رأي

هل لبنان قابل للنجاح اقتصاديا؟(عماد عكوش)

 

د.عماد عكوش – الحوار نيوز

 

لا بد لنجاح اي اقتصاد في العالم توفر شروط وعناصر أساسية ، نذكر من هذه العناصر ستة عناصر :

–  معدل الإدخار: إن ارتفاع معدل الإدخار أمر اساسي لأنه يوفر مصدر التمويل الاساسي للاستثمارات الجديدة، سواء كانت صغيرة او كبيرة، الامر الذي يؤدي الى نمو دائم في الاقتصاد ، وتراكم هذا النمو يؤدي الى تطوير كبير في المجتمع ، ولذلك نقول ان الهدر والفساد والتبذير هي عوامل قاتلة للاقتصاد .

– الرعاية الصحية :  ان صحة الفرد والعائلة تؤدي الى صحة المجتمع، وتدعم عافية السكان الوصول إلى المكاسب في الرفاه الاجتماعي والاقتصادي بعيدا عن الاوبئة والامراض المعدية التي تثقل كاهل المجتمع وتفقره .

–  التعليم الجيد : يساهم تحسين مستويات التعليم وزيادة فرص الحصول على التعليم في زيادة النمو الاقتصادي والتنعم بالاكتفاء في مجال العلم والمعرفة والوصول الى حالة الابتكار الدائم .

– النمو السكاني الملائم : عندما يكون عدد الأشخاص الذين يدخلون إلى القوى العاملة أكثر من الذين يغادرونها، تنمو القدرة الإنتاجية للدولة، ما قد يؤدي إلى زيادة الرفاهية الاقتصادية .  

– الاستقرار السياسي : ان وجود دولة مستقرة سياسيا يدعم وجود التخطيط الطويل الاجل واستمرار عمل المؤسسات وتراكم الثروات . وتدعم جودة واستقرار المؤسسات والسياسات في أي بلد، بما في ذلك السياسات النقدية والمالية والصناعية، النمو الاقتصادي والتنمية. ويمكن أن تساهم الشفافية في ذلك في تحسين الرفاهية الاقتصادية بقدر ما تساهم السياسات نفسها .  

– حماية الملكية الخاصة : ان حماية الملكية الخاصة عبر وجود قضاء مستقل ونزيه يحفز الحركة الاقتصادية في الدولة ويشجع على الاستثمار المحلي والخارجي ، كما يمكن ان يؤدي انتقال عوامل الإنتاج (السلع والخدمات ورأس المال والأشخاص والأفكار) بحرية وبشكل بنّاء داخل البلدان وعبر الحدود، دوراً حيوياً في النمو الاقتصادي والازدهار .

كما ان اعتماد بعض المقومات يمكن ان يساعد على تنشيط الاقتصاد ومنحه الحافز نحو التطوير والابداع ، ومن هذه الانشطة والمقومات التي يمكن اللجوء لها ما يلي :

– الاستثمار في التعليم والتدريب : يساهم تحسين نوعية التعليم وتطوير مهارات العمالة في تعزيز الابتكار وزيادة الإنتاجية.

– تعزيز بيئة الأعمال : يجب تبسيط الإجراءات الإدارية والحوكمة وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وخفض احتكاك المواطن مع الموظفين لتعزيز جاذبية الاستثمار وتشجيع ريادة الأعمال .

– تطوير البنية التحتية: يجب الاستثمار في البنية التحتية وخاصة في قطاع النقل والاتصالات والطاقة ، ما يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي .

– تعزيز الابتكار والبحث العلمي : ان خلق بيئة ملائمة لتعزيز الابتكار والبحث العلمي من خلال خلق موازنات خاصة لها يساعد في تطوير صناعات جديدة وتحسين الإنتاجية والتنافسية.

– وضع خطط اقتصادية طويلة الاجل : يجب تبني سياسات اقتصادية تهدف إلى الاستقرار المالي وتحقيق التوازن في الميزان التجاري وميزان المدفوعات وهذا لا يتم الا من خلال خطط طويلة الاجل.

– تعزيز التكامل الاقتصادي: يساعد التكامل الاقتصادي في توسيع الأسواق وتعزيز التبادل التجاري وتحسين كفاءة الإنتاج والتوزيع ، وهذا التكامل يمكن ان يحصل داخليا ، اقليميا ، ودوليا ، والانغلاق على الذات يؤدي الى دمار الاقتصاد وموته .

– تعزيز التنمية البشرية: يجب توفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية لتعزيز التنمية البشرية والاستقرار الاجتماعي.

– تعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة: ان عدم العدالة في المجتمع وبين المواطنين يؤدي الى الفساد والهدر والتحاصص ووصول من لا يملك الكفاءة الى مركز المسؤولية . يجب أن تكون السياسات الاقتصادية شاملة وتهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص، وتقليل الفجوات الاقتصادية والاجتماعية.

ان العمل على تحقيق هذه المقومات كفيل ببناء اقتصاد ناجح ومستدام يسهم في تحسين جودة حياة الناس وتحقيق التنمية المستدامة، والخروج عنها كما هو حاصل في لبنان اليوم لا يؤدي الا الى مصير واحد وهو قعر الهاوية .

من الامثلة الحديثة على ذلك دولة سنغافورة حيث تعتبر سنغافورة واحدة من أبرز الأمثلة على الدول النامية التي نجحت في بناء اقتصاد قوي بفضل تنمية البنية التحتية المتطورة، وتعزيز بيئة الأعمال والابتكار، وتنفيذ سياسات اقتصادية مستدامة . هذه الدولة استفادت من تطبيق المقومات الحديثة مثل تعزيز التعليم والبحث والتطوير، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز التكنولوجيا والابتكار، لبناء اقتصاداتها وتحقيق النمو والتطور ، وساهمت بشكل كبير في تحويل سنغافورة من دولة نامية إلى واحدة من أكثر الاقتصادات نجاحًا وتطورًا في العالم.

لبنان يمتلك عدة مقومات يمكن الاستفادة منها لبناء اقتصاد قوي وناجح، ومن أهم هذه المقومات:

– موقع استراتيجي: يتمتع لبنان بموقع جغرافي متميز يربط بين الشرق والغرب، ما يوفر فرصًا لتطوير القطاعات اللوجستية وتعزيز التجارة والاستثمارات.

–  القوى العاملة المتعلمة: يتميز لبنان بقوى عاملة متعلمة ومهارات عالية في مجالات متعددة مثل الطب، والهندسة، وتكنولوجيا المعلومات، والصناعات الإبداعية.

– قطاعات اقتصادية متنوعة: يحتوي اقتصاد لبنان على قطاعات متنوعة مثل السياحة، والخدمات المالية، والزراعة، والصناعات الإبداعية، ما يوفر فرصًا للتنويع وزيادة المرونة.

–  الطبيعة الجمالية والثقافية: تعتبر لبنان وجهة سياحية مفضلة بفضل جمال طبيعتها وثقافتها الغنية، ما يوفر فرصًا لتطوير قطاع السياحة وزيادة الإيرادات.

–  اللغة والثقافة: يتمتع لبنان بلغة عربية وفرنسية وانكليزية متقنة، وبثقافة متنوعة ومتسامحة، ما يجعله مكانًا جذابًا للشركات العالمية والاستثمارات الأجنبية.

ما نحتاجه في لبنان فقط ارادة سياسية للبدء بعملية الاصلاح السياسي بعيدا عن المكاسب الانية والمؤقتة لبعض الافراد او الكتل التجارية والسياسية ،ويمكن ان ننجح ونحقق الغنى والرفاهية للجميع .

  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى