دولياتسياسة

استقالة رئيسة الوزراء البريطانية:سقوط مهيب للمحافظين..وفوضى عارمة في بريطانيا

 

الحوار نيوز – خاص

كما كان متوقعا ،سقطت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تروس وأعلنت استقالتها من الحكومة ومن زعامة حزب المحافظين ،بعد أقصر فترة لرئيس وزراء في تاريخ بريطانيا لم تدم أكثر من ستة أسابيع.

ولا يعبر هذا السقوط فقط عن ضعف في شخصية تروس كما أشار المعلقون والمراقبون،إنما عن حجم الأزمة والفوضى العارمة التي يمر بها حزب المحافظين والمملكة المتحدة بشكل عام .

ويتجه المحافظون لانتخاب زعيم للحزب ورئيس للوزراء يوم الجمعة المقبل في 28 الجاري،فيما يخشى البعض عودة بوريس جونسون من جديد لندرة القيادات الفاعلة داخل الحزب ،في وقت يشن حزب العمال المعارض حملة شعواء على المحافظين ويدعو إلى انتخابات تشريعية عامة لمواجهة الأوضاع الصعبة في بريطانيا.

 

 

 وكان الصحافي البريطاني المخضرم بيتر أوبورن كتب مقالة في موقع “ميدل إيست آي” البريطاني قبل أسبوعين،ونشرت الحوار نيوز ترجمة له، توقع فيه هذا السقوط لتروس والمحافظين ،ومما قاله:

 

“فارغة. خالية من المحتوى. رصاصية. أصبحت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تروس مزحة وطنية.خطابها المثير للشفقة يوم الأربعاء في نهاية مؤتمر حزين لحزب المحافظين، يؤدي إلى نتيجة واحدة لا هوادة فيها: لقد انتهت. وسؤالان بلا إجابة: متى تستقيل؟ وكيف؟”

فوضى عارمة

 

وتعيش بريطانيا حالة من الفوضى العارمة، بعد التغييرات الدراماتيكية في رؤساء الحكومات والوزراء في ظرف شهرين فقط، وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية، وغياب الاستقرار السياسي، وإصرار حزب المحافظين على البقاء في السلطة ورفض تنظيم انتخابات عامة قد تعيد رسم المشهد السياسي البريطاني.

 

وقد دخل حزب المحافظين في دوامة من الصراعات والاستقالات وسط خشية كبيرة من خسارة شعبيته في صفوف البريطانيين، وهو ما يجعله يتجنب سيناريو الانتخابات المبكرة التي ستمنح حزب العمال المعارض أغلبية مريحة تنقله للحكم.

 

ماذا بعد؟

ومباشرة بعد إعلان ليز تروس تقديم استقالتها من زعامة حزب المحافظين، بدأت التكهنات حول الأسماء المرشحة لخلافتها، وهذه المرة ستتم عملية اختيار رئيس الوزراء في غضون أسبوع حسبما أعلن غراهام باردي رئيس “لجنة 1922” المكلفة بتنظيم استقبال طلبات الترشح لزعامة المحافظين وإعلان الفائز منها.

أما عن الأسماء المرشحة فهي نفسها تقريبا التي تنافست على خلافة بوريس جونسون، وفي مقدمها وزير الدفاع بن والاس، والذي يحظى باحترام كبير داخل حزبه وعلى الصعيد الشعبي بفضل ما قام به من تحديث للجيش البريطاني ورفع ميزانية الدفاع وتزويد أوكرانيا بالأسلحة.

ورغم إعلانه في أكثر من مناسبة أنه لا يطمح لمنصب رئاسة الوزراء فإن ضغوطا تمارس عليه داخل حزب المحافظين وتطالبه بالترشح للمنصب.

أما المرشح المفاجأة فهو بوريس جونسون، حيث أعلن ستيفن سوينفورد محرر الشؤون السياسية في صحيفة “تايمز” البريطانية أن جونسون يخطط بالفعل لإعلان ترشحه والعودة لرئاسة الوزراء، “وذلك خدمةً للصالح العام” حسب ما تم تسريبه للإعلام.

وهناك مستشار الخزانة ريشي سوناك، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الوصول لرئاسة الوزراء، وأظهرت الأيام الماضية أنه كان على حق عندما أعلن أن الوعود الاقتصادية التي قدمتها ليز تراس “غير واقعية”. وتذهب الكثير من التحليلات لترشيح سوناك ليكون رجل المرحلة بالنظر لخلفيته الاقتصادية، وهي الخبرة التي تحتاجها البلاد في هذه الظروف العصيبة.

أما المرشح الرابع فهو وزير الخزانة الحالي جيرمي هانت، والذي يحظى باحترام وشعبية واسعة داخل حزب المحافظين، لولا أن خطته الاقتصادية القائمة على التقشف قد لا تكون مغرية على الصعيد الحزبي والشعبي.

وتبقى بيني موردونت زعيمة المحافظين في البرلمان، من الأسماء الحاضرة وبقوة للمنافسة على هذا المنصب، إلا أن كثيرين يقولون إن المناصب التي سبق وشغلتها تجعلها غير قادرة على التعامل مع هذه الأزمة السياسية.

كيف سيتم اختيار خليفة تروس؟

بإعلان رئيس “لجنة 1922” أن اختيار زعيم جديد لحزب المحافظين سيتم خلال أسبوع، فهذا يعني أن بريطانيا لن تشهد حملة انتخابية كما حدث لاختيار خليفة بوريس جونسون.

وتذهب بعض الترجيحات إلى أن يتم تكرار سيناريو سنة 2003؛ عندما تم الاقتصار على مرشحيْن اثنين، وبعد انسحاب أحدهما لصالح منافسه مايكل هوارد، بقي الأخير المرشح الوحيد وتم اختياره زعيما لحزب المحافظين.

ومن المتوقع أن تطلب “لجنة 1922” الإبقاء على المرشحين الذي يحصلون على دعم 50 نائبا من المحافظين لتسريع الانتخابات. في حين يستبعد الكثيرون أن يتم التوافق بين قادة المحافظين على مرشح واحد دون الحاجة لخوض انتخابات، بالنظر لحجم الانقسامات داخل الحزب.

 

ماذا عن الانتخابات المبكرة؟

ومباشرة بعد إعلان ليز تراس استقالتها، تصدّر وسم “انتخابات عامة” (general­_election#) التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي في عموم بريطانيا.وتشكل الدعوة لانتخابات مبكرة مطلبا لحزب العمال البريطاني، وكذلك للحزب الوطني الأسكتلندي الذي يقود للحكومة في أسكتلندا.

ويعلم حزب المحافظين أن سيناريو الانتخابات المبكرة يصب في صالح حزب العمال، الذي تمنحه كل استطلاعات الرأي الأغلبية في أي انتخابات يتم إجراؤها في الأسابيع المقبلة.

ويبقى الخيار الوحيد أمام حزب العمال، هو إقناع العشرات من حزب المحافظين بالوقوف ضد حكومة حزبهم والتصويت لصالح مقترح سحب الثقة من الحكومة، حينها يمكن إسقاط الحكومة، وبعدها يعلن الملك تشارلز الثالث حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة.

وقد يدفع الضغط الشعبي أيضا للدعوة لانتخابات مبكرة خصوصا مع دعوات للتظاهر ضد المحافظين. ويرى الغاضبون أن جونسون كان يتمتع بالشرعية الانتخابية التي أوصلته لرئاسة الوزراء، في المقابل لا يحق لحزب المحافظين التلاعب بمصير البلاد دون أن يتم اختيارهم من جديد في انتخابات عامة.

وقد يفضل بعض نواب حزب المحافظين إجراء انتخابات عامة في الوقت الحالي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعبيتهم ولوقف استمرار حالة الضياع التي يعيشها الحزب، والتي لا تزيد سوى في مفاقمة الدعم لحزب العمال.

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى