رأي

الفيتو الأميركي: نعم… أنا قاتل (أكرم بزي)

 

كتب أكرم بزّي – الحوار نيوز

 

“ما أراه حقاً فهو حقٌ لي”…

هذه هي أميركا وهذه “معايير الحرية والديمقراطية” التي تتشدق بها الولايات المتحدة الأميركية منذ نشأتها ولغاية هذه الساعة.

أكثر من 600 تظاهرة في أميركا طالبت بوقف الحرب على قطاع غزة وأكثر من 3700 في العالم، والاحتجاجات ما زالت مستمرة على حرب الإبادة التي تشنها أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكل المتواطئين معها على بقعة مساحتها لا تتجاوز مساحة مدينة صغيرة من إحدى مدن الدول المذكورة أعلاه.

رئيس الولايات المتحدة الأميركية جو بايدن ووزير خارجيته جاءا في المرة الأولى وأعطيا الضوء الأخضر “لإسرائيل” لشن حرب الإبادة في 7/10/2023، ومن ثم تم تمديد المهلة مرة ثانية بعد انتهاء فترة الهدنة، وها هي المرة الثالثة بعد قرار “الفيتو”، بعدما فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم الجمعة، في تبني مشروع القرار الذي حصل على دعم 13 عضوا بالمجلس وامتناع عضو واحد عن التصويت، هو بريطانيا، بينما استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو).

هاري ترومان وجو بايدن وجهان لعملة واحدة هي أميركا… الدولة الوحيدة في العالم التي استعملت القنابل النووية لتدمير هيروشيما وناكازاكي ضد الإمبراطورية اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية في آب 1945، عندما قصفت مدينتي هيروشيما وناجازاكي باستخدام قنابل نووية بسبب رفض تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام، وكان نصه أن تستسلم اليابان استسلاما كاملا بدون أي شروط، إلا أن رئيس الوزراء الياباني سوزوكي رفض هذا التقرير وتجاهل المهلة التي حدَّدها إعلان بوتسدام. وبموجب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس هاري ترومان، قامت القوات الأميركية بإلقاء القنابل النووية على  مدينتي هيروشيما وناجازاكي في السادس والتاسع من شهر آب عام 1945.  

اميركا… التي سُئلت وزيرة خارجيتها مادلين أولبرايت هل يستأهل الهجوم وتدمير العراق قتل نصف مليون طفل لا علاقة لهم بما يجري، أجابت نعم!

إنها حرب على الحضارات والقيم والأخلاق والاطفال والنساء وضد كل من يقول “نعم للحرية”، إذ لا مكان للأحرار في هذا العالم، فكل حر هو مشروع اغتيال في المعايير الأميركية.

الكاتب الروسي مكسيم غوركي يقول: إن هؤلاء الأميركيين لديهم كل شيء يتمناه الإنسان ،إلا شيئ واحد وهو الإحساس بالإنسانية، ولذلك عندما دخل الأديب الإيرلندي “أوسكار وايلد” ميناء نيويورك واستوقفه شرطي الجمارك وسأله: هل لديك ممنوعات؟ فأجابه: نعم أحمل معي إنسانيتي”.

العجب كل العجب من مثقفين وإعلاميين ونخب المجتمعات، وخاصة اللبنانيين منهم الذين لم يرو هذه الحقيقة بعد، ولم يشاهدوا كل هذه الملايين الذين خرجوا تأييداً للقضية الفلسطينية وضد “الكيان الصهيوني” والصلافة الأميركية التي تواجه بها الشعوب، كيف لهم أن يقفوا مع الجلّاد ومع القتلى، إن كان بسكوتهم عما يجري أو بدعمهم من خلال انتقاداتهم العلنية لمن يدافع عن لبنان وعن شرف وكرامة الأمة العربية وشعوبها. كيف لهم أن يجولوا العالم للدفع باتجاه ضرب مكوّن أساسي في صميم المجتمع اللبناني حمل لواء الدفاع على عاتقه لكي ينعموا هم وأبناؤهم “بحب الحياة” كما يدّعون.

أما آن لهم ان يصمتوا، وأن يفهموا بأن هذا العدو الأميركي الصهيوني ومن معه من عملاء سيجعلونه مطية لهم لتنفيذ أجنداتهم وخططهم وقد يأتون للنيل منهم فيما بعد؟

ليس كل من أعطي فرصة على شاشة أو على وسيلة تواصل أو مذياع أن يروّج للصهيونية بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن كان لديه انتقادٍ ما فليؤجله، لوقت آخر، وإلا فهو يشارك بدماء أطفال غزة وأطفال لبنان الذين يقتلون بآلات القتل الأميركية المتوحشة.

أصمتوا وراجعوا حساباتكم، فالتاريخ لا يرحم أحداً، والحساب آت لا محالة، ولا مكان للظالمين أينما كانوا وسيُفضحون أمام أبنائهم وأبناء جنسهم وأبناء محتمعاتهم. ولا حياد في هذه المعركة، إما أن تكونوا مع الحق أو مع الباطل، فلا تحمّلوا أنفسكم وزر الدماء التي تسفك على هذه الأرض، بإعلان مواقف زائفة ومتزلفة مقبوضة الثمن أو بلا ثمن او نتيجة حقد أعمى.

جاء في الإنجيل: (ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس: الحق والرحمة والايمان. كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك). مت 23: 23. «لكن ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس فلا تدخلون انتم ولا تدعون الداخلين يدخلون! (14) ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تاكلون بيوت الارامل ولعلة تطيلون صلواتكم. لذلك تاخذون دينونة اعظم. (15) ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلا واحدا ومتى حصل تصنعونه ابنا لجهنم اكثر منكم مضاعفا”!

إن كنتم لا تريدون النطق بالحق، فاصمتوا لعل الله يرحمكم!

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى