سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف:جمود الحكومة يقابله تحريك البطاقة التمويلية

الحوار نيوز – خاص

على الرغم من المساعي الناشطة على أكثر من صعيد لحلحلة الجمود الحكومي فإن الأجواء ما تزال مقفلة ،فيما توجهت الأنظار الى موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي دعا الرئيس سعد الحريري الى تقديم تشكيلة جديدة لرئيس الجمهورية.

في المقابل تحركت البطاقة التمويلية بعدم وقع وزير المالية على مرسوم مشروع القانون الذي سيحال الى مجلس النواب لاقراره ،ما يحلحل أزمات التموين المختلفة.

  • وكتبت صحيفة النهار تقول: لم تفاجئ عودة الشلل والجمود الى المشهد السياسي، المأزوم أصلا، جميع المعنيين والاوساط المراقبة مع مطلع الأسبوع، اذ ظلت ترددات التوتر العلني او المضمر على خلفية ما آلت اليه جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الى مجلس النواب ورد الرئيس المكلف سعد الحريري عليها، طاغية على مجمل الوضع السياسي. بل ان المخاوف من بلوغ الازمة الحكومية حافة اليأس الحقيقي من إيجاد مسالك لاختراق الانسداد الذي يطبعها، تفاقمت بقوة في ظل الشكوك الواسعة في ان ينجح ما تردد عن عودة تحريك رئيس مجلس النواب نبيه بري قنوات الاتصالات بين بعبدا وبيت الوسط، عله ينجح في تعويم مبادرته وتطويرها ان اقتضى الامر، واذا بدا ان هناك أرضية معقولة تسمح بتحرك جدّي جديد. اذ ان كفة الشكوك ظلت راجحة على كفة هذا الرهان حتى بعد توجيه الرئيس بري امس رسالته في مناسبة عيد التحرير مطلقا من خلالها مواقف بارزة حيال الازمة الحكومية تبدو معها الأمور امام شبح كارثي اكثر منها قابلة للحل. ولكن العنصر الجديد الطارئ الذي اثار اهتمام الأوساط المعنية والمراقبة تمثل في التناغم البارز واللافت الذي طرأ على مواقف كل بري والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي عقب الجلسة النيابية اذ يبدو ان هذا العامل فتح كوة من امل وبناء حسابات إيجابية عليه لتحقيق اختراق ستكون الأيام القليلة المقبلة فترة اختبار أساسية له.

    ومع ان ثمة جهات عدة لا تشاطر بري موقفه من اعتباره الازمة “داخلية مئة في المئة”، فان ذلك لم يقلل أهمية الدلالات التي طبعت موقفه امس من الملف الحكومي اذ دعا في الكلمة التي وجهها في عيد التحرير الى “الإعتراف بأن مشكلتنا الحكومية الراهنة “مئة بالمئة” محض داخلية وشخصية و”سوس الخشب منو وفيه”، وان نملك القدرة على ان نضحي من أجل لبنان لا ان نضحي بلبنان من اجل مصالحنا الشخصية”، واعتبر ان “المدخل الالزامي للانقاذ ان يبادر اليوم المعنيون بالتأليف والتشكيل وبعد ذلك التوقيع، ان يبادروا اليوم وقبل الغد ومن دون شروط مسبقة ومن دون تلكؤ الى ازالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة وطنية أعضاؤها من ذوي الاختصاص غير الحزبيين لا اثلاث معطلة فيها لأحد”. وقال “وأنا هنا أعيد وأكرر ما قاله غبطة البطريرك في هذا الصدد لا أثلاث معطلة لأحد ووفقا لما نصت عليه المبادرة الفرنسية، برنامج عملها الوحيد إنقاذ لبنان واستعادة ثقة ابنائه به وبمؤسساته كوطن للعدالة والمساواة، حكومة تستعيد ثقة العالم به وبدوره وخصوصا ثقة أشقائه العرب جميع العرب . إحتكموا للدستور في مقاربة الملف الحكومي ، انصتوا لوجع الناس وقلقهم على مصير وطنهم ، تعالوا الى كلمة سواء ننقذ بها لبنان “.

    ولم يخف بري امام “النهار” قوله ان مسألة اعادة النظر في تفسير بعض بنود الدستور مطروحة، ولكن الاكيد ان الوقت اليوم ليس مناسباً أبداً لهكذا طرح. ذلك ان فتح هذا الباب من شأنه ان يستدرج الامور الى أماكن اخرى لا وضوح بعد او توافق على مقاربتها.

    وبدا واضحاً ان البطريرك من خلال اشادته بخلاصة الجلسة النيابية كما من خلال دعوته الحريري الى تقديم صيغة محدثة للتشكيلة الحكومية والتوافق عليها مع رئيس الجمهورية، أعطى بري مفتاحاً للمضي في محاولة تعويم مبادرته وفتح قفل التأليف العالق. وتكشف المعلومات المتوافرة على ضوء كلام بري انه سيطرح مبادرة تقوم على طرح لائحة جديدة من الاسماء يتم التفاهم عليها مع البطريرك الراعي .

    ولم ينف بري هذه المعلومات، كاشفاً عن عزمه على تحريك الاتصالات ولا سيما مع الرئيس المكلف من اجل فتح ثغرة في حائط التأليف.

    ولكن ثمة اشارات عدة وردت في طيات التحذيرات التي اطلقها بري وفهم منها ان على المعنيين تحمل كامل مسؤولياتهم وعدم التمترس خلف مواقف لا يمكن التراجع عنه امام التحديات التي تهدد البلد . وأبلغ بري مواقفه هذه للحريري ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل منذ السبت الماضي. وسيواصل بري بذل كل مساعيه لكنه اذا وصل الى طريق مسدود حيال التخبط الحاصل في تأليف الحكومة قد يدفعه هذا الامر الى فرملة محاولاته وامتناعه عن القيام بأي مسعى.

    البطاقة التمويلية

    وسط هذه الأجواء السياسية حصل تطور بارز في الملف المعيشي الاجتماعي تمثل في توقيع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني امس مشروع قانون معجلا معدا من رئاسة الحكومة ويرمي إلى إقرار البطاقة التمويلية وفتح إعتماد إضافي استثنائي لتمويلها، علما ان مشروع القانون يحتاج بعد الى تواقيع وزراء الاقتصاد والتجارة والشؤون الاجتماعية ورئيس الجمهورية بالاضافة الى توقيع رئيس الحكومة على ان تتم إحالته على مجلس النواب لإقراره .

    وعلمت “النهار” ان القيمة الاجمالية التي يلحظها الاعتماد المطلوب لتغطية تمويل البطاقة تصل الى 1.2 مليار دولار على ان يتم إدراج هذا الاعتماد كإعتماد إضافي ضمن مشروع موازنة العام 2021 .كما تشير المعلومات الى ان مشروع القانون الخاص بالبطاقة التمويلية، يلحظ إستفادة 750 الف عائلة لبنانية من هذه البطاقة ويتم تحديد هذه العائلات من وزارة الشؤون الاجتماعية ضمن ألية ومعايير محددة. أما القيمة التي سيتم إضافتها في هذه البطاقة فتصل الى 137 دولارا شهريا لكل عائلة والاهم ان هذه الاموال سيتم دفعها بالدولار الاميركي مباشرة، وليس بالليرة اللبنانية، ويدور النقاش حاليا حول المصادر المحتملة لتمويل هذه البطاقة، فيما البوصلة تتجه مرة جديدة لما تبقى من إحتياطات أجنبية لدى مصرف لبنان .

    من جهة اخرى، ترأس الرئيس عون امس اجتماعا ضم رئيس الوفد اللبناني الى المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية العميد الركن الطيار بسام ياسين وأعضاء الوفد وتم خلال الاجتماع عرض لآخر التطورات المتعلقة بعملية المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والخطوات الواجب اعتمادها في ضوء توجيهات رئيس الجمهورية في هذا الصدد. وبدا لافتا انعقاد الاجتماع وسط توقف المفاوضات قبل اكثر من أسبوعين من دون تحديد موعد جديد للجولة المقبلة . ولم يستبعد متابعون لهذا الملف ان تكون ثمة مؤشرات لاعادة تحديد موعد جديد للمفاوضات اللبنانية الإسرائيلية غير المباشرة برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة .

  • وكتبت صحيفة الأخبار تقول:نصائح كثيرة نُقلت إلى رئيس الجمهورية ميشال عون بعدم توجيه رسالة الى مجلس النواب يشكو فيها عجز الرئيس المكلف سعد الحريري عن تشكيل حكومة. في الظاهر، بدا أن الرئيس لم يكن موفقاً في رسالته، بعدما فسّر المجلس الماء بالماء. إذ دعا الرئيس المكلف الى «المضي قدماً وفق الاصول الدستورية للوصول سريعاً الى تشكيل حكومة جديدة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية».

أما على الأرض، فإن الكلمة «المدوّية» للحريري وتصويبه على رئيس الجمهورية، في مقابل الكلام الهادئ لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، كانت لها مفاعيل على أكثر من صعيد، أولها لدى الرئيس نبيه بري، والثنائي الشيعي ضمناً. فرغم تأكيدات باسيل بأن الرسالة هي رسالة حث على التشكيل، وأن البلد لا يتحمل البقاء بلا حكومة، وقوله، أمام المجلس، ما قيل للحريري ولغيره تكراراً، بالموافقة على حكومة اختصاصيين وعدم المطالبة بالثلث، ودعوته الرئيس المكلف الى تقديم تشكيلة، «مشهّداً» البطريرك الماروني وباريس وحزب الله و«كل الوسطاء» على تلكؤ الحريري، بقي الأخير في المربع الأول بإصراره على حكومة اختصاصيين لا يقول أحد بغيرها، وباتهامه رئيس الجمهورية وفريقه باشتراط الحصول على ثلث جهر هؤلاء ويجهرون بأنهم لا يريدونه!
في المحصّلة، سجّل رئيس الجمهورية فوزاً، بالنقاط، بعدما أخرج الى العلن، و«لايف»، السجال العقيم الدائر مع الحريري منذ نحو سبعة أشهر، والذي لم تتخلّله نشكيلة حكومية مكتملة قدّمها الأخير تصلح للنقاش. أضف الى ذلك، أن رئيساً مكلفاً استمع للتوّ الى ما يشبه توصية من ممثلي الشعب بالوصول «سريعاً» الى تأليف حكومة، غادر البلاد إلى أبو ظبي قبل أن يجف حبر الدعوة وكأنه غير معني بالأمر من أساسه!
مصادر مطلعة أكدت لـ«الأخبار» أن رئيس المجلس أبدى انزعاجاً شديداً من نبرة الحريري. إذ أن الأخير لم يغيّر حرفاً في كلمته التي يبدو أنه كان قد أعدّها مسبقاً رداً على كلام عالي النبرة كان يتوقعه من باسيل. علماً أن بري مرّر للرئيس المكلف أكثر من «باس»، أهمها أنه أعطاه الكلمة الأخيرة رغم أنه المعني الأول بالرد على رسالة رئيس الجمهورية. هذا الامتعاض قد يكون التعبير الأوضح عنه اللقاء الذي عقد بين بري وباسيل، بعد الجلسة، ووصفته المصادر بأنه «أول تواصل» بين الجانبين في الموضوع الحكومي. فيما أفادت أجواء عين التينة أمس أن لدى بري «جديداً» في ملف التأليف، وأنه سيبدأ لقاءات واتصالات في اليومين المقبلين.
الامتعاض نفسه انسحب على البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي لم يخف أمام زواره انزعاجه من كلمة الحريري ووصفها بـ«غير المسؤولة»، وبأنها «لا تؤلف حكومة». علماً أن «تجربة البطرك مريرة» مع الرئيس المكلّف. والانطباع نفسه نُقل عن أكثر من سفير أوروبي أبدوا شكوكهم في أن من يلقي خطاباً كهذا يريد فعلاً تأليف حكومة.
بحسب المصادر نفسها، «لم يعد الحريري قادراً على أن يمضي قدماً في أدائه السابق، وهو لا شك سيعود سريعاً بعدما وصلت اليه الاصداء السلبية لخطابه»، ناهيك عن ان دعوة باسيل الى جلسة حوار يكون فيها تأليف الحكومة موضوعاً أساسياً، وتلويحه باستقالة التيار من مجلس النواب ودعوته الى حل البرلمان «مش مزحة أبداً»، خصوصاً أن رئيس الجمهورية «مكفّي» ولن يسمح بأن يبقى البلد بلا حكومة حتى نهاية العهد.
في المحصّلة، تؤكد المصادر «أننا أمام مرحلة جديدة»، و«ليس خافياً على أحد أن لا غطاء خارجياً للحريري اليوم الا الغطاء المصري، بعدما بات الموقف السعودي واضحاً، وبعدما أصبح الخارج، بما فيه الفرنسي، يبحث فعلياً في خيارات أخرى لرئاسة الحكومة». أما داخلياً، فإن موقف الحريري يهدد بفقدانه الغطاء الشيعي الوحيد المتبقّي له، بعدما خسر الغطاءين المسيحي والدرزي.

  • وكتبت صحيفة الجمهورية تقول: بعدما حسم الشريكان في الطبخة الحكومية الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، موقفهما وأظهرا مشاعرهما الدفينة تجاه بعضهما البعض، وصعد كل منهما الى السقف الأعلى في التصعيد، وقيّدا بعضهما البعض باتهامات تعطيلية، دخل البلد في أحجية جديدة محاطة بتساؤلات عما اذا كان تأليف حكومة ما زال ممكناً بين توجهين نقيضين تجمع بينهما لغة الوعيد والصدام؟

    الاجواء السائدة بين الرئيسين وفريقيهما السياسيَّين، غداة المواجهة الأخيرة الأعنف في مسارهما المشتعل الذي انتهَجاه منذ اليوم الاول لتكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة، ترجّح فرضية استحالة التأليف، وخصوصاً أنّ كلا الطرفين مسلّح بقوّة دفع ذاتيّة نحو الإشتباك، مذخّرة بالشروط المتبادلة ذاتها التي أحبطت المبادرات والوساطات وعجّزت الوسطاء وسدّت كلّ المنافذ المؤدية الى تفاهم على حكومة.

    تشاؤم عارم

    عمليّاً، عاد الملف الحكومي إلى ما قبل المربّع الأول، وسط حال من التشاؤم العارم، يُنذر بخطوات اضافية الى الخلف بكل ما يحمله ذلك من مفاجآت سلبية على الشعب اللبناني المهزوم سياسيا واقتصاديا وماليا ومعيشيا وبالنكد الشخصي المتبادل، ذلك أنّ القابضين على حكومة، يراهن عليها ان تفتح باب الانفراج، قد حكموا عليها بالسجن المؤبّد خلف قضبانهم السياسية والشخصية، متجاوزين بذلك النداءات والمناشدات التي تطلق من مختلف الاتجاهات الداخلية الشعبية والسياسية، والمراجع الروحيّة، وكذلك من أصدقاء لبنان في الخارج للإفراج عن هذه الحكومة.

    يَشي ذلك بأنّ أولوية اطراف اللعبة الحكومة هي التصعيد لأجل التصعيد، وليس لدى اي منهم أفق للحل. وتحكمهما علاقة مفخخة بفتائل تفجير زادت احتقاناً مع الرسالة الرئاسية الى مجلس النواب وما تضمنته من اتهامات للرئيس المكلف، وكذلك مع ردّ الرئيس المكلف غير المسبوق في حدّته وقساوته على رئيس الجمهورية وكل ذلك زرع صواعق اضافية في قلب المشهد الداخلي، تمهّد لمرحلة مواجهة سياسية عالية التوتر يشدّ فيها كل طرف الحبل في اتجاهه، ويسعى من خلاله الى خنق الطرف الآخر. ويتأكّد ذلك من انّ اطراف اللعبة الحكومية قرّروا على ما يبدو طَيّ صفحة التفاهم بينهما، وترك الواقع الحكومي معلقاً الى ما شاء الله، من دون اي تقدير منهم للعواقب التي يمكن أن تتأتى من هذا الوضع الشاذ على لبنان واللبنانيين.

    الهوة توسّعت

    تبعاً لذلك، تؤكد مصادر معنية بالملف الحكومي لـ”الجمهورية” أنّ الهوة توسّعت بين الرئيسين عون والحريري الى حدّ صار يحتاج تضييقها الى جهود خارقة، غير متوفرة حتى الآن. وقد لا تتوفر على الاطلاق في ظل الطلاق الكامل بينهما، وتمسّك كل طرف بموقعه ومواقفه وشروطه وعدم رغبته في التواصل واللقاء مع الآخر. وهذا بالتأكيد سيُبقي البلد مخنوقاً بحبل فراغ لا سقف زمنياً له، ويصبّ مزيداً من الزيت على نار الازمات الحارقة اقتصادياً ومعيشياً.

    ليونة… ولكن؟

    واشارت المصادر الى ان حركة اتصالات خجولة جرت في الساعات الماضية، يمكن ان تتزخم مع عودة الرئيس المكلف الى بيروت. وتحدثت المصادر عن ليونة بدأت تبرز على خط بيت الوسط وكليمنصو، بعد العلاقة التي اتّسمت ببرودة واضحة بين الرئيس المكلف ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وقد انعكست هذه الليونة في تواصل هاتفي حصل بين الحريري وجنبلاط، كان للرئيس بري دور في إتمامه عبر جهد خاص قام به النائب علي حسن خليل.

    وكشفت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية” انّ الاتصالات التي انطلقت من عين التينة بعد “جلسة الرسالة”، وشملت بيت الوسط والتيار الوطني الحر، لم تأت بنتائج حاسمة حتى الآن، وإن كان الطرفان قد عبّرا عن ليونة مبدئية إنما ليست حاسمة. وتم الاتفاق على لقاءات واتصالات لاحقة لعلها تُفضي الى ترجمة لتلك الليونة تتوج بالتفاهم على حكومة وفق مبادرة رئيس المجلس القائمة على اساس 24 وزيراً من دون ثلث معطل لأي طرف. مع حسم توافقي للعقدة الأخيرة المتمثلة في الطريق، والمعروفة بعقدة الوزيرين.

    بري: أسبوعان

    هذا الوضع المقطوع والمعطل حتى الآن، سيزيد الحالة المرَضيّة السائدة على حلبة التأليف اعتلالاً، والحل يتطلب مبادرة عابرة للاحقاد توقِف الجريمة التي ترتكب بحق لبنان، وهو ما أكد عليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي حذّر من سقوط البلد، وأطلق صرخة مدوية في وجه المعطّلين لعلّ منهم من يسمع ويصغي الى أوجاع اللبنانيين والاصوات الجائعة الصادرة من كل بيت. وقد لاقاه رئيس مجلس النواب نبيه بري بتأكيده انّ الأوان قد آن لنلتقي على كلمة سواء ونشكل حكومة ننقذ لبنان.

    واذا كانت العيون قد توجّهت بعد جلسة مناقشة الرسالة الرئاسية في مجلس النواب، الى عين التينة ترقّباً لِما قد يبادر اليه رئيس المجلس لإعادة مد الجسور بين الرئيسين عون والحريري، فإنّ رئيس المجلس متهيّب من انسداد كل سبل التفاهم على حكومة. وقال لـ”الجمهورية”: لم أتوقف يوماً عن محاولة احداث اختراق في الجدار الحكومي. فلقد طرحت 3 مبادرات للحل، والآن بعدما حصل الذي حصل حول الرسالة الرئاسية والرد عليها، لا بد من ان نجرّب ان نقوم بشيء ما يغلب منطق التفاهم، فالبلد كما ترون يسلك مسار الغرق، ولا نستطيع امام هذا الوضع ان نبقى مكتوفي الايدي ونستسلم لهذا الامر الواقع أو نستسلم للتعطيل.

    على انّ المدى الحرج الذي بلغه البلد بات يتطلب، كما قال بري، حلاً عاجلا، وامامنا الآن فرصة لا بد ان نتحيّنها لإيجاد حل وتفاهم يُفضي سريعاً الى تشكيل حكومة انقاذية. وهذه الفرصة اخشى انها الاخيرة، سقفها الاعلى اسبوعان على الاكثر، اي ان علينا ان نجد حلا وتفاهما خلال هذين الاسبوعين، والّا فإننا كلما تأخرنا ستصبح الامور والحلول اكثر صعوبة وتعقيدا.

    خريطة طريق

    وكان الرئيس بري قد حدد، في كلمة وَجّهها الى اللبناني في مناسبة عيد المقاومة والتحرير، خريطة طريق الخروج من الأزمة الراهنة، ترتكز على “تحرير لبنان من الانانية، وحقد الطائفية والمذهبية عبر الدولة المدنية. وتحريره من احتكار المحتكرين، وتحرير أموال المودعين في المصارف، وتحرير القضاء ومكافحة الفساد وإقرار التدقيق الجنائي بدءاً من مصرف لبنان مروراً بكهرباء لبنان. أي ساعة شئتم نبيه بري وحركة أمل مع البدء بتطبيق هذا القانون الذي صار نافذاً مع بقية القوانين التي صارت نافذة.

    واكد بري انّ المدخل الالزامي للانقاذ هو أن يبادر المعنيون بالتأليف والتشكيل والتوقيع، ومن دون شروط مسبقة ومن دون تلكؤ الى إزالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة وطنية أعضاؤها من ذوي الاختصاص غير الحزبيين، بلا أثلاث معطلة فيها لأحد، وفقاً لما نصّت عليه المبادرة الفرنسية، برنامج عملها الوحيد، إنقاذ لبنان واستعادة ثقة ابنائه به وبمؤسساته كوطن للعدالة والمساواة، حكومة تستعيد ثقة العالم به وبدوره وخاصة ثقة أشقائه العرب كل العرب.

    وخَلص بري الى القول: إحتكموا الى الدستور في مقاربة الملف الحكومي. انصتوا الى وجع الناس وقلقهم على مصير وطنهم. تعالوا الى كلمة سواء ننقذ بها لبنان، فلتصفَّ النوايا ولتفعّل الارادات الصادقة من اجل تأليف الحكومة من أجل لبنان ومن اجل الانسان وقبل فوات الاوان.

    عون والحريري: لا أفق

    في مقابل ذلك، وفيما عبّرت مصادر ديبوماسية اوروبية لـ”الجمهورية” عن قلق بالغ من تدهور الوضع في لبنان، في ظل ما سمّته “تصميم الرئيسين عون والحريري على مواجهة بعضهما البعض، ورفضهما للتعاون والتفاهم بينهما”. قالت المصادر: لسنا متفائلين بإمكان تشكيل حكومة”. واضافت في اشارة الى عون والحريري من دون ان تسمّيهما، “الواضح ان هناك من يريد ان تزيد المصاعب على اللبنانيين، وهذا امر مستهجن”.

    على ان مصادر سياسية وسطية ترى ان الملف الحكومي قد نسف بالكامل، وهذا يعني ادخال البلد في شلل كامل، وفي حال اختناق خطير تحت وطأة الازمات المتفاعلة.

    وقالت المصادر لـ”الجمهورية”: يجب ان نعترف ان عون والحريري وصلا الى النقطة التي ثبت فيها ان ليس لديهما اي افق للحل والتفاهم. كلاهما يتحدثان بلغة الالغاء، فعون حسم موقفه من الرئيس المكلف واعتبره عاجزاً عن تشكيل الحكومة ويريد أن يأتي بغيره. صحيح انه لا يقول ذلك بشكل مباشر إنما هو يقوله بالممارسة والاداء، ورسالته الى مجلس النواب لا تحمل سوى هذا المضمون. في المقابل وبدل ان يرد بطريقة مدروسة على رسالة عون، ويظهر مظلوميته، أظهر شراسته وعكسَ ايضا انه لا يريد رئيس الجمهورية. اي انه كان في امكانه ان يطرح ما طرحه بنبرة هادئة لكان حقق ما يريده. فكيف يمكن ان تتشكل حكومة بين شريكين في التأليف أصبحا لدودين في السياسة؟

    واضافت المصادر: ما يجب ان يعلمه الجميع، وقبلهم رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، هو ان البلد وبكل صراحة ليس ملكاً لهما لكي يبقياه معلقاً بينهما على حبل مشاعرهما الشخصية والكيميا التي بات مؤكدا للجميع بأنها مفقودة بالكامل ولن تركب بينهما على الاطلاق.

    عون وقائد الجيش

    من جهة ثانية، وفي مناسبة عيد التحرير غرّد رئيس الجمهورية قائلاً: “في ذكرى التحرير نسترجع طعم الانتصار والكرامة ونتعهد بمواصلة مسيرة استرجاع سيادتنا على كامل ترابنا ومياهنا”، وكما حاربنا العدو وحررنا الارض علينا اليوم مجتمعين تحرير الدولة من الفساد وإعادة لبنان الى سكة النهوض والازدهار. وحدها وحدة اللبنانيين تحقق الاصلاح وتعيد كرامة الحياة لمجتمعنا”.

    واكد قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي بدأ زيارة الى باريس امس بدعوة من رئيس هيئة أركان الجيوش المشتركة الجنرال فرانسوا لوكوانتر، “انّ التحرير لن يكتمل إلا باستعادة ما تبقى من الأرض، ولا سيما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر”.

    وقال في امر اليوم الى العسكريين بمناسبة عيد المقاومة والتحرير: ان إرث التحرير مسؤولية كبرى نتشرّف بتحمّلها، وأمانة غالية لن نفرط بها مهما طال الزمن. ومهما اشتدت الصعوبات، يظل الجيش متمسّكاً بحقه في مواجهة أي اعتداء والدفاع عن الحدود في وجه العدو الإسرائيلي، والعمل على وقف انتهاكاته لسيادة بلدنا وحماية حقوقنا الثابتة في ثرواتنا الوطنية براً وبحراً، مع الالتزام بتطبيق القرار 1701 ومندرجاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى