سياسةصحفمحليات لبنانية

الخارجية: استدعاءات ونكايات وفوضى بعثات

 

الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتبت ندى أيوب في صحيفة الأخبار تقول:

 

 

شكّل استدعاء القائمة بأعمال مندوب لبنان في الأمم المتحدة الديبلوماسية، جان مراد، سابقة لناحية إفهام موظفي السلك الديبلوماسي بأنه لا يمكنهم الاجتهاد، وإنما الخضوع التام لقرارات وزير الخارجية بمعزلٍ عن صحّتها. وفتحت الخطوة الأكثر فجاجة في تاريخ كل الاستدعاءات الحاصلة سابقاً، باب النقاش حول استخدام وزير الخارجية لصلاحيته في استدعاء السفراء، وطرح إشكالية لجوء الوزراء إلى استدعاء السفراء متى شاؤوا معاقبتهم بطريقة مبطّنة وملتوية.

مبدئياً، يحق لوزير الخارجية، استناداً إلى المادة 27 من نظام وزارة الخارجية، أن «يقرّر في أيّ وقتٍ كان استدعاء أيّ موظّف في السلك الخارجي من الخارج إلى الإدارة المركزية، إما لاستبقائه فيها بانتظار نقله إلى مركزِ عملٍ آخر أو للاستشارة». وفي السنوات الماضية، جرى العمل بهذه المادة. وكانت البداية مع استدعاء السفيرة بريجيتا عجيل، في عام 2020 إلى الإدارة المركزية نتيجة شكاوى تلقّتها الوزارة من الجالية اللبنانية في سيراليون. ومن ثم حزمت السفيرة فرح نبيه برّي حقائبها، لتنطلق في شباط من العام نفسه إلى قطر، بناءً على قرار وزير الخارجية آنذاك، جبران باسيل، تكليفها بمهمة ديبلوماسية لتحلّ مكان السفير حسن نجم الذي جرى استدعاؤه إلى بيروت بعد اكتشاف عملية اختلاسٍ ضخمة لأموال السفارة في قطر، تبيّن لاحقاً أنّها حدثت في فترةٍ سابقة على تولّيه مهامه. بعد فترةٍ وجيزة، أتى الاستدعاء الثالث من نصيب سفيرة لبنان في روما، ميرا الضاهر، التي صدر قرار عودتها إلى الإدارة المركزية التي أسندته إلى «غيابها المتكرّر عن مركز العمل، والسفر من دون إذن الوزارة»، ورفضت الضاهر تنفيذ القرار. وفي عام 2022، استدعيت القائمة بأعمال السفارة اللبنانية في دمشق إيمان يونس، على خلفية الاشتباه بتركها مركز عملها لمدة يومين فقط من دون إبلاغ الوزارة في بيروت.

في شباط من العام الحالي، استدعى بوحبيب أيضاً سفير لبنان في أوكرانيا علي ضاهر بعد اكتشاف عملية اختلاسٍ لأموال السفارة، لم يتأكّد أن ضاهر منخرط فيها. تلا ذلك استدعاء السفير رامي عدوان من فرنسا في حزيران الفائِت إثر اتهامه بقضية اغتصاب. بعد أيامٍ معدودة، صدر قرار عودة سفير لبنان في اليابان نضال يحيى بناءً على شكوى موظّفة محلّية في السفارة اتهمت يحيى بأنه «سريع الانفعال». هي نفسها الموظفة، سبق أن اشتكت على الملحق الاقتصادي في السفارة، متّهمة إياه بالتحرّش بها. إلا أنّ الإدارة المركزية ارتأت عدم استدعاء المُلحق والتكتّم على الشكوى، نظراً إلى تزامنها مع حادثة فرنسا، حيث تم استدعاء السفير رامي عدوان على خلفية دعوى قضائية بالتحرش الجنسي. وفضّلت التركيز على معاقبة يحيى على «صوته المرتفع». وقد توّج هذا المسار، بقرار استدعاء مراد إلى بيروت، عقاباً لها على إلقاء كلمة مرتجلة في جلسة مجلس الأمن، وإعرابها عن عدم رضى لبنان عن قرار التجديد لقوات «اليونيفيل» كما صدر.

صِيغت جميع قرارات الاستدعاء بطريقةٍ يمكن تفسيرها على أنّها إجراء عقابي مقنّع

جميع قرارات العودة تِلك صدرت بالصيغة الآتية: «تقرّر استدعاؤكم إلى الإدارة المركزية تمهيداً لنقلكم إلى مركز عملٍ آخر». وطبعاً، لم يتضمّن أيّ قرارٍ شروحات حول الخلفية، إنّما جرت صياغتها جميعها بطريقةٍ يمكن تفسيرها على أنّها إجراء عقابي مقنّع. وفي كلّ المرات، آثرت «الخارجية» اعتماد إجابة «الاستدعاءات مُستمرة حيث ما تقتضيه المصلحة العامة، ويوجد داعٍ لتصحيح الخلل داخل البعثات»، لتؤكّد صحة تنفيذ المادة التي تتيح للوزير استدعاء السفراء «في حال كان بقاء الديبلوماسي في مكانه يشكّل ضرراً».
في أوساط الديبلوماسيين والإداريين والسياسيين، رأي وازن يقرأ في ما يجري استنسابية في تقدير حاجة استدعاء السفراء، الذي بات يظهر أقرب إلى عقوبة مبطّنة، في حين أن قرار الاستدعاء نفسه غير مدرج ضمن نظام العقوبات المنصوص عليه في نظام وزارة الخارجية. وبخلاف الحادثة النافرة في فرنسا والاشتباه بتورّط السفير عدوان بالاغتصاب، لم يقم بقية السفراء بما يفرض استدعاءهم فوراً إلى بيروت، ولا سيّما في حالات نضال يحيى الذي لم يتبلّغ أثناء وجوده في اليابان التهمة الموجّهة إليه، ولا بما أدلت به الموظّفة المشتكية كي يتسنى له الدفاع عن نفسه، لربما يتبيّن للإدارة في بيروت أنّه ليس هناك من داعٍ لاستدعائه. ومع العلم بأن يحيى حالياً يستفيد من إجازاته المتراكمة. أمّا إيمان يونس، فخالفت نظام الوزارة بسفرها من دون إذن، إلا أن هناك من يعتقد أنه كان بالإمكان توجيه إنذار لها، من دون الوصول إلى حد الاستدعاء.

لكن الجانب الآخر من الاستنسابية يتّصل أيضاً بأن الإدارة المركزية، والوزير على وجه التحديد يمكنه إيفاد ديبلوماسيين بمهام لمدة معينة، وهذه المهام طالت لمدة زمنية كبيرة، وهو أمر مرتبط بحسابات سياسية ومهنية أيضاً. لكن العنصر الضاغط هنا يتصل بالوضع المادي للديبلوماسيين المقيمين في الإدارة المركزية والذين انهارت قيمة رواتبهم، ما يعني أن التوازن في استخدام هذا الحق يفرض استدعاء من هو موجود في الخارج منذ 14 عاماً، وإيفاد من لا يتجاوز راتبه الـ 300 دولار!

دبلوماسيّو الفئة الثالثة يعودون

يُفترض أن تبدأ منتصف الشهر المقبل المرحلة الأخيرة من تنفيذ مشروع المناقلات الدبلوماسية للفئة الثالثة، حيث سيباشر الدبلوماسيون تباعاً تركَ مراكز عملهم في البعثات في الخارج والعودة إلى الإدارة المركزية في بيروت. وبذلك تكون الوزارة عملياً قد أنجزت المناقلات قبل نهاية العام كما كان متوقّعاً، وتخطّت كل الضجّة والعراقيل التي حاول معارضو المشروع وضعها في طريق تنفيذه. ويقضي المشروع بإلحاق 32 دبلوماسياً من الإدارة المركزية ببعثات في الخارج مقابل استدعاء العدد نفسه من الدبلوماسيين من الخارج إلى العمل في بيروت، بهدف تخفيف الضغط المادي عن العاملين في بيروت الذين لا تتجاوز رواتبهم اليوم ما قيمته الـ 70 دولاراً، وهي سترتفع تلقائياً لتتجاوز سبعة آلاف دولار بحسب البعثة التي سيلتحقون بها.

معروف أنّه منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في البلاد، تراجعت الأوضاع المادية للعاملين في القطاع العام، ومنهم العاملون في وزارة الخارجية. وبعد سلسلة احتجاجات قدّمها دبلوماسيون من الفئتين الأولى والثانية، بقيت معالجة أوضاعهم متعثّرة، وكانت الوزارة تلجأ إلى إرسال بعضهم في بعثات خارجية لمساعدتهم على تحسين أوضاعهم المادية، لأن التشكيلات للفئتين الأولى والثانية تتطلب قراراً من مجلس الوزراء.
لكن أوضاع هؤلاء بدأت بدورها تتعثّر، ففي نهاية آذار الماضي تقاضى الدبلوماسيون المنتدبون في مهماتٍ إلى الخارج بدلات المهمة للمرّة الأخيرة، ما يعني مضيّ ستّة أشهرٍ دون أن يُصرف لهؤلاء دولار واحد. وما زاد الأمر تعقيداً، أنّ بند النقل والانتقال المخصّص لتغطية بدلات المهمة بات خالياً من الأموال، وسط رفض وزير المالية يوسف الخليل طلب وزارة الخارجية بنقل اعتماد من احتياطي الموازنة لتغذية هذا البند. ويأتي رفض «المالية» تمويل بند النقل والانتقال في إطار «النكايات السياسية»، إذ وجدت حركة أمل في ضغطها على وزير المالية طريقةً للرّد على سير وزير الخارجية عبد الله بوحبيب بمشروع مناقلات الفئة الثالثة، رغم المعارضة الشديدة لكل من أمل والتيار الوطني الحر على المشروع. وسط كل ذلك، يعيش الدبلوماسيون المنتدبون في الخارج حالةً من القلق على أوضاعهم المعيشية المفتوحة على كل الاحتمالات.

هل تجمّد حسابات السفارة في روما؟
أكدت مصادر معنية أن سفارة لبنان في إيطاليا قد تكون عرضة لإجراءات حجز لحساباتها المالية من قبل السلطات القضائية الإيطالية. وقالت المصادر إن الخطوة مرتبطة بطريقة تعامل لبنان مع حكم قضائي صدر لمصلحة موظفة سابقة في السفارة، ادّعت سابقاً على السفارة اللبنانية بتهمة حجز أموال التعويضات التقاعدية الخاصة بها.
وكان خمسة موظفين سابقين في السفارة، بلغوا سنّ التقاعد هذا العام، قد ادّعوا بأنّهم فوجئوا بعدم وجود رواتب تقاعد كون السفارة لم تصرّح عن أعمالهم الى مؤسسة الضمان الاجتماعي، كما يقضي القانون الإيطالي، والذي ينصّ على أنّ أيّ موظّف يقيم في إيطاليا، مهما كانت جنسيته، يجب تسجيله لدى الضمان الاجتماعي من قبل صاحب العمل.
وعلم أن إحدى الموظفات رفعت دعوى قضائية ضد السفارة اللبنانية في روما. وفي 25 آب الماضي، أحالت وزارة الخارجية الإيطالية إلى السفارة أمر الدفع الصادر عن الجهات القضائية، ما يعني أن الحكم صدر لمصلحة الموظّفة. وفي حال تمنّع السفارة عن دفع المستحقات، فإن السلطات القضائية تلجأ عادة الى وضع إشارة على أصول السفارة المالية، وتقرر تجميد حسابات السفارة في المصارف الإيطالية.
وقالت مصادر دبلوماسية لبنانية إن الموظفين سبق لهم أن طلبوا من السفارة عدم التصريح عنهم، كي لا يضطرّوا الى دفع الضرائب المتوجبة، وإنهم عندما انتهى عملهم مع السفارة قبضوا كامل مستحقاتهم. ونفت المصادر وجود مشكلة مع السلطات الإيطالية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى