الخُضُر، والصُفر والبيض .. أيها المتطاولون أعناقاً، المنتفخون أوداجاً، المتحيِّرون بين " الفقر " تجذبكم إليه نفوسٌ قاحلةٌ مجدِبة، وبين " الغنى" تدفعكم إليه " أرقامٌ " مرصوفةٌ بعضُها فوق بعض ٍ طبقات ..
    قولوا لهم  :
يا هؤلاء، من أين لكم هذه " الأبراج " العالية، وهذه الأعناق المتطاوِلة، وهذه الأوداج المنتفخة وهذه " الأرقام " المتراكمة .. من أين لكم هذه لوْلا عيون ٍ قَرَحها السهَرُ وهي تكافح الحاجة، ولوْلا سواعدَ أجهدها العمل وهي تغالب المخاوف، ولوْلا دفَقاتٍ من عَرَقِ الأجساد الضاوية وهي تناضل الحرمان ؟
    قولوا لهم :
لقد أثْريتم – يا هؤلاء – من نكبة أبناء البلد ، وانتفختم من كدح سواعدهم ، وسمِنتُم من نضح هزالهم وتعاليتم من نُبل تواضعهم ، فلم تُنفقوا أنتم جهداً ، ولم تبذلوا من أنفسكم عزيمة ، ولم تملكوا من هذا الثَّراء الباذخ وسيلةً من فكر، او عبقرية ، أو علم ، أو تدبير ..
    قولوا لهم
لقد كسبْتم – يا هؤلاء – هذا الثراء من محنة الشعب وسوء النظام ، واختلال الموازين ، وانحراف المقاييس ، واحتكار الأقوات ، والاحتيال على الأنظمة والقوانين .. فانظروا –إذن – إلى ثراءٍ ، هذه " أشرف " وسائله !
   قولوا لهم  :
هذا عيدٌ من أعياد الشعب يطلعُ غداً على الآباء والأمهات والأطفال، فإذا ألفُ قلبٍ كسير إلى جانب قلبٍ واحدٍ من قلوبكم، غارقٍ بالهناءات والطيبات، وإذا ألفُ عين ٍ محرومةٍ إلى جانب عين ٍ واحدة، من عيونكم، سابحةٍ بالبهجات والمشتهَيات 
   قولوا لهم  :
ليس على المحرومين المنكوبين من أبناءِ شعبكم أن يتحمّلوا وحدُهم أعباءَ النكبة، لكنْ على كلِّ واحدِ من أبناءِ الوطن أن يحملَ نصيبه الحق، ونصيبكم أنتم -أيها الأثرياء -أوفر كل نصيب لأن ثرواتِكم الباذخة لم تجِئْكم إلا من نكبةِ كلِّ واحدٍ منّا جميعاً ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى