الاستثمار الثقافي ..كيف وأين؟
قد يسأل البعض ما هو السبب الذي يجعل سعر لوحة ل فان كوخ أو بيكاسو يصل لعشرات و مئات الملايين.
أو أن رواية تعتبر عادية بالقيمة الأدبية (هاري بوتر) تدر دخلاً على صاحبتها يوازي 30% من الموازنة السورية لعام 2020
لماذا حين يقوم فرزاتشي (باستعارة) شعار سوري أصيل (شعار الشمس و المستطيلات المتداخلة ) و يجعله نقشته المميزة على منتجاته.. يحقق الملايين من الايرادات.. في الوقت الذي نجد ذات النقوش على اعمدة افاميا و اوغاريت.
و لماذا تنتشر الكوميديا الآلهية ل دانتي عالمياً.. في حين انها الترجمة (شبه الحرفية) لرسالة الغفران للفيسلوف الأدلبي ابو العلاء..
في الهند 1000 فيلم سينمائي في العالم و كلها قصة واحدة (بيكونوا عم يتحاربوا بيطلع اخوه و خطيبته بتطلع خالته) و في إيران 200 فيلم في العام.. تجلب الملايين رغم ضيق المساحة المتاحة لطريقة ظهور الممثلين و الممثلات..
الأمثلة كثيرة جدا…
و لكن السؤال…
كيف استطاعت شعوب الأرض ان تستثمر بالبعد الثقافي لتجعله قطاعاً منتجاً و استثمارياً و ليس عبئاً على الموازنات و زيادة في الإنفاق..
و كيف تحولت الثقافة من مجرد انشطة ترفيه إلى سلوك يومي إلى إنتاج حياتي مستمر..
و لماذا رجال الأعمال الكبار في العالم (طبعاً مو عندنا) يقتطعون سنوياً نسباً معتبرة من ارباحهم لتوظيفها في الثقافة.. (توظيفها و ليس منحها كهبة فقط).
في سورية قامت الدولة ببناء مؤسسات ثقافية كثيرة و لكننا لم نستطع ان نؤسس للفكر المؤسساتي الثقافي، و لم نضع خطط و سياسات.. كيف يمكننا أن نستثمر في هذا القطاع المهم..
كيف يمكننا أن نصل لان يكون في سورية 200 فرقة فنون شعبية تجوب العالم
200 فرقة موسيقية لا تهدأ في نشر ثقافتنا الموسيقية الأصيلة
10 الاف كتاب في العام ب 10 الاف نسخة لكل كتاب على الاقل.
200 مجلة و جريدة و 50 فضائية.
عشرات الأفلام و مئات المسلسلات..
لماذا لا يكون لكل شركة خاصة في سورية ميزانية للاستثمار الثقافي الذي سيعود عليها بالدخل الكبير..
كل ذلك ممكن عندما توضع استراتيجية للمسؤولية الاجتماعية بين القطاع الاستثماري و قطاع الثقافة بموجب التشاركية الوطنية…
(نشرت شخصياً بعضاً منها في دراسة أوسع حول الاستثمار اللامادي في سورية)
وقتها لن نجد مثقفينا.. يتسكعون في المقاهي.. بل سوف يبدعون.. و يملكون مقاهي ثقافية