لبنان (قد) ينال ذهبية: مُداواة البؤس بالحرمان.. الحلول واضحة لمن يريد أن يسلكها!
حيّان سليم حيدر – الحوارنيوز خاص
جميلٌ أن تتزاحم الموازنات على أبواب معيشة اللبناني هذه السنة. مقصودٌ أن يغيب قطع الحساب عنها كما عن سابقاتها في مخالفة فاجرة للدستور وفاضحة لقانون المحاسبة العمومية وعلنية للأصول العامة. ظالمٌ هو مضمون مقترحاتها بحقّ الشعب. غير آبهة بمشاعر الناس هي عطاءاتها للموسرين. لئيمةٌ هي إقتطاعاتها لمكتسبات المواطنين (السابقين). مُجرمةٌ هي … الخ…
تتدحرج الموازنات فيتلهّى الناس بمتابعة تفاصيلها التي قلّ ما تتحقق. وبين بين،… تحرص كلّ من "الدول الصديقة" ومستفيدي "سَيَدُرْ" ومنظّري "ماكينزي" ومعهم رومانسيّي "سايكس- بيكو" والساهرين على حسن تنفيذ تعاليم "بريتون وودز"، محصّنين بفجور الخزينة الأميركية، على تنكيد حياتنا بالإنذارات والتهديدات والعقوبات و… وليس آخرها بالتقرير الذي كاد أن يصدر عن شركة "ستاندرد أند بورز" (S&P) (ومعنى الكلمة: نظامي وفقير، لاحظ) في 22 من شهر ما "يطيح" بتصنيف لبنان السيادي (؟) الى أسوأ مما كان عليه.(1)
يتحرك بعض المسؤولين "المعنيّين" ويتوزّعون التهديدات والوعود والإقتراحات معًا، وفي جميع المواقع والإتجاهات، حتى يتم تأجيل صدور التقرير – المصير ستة أشهر.
وذهبية هذه، هي السيدة ذهبية غوبتا المديرة التنفيذية المكلفة في S&P كتابة التقرير الخاص بلبنان. يتأجّل الأمر إذن فتعلو التهاني وتصدح التبريكات ويعتبر المسؤولون الخبر إنجازًا عالميًّا يضاهي مفعول خفض العجز وإنهاء الدين العام وتوازن الميزان التجاري ووقف الهدر مجتمعًا، ناهيكم عن مكافحة … (الإشاعات). لم يعمِّر التهليل طويلًا لأن الشركة "الأخْت" (فسِّرْها كما شئت) المسمّاة موديز Moodies)) (وهل لاحظت أن الكلمة تعني "مزاجية"؟) ما برحت أن خفّضت تصنيف لبنان ملحوقة بخطوة مشابهة من شركة "فيتش" (Fitch) غير "قابضتين" جدّية مرافعات "أبطال" لبنان في السياسة والإقتصاد والمال (أو قابضتين منهم، لا فرق).
ورغم كلّ ذلك، ما زلنا نقول: نعم لبنان قادر على الخروج من أزمته بشرط…، ومعها نقول لا… لم تكن موازنة أفضل الممكن! لا في 2019 ولا في 2020 التي قالت عنها إحدى الصحف أن فيها: "نفخ الإيرادات والتلاعب بالنفقات وإخفاء النيات الحقيقية وليس فيها سوى شعارات عن نيات الإصلاح".. (وينك يا ذهبية تشوفي!)
ولنتجنّب المَلَل سنورد رأينا في الممكن عمله في ذيل هذه المقالة (أنظر الملحق). أما الواردة الأخيرة (الموازنة) حاضنة "رقصة المليارات"، كما يسمّيها بحقّ الدكتور جورج قرم، فهي لا تمتّ بصلة (حرّكها كما شئت) للإنذارات أو الوعود المطلقة أو لمبادىء الإدارة الحكيمة.
ولأن هذه ثالث مقالة لي في الموضوع (وسيتبع) ولكي لا نبقى في عموميات الإنتقاد وعدم تقديم المقترحات، رأيت من المفيد أن أرمي العناوين الرئيسة، وأقول الرئيسة فقط من دون حصر أو تسلسل أولويات، لأن هناك الكثير غيرها التي كان يُؤَمَّل أن تسلك طريقها الى الموازنة الجديدة إستكمالًا لموازنة 2019 التي لم تمس أيّ من محميات الهدر، على كثرتها، ولم تعالج مكامن العجز، على أنواعه. على أن يبقى الهدف حسن إدارة المال العام. وبغضّ النظر من أهمية البند أو المقترح وتأثيره على الأرقام العامة وعلى الناس، إعتبرنا أنه كان من المفترض أن تتطرق الموازنة له ولها، فالمطلوب يُعْرَف من عنوانه الذي يدلّ الى الإتجاه الذي يُراد أن تسلكه الموازنة بالنسبة الى كل موضوع.
ما قرأناه مكرّرًا في الموازنة ينطبق عليه المثل الفرنسي: " لا يمكن عمل جديد ما بواسطة أشخاص مستهلكين" (2) مع إحترامنا للأشخاص الجدد الوافدين الى مختلف المسؤوليات والذين يعملون، بعلم أو من دون علم، وبنشاط كبير، على "إعادة بناء الهيكل بحجارة النظام".
وفي النهاية، وكلما راجعت ما يُقترح في موازناتنا، لا أعلم لماذا تراودني القصّة التي وصف من خلالها أحد كبار المحللين الإقتصاديين الأجانب الحلول التي لجأت إليها الدولة لمعالجة إنهيار كبار البيوتات والأسواق المالية والعقارية الأميركية ومعها الغربية التابعة إقتصاديًّا بعد العام 2007 والذي تمّ من طريق ضخّ المزيد من المال العام لإنقاذ كبار المتسبّبين بالأزمة أساسًا وأموالهم بالقول: لقد تمّت معالجة الأمر كأنْ تطوف مجارير بلدة ما لتصل محتوياتها حدود سقوف المنازل والمحال. فيجتمع أعضاء البلدية لتدارس حلول المعالجة، بين توسيع شبكة المجارير أو تكبير طاقة محطات التكرير والتصريف أو تحديد عملية منح رخص البناء الى ما شابه من حلول. وفي نهاية الأمر، يرسو القرار على أن يتمّ رفع سقوف المنازل والمحال لإستيعاب المزيد من مُتَدَفّقات المجارير. فعلًا، لا أعلم لماذا تذكرت هذا الحلّ لدى قراءتي المقترحات "الإصلاحية" الواردة في الموازنة !… (هيدي خبرية بتِتْخَبَّر لذهبية !).
وبانتظار أن تسوء الأحوال … والى أن نخاطبكم (لا بدّ) قريبًا !
الملحق
– رواتب الرؤساء والنواب والوزراء وغيرهم خلال وبعد خروجهم من "الخدمة"،
-الأملاك العامة البحرية والنهرية والمشاعات وغيرها بما في ذلك الكسّارات والمرامل والمطامر،
– المباني الحكومية، مستعملة أو غير مستعملة، من إيجارات مع أكلاف التجهيز والتشغيل والصيانة، بما فيها تلك المخصّصة لمختلف الدوائر والمنظمات والشركات والمدارس والمستشفيات وغيرها،
– الرواتب والمعاشات والأجور والمخصّصات والتعويضات والمكافآت المتعددة والمزدوجة (أو أكثر)،
– الجمع فيما بين المناصب بالإنتخاب أو بالتعيين وبالتالي الرواتب والمخصّصات والتعويضات الخ…،
– إلغاء وإغلاق المؤسّسات والإدارات والهيئات والمجالس والصناديق وما إليها التي لم ولا تعمل وتلك العاملة منها ولكن لا تساهم في أيّ نفع عام،
– المجالس والهيئات "الوطنية" والأهلية على أنواعها وإختصاصاتها،
– إقرار آلية لإنهاء "خدمات" غير القانونيّين من الموظفين والمتعاقدين والمياومين و"بالفاتورة" وغيرهم كثر، ويمثلون ما بات يُعرف بالبطالة المقنّعة، وقد قيل أن عددهم قد ناهز ال31 ألف شخص أو تجاوزه (خلال 4 سنوات)،
– الأسفار والمؤتمرات والسفارات والقنصليات، الفخمة منها والفخرية، وكلّ ما يمتّ إليها من أبّهة وتنفيعات وتلزيم شركات العلاقات العامة (PR) تهدف الى "تبييض" وجه لبنان (العظيم) من ما بات يُعرف بال Image-Building والترويج … لا نعلم لماذا أو لمن،
– إلغاء الإمتيازات من أيّ نوع كانت وللجميع، للنواب والوزراء والموظفين من كلّ حدب وصوب واهتمام واختصاص وحصرها بمبدأ "ربط الجهد بالنتيجة" (3) وبالحضور والقيام الفعلي بالمهام وتنظيمها وتنسيقها كي تتناسب مع وفيما بين الجميع،
– الصناديق السوداء على غختلاف جهاتها وأنواعها،
– رفع الدعم عن كلّ ما هو "إجتماعي" إنتقائي أو "مجاني"، وهو ليس كذلك، ونذكر منها المستشفيات والمدارس الخاصة (على حساب المدارس الحكومية) وغيرها،
– إلغاء كلّ "العطاءات" للجمعيات، ومنها بالأخصّ "المحميات"، التي أصبح يٌشار عالميًّا الى كبرياتها بالمسمّى BONGOs ، أي Business-Oriented NGOs، "وسلامة فهْمْكم". هي محاولة لوضع حدّ "للأنجزة" (NGOs) فلتَقُمْ الجمعيات القادرة بنشاطاتها من سبيل جدارة أهدافها والدعم الخاص وليس من مزراب الأموال العامة التي يجب حصر إنفاقها في الإدارات العامة وبقرارات عامة (وليس مزاجية أو نفعية)،
– وضع حدّ أقصى للرواتب والمكافآت لا يتجاوز 12 مرّة الحدّ الأدنى للأجور،
– إلغاء كلّ وجميع الإمتيازات التي يمنحها الوزراء بشكل منفرد ومستقل عن القرار العام، ومنها رخص السلاح والزجاج الداكن وتسهيل المرور ومواقف السيارات والرخص المؤقتة لأعمال أو إشغال ما، والمساعدات والمكافآت وليكن كلّ أمر وفقًا للحاجة والمصلحة العامة والثمن،
– إلغاء "عادة" إعفاء كبريات الشركات من دفع الضرائب وغراماتها وتطبيق الضريبة التصاعدية،
– السماح وتسهيل كلّ ما هو طاقة بديلة مثال كهرباء شمسية وريحية وفي السيارات والدراجات وما شابه،
– إلغاء المستشارين وتعويضاتهم على أنواعهم كما والإعلاميين الملحقين بالمال العام،
– إلغاء دعم المهرجانات والإحتفالات والمؤتمرات والإعلانات على أشكالها وأهدافها في الخارج والداخل والرعايات وحفلات التكريم في جميع الإدارات سيما ما يتصرف به كلّ وزير إفراديًّا عملًا "بمبدأ" "الوزير سيّد نفسه".
وغيرها… وغيرها… ممّا هو جزء من فيض فائض فاض علينا حتى الغرق !
(1) مع الملاحظة أن شركة S&P كانت قد أعطت تصنيف "ممتاز" ستة أيام فقط قبل إنهيار بنك . Lehman Bros الأميركي وإفلاسه الأمر الذي أشار الى الإنهيار المالي العالمي منذ العام 2007. وشركات التصنيف هذه ليس لها أيّ صفة رسمية دولية أو عالمية لكن، في وضع لبنان، فهي ليست على خطأ وسبق لها أن خفّضت مكانته السيادية الى ما دون المكانة الحالية في الماضي ليس البعيد.
(2) On ne peut pas faire du neuf avec des personnes usées”"
(3) من نظرية الدكتور داود خير الله، أستاذ القانون الدولي في جامعة جورج تاون والخبير السابق في البنك الدولي وعضو مجلس أمناء المنظمة العربية لمكافحة الفساد.