إقتصاد

أثر الازمة الاقتصادية على إجتماعيات ونفسية اللبنانيين…

الجميع يعلم ان للاقتصاد تأثيرا مباشرا على الحياة الاجتماعية والصحة النفسية. وكلامنا هذا ليس جديدا انما ان نشهد تدهوراً منظما وسريعاً في العلاقات الاجتماعية والصحة النفسية فتلك ما عادت وجهة نظر عادية.
من علامات التدهور الاجتماعي غير المسبوق، انتهاء وظيفة الصالون او غرفة الاستقبال في المنزل، اذ تحوّل الصالون الى غرفة مقفلة لعدم استقبال زائرين من خارج دائرة العائلة الضيقة التي عادة يتم استقبالها في غرفة الجلوس، أما غرفة تناول الطعام التي تجمع العائلة كما هو مفترض او تستخدم لدعوة لزائر ما، فقد فقدت وظيفتها لتصبح شكلاً من أشكال ضرورة الديكور المنزلي غير المستخدم.
أغلب اللقاءات تتم في مقهى والدعوات إلى غداء او عشاء تنتهي في مطعم.
تبدلت اشكال العلاقات الاجتماعية لتقلص مساحات البيوت في المدينة من ناحية ولإحتجاج ربات المنزل على عذابات تحضير الطعام اعتقادا بتحررها وحقوقها من ناحية أخرى!
وأيضا في القرى، ارتفعت جدران الحديقة حول المنزل وحدّد المدخل من بوابة واحدة كي لا تكون الحديقة والمنزل ممرا بالصدفة لأي كان، منعا لأي طارىء او انزعاج…
بدأت العائلة اللبنانية بالإكتفاء بولدين او ثلاثة إذ ما عادت قادرة على إعالة أكثر من أربعة أطفال، وذلك ليس شكلا من التحضّر بل عدم قدرة مادية، كما أصبح عمل الزوجة ضروريا لإضافة راتبها على راتب العريس كي تنهض او كي تستمر الأسرة في حياة شبه مقبولة ،وهذا ليس تحررا جندريا بل قهر اقتصادي بامتياز.

الذين يحصلون على ميراث من ارض او محال تجارية او بيوت أصبحوا قلّة إذ أغلب ثروة الأهل تقتصر على بيت العائلة المتواضع.
زيادة الاقساط الجامعية وصعوبة التوظيف او ايجاد عمل وسط بلاد قائمة على الفساد والواسطة والرشوة ،حوّلت آمال وطموحات الكثيرين من الشبيبة الى أفكار تبغي الربح السريع بأي وسيلة ولو كانت وقحة ومذلة وسيئة ومالا حراما.
الخيبة والضيقة الاقتصادية الخانقة تذهب بأجيال الى الجريمة والمخدرات والطرق غير القانونية ،وتدفعهم قهراً للكذب والدجل والسخرية الى جانب التعليقات الدنيئة والنكات السمجة، اتقاء للكآبة وتدعيما للعصاب المتهالك ومنعا للفصام.
"يوم يفرّ المرء من أخيه وأمه وابيه" ما عادت تنبؤاً او توقعاً بل أصبحت حالة يومية وخبرية عادية، ناهيك عن قتل الأخ لأخيه او لأبيه او لأمه او قتل زوجة لزوجها من اجل مال او عشق حرام ،اضافة لحالات رفع شكاوى في القضاء بين افراد العائلة الواحدة من اجل حفنة من المال من ميراث .
دائرة العلاقات الاجتماعية تصغر أيضا توقيا للشرّ او للمشاكل الناتجة عن سوء فهم أوخلل في التفاهم ،وعدم القدرة ايضاً على تحمل الناس بعضها لبعض وتهربا من طلب الآخر المحتمل للمساعدة والعوز والحاجة، إذ الجميع غارق في مصاريف يومية حياتية وضرورية يصعب معها توفير المال حتى لحالات الطوارىء.
الوضع الاقتصادي سيزداد سوءا ،والحالة السياسية لن تتحسن طالما اننا في بلاد تفوز فيه السيدة X على الرئيس سليم الحص ،ولا تشبع السيدة XY واولادها من تكديس الثروات والفساد ،ولا يرى السيد YXوطنه الا تعويضا ماليا لخسارته التجارية في الخارج ،وطالما ان الكهنة عادوا فصنعوا ربهم من تمر ليأكلوه عند الضرورة  ،وطالما ان القضاء لم يلق القبض على فاسد واحد ،وطالما ان جهابذة اللبنانيين فخورون بأن اقتصاد لبنان رأسمالي حرّ ،والحقيقة أنه أقتصاد لصوص الطوائف الرأسماليين …
ليس المهم ان تصمد الليرة ايها الحاكم ،وليس المهم ان يبقى لبنان موحدا ايها السياسي، فكل شيء يشير الى ان لبنان اصبح في خبر كان اجتماعيا-عائليا-نفسيا، فماذا يبقى غير النحيب والدموع؟


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى