سياسةمحليات لبنانية

الإنقلاب الفاشل

 

كتب أكرم ناظم بزي
بالأمس وفي تعليق لي على ما يجري حول تشكيل الحكومة قلت: (حكومة "أديب السنيورة" فرنسية بخلفية أميركية مشروع ملغّم من أوله ولا تعرف نهايته).
والذي تبين لاحقاً أنه كانت هناك محاولات لفرض أمر واقع تحت ضغوط أميركيّة وفرنسيّة بإخراج هزيل من وراء الكواليس، كان يقوم به أحد رؤساء الوزراء السابقين في محاولة منه لتفخيخ الحكومة بأسماء "مستقلين" تؤدي إلى إقصاء "الثنائي الشيعي" من التمثيل الحكومي ،وبالتالي قلب الطاولة من خلال تشكيلة مجلس الوزراء بما يحقق طموح قوى ما يسمى "14 آذار" أو ما بقي منها.
الإخراج الهزيل كان بمحاولة طرح "التدوير" من جهة وتسمية وزير غير شيعي لوزارة المال ،وإلصاق أي فشل بتشكيل الحكومة بـ"الثنائي الشيعي" لمعرفتهم بأن هذا الطرح لن يمر مرور الكرام ،بل دونه الكثير من العواقب الوخيمة، ومع هذا كان هناك إصرار بتمرير "التشكيلة".
فالاجتماع الذي حصل بين الرئيس المكلف مصطفى أديب و"الخليلين" و"الذي أراده أن يكون سرياً" كان لتمرير أسماء من خارج التمثيل الحزبي وأن يكونوا "مستقلين" وأصحاب اختصاص، على ان تذهب وزارة المال لشخص مقرب من الرئيس فؤاد السنيورة، وأن يؤتى بشخص شيعي كوزير للخارجية او الداخلية ويكون قريباً من اجواء "بيت الوسط" ، بمعنى آخر حكومة تمثل فيها قوى "14 آذار" دون تمثيل فعلي وعملي لقوى "8 آذار" والتي تشكل اكثرية في المجلس النيابي
الرئيس نبيه بري أعلن وبشكل واضح ان "الثنائي الشيعي" لن يشارك في الحكومة، وفي الكواليس تم ارسال رسائل لمن يعنيهم الأمر في الداخل اللبناني وفي الخارج، أن "الثنائي" لن يشاركوا في الحكومة ولن يمنحوها الثقة، بالرغم من كل الاتصالات التي جرت معه ومع غيره من الحلفاء لتسهيل الأمر، لأن هذا الأمر يطيح بكل المعادلات التي أرسيت منذ الطائف لغاية الآن ،لما فيه من اجحاف بحق الطائفة الشيعية ومن تمثله من ناحية، ومن ناحية أخرى لقوى "8آذار".
اللواء عباس ابراهيم مدير عام الأمن العام لعب دوراً محورياً بإيصال وجهات النظر للمعنيين في الأمر داخل لبنان وخارجه، والرسالة الأساسيّة التي حملها كانت الرفض القاطع من قبل "الحزب"، لما تحمله هذه التشكيلة من ألغام تؤدي في ما تؤدي الى ابعاد "الحزب" عن الحياة السياسية مستقبلاً. وهذا المطلب الأميركي "القديم الجديد" والذي عبر عنه وزير الخارجية الأميركي أكثر من مرة مباشرة وعبر مساعدي وزير خارجيته، موفديه ديفيد هيل وديفيد شينكر.
الخلاصة: حاولت فرنسا ومن خلال رئيسها إيمانويل ماكرون تمرير رسائل ايجابية لـ"حزب الله" من خلال لقائه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والتي تلقفها بإيجابية ورٌد عليها بإيجابية من قبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وتحت الطاولة كان ينسق مع الخارجية الأميركية لتمرير حكومة تخلو من ممثلين لـ "حزب الله"، كي تكون مقدمة لإخراجه من الحياة السياسية بالكامل. وبعدما انكشفت لعبة الرئيس الفرنسي والتي تبين لاحقاً أنها بالتنسيق مع "لاعبين" لبنانيين كانوا على تواصل مع الرئيس الفرنسي قبل مجيئه إلى لبنان عقب تفجير مرفأ بيروت، كان الرد حاسماً من قبل "الثنائي الشيعي": لا حكومة في لبنان من غير تمثيل "حزب الله" او على الأقل لمن يختاره ممثلاً له من "أصحاب ربطات العنق" اذا جاز التعبير.
الرسالة بلغت لمن يعنيهم الأمر وخاصة الرئيس الفرنسي أولاً وللرئيس المكلف ومن يقف خلفه ويهتف بأذنه ولمن يدور في الفلك الأميركي ثانياً: لا حكومة من غير حزب الله ونقطة أول السطر، والكرة الآن في ملعب الرئيس الفرنسي ومن يلعب معه في لبنان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى