المحكمة الخاصة

حكم قريب للمحكمة الخاصة يتوج المحاكمات السياسية: لماذا أهملت قرائن تورط المخابرات الإسرائيلية؟

 


حكمت عبيد – خاص

لا شك بأن غالبية اللبنانيين مقتنعة بأن المحكمة الخاصة بلبنان هي كيان سياسي وليست مؤسسة قضائية.
والشواهد على ذلك عديدة:
1- نشأتها الخارجة عن الأصول الدستورية وفرضها على لبنان بموجب الفصل السابع وتعمّد وضع نظامها بما يهمش دور القضاء اللبناني.
2- حصر المسار القضائي بما يقدمه الإدعاء دون حق فرق الدفاع أو فريق المتضررين مقاربة المسار برؤى مختلفة ،وإن امتلك ما يكفي من أدلة كافية للإتهام.
3- إدعاءٌ بنى رؤيته على تحقيقات مركبة ومشبوهة، الغاية منها استهداف طرف سياسي دون سواه، ولا أدل على صحة ما نقول سوى تجاهل لجنة التحقيق الدولية ومن بعدها الإدعاء لدى المحكمة الكثير من المعطيات التي تؤشر الى تورط مخابراتي اسرائيلي بمراقبة الرئيس رفيق الحريري، وإنكشاف مدى الخرق الإسرائيلي لمجموعات إرهابية لبست لبوس الإسلام وتكاملت مع مشروع الفوضى والإحتراب الأهلي في المنطقة الذي أوجدته وشجعته الولايات المتحدة ودولة الإحتلال.
4- دليل الإتصالات وهو من الأدلة الأساسية لدى الإدعاء ،والجميع يدرك كم هو سهل العبث بوسائل الإتصالات "عن قرب وعن بعد".
5- الروايات السياسية التي تتناقض من شاهد الى آخر حتى من ضمن شهود الإدعاء!
6- حجم الفساد كإستراتجية كانت معتمدة بين مجموع صناع القرار اللبناني من لبنانيين وسوريين هم جميعهم شركاء بالتراضي يوزعون المغانم ويتبادلون الخدمات.
ولا شك أيضا أن ما ننتظره من حكم سيصدر عن غرفة البداية خلال الأسابيع القليلة المقبلة هو إدانة المتهمين بأدلة غير حاسمة مشكوك بموثوقيتها:
1- غير محسوم أن المتهم سليم عياش كان في طرابلس وهو من ابتاع السيارة التي يدعي الإدعاء بأن الإنتحاري الإفتراضي كان يقودها.
2- غير محسوم بأن السيارة التي يدعي الإدعاء بأنها فُجرت بموكب الحريري هي هي السيارة التي عرضها في شريط كاميرات المراقبة.
3- لماذا لم يأخذ الإدعاء بالملف الهائل من المعطيات المتصلة بالإنتحاري الإفتراضي أحمد أبو عدس وعلاقته الموثقة بمجموعات إرهابية لها سوابق واعترافات، ونفي عائلة ابو عدس أن يكونوا قد رأوا المتهم عنيسي أو صبرا ضمن الدائرة القريبة لنجلهم، لا بل على العكس فقد أثبتت الأدلة أن من استدرج ابو عدس هم المجموعة الإرهابية التي كانت تجند ابو عدس لإرساله الى العراق…
4- لماذ أهمل الإدعاء القرائن التي عرضها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بتاريخ 9 آب 2010، خلال مؤتمر صحافي كشف فيه عدداً منها  وتشير إلى احتمال أن تكون الاستخبارات الإسرائيلية هي التي اغتالت الرئيس الحريري.
ورغم المعلومات الهامة التي عرضها نصرالله وأكدتها قيادة الجيش اللبناني جرى إهمال متعمد لها من قبل الإدعاء ولإعتبارات سياسية.
لقد عرض نصر الله معلومات عن وجود عميل إسرائيلي، هو العميد المتقاعد في الجيش غسان الجد، في مسرح جريمة اغتيال الحريري قبل يوم من تنفيذ العملية. ولفت نصر الله إلى أن أمن المقاومة سلّم معلومات عن الجد إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية، إلا أنه غادر لبنان قبل أن يوقفه أحد. كذلك كشف نصر الله عن وجود طائرات استطلاع إسرائيلية وأخرى لإدارة العمليات في الأجواء اللبنانية يوم ارتكاب الجريمة. وكشف حينذاك أحد الأسرار العسكرية للمقاومة، والمتمثلة في تمكّنها من التقاط بثّ طائرات الاستطلاع الإسرائيلية منذ أكثر من 15 عاماً. ولفت نصر الله إلى أن الإسرائيليين يستطلعون بالطائرات كافة الأماكن التي يريدون تنفيذ عمليات فيها، وأن هذه الصور هي التي أسهمت في نصب المقاومة لكمين في منطقة أنصارية عام 1997، مكّنها من إحباط عملية إنزال إسرائيلية وقتل جميع أفراد الكوماندوس، والاحتفاظ بأشلاء لجنود جرى تبادلها مع جثث لمقاومين وأسرى من السجون الإسرائيلية.
وبُثّت في المؤتمر الصحافي صور جوية التقطتها الطائرات الإسرائيلية لمناطق سير الرئيس الحريري، ومعظمها بعيد عن مناطق عمل المقاومة، كطريق فقرا وخطَّي سيره المعتادين من مجلس النواب إلى منزله في قريطم، مروراً بالسان جورج والخط البحري أو بشارع بلس. وعرض نصر الله أمثلة عن مناطق أخرى صوّرتها الطائرات الإسرائيلية قبل تنفيذ عمليات اغتيال فيها، كما جرى، على سبيل المثال، قبل اغتيال القيادي في المقاومة علي حسن ديب (أبو حسن سلامة) نهاية تسعينيات القرن الماضي.
وكشف نصر الله أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت تريد منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي التسويق لفكرة أن حزب الله يريد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهو ما اكتشفته المقاومة من خلال أحد العملاء الذين حقّق معهم جهازها الأمني في تلك الفترة، وأقرّ بأنّه أخبر أحد المقرّبين من الحريري بأنّ حزب اللّه يعدّ العدّة لاغتياله. وبثّ نصر الله تسجيلاً مصوّراً لإفادة العميل المذكور.
وطالب نصر الله بإعادة فتح التحقيق مع العملاء الإسرائيليين الذين أوقفتهم الأجهزة الأمنية اللبنانية منذ عام 2006، والذين أقرّوا بأنّهم كانوا يتولّون إدخال فرق تنفيذيّة من الاستخبارات الإسرائيلية إلى الأراضي اللبنانية، وخاصة عن طريق البحر، فضلاً عن نقلهم حقائب كان يسلّمهم إياها مشغّلوهم الإسرائيليون داخل الأراضي اللبنانية. وطالب الأمين العام لحزب الله بإجراء مقارنة بين التواريخ التي سيحددها العملاء وتواريخ عمليات الاغتيال والتفجير التي جرت في لبنان بعد عام 2005.
وبعد المؤتمر الصحافي المذكور، طلب المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري دانيال بلمار نسخة عن تلك القرائن. وبعدما سلّم حزب الله نسخة إلى المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، بعث بها الأخير إلى بلمار، إلا أنه لم يُفتَح أيّ تحقيق جدّي في شأنها.
كل هذه المعطيات تجعلنا نشك بقرار غرفة البداية وبالملفات التي عرضت أمامها
وبالملفات المتلازمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى