رأيصحف

حزب الله هو المنقذ.. وبيده مفتاح الإعمار!(صلاح سلام)

 

الحوارنيوز – صحافة

 

تحت هذا العنوان كتب صلاح سلام في صحيفة اللواء يقول:

 

تكاد لا تغيب كلمات «الإنسحاب الإسرائيلي»، و«تسريع خطوات الإعمار»، من خطابات وتصريحات رئيسي الجمهورية والحكومة، دون ظهور أي مؤشر لقرب تحقيق هذين الهدفين.

لبنان الرسمي إستنفر كل علاقاته العربية والدولية في معركته الديبلوماسية الشاقة ضد الإحتلال الإسرائيلي، الذي يصرُّ على البقاء في المواقع الخمسة الحدودية، وعلى ممارسة خروقاته اليومية، الجوية والبرّية، عبر طائرات الدرون فوق بيروت وضواحيها، والغارات الجوية المتقطعة في الجنوب والبقاع، أو من خلال التوغلات المتكررة في القرى الحدودية، والإمعان في جرف المنازل والطرقات والأراضي الزراعية. 

وبرزت في الأسبوع الماضي نوايا إسرائيلية خبيثة، لإستدراج لبنان إلى مفاوضات سياسية، بتغطية أميركية صارخة، بحجة إنتهاء دور لجنة المراقبة العسكرية الخماسية، والشروع بإجتماعات على المستوى السياسي، بحجة معالجة النقاط الخلافية على الخط الأزرق، إستكمالا للمهمة التي كان قد بدأها الموفد الأميركي السابق آموس هوكشتاين. 

وحجة الإسرائيلي، وخلفه التأييد الأميركي والأوربي، هو إستهداف ما تبقّى من سلاح حزب الله وبنيته العسكرية، من مصانع أسلحة ومستودعات ذخيرة وأنفاق، للحيلولة دون إعادة تنظيم صفوفه، وتكرار التجربة التي أعقبت حرب تموز ٢٠٠٦ .

أما ملف الإعمار فمرتبط بقضيتين متلازمتين. الأولى تنفيذ خطوات جدّية على طريق الإصلاح. والثانية لا تقل أهمية وإلحاحاً عن الأولى وتتعلق بمصير سلاح حزب الله، حتى لا يتعرض ما يتم إعادة إعماره إلى التدمير في كل مواجهة مع العدو الإسرائيلي. 

إندفاعة الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام للإصلاح معروفة، وتضع هذه المسألة على سكة التنفيذ، عبر إقرار آلية التعيينات في جلسة مجلس الوزراء اليوم. 

أما قضية سلاح حزب الله فما زال التعامل معها هادئاً، لتلمُّس المداخل المناسبة للولوج إلى تفاصيل هذا الملف بحكمة وتروٍّ، على أمل إستكمال  التغيّر الإستراتيجي الذي بدأت مقدماته تظهر في خطابات الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الذي أكد أكثر من مرة وقوف الحزب إلى جانب إستعادة الدولة دورها لإخراج الإحتلال، ولو بالطرق الديبلوماسية، والبقاء تحت سقف الطائف والدستور، والحفاظ على توازنات الصيغة الداخلية.

بغض النظر عما يتردد عن وجود خط ثانٍ في الحزب.  مناهض لتوجهات الشيخ نعيم قاسم، فإن مصير سلاح حزب الله سيبقى هو بيت القصيد، في الإحتمالات المطروحة لخروج لبنان من نفق أزماته المتراكمة، والإنطلاق على دروب الإصلاح والإعمار والتغيير الحقيقي.

ولم يعد خافياً أن الضغوط الخارجية، خاصة الأميركية، تشتد يوما بعد يوم على لبنان، لإستعجال إنهاء موضوع سلاح الحزب، بعدما تم ربط الإنسحاب الإسرائيلي، وإطلاق ورشة الإعمار، وتقديم المساعدات المالية المطلوبة  بهذا الملف.

أصبح من لزوم ما لا يلزم، تكرار الحديث عن أن المقصود من هذا الموضوع ليس  القضاء على حزب الله، وملاحقة أعضائه وأنصاره، أو أن القضية تستهدف بيئة الحزب، والطائفة الشيعية في لبنان، بقدر ما المطلوب هو تحوُّل الحزب إلى تنظيم سياسي، والتخلي عن جناحه العسكري، والمشاركة في الحياة السياسية اليومية، بحجم ما يمثل شعبياً ونيابياً، ويكون شريكاً في القرارات الوطنية، بما فيها قرار الحرب والسلم الذي يبقى من صلاحية الدولة. 

تخلِّي أحزاب وحركات سياسية عن سلاحها، وتحوُّلها إلى العمل السياسي الديموقراطي، وإفساح المجال أمام المفاوضات السياسية والديبلوماسية، لتحقيق أهدافها،  ليس ظاهرة مستجدة في تاريخ النضالات الشعبية. منظمة التحرير الفلسطينية خاضت «مفاوضات أوسلو» ووصلت إلى إقامة السلطة الوطنية. الجيش الجمهوري الآيرلندي الكاثوليكي تخلى عن سلاحه وتوصل إلى تسوية أخرجت الجزيرة من سيطرة التاج البريطاني. 

عشرات الفصائل المسلحة تخلت عن سلاحها ودخلت في الجيش السوري الجديد. «الحركة الديموقراطية الكردية ــ قسد» أعلنت التخلي عن السلاح والإنضمام إلى الجيش السوري، كذلك فعلت تنظيمات أخرى في السويداء ودرعا. حتى المناضل الكردي التاريخي أوجلان طلب من حزبه إلقاء السلاح، والتركيز على العمل السياسي في الدفاع عن حقوق الأكراد. وأخيراً لم تعارض حماس في مفاوضاتها مع الموفد الأميركي عن التخلي عن سلاحها، مقابل بقاء عناصرها في غزة. 

المشكلة أن لبنان الذي خرج من حرب الشهرين مهشَّماً، والحزب الذي تكبد خسائر فادحة ومؤلمة في «حرب الإسناد» لغزة، أصبحا أسيري واقع دراماتيكي، نتيجة إعتبار العدو الإسرائيلي وحلفائه، وخاصة الإدارة الأميركية الحالية، بأنه «بلد منهزم»، وعليه القبول بما تفرضه الشروط الخارجية، للحصول على المساعدات التي هو بأمسِّ الحاجة لها لإعادة الإعمار، وإصلاح البنية التحتية التي خرَّبها العدوان الصهيوني في القرى الحدودية، تمهيداً لعودة الأهالي إلى بلداتهم. 

إنقاذ لبنان من دوامة التخبط الراهنة يتوقف على قرار تاريخي تتخذه قيادة حزبية جريئة، يقضي بوضع منشآت الحزب العسكرية بتصرف الجيش اللبناني، ونزع الذريعة من العدو الإسرائيلي في خروقاته اليومية، وفي شن الغارات التي تستهدف البشر والحجر. 

نعم حزب الله هو المنقذ.. وبيده مفتاح الإعمار!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى