سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف :الأزمة مع السعودية تتفاعل..وتركيز على حزب الله

الحوار نيوز – خاص

ظلت الأزمة مع المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج تتفاعل محليا وخارجيا ،وتستأثر باهتمامات الصحف الصادرة اليوم ،في وقت بدأ تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة ،وهي الصراع مع حزب الله .

  • وتحت عنوان “السنة السادسة للعهد تحكم كامل لحزب الله” كتبت النهار تقول:

وسط تخبط أركان الدولة والحكومة في عجز فاضح عن اتخاذ “قرار سيادي” يدرأ عن لبنان التداعيات الكارثية لعاصفة الغضب الخليجية حياله، قرر “#حزب الله” ان يهدي حليفه رئيس الجمهورية #ميشال عون في ذكرى بدء السنة السادسة والأخيرة من عهده، عرض قوة من شأنه ان يثبت ان الحزب هو الحاكم بأمره، وهو صاحب القرار المطلق والسطوة الساحقة على الحكم والحكومة. وفيما اتجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى “الاستعانة” بالوساطات الغربية، ولا سيما منها الفرنسية والأميركية، علّها تفتح باباً للحوار مع الدول الخليجية لتخفيف وطأة العزلة التي بدأت تحكمها حول لبنان إجراءات المقاطعة الديبلوماسية والتجارية بداية، وفيما تصاعدت هذه الإجراءات منذرة بعزل قاس وطويل الأمد، جاء رد “حزب الله ” مزدوجاً عبر منع استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي حتى حين اتجه الاخير نفسه إلى الاستقالة، وزيادة وتيرة التحدي عبر رفع صور قرداحي في شوارع يمنية عبر الحوثيين وامام السفارة اللبنانية في طهران. واما المفارقة التي اثارت دلالات بالغة السلبية فتمثلت في ان الرئيس عون الذي “احتجب” امس عن ذكرى مرور خمس سنوات على انتخابه وتسلمه مهماته، فبدا غائبا تماماً عن مجريات صراع بات يتهدد لبنان بأوخم العواقب كإحدى النتائج الأساسية الخطيرة لواقع العهد المتحالف مع “حزب الله” وليس في غياب العهد عن اتخاذ قرار حاسم يعلن فيه رفضه جر لبنان إلى هذا المنقلب وردع أي فريق عن العبث بمصير لبنان وتسخيره لمصالح الارتباط بمحور إقليمي ينزع لبنان من محيطه ويتهدد مصالحه ومصالح أكثر من 500 الف لبناني يعملون في الدول الخليجية، سوى الاثبات الذي زود الدول الخليجية وغيرها الذريعة الأكبر للمضي في إجراءاتها.

حصل كل ذلك على وقع نهاية السنة الخامسة وبداية السنة السادسة من العهد، في وقت تتربص بالبلاد تداعيات الملفات الكارثية الأخرى التي، وان غابت ظرفيا عن واجهة المشهد الداخلي بعدما عصفت به انواء المقاطعة الخليجية غير المسبوقة للبنان، سرعان ما ستعود بتفاقم اشد سوءاً مع ترنح الحكومة أكثر فأكثر بعدما حولها الفيتو تلو الفيتو من “حزب الله” اشبه بحكومة تصريف اعمال هرمة قبل ان تتجاوز الأربعة أسابيع من عمرها.

ولذا جاءت الحصيلة النهائية للمواجهة التي بدت الدولة، عهدا وحكومة، الطرف العاجز والأضعف فيها، بأن أعلن وزير الإعلام جورج قرداحي امس بشكل حاسم ان استقالته من الحكومة “غير واردة” وسط تدفق تصريحات نواب ومسؤولي “حزب الله” بالإشادة به وبرفض استقالته وبالهجوم على الإجراءات الخليجية.

وبدا الوضع الحكومي كأنه خرج من الإطار اللبناني – الخليجي الصرف بعدما تقرر “رسميا” ومن خلال وزير الخارجية عبد الله بو حبيب و”خلية الازمة” الوزارية دعوة بالقائم بالاعمال الأميركي في بيروت وإبلاغه طلباً رسمياً بتوسيط الولايات المتحدة مع دول الخليج لاحتواء الازمة، لكن الوزير نفسه نعى اللجنة ليلا في حديث إلى “الجديد” اذ قال “لم يعد هناك وجود للخلية التي “انتهى أمرها” نتيجة فشلها ونحن الآن جميعاً على اتصال مع ميقاتي. الخلية فشلت لأن الأزمة أصبحت أكبر من الوزارات وأكبر من لبنان بسبب عوامل خارجية وداخلية أيضاً وهي لن تجتمع مرة أخرى”.

وعلم ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيعزز اتصالاته اليوم وغدا على هامش مشاركته في قمة المناخ في غلاسكو في اسكوتلاندا مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن للطلب إليهما التدخل في احتواء الازمة مع دول الخليج.

وقد بحث وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان الأوضاع في لبنان، بحسب ما جاء في تغريدة أمس لبلينكن.

وكرر الوزير السعودي تأكيده ان “الإشكالية في لبنان أكبر من تصريح وزير، وإنما تكمن في سيطرة وكلاء إيران، وعلى قادته ان يفيقوا”. أضاف: “لبنان بحاجة لمراجعة واصلاح شامل يُعيد له سيادته ومكانته في العالم العربي وسندعم أي جهود في هذا الاتجاه”.

كما أن السفير السعودي في لبنان وليد بخاري كتب امس على حسابه الخاص عبر “تويتر” :”أنّ المُخْطِئُ لا يَرْتَكِبُ الخَطِيئةَ إِلاَّ بِإرادةٍ مُسْتَتِرَة…” قالَها جُبران خليل جبران فسمِعها العالَم! ذلك هو أديبُ الكلمةِ”.

وبرزت الأولوية التي تعطيها المملكة العربية السعودية للتطورات مع لبنان من خلال توجيه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز “تقديره وشكره لأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لتضامن البلدين مع السعودية في أزمة تصريح وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي”. في المقابل، اعتبر أمير الكويت أن ما اتخذته بلاده من إجراءات “تؤكد وحدة دول مجلس التعاون الخليجي، وعمق الأخوة بين شعوبه كافة”. كما أجرى العاهل السعودي اتصالا بالملك حمد بن عيسى، عبر خلاله عن شكره نظير ما قامت به البحرين من إجراءات تجاه التصريح، و”بما يجسد تضامن السعودية والبحرين ويعكس وحدة دول مجلس التعاون الخليجي”. وجدد ملك البحرين تأكيده عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، وتماسك دول مجلس التعاون الخليجي.

وكانت سبحة الإجراءات كرت من دول خليجية إضافية في حق لبنان. واستدعت وزارة الخارجية الكويتية، سفيرها من لبنان، وطلبت من السفير اللبناني لديها مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة. كما قرّرت دولة الإمارات المتحدة سحب ديبلوماسييها من لبنان ناصحة مواطنيها المقيمين بالسفر والاخرين بعدم السفر إليه. وأمس اصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بيانا جاء فيه: ” نظرًا للأحداث الراهنة وبناءً على قرار منع سفر مواطني دولة الإمارات إلى لبنان والذي جاء تزامناً مع قرار سحب دولة الإمارات ديبلوماسييها من لبنان، تدعو وزارة الخارجية والتعاون الدولي جميع مواطنيها الموجودين في لبنان بضرورة العودة إلى دولة الإمارات في أقرب وقت”.

وفيما لم تتخذ قطر وسلطنة عُمان إجراءات مماثلة لتلك التي اخذتها الدول الخليجية الأربع الأخرى انتقدت قطر تصريحات وزير الإعلام اللبناني، فيما أعربت سلطنة عمان “عن أسفها العميق لتأزم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية”، في معرض تعليقها على خلاف السعودية ولبنان.

وأجرى وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب اتصالا هاتفياً بنظيره العُماني السيد بدر بو السعيدي “مثمّناً البيان الصادر عن وزارة الخارجية العُمانية بخصوص الأزمة الراهنة ومؤكداً أهمية الحوار والتفاهم لتجاوزها وحرص لبنان الشديد على أفضل العلاقات الأخويّة مع أشقّائه العرب والخليجيين”. كما أجري اتصالا مماثلا بنظيره القطري.

ولعل اللافت في هذا السياق ان الاندفاع نحو الوساطة الأميركية والفرنسية جاء عقب الفشل في توسيط بكركي لاقناع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية باعتباره المرجعية السياسية لوزير الإعلام، وقرداحي نفسه أيضا بالاستقالة، اذ لم يتوصل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي إلى إقناعهما بالإقدام على تقديم قرداحي استقالته بعد لقائيه معهما تباعا السبت الماضي.

وعكست عظة الراعي في جانب منها أمس هذا الإخفاق اذ قال: “أتت هذه الحكومة بغية إنهاض لبنان وترميم علاقاته مع الأسرة العربية والدولية. فتعثرت بسبب التحقيق القضائي في إنفجار المرفأ. وتأتي اليوم الأزمة مع المملكة العربية السعودية خصوصا ودول الخليج العربي عموما، وهي متعددة الأسباب ومتراكمة، ومن شأنها أن تسيء إلى مصلحة لبنان ومصالح اللبنانيين. لذلك نتطلع إلى أن يتخذ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وكل معني بالموضوع، خطوة حاسمة تنزع فتيل تفجير العلاقات اللبنانية الخليجية. وإذ ندعو إلى هذا الموقف الحاسم، فدفاعاً عن لبنان واللبنانيين المقيمين في الوطن وفي الخارج”.

  • وكتبت الأخبار تقول:يعرف الرئيس نجيب ميقاتي قواعد اللعبة. السعودية لم تختَره رئيساً للحكومة. وهي أساساً غير مهتمة بالتواصل معه. ويعرف أيضاً أنه جاء إلى رئاسة الحكومة بغطاء أميركي وفرنسي. لذلك، يتصرف عملياً على أساس أن باريس أولاً، ثم واشنطن وربما آخرون، هم من يقررون مصير حكومته. لذلك عمد فور اندلاع «الغضب السعودي» من تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، إلى التواصل مع الفرنسيين والأميركيين طالباً المشورة والعون. وأول ما سمعه: لا تستقل، دعنا نحاول التوسط، لكن فَكّر في خطوة تساعدنا! ومع تعثر المحاولات في لبنان، توجه ميقاتي إلى بريطانيا للمشاركة في قمة المناخ، حيث يتوقع أن يلتقي هناك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ويجري اتصالات للاجتماع بمسؤولين أميركيين، وفي جيبه ورقة من خيارين: إما توفير تغطية دولية لحكومتي أو الاستقالة!

الوساطة مع الغرب بدأت بتواصل وزير الخارجية عبدالله بو حبيب مساء الجمعة مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشرق الأوسط فيكتوريا نولاند التي أبلغته استعداد بلادها للتوسط شرط تقديم لبنان تنازلاً كاستقالة قرداحي. ثم عاد رئيس الحكومة واتصل بالمسؤولة الأميركية التي أعادت على مسمعه ما أبلغته لوزير الخارجية، ولم تجبه على طلبه بترتيب لقاء له مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على هامش قمة المناخ في اسكتلندا. وقد كان ميقاتي صريحاً في إبلاغ المسؤولة الأميركية بأنه غير قادر على إجبار قرداحي على الاستقالة، وأن استقالته ستفتح الباب على تعقيدات قد تقود إلى استقالة وزراء حزب الله وربما وزراء حركة أمل ما سيطيح بالحكومة. فانتهى الاتصال بنصيحة من نولاند لميقاتي بـ«الاستعانة بصديق»، هو البطريرك الماروني بشارة الراعي، علّ الأخير يقنع قرداحي أو فرنجية اللذين دعاهما إلى زيارته.
استجاب البطريرك وأبدى حماسة للتدخل لمعالجة الأمر، على رغم كلام قيل له بأن لا مصلحة لبكركي بذلك، خصوصاً بعد تدخله لمعالجة ذيول كمين الطيونة. لكنه اعتبر أن الموضوع السعودي حساس وهو الذي تربطه بالرياض علاقة وثيقة. لذلك، طلب من فرنجية زيارته برفقة الوزير قرداحي. لكن فرنجية قرر التوجه بمفرده، وكان شديد الوضوح في القول للبطريرك بأن ما يجري ليس سوى عملية إذلال وابتزاز لن يقبل الوقوع تحتها مهما حصل. وهو لا يرى موجباً لاستقالة وزير أدلى بموقف قبل توليه منصبه، ويعبّر عن موقف سياسي مثل أي شخص في العالم. وأبلغه بأنه شخصياً لن يطلب من قرداحي الاستقالة. ولفت فرنجية انتباهَ الراعي إلى أن هذه الطريقة في التعامل لا تعكس احتراماً للبنان، وأنه لا يجوز للبنانيين الوقوع تحت ضغط هذا النوع من الابتزاز. في وقت لاحق، زار قرداحي الراعي الذي حثّه على الاستقالة مع تعمّد تسريب الطلب، فأعاد وزير الإعلام شرح موقفه، وقال إنه مستعد لأي خطوة ضمن سياق عام، لكن العلاج لا يتم على هذا النحو.

 

وكان فرنجية قد تشاور مع حلفائه، وسمع كلاماً واضحاً من قيادة حزب الله بأنه لا يحبذ تقديم قرداحي استقالته من الحكومة. وقال مرجع سياسي إن ميقاتي لم يهدد بإقالة وزير الإعلام لأنه تبلغ أنه في حال لم يكن موافقاً على معالجة مختلفة، فليستقل هو من الحكومة إذا وجد نفسه غير قادر على الاستمرار في مهمته أو لم يكن قادراً على تحمل الضغوط السعودية.
ميقاتي أجرى أيضاً مشاورات مع الرئيس نبيه بري الذي ينسق مع قيادة حزب الله ورئيس تيار المردة. وفهم رئيس الحكومة أن الثنائي الشيعي لا يمانع أي حل، ولكن ليس من زاوية الخضوع للابتزاز السعودي. بينما سارع فرنجية إلى إبلاغ الرئيس ميقاتي بأنه في حال إقالة أو استقالة قرداحي فهو لن يعيّن بديلاً عنه، وهو ما عدّه ميقاتي موقفاً عالي السقف. في هذه الأثناء، تبين أن كل ما فعله الأميركيون هو الطلب من الكويت تجميد قرارها سحب سفيرها بانتظار نتائج لقاء الراعي مع فرنجية. وبعد إعلان الأخير موقفه صدر القرار الكويتي بسحب السفير.
عدم الإقالة أو الاستقالة زاد من غضب السعودية التي بقيت مصرّة على موقفها، وزاد من هذا الغضب تسمية حكومة صنعاء شارعاً في العاصمة اليمنية باسم قرداحي، ورفع صور له. لذلك، أعطت الرياض، بحسب مصادر، «مهلة غير مفتوحة لمعالجة الوضع» لا تتعدى يومين، قبل اتخاذ قرار قطع العلاقات مع لبنان وسحب السفراء. فيما فُهم أن إقالة قرداحي أو استقالته تعيد العلاقة إلى مرحلة ما قبل كلامه، أي أن الرياض باقية على موقفها من الحكومة وعدم تقديم أي مساعدة للبنان. والإقالة أو الاستقالة تعني فقط وقف الإجراءات الديبلوماسية الأخيرة وعدم قطع العلاقات. وبحسب المصادر فإن الرياض، في وجه رفض الاستقالة، بدأت بوضوح «إجراءات الطلاق» مع الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها، وهي تنوي رفع مستوى الحصار من خلال فرض عقوبات على كيانات وشخصيات لبنانية بتهمة العمل ضد مصالحها أو دعم الإرهاب في الجزيرة العربية. وستقفل الأبواب أمام أي نوع من الدعم للبنان. وذهبت مصادر معنيّة إلى أن السعودية قد تطلب من القوى الحليفة لها في لبنان، أو تلك التي تمون عليها، مثل القوات اللبنانية وتيار المستقبل، الاستقالة من المجلس النيابي وتعطيل المجلس لا الحكومة حصراً.
حلفاء السعودية في لبنان يراهنون على موقف ما من رئيس الجمهورية ميشال عون ومن الرئيس ميقاتي. يلفت هؤلاء إلى أن الأول سبق أن تخلى عن وزير الخارجية شربل وهبه ولا يمكن أن يتحمل في نهاية عهده قطع العلاقات الخليجية مع لبنان، وأن للنائب جبران باسيل مصلحة بتسجيل موقف مراع للسعودية في وجه فرنجية. أما ميقاتي فلن يكون قادراً على الاستمرار في حكومة في وجه السعودية بعدما كان يراهن على أن تكون حكومته حكومة انفتاح عليها.

مشاركة الوزير خليل في خلية الأزمة تمت من دون موافقة الثنائي الشيعي

رغم ذلك، أبلغ رئيس الحكومة وزراء بارزين وجهات سياسية وسفراء أجانب أنه لا ينوي الاستقالة، وسيسعى خلال مشاركته في قمة المناخ إلى إجراء الاتصالات الهادفة إلى فتح حوار مع السعودية. وبعد تشكيل خلية الأزمة التي ضمت كالعادة وزراء يمثلون جميع الطوائف في الحكومة، علماً أن مشاركة الوزير يوسف خليل تمت من دون موافقة الثنائي الشيعي، وعقد الاجتماع في مكتب وزير الخارجية، ليصار بعدها إلى دعوة نائب السفيرة الأميركية، ريتشارد مايكلز، للمشاركة في الاجتماع (لم يستنكر أحد حضور مسؤول أميركي اجتماعاً رسمياً لبنانياً). وبدا الموقف الأميركي أكثر استياء مما ظهر علناً. وخلافاً لما أشيع، لم يتحدث الديبلوماسي الأميركي عن شروط سعودية في ما خص الموقوفين في ملف تهريب المخدرات أو أي ملفات عالقة بين لبنان والسعودية، بل ركّز على أن مدخل الحل يكون باستقالة قرداحي. وفهم أن هناك خلافاً داخل خلية الأزمة على كيفية مقاربة الأزمة: بين من يُريد الاعتذار للسعودية واستقالة قرداحي، ومن يطلب ربط الاستقالة – إذا كان لا بُدّ منها – بمقابل يحصل عليه لبنان. «فما جرى لا يتعلّق فقط بكلام قرداحي، والدليل على ذلك بيان السعودية التي اشتكت مثلاً من عدم تنفيذ لبنان لوثيقة التعاون القضائي الدولية، علماً أنّ لبنان لم يوقّع عليها أصلاً. كما اشتكت من عدم التعاون في مكافحة تهريب المخدرات، علماً أنّ وزير الداخلية الأسبق محمد فهمي قدّم لهم تقريراً عن كل مراحل التعاون». كذلك يسود أجواء الخارجية امتعاض من تصريح السفير اللبناني لدى السعودية فوزي كبارة الذي تحدّث عن إمكانية عودة العلاقات إلى طبيعتها «في حال نفّذ لبنان ما هو مطلوب منه»، فبدا كأنّه متحدّث باسم السعودية وليس لبنان، وتحدّث خلافاً لموقف الدولة الرسمي.
مع ذلك فإن ميقاتي لا يزال يعوّل على لقاء يعقده مع وزير الخارجية الأميركي على هامش قمة المناخ المقررة في غلاسكو، من أجل تحصين حكومته في وجه رد الفعل السعودي. لكنه أُبلغ ظهر أمس، من قبِل الأميركيين، أن لا لقاء مع بلينكن، ما اعتبره أول رسالة سلبية أميركية. فعاد ليتصل بالفرنسيين الذين يقولون إنهم رتبوا اجتماعاً له مع ماكرون. ويفترض بالأخير إجراء الاتصالات لترتيب لقاءات لميقاتي مع مسؤولين أميركيين. ويشيع ميقاتي في أوساطه أنه لا يرى داعياً لبقاء الحكومة في حالة كانت تحت حصار عربي وغربي وغير قادرة على القيام بأي إصلاحات. علماً أنه يعرف أن سبب الحرص الغربي على بقاء الحكومة يتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة التي يتوقع الغرب أن يحقق حلفاؤه فوزاً كبيراً فيها.
إلى ذلك، تبيّن أن استقالة قرداحي كانت عنواناً لنقاش موسع حول ما تقوم به السعودية في لبنان، وأن في لبنان قوى بارزة لن تقبل مقايضة استقالة وزير بعودة السفير وليد البخاري إلى بيروت، وأن الأخير بات شخصاً غير مرغوب به من قبل غالبية الشعب اللبناني، وهو محل تندّر جميع من يلتقونه، لا سيما حلفائه من الإعلاميين والسياسيين. كما أن تقارير وزارة الخارجية السعودية تصف جهده في لبنان بأنه «غير ذي جدوى».

 
السعودية: المسألة تتجاوز قرداحي
علمت «الأخبار» من مصادر واسعة الاطلاع أن قرار السعودية قطع العلاقات مع لبنان متخذ منذ أسابيع، وأن التوقيت لم يكن يحتاج سوى إلى ذريعة تم استخراجها من تصريح لوزير الإعلام جورج قرداحي أدلى به قبل تأليف الحكومة بوقت طويل. لكن الأمر بالنسبة للسعوديين احتاج إلى هذه الذريعة نتيجة رفض الولايات المتحدة وفرنسا ودول خليجية قرار محاصرة لبنان وإخضاعه لعقوبات واسعة.
وذكرت المصادر أن الجانب السعودي أبلغ جهات دولية وعربية أن مشكلته تنطلق من الدور «العملاني والكبير» الذي يقوم به حزب الله في اليمن، وأن الرياض في حال إحباط نتيجة رفض الجانب الإيراني التجاوب مع طلبها التدخل لدى الحوثيين للقبول بوقف لإطلاق النار، ثم زاد الإحباط عندما طرح السعوديون مسألة «خبراء حزب الله في اليمن» وجاءهم الجواب الإيراني: اذهبوا إلى بيروت وابحثوا الأمر هناك!
وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أعلن صراحة في مقابلة مع شبكة «سي أن بي سي» الأميركية، بأن سبب الوضع الحالي بين السعودية ولبنان «أوسع من مجرّد تعليقات وزير واحد»، وأن المشكلة هي في «واقع أن المشهد السياسي في لبنان لا يزال يُهيمن عليه حزب الله». ورفض أن يُسمّي ما يجري حالياً بين البلدين بـ«الأزمة»، معلناً أن السعودية تعتقد أن التعامل مع لبنان في هذه المرحلة «غير مثمر أو مفيد» بالنسبة لها، وليس من مصلحتها.
الوزير السعودي كرّر موقفه في حديث إلى وكالة «رويترز» بالقول: «القضية أوسع بكثير من الوضع الحالي… المهم أن تُصيغ الحكومة في لبنان، أو المؤسسة اللبنانية، مساراً للمُضي قدماً بما يحرّر لبنان من الهيكل السياسي الحالي، الذي يُعزّز هيمنة حزب الله».

ميقاتي: اللهم إني قد بلّغت
في مجموعة «واتساب» التي تضم وزراء الحكومة، وصلت رسالة مساء أمس من الرئيس نجيب ميقاتي كتب فيها: «أعزائي جميعًا، الله وحده يعلم مدى سعادتي بهذه المجموعة المميزة، ويزداد سروري بجديتكم بالعمل والمثابرة من أجل انجاح مسيرتنا. ولا أخفي عليكم انني كنت ناشدت سابقًا معالي الوزير قرداحي بأن يغلّب حسه الوطني على اي أمر آخر، ولكن هذا لم يُترجم واقعياً، وعليه نحن أمام منزلق كبير. واذا لم نتدارك حل هذه الازمة سريعًا، نكون وقعنا في ما لا يريده احد منا. اللهم اشهد إني قد بلغت…».

  • وكتبت جريدة الأنباء الألكترونية تقول:يبدو أن الازمة الدبلوماسية بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي مرشحة للتصعيد أكثر وأكثر بعد رفض وزير الإعلام جورج قرداحي الاستقالة من الحكومة، وبعد دخول أكثر من طرف بقوة على خط التعقيدات، ما ينذر بتفاقم الازمة باتجاه تعميق عزلة لبنان العربية.

وفي هذا السياق كشفت مصادر متابعة لجريدة “الأنباء” الالكترونية ان “قرار استقالة قرداحي ليس بيده، اذ قد يكون هناك ضغط من خارج الحدود منعه من تقديمها”، ورجّحت المصادر أن “تكون جرت محاولة رمي الكرة في ملعب بكركي كي يقال إن قرداحي استقال بناء على طلب البطريرك بشارة الراعي وهذا ما حاول الراعي تجنبه، خصوصا في ضوء ما رشح من معلومات عن أن استقالة قرداحي ستجر معها استقالات أخرى”.

مصادر بكركي أوضحت لـ “الأنباء” الالكترونية ان الراعي وبعد ان استمع لقرداحي، اكتفى بالنصح، قائلا إن “المسؤول أيا كان موقعه عليه ان يضحي من اجل وطنه. لكنه لم يطلب منه الاستقالة، لأن هذا الموضوع يخصه لوحده، وعليه ان يقدر الامور، لأن بكركي لا دخل لها بالاستقالة، وما يهمها هو ان تكون علاقة لبنان بأشقائه العرب على أفضل ما يرام”.

المصادر ذكّرت بزيارة السفير السعودي وليد البخاري الى بكركي بمناسبة مئة عام على تاريخ العلاقات بين بكركي والسعودية، مؤكدة أنها تتطلع الى أمتن العلاقات مع السعودية ومع كل دول مجلس التعاون الخليجي، وكل العرب دون استثناء، مشيرة الى أن بكركي تقدر للسعودية وقوفها الدائم مع لبنان، ومن الخطأ ان يتنكر لبنان لهذا الدعم الذي توفره المملكة ودول الخليج لنا، ولفتت إلى انه يكفي ان هناك اكثر من 300 الف عائلة لبنانية يعيشون من خيرات هذه الدول.

بدوره توقع عضو كتلة الوسط المستقل النائب علي درويش في حديث مع “الأنباء” الالكترونية ان “يتابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هذا الموضوع لحظة بلحظة للخروج من هذه الأزمة”، آملا في أن “تتبلور الصورة في اليومين المقبلين من أجل رأب الصدع والعمل على خطاب واع وهادئ”.

وشدد درويش على أن “هناك حاجة للحكومة، ولا بد من قيام حوار موضوعي وهادف للخروج من الازمة ومن هذا الواقع المستجد، ولذلك الرئيس ميقاتي سيكون له سلسلة اتصالات على هامش مشاركته في قمة المناخ على ان يكون في لبنان منتصف الاسبوع”، داعيا الى “خفض منسوب التوتر، فلبنان بحاجة للجميع وخاصة دول الخليج، ووضع الأمر في إطاره الطبيعي والتأكيد على دور الحكومة باعتبارها حاجة فعلية واساسية في هذه الظروف”.

ورأى درويش أن “استقالة قرداحي تخصه. لكن في هذا البلد هناك تموضوعات داخلية معروفة وهناك أمور متناقضة ومترابطة، وهناك انقسام في البلد وعلينا الاهتمام بشؤون بلدنا”.

من جهته رأى عضو كتلة المستقبل النائب عاصم عراجي عبر “الأنباء” الالكترونية ان “لا مخرج من الازمة بعد رفض قرداحي الاستقالة”، مستغربا “هذا التدخل السافر في شؤون الدول العربية الشقيقة من قبل أشخاص عملوا وأثروا من خيرات السعودية ودول الخليج”، معتبرا أن “الوفاء لا يكون بهذه الطريقة، خصوصًا وأن لدينا 300 ألف عائلة لبنانية تعيش من دول الخليج، وتحويلاتهم تفوق الأربعة مليارات دولار في السنة، فكيف كانوا سيعيشون في ظل هذه الازمة لولا المال العربي”.

عراجي طالب “بالكف عن التهجم على السعودية ومجلس التعاون رأفة بهذه العائلات، ومن أجل تمتين العلاقات الأخوية مع الدول الشقيقة  ويكفينا ما نعانيه من أزمات معيشية واقتصادية وصحية لنخلق لأنفسنا أزمة جديدة نحن بغنى عنها”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى