رأي

المقاومة اليمنية تحاصر مسارات التطبيع (فرح موسى)

 

د.فرح موسى – الحوارنيوز

 

حضرت الوفود الغربية(الاستعمارية)إلى المنطقة لتعلن عن عروضها السخية،داعيةً الفصائل المقاومة إلى قبولها لوقف الحرب وإنهاء الحصار،فهذه العروض من وجهة نظر الإدارة الأمريكية تنطوي على تنازلات مهمة لصالح المقاومة،ومع هذا،فقد أعلن العدو أنه سيقوم بالغزو لرفح،سواء بالاتفاق أو من دونه،وهو لا يزال يرتكب المجازر ويقتل العشرات يوميًا،وليس من عجب أبدًا أن تترافق زيارات الوفود مع تصعيد في الموقف،لكون الغرب المستعمر هو الذي يقود المفاوضة باسم العدو،ويرواغ في السياسة كعادته،ويفرض الشروط لعله يتمكن من حسم الموقف لصالح العدو، مستعيناً على ذلك بدول التطبيع العربي،ولهذا نجده دائمًا يعطي لزيارة المنطقة طابع تعزيز فرص السلام،والدفع قدمًا نحو التطبيع مع العدو ،لإظهار قدراته ومهاراته السياسية في التشجيع على المزيد من التواصل والتنسيق،ولإيهام  الرأي العام بأن طوفان الأقصى لم تكن له تأثيرات سلبية على مسارات التطبيع في المنطقة.

وهذا ،كما نرى،لا ينطوي على كبير فائدة،لأن الغرب المستعمر بات يعلم يقينًا أن التطبيع مع العدو أصبح من الماضي بعد ما تبين له وهنه في البحر الأحمر،وفي المحيط الهندي،فهو لم يعد مطمئنا إلى مسارات الأحداث،وخصوصًا بعد الردع الإيراني،فتراه يستعيض بالمكابرة الاستعمارية المعهودة لديه لممارسة الضغوط،والإبقاء على هامش المناورة ظنا منه أنه يمكن إيقاف الحرب بما يخدم الكيان الصهيوني،إنها المكابرة التي يراد من خلالها تجاهل التحولات الاستراتيجية في المنطقة،وتظهير الموقف على النحو الذي يخدم مسارات التطبيع لإعادة تشبيك المصالح وفق الرغبات الصهيونية،وهذا ما لا يمكن توفره بعد سبعة أشهر من الحرب لم يتمكن العدو خلالها من تسجيل أدنى انتصار له،بل جاءت النتائج معاكسة تمامًا لما كان يراه لنفسه من قوة في بداية الحرب ..

إن ما أعلنته المقاومة اليمنية اليوم من قرارات تصعيدية،بعد فشل الوفود والضغوط،يثبت مجددًا أن استراتيجية المقاومة لا تزال على قوتها،وأن اليمن هو صاحب العروض السخية لوقف العدوان على غزة،وليس ما جاء به الغرب المستعمر لمحاصرة المقاومة في فلسطين. فتصعيد الموقف وامتداد الصراع إلى البحر المتوسط تمهيدًا لفرض عقوبات شاملة على السفن الداعمة للكيان الصهيوني،هو إن دل على شيء،إنما يدل على أن الشرق الأوسط ومنطقة غرب آسيا قد وصلت بأحداثها إلى حافة الهاوية،فلم يعد أمام القوى الاستعمارية والكيان الصهيوني من خيارات سوى القبول بالشروط الفلسطينية لوقف العدوان،أو المغامرة بالحرب الكبرى على امتداد المنطقة والعالم،لتكون المصالح الغربية كلها عرضة للمخاطر،وهدفًا للمقاومة،فإذا كانت دول التطبيع العربي تريد اللحاق بالمستعمر والكيان الصهيوني،فلها ذلك،ولكنها لن تكون بمنأى عن المخاطر المحدقة بالعدو وداعميه،كما أنها لا تملك قدرة الفكاك من الحصار اليمني، فيما لو أرادت البقاء في المنطقة الوسطى والاستمرار بسياسة التهاون وعدم الاكتراث بمصالحها،لأن التصعيد اليمني له أبعاده المهمة في واقع المنطقة،ولن تكون المصالح العربية بعيدة عن تداعياته الاستراتيجية،ما يحتم على دول التطبيع العربي متابعة الحدث وتدعيم الموقف بما يسمح بإعادة رسم الخطوط وفق التحول الجديد،وخصوصًا بعد أن تبدى للمطبّعين،أو للذين هم في طور التطبيع،أن العدو قد أحبط في فتح البحار. فغزة فلسطين ستفرض انتصارها على وقع الحصار اليمني وسائر التشبيكات المقاومة،ولا يسع الدول المطبّعة سوى استدراك الموقف الاستراتيجي،بحيث يعلم الغرب المستعمر وأعوانه أنه لا سخاء في العروض دون الحق الفلسطيني الكامل،وهذا ما تنذر به التحولات بعد انهيار منظومة الردع الغربية والصهيونية في الشرق الأوسط.والسلام.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى