في تكريم جمال السعيدي: صورة تختزن ذاكرة
كرمت وكالة "رويترز" العالمية كبير مصوريها جمال السعيدي في حفل كبير ضم حشدا من الشخصيات الأعلامية والرسمية ومن زملائه وعائلته.
الخبر الذي يبدو أنه عادي بأن تقوم مؤسسة بتكريم أحد العاملين لديها عند تقاعده، هو للحقيقة حدث إستثنائي، لأن جمال السعيدي ليس موظفا عاديا بل هو فنان بكل ما للكلمة من معنى.
عينه التي تلامس عين الكاميرا تروي قصة عشق أبدي. والعين تعشق قبل القلب أحيانا. هو لا يفارق الكاميرا لأنها تأبى أن تفارقه، لئن حمل في سيارته عدة كاميرات ومن أنواع متعددة ولكنها تبقى وحيدة متجددة بين يديه حين يصطاد اللقطة ويقنصها.
الكاميرا سلاحه الذي يتأبطه في ذروة اللهب وفي قلب الحدث، الأمر الذي عرّضه للخطر الشديد مرات عديدة على امتداد الحروب المجانية في منطقتنا الملتهبة على الدوام. عدا عن كونه إنسان دمث يتمتع بمصداقية كبيرة لمهنيته وتعاطفه وإهتمامه الشديد بزملائه إنسانيا وعلى كل المستويات حتى إستحق أن يكون نقيبا للمصورين دأبه تطوير هذه المهنة وإعطاء العاملين فيها ما يستحقونه.
هو دائم البحث والتجديد .فقد أصدر ألبومين من الصور المذهلة في جمالها وروعتها وكمالها. هذا ما فعله في السلم .لقد رصد جمال الفصول الأربعة في لبنان بعيدا من قرف الواقع المر ونفاياته وعشوائيات العمارة الرديئة وانعدام التخطيط.
حين يستحوذ شغف التصوير بشخص ما فإنه يرافقه في نومه ليصبح بإمكانه تصوير هذا الحلم وتجسيده وهذا ما فعله جمال السعيدي منذ كان مصورا صحفيا في جريدة النداء الى أن أصبح من أعمدة وكالة رويترز العالمية العريقة ..
هناك فئتان من الناس لا يمكن لهما أن تنسيا الحرب: أهالي الشهداء والمخطوفين، والمصورون الصحافيون المحترفون.ولقد كان جمال السعيدي من الفئة التي إختزنت ذاكرة الحرب في أرشيف شخصي بالغ السعة والدقة وأصبح مرجعا للباحثين والكتاب في عدة ميادين.
شكرا لك جمال السعيدي ومبروك لك التكريم المستحق.
