قالت الصحف: من تسبب بالأزمة المالية والمصرفية يعرقل الحلول!
الحوارنيوز – خاص
اجتمعوا وأجمعوا على صناعة أسباب الأزمة التي أوصلت البلاد الى مأزق الإفلاس، حتى أسلموا لحكومة إنقاذ قررت أن تواجه التحديات برصيد ضعيف لكنه رصين وغير متآكل.
وها هم اليوم منقسمون حيال إقتراحات الحلول المحدودة على خلفية مصالحهم السياسية! وقد عكست بعض الصحف هذه الأجواء اذا اعتبرت أن ارتفاع سعر صرف الدولار هو ارتفاع سياسي وليس تقنيا مرتبطا بالأزمة المالية والمصرفية التي انتجوها بإرادة جامعة سابقا!
• صحيفة "النهار" عنونت:" سقف سياسي جديد للدولار والانتفاضة إلى التصعيد" وكتبت تقول:" فيما تقترب الحكومة مبدئياً من اعلان خيارها النهائي الحاسم في شأن ملف استحقاق "الاوروبوند" والذي سيكشفه رئيس الوزراء حسان دياب السبت اذا لم يطرأ ما يبدل هذا الموعد، بدا أمس ان تداعيات الازمة المالية برمتها عادت لتثقل بقوة على مجمل المشهد الداخلي، علماً ان البلاد لم تشهد أي سابقة من حيث مناخ مأزوم ومشدود كهذا في ظل سياق خيالي بين تداعيات الازمة المالية وازمة فيروس كورونا. وقد ثبت ما أوردته "النهار" أمس من ان الاتجاه الحكومي الغالب لا يزال عدم تسديد قيمة سندات استحقاق 9 آذار البالغ ملياراً و200 مليون دولار واطلاق مفاوضات مع حملة السندات المحليين والخارجيين لاعادة برمجة الاستحقاقات، بينما أظهرت المعلومات المتوافرة عن الاجتماعات الكثيفة التي تواصلت أمس في السرايا الحكومية من مصادر معنية ان نتائج هذه الاجتماعات لا يمكنها تجاوز اهمية التحفظات والمحاذير التي أبدتها جمعية المصارف وافرقاء ماليون معنيون آخرون يتخوفون من الاثر الذي سيحدثه تخلف لبنان عن سداد ديونه للمرة الاولى ولو امتلك كل العوامل والاسباب والظروف المخففة والمبررة لهذا التخلف.
وقالت المصادر إنه على رغم الكتمان الشديد الذي تحاط به الاجتماعات الجارية لبت القرار النهائي للحكومة في شأن "الاوروبوند"، فإن البحث بلغ كما يبدو مراحله النهائية حول السيناريو التنفيذي التقني الذي يشمل عملاً أساسياً للاستشاريين الاجنبيين القانوني والمالي للحكومة لاطلاق مفاوضات اعادة البرمجة والهيكلة بعد اتخاذ القرار، واستنفدت تقريباً دراسة كل الاحتمالات التي ستترتب على هذا الخيار كما على خيار التزام التسديد بوجهيهما الداخلي والخارجي سواء على صعيد المالية العامة للدولة أو على صعيد العلاقات الخارجية. وأضافت المصادر أنه بعد اعلان القرار النهائي في شأن "اليوروبوند" ستكون للحكومة استحقاق اخر يتصل بالخطة المالية الداخلية والتي تردد امس ان رئيس الحكومة قد يكشف تفاصيلها بعد العاشر من آذار وهي تتضمن اجراءات وصفت بانها مؤلمة واضطرارية وغير شعبية للخروج من المأزق المالي الكبير والمعقد.
وقد تابعت جمعية المصارف مشاوراتها مع الحكومة، توصلاص الى تنظيم أي قرار محتمل بالتخلف عن السداد، نظرا الى المخاطر الكبيرة التي سيرتبها قرار كهذا قبل الجلوس الى الطاولة مع الدائنين والتفاوض في شأن الشروط الجديدة لاعادة هيكلة السندات.
وعلم في هذا المجال ان المصارف اقترحت حلاً يمكن ان يشكل مخرجا من المأزق الذي بلغه ملف "الاوروبوند" في ظل التباين الواضح بين القوى السياسية الداعمة للحكومة حيال الخيار الواجب السير فيه.
وفهم ان الاقتراح الذي عرضته المصارف لا يزال يلقى معارضة من داخل الحكومة كما من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعلن صراحة موقفه عبر زوار لقاء الاربعاء النيابي، فضلاً عن بعض المستشارين لدى رئيس الوزراء.
وكشفت المعلومات المتوافرة لدى "النهار" ان "حزب الله"، خلافاً لما يتم تداوله، لا يعارض الاقتراح المصرفي، خصوصاً أنه يدرك ان البديل قد يكون الفوضى. أما الاقتراح فيرمي الى تأمين تمويل يغطي دفعة من الاصدارات الثلاث للـ"الاوروبوند" المستحقة في آذار ونيسان وحزيران، تمهيداً لإتاحة الوقت للحكومة لتعزيز موقعها التفاوضي والاستعداد للجلوس مع الدائنين لوضع برنامج لاعادة الجدولة. وفي حين تحفظت مصادر مصرفية عن كشف مصادر التمويل المتاحة، كشفت ان الحكومة لا تزال رافضة للاقتراح، دافعة في اتجاه اعلان التخلف، على رغم ضيق الوقت المتاح لاعادة الجدولة، وعدم تقديمها أي خيار بديل بعد.
غير ان الرئيس بري رأى "ان غالبية الشعب اللبناني وكذلك المجلس النيابي، ترفض رفضاً مطلقاً الدفع المسبق (لـ"الأوروبوند")، والمطلوب دعم الحكومة من الجميع لهذا الموقف ولو أدى الى التعثر". وقال في حضور غالبية ممثلي الكتل النيابية في "لقاء الاربعاء" في عين التينة: "المصارف التي أوصلتنا الى خسارة نسبة الـ75% من الدَّين تتحمل المسؤولية مع الشارين الأجانب، فإذا ارادوا إعادة الهيكلة من دون قيد أو شرط ومن دون دفع أي مبلغ أو نسبة من المبلغ أو فائدة فليكن، عدا ذلك فإننا مع أي تدبير تتخذه الحكومة عدا الدفع هذا، ومرة أخرى المسّ بالودائع من المقدسات".
• صحيفة "الاخبار" عنونت:" اسقِطوا السرية المصرفية" وكتبت تقول:" لم يعد بالإمكان المماطلة أكثر. السريّة المصرفية يجب أن تسقط اليوم قبل الغد. كل يوم يمرّ على بقائها يعني بقاء أحد أهم مزاريب الفساد مشرّعاً. أمس، خطت اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة خطوة إلى الأمام، لكن ناقصة. أقرّت رفع السرية المصرفية عن العاملين في الشأن العام، لكنها لم تمسّ بامتيازات المتهرّبين من الضريبة المحميّين بتلك السرية. الحكومة ربما تسدّ ذلك النقص. ستدرس قانوناً أبعد مدى قدّمته وزيرة العدل. المشروع بدوره ناقص، كونه لا يُسقط السرية المصرفية بالكامل. لكنه يتضمّن تعديلاً لقانون ضريبة الدخل، يفتح الباب أمام التخفّف من قوننة التهرّب الضريبي والإثراء غير المشروع، بذريعة "السرية المصرفية". يبقى المطلوب واحداً: إسقاط السرية المصرفية بالكامل، لا بسبب سيئاتها وحسب، بل لأنها فقدت جدواها أيضاً.
شكّل قانون السرية المصرفية عند إقراره في 3 أيلول 1956 تحوّلاً جذرياً في المسار النقدي والاقتصادي في لبنان. فما إن أقرّ حتى فُتحت خزائن المصارف أمام الأموال والرساميل الهاربة من بلدانها، فكان أن تكونت سيولة ضخمة. اليوم، تغيرت الأمور تماماً. عنصر الجذب تعطّل. النظام الضريبي العالمي الذي انضم لبنان إليه أفرغ هذه الميزة من مضمونها. الثروات الأجنبية المخبأة في المصارف، صارت مكشوفة بحكم دخول لبنان في مجموعة من المعاهدات التي فرضت عليه إقرار قانون تبادل المعلومات الضريبية. ذلك أدى عملياً إلى إلغاء السرية المصرفية أمام الإدارات الضريبية الأجنبية، على رأسها الأميركية. مع ذلك، ظلت الودائع تتدفق إلى لبنان وإن بوتيرة أقل، وأبرزها من لبنانيين مغتربين، بسبب الفوائد العالية التي تقدمها المصارف.
بعد الأزمة المالية غير المسبوقة، التي كانت أوّل تداعياتها مصادرة المصارف لأموال المودعين، سقطت كل عوامل الجذب التي كان يؤمّنها النظام المصرفي اللبناني… وبالتالي سقط النظام المصرفي، بالشكل الذي كان معروفاً به. هذا يعني تلقائياً عدم جدوى استمرار السرية المصرفية، التي تحولت عملياً إلى أداة لجريمتين: التهرب الضريبي والإثراء غير المشروع.
منذ سنوات، يناقش تعديل قانون السرية المصرفية في مجلس النواب. وصل اليوم إلى نهاية الطريق، بوصفه جزءاً من سلسلة قوانين تتعلق بمكافحة الفساد، أبرزها:
قانون الإثراء غير المشروع، الذي ينصّ التعديل المقترح عليه على أن يصرّح أي مواطن يتولى مسؤولية عامة عن أملاكه في الداخل والخارج عند تعيينه، ثم كل ثلاث سنوات، وبعد انتهاء عمله.
قانون استرداد الأموال المنهوبة الذي يتضمن آلية تعقّب وطلب واسترداد الأموال من الخارج، بعد ثبوت تورط أصحابها بالإثراء غير المشروع.
قانون إنشاء هيئة مكافحة الفساد، الذي أقرّه مجلس النواب وردّه رئيس الجمهورية رفضاً للتمييز بحق الحزبيين الذين يمنع القانون أن يكونوا أعضاء في الهيئة، ويُتوقع أن يعود المجلس ليؤكد عليه ترسيخاً لاستقلالية الهيئة.
• من جهتها عنونت صحيفة " الجمهورية": " الليرة ضحية مافيا التلاعب بالعملة … وتغطية رئاسية لقرار عدم دفع السندات" وكتبت تقول:" من دون أي رادع قانوني أو أخلاقي، تحرّكت "مافيا" اغتيال العملة الوطنية، من جديد، وحوّلت أوكار الصيرفة الى مسالخ لذبح الليرة، وغرف سوداء لدقّ أسافين خطيرة في البنيان اللبناني المتصدّع اقتصاديًا وماليًا، تهدّد بمزيد من الإفقار للشعب اللبناني.
هي جريمةٌ تُرتكب بحق البلد واهله، وفي الوقت القاتل اقتصاديًا وماليًا ومعيشيًا واجتماعيًا، وصحيًا، مع تعاظم القلق والخوف من ان يتغلّب فيروس "كورونا" على كل الإجراءات الوقائية المتواضعة التي تُتخذ في مواجهته، ومنع تفشيه في الأرجاء اللبنانية، مع ما لذلك من عواقب وخيمة، علمًا انّ عدّاد الإصابات سجّل في الساعات الماضية حالتين جديدتين، ليرتفع بهما العدد الإجمالي لحالات الـ"كورونا" في لبنان الى 15 حالة.
إغتيال الليرة جريمة موصوفة بحق البلد واهله، تُرتكب في وضح النهار، وعلى مرأى ومسمع اصحاب القرار، ويردّها مرتكبوها الى مقولة "العرض والطلب"، التي قفّزت الدولار الاميركي الواحد امس، الى ما فوق الـ2700 ليرة، ومجال التحليق مفتوح الى ارتفاع، فيما هم يتغطّون بشلل الدولة وعجزها، لا بل بإفلاسها واستسلامها لهذه المافيا، التي تتعالى الاتهامات في الاوساط الشعبية، وحتى السياسية، بأنّ هذه الجريمة تُدار من غرف مصرفيّة خاصة، وبتغطية مباشرة أو غير مباشرة، من مؤسسات مالية كبرى!
وما يثير الريبة في هذا المجال، أنّ أصوات من يُفترض أنّهم في موقع المسؤولين عن الدولة واهلها، قد اختفت بالكامل، ولم يبد اي منهم رفضاً او استنكاراً لهذا "الشفط المنظّم" لجيوب الناس، وبلع ما تبقّى فيها من قدر قليل من اموال يسدّون فيها حاجاتهم واولويات واساسيات عائلاتهم، فيما "مصرف لبنان" لم يرف له جفن، ويبدو وكأنّه على الحياد، أمام ما ترتكبه أوكار الصيرفة بالتعاطي مع الليرة اللبنانية كعملة متهالكة، كانت من نتيجتها الفورية تحرّك التجار، واعلانهم فلتان اسعار السلع الاستهلاكية الى حدّ بدأت معه القدرة الشرائية للمواطن تتدرّج نحو الانعدام.
المناخ الشعبي العام، يعكس حالاً يُرثى لها؛ الناس بكل فئاتهم، أُقفلت في وجههم سبل الخلاص والفرج، لم يعد لديهم ما يأملون به، في دولة صاروا كلهم ضحايا حكّامها وسياساتها والمهيمنين عليها، يعتبرونها ميّتة، فقدوا فيها الراعي الصالح، وقدرة التحمّل. لم يعد الجوع على الابواب، بل دخل الى قلب البيوت، والاحتقان يتعاظم، وبدأ يقرّب المسافة شيئًا فشيئًا، من اللحظة الحاسمة، لسلوك الناس احد الطريقين المتبقيين امامهم، يوصل الأول نحو الفوضى القاتلة اقتصاديًا واجتماعيًا ومعيشيًا وحتى امنيًا، ويقود الثاني الى ثورة شعبية عارمة ضد لصوص الهيكل، عنوانها لقمة العيش.