رأيسياسةمحليات لبنانية

“القوات” تستثمر بالدم على حساب الانتفاضة(محمد هاني شقير)

 

محمد هاني شقير – الحوارنيوز خاص

 

في مثل هذا اليوم منذ سنتين شق الحلم طريقه.  كنت خارجًا لتوي من مؤسسة أمنية عريقة؛ ففي لحظة انهيار وطن، وتفكك أوصاله، جراء بطش وفساد سلطات متعاقبة، وجدت نفسي بين جموع اللبنانيين نجوب معًا ساحات الوطن وشوارعه في حركة شعبٍ نحو بناء دولة وطنية حقيقية يكون فيها لكل مواطنٍ بمقدار ما يعطي، بعيدًا من الزبائنية والطائفية وخلافه. 

سقط الحلم وسقطت حركة الشعب تلك حيث لم يكتب لها النجاح بفعل عدة عوامل ،ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر محاولة قوى سياسية تفجيرها و/أو استثمارها من الداخل كما حصل مع القوات اللبنانية. 

ومناسبة الحديث عن هذه القوة مرتبط بمجزرة الطيونة التي فتحت بابًا مذهبيًا تتنشق منه القوات اوكسيجينًا كانت بدأت تفقده جراء ارتكاباتها المتعددة وأهمها:

 

_ منذ اندلاع انتفاضة 17 تشرين والقوات اللبنانية تحاول وضع الانتفاضة تحت وصايتها، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل ولم تشهد ساحة واحدة تظاهر فيها مناصرو القوات، ترفع شعارات فئوية أو وطنية كموضوع “نزع سلاح المقاومة”، اللهم إلا ما جرى في تظاهرة 6 حزيران 2020 التي فشلت فشلاً ذريعًا باعتراف الجميع. فضلاً عن عدم قدرة أي مسؤول أو نائب قواتي على التواجد والحضور في أي ساحة من ساحات الانتفاضة وتعرض رئيسها شخصيًا للتأنيب من قبل مواطنات في الأشرفية برغم إحاطته بمناصريه آنذاك. 

_ هذه الحقيقة أخرجت القواتيين عن طورهم وبدأوا يمارسون أعمالا بلطجية بحق كل آخر؛ فمرةً اعتدوا على السوريين الذين كانوا في طريقهم الى سفارة بلادهم للانتخاب، ومرةً اعتدوا على الشيوعيين بالعصي والمدي في الجميزة وذلك بعد تكرر فشلهم لعدة مرات في محاولة تبني وقيادة قضية أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت. 

لقد خرجوا عن طوعهم في محلة جل الديب_ الساحة اليتيمة التي قيض لمناصري القوات التواجد فيها_عندما اعتدوا على منتفضين لوضعهم الكوفية الفلسطينية فوق رؤوسهم. 

_ زاد موقف القوات حرجًا مع العثور على كميات الفيول الهائلة في البقاع والعائدة لأحد قيادييها، حيث تبين انه يحتكر المادة الأكثر حاجة عند اللبنانيين ويتحكم بأسعارها في السوق السوداء في أسوأ الظروف الاقتصادية التي يمر بها لبنان. ليكتمل لاحقًا مشهد التراجع القواتي مع ضبط كميات من نيترات الأمونيوم مؤخرًا في البقاع ووجود إشارات عن علاقة بها لقياديين قواتيين. 

جرت كل تلك الاخفاقات والقوات تنتظر فرصة تستطيع من خلالها لملمة خيباتها وإعادة الثقة بينها وبين جمهورها الذي بدأ يتململ جراء ما كشفه وعاينه بأم عينيه. 

ولما وجد القواتيون أن هناك امكانية لإعادة لم شمل قواعدهم التي ارتابت منها طيلة كل تلك الفترة، فإنهم لم يتوانوا عن الاستثمار بالدم، فقتلوا بالرصاص وبدمٍ بارد ما استطاعوا من المتظاهرين في مجزرةٍ كادت تأخذ البلاد الى حربٍ أهلية أرهقت لبنان واللبنانيين على مدى سبعة عشر عامًا. 

نعم، إن الغرائز المذهبية والطائفية لا زالت مستعرة بين الأهلين وهي مادة غب الطلب تنهل منها الأحزاب الطائفية ساعة تحتاجها ومهما كانت قاسية فلا شيء يضيرهم! فيما الحلم ما زال يترنح برغم نقاوته وصدقه. 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى