العلامة الخطيب في خطبة الجمعة يحذر من مغبة الاخلال باتفاق وقف النار ويدعو للاسراع في تأليف الحكومة
الحوارنيوز – محليات
حذر نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الدول التي تعهدت بتطبيق اتفاق وقف النار، من العواقب التي ستترتب على الإخلال به، وقال “إن العالم سيرى بأس شعبنا رغم كل الآلام، لأنه شعب يأبى الضيم والهوان والاذلال، ولن يترك لغاز ومحتل أن يستقر، ولا لاحتلال ان يبقى أو يدوم”.
ودعا في خطبة الجمعة الى “الاسراع في تأليف الحكومة اللبنانية ليتسنى لها ان تقوم بمهامها الدستورية، ومن دون وضع العصي امام التأليف والتعاطي معها بالعقلية التي حاول البعض ان يتعاطى بها مع بيئة المقاومة عبر البروباغندا، بعقلية منتصر ومهزوم”.
وكان العلامة الخطيب أم الصلاة في مقر المجلس الشيعي على طريق المطار ،والقى خطبة الجمعة وجاء فيها:
قال تعالى
“ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما”
في هذه الآية المباركة يحدد لنا الله تعالى قاعدة السير والانطلاق في كيفية معالجة القضايا والمشكلات التي تواجهنا افرادا وجماعات ومجتمعات وامة، وهي توسل القول السديد وما فيه تحقيق المصلحة في معالجة الأمور، وخصوصا في القضايا الكبرى والمصيرية، وألا ينكفئ المرأ المسؤول او الجماعة المسؤولة عن لعب هذا الدور واعطاء الموقف وتسديد الجهات التي تتحمل مسؤولية اخذ القرار، بسبب تضرر مصالحها أوخوفها من النتائج الخطيرة التي يمكن ان يؤدي اليها في القضايا الكبرى والمصيرية التي تتعلق بالكيان او الامة بدينها وعقيدتها ووجودها، التي تعظم معها المسؤولية ويُعدّ معها التخلي عن اخذ الموقف خيانة للامة ولمبادئها ودينها وقيمها، وبالتعبير الديني خيانة لله ولرسوله. ونحن من هذا المنطلق نأخذ الموقف حيال مشاكلنا، سواء على الصعيد الوطني العام في الشأن اللبناني، او على الصعيد الوطني الإسلامي. وندعو الى حل التناقضات الداخلية او التخفيف منها، ان لم نتمكن من حلها والخروج منها، ونشجع على ايجاد حالة من التفاهم العام لانقاذ وحدة البلاد، ارضا وشعبا المهددة بفعل العامل الصهيوني، وعلى اساس ان الشعب اللبناني يمثل وحدة مجتمعية سياسية، وعلى اساس وحدة التراب اللبناني، وأنها وحدة غير قابلة للتجزئة لا المبطنة ولا المكشوفة.
واي محاولة استغلال من أي جهة او مكون لظرف من الظروف من اجل تحصيل مكاسب ، لا يعود بالخير على احد كما اكدت التجارب المتعددة، وانما كانت وبالا على الجميع، وان الطريق الوحيد لحل المشاكل الداخلية هو التفاهم والحوار، والخروج بحلول لمصلحة الجميع . وأما استغلال الظروف واللجوء الى الاستعانة بقوى خارجية لفرض امر واقع، فقد جُرِّب اكثر من مرة ووصل الامر بالبعض بالاستعانة بالعدو، ولكنه فشل في النهاية، لأن العدو وجد في هذا الامر فرصته الثمينة في التقدم مرحلة من تحقيق حلمه التاريخي، اسرائيل الكبرى، الذي انتهى الى الفشل، وأخرج من لبنان مهزوما يجر اذيال الفشل، بينما كان البعض يمنينا بأن العصر اصبح عصرا اسرائيليا وان على الجميع ان يخضع لارادت،ه خصوصا انه استطاع ان يجتاح لبنان ويحتل العاصمة بيروت في ثلاثة أيام. ونحن اليوم نمر بمرحلة جديدة اراد العدو فيها ان يعيد التجربة مطمئنا إلى ان الظروف التي مرت فيها المنطقة، والتي كان عنصرا فاعلا في احداثها، قد هيأت الامور اكثر من اي وقت مضى للقضاء على العوامل التي شكلت تهديدا وجوديا لكيانه بعد الهزيمة المدوية التي تجرعها في العدوان الذي شنه على لبنان في عام ٢٠٠٦، ولكنه رغم كل ما احدثه من مجازر وابادة وحشية، فشل في تحقيق اهدافه التي وضعها لهذا العدوان الهمجي، ولم يستطع ان يتجاوز الحافة الامامية للحدود، واضطر لطلب وقف اطلاق النار والقبول بالقرار الاممي الذي أصدره مجلس الامن الدولي عام الفين وستة، بالرغم من حجم الدمار الهائل الذي احدثه في المدن والقرى والمجازر بحق المدنيين، ولكنه فشل استراتيجيا فشلا ذريعا باعتراف قادة جيشه، وان حاولت بعض القوى القبلية التي تُسمي نفسها سياسية، قلب الحقائق وتتهم المقاومة بأنها هُزمت بعد ان خاضت هذه القوى حرب العدو الإعلامية، وما زالت للاسف تحمل نفس العقلية ونفس الخطاب، وترى ان انتصار المقاومة هزيمة لها قبل ان تكون هزيمة للعدو.
فكيف كانت صورة الكيان امام الرأي العالمي قبل طوفان الاقصى ومساندة قوى المقاومة لها ،حيث كان يرى فيها العالم الدولة الحضارية والديمقراطية الوحيدة في المنطقة، واين اصبحت بعدها اذ انكشفت على حقيقتها من كيان متوحش وقاتل ومجرم يقدم قادته ويجرّمون بالإبادة الجماعية امام المحاكم الدولية تحت ضغط الرأي العام الغربي، الذي لولاه لما تحقق هذا الإنجاز.. ومعركة الرأي العام الدولي هي اساسية في هذه المعركة، ثم شعور العدو بان هذه المعركة هي معركة وجودية التي اخذته الى ارتكاب هذه المجازر وحرب الابادة وعجزه وفشله في تحقيق أهدافه،ما ثبّت لديه هذا الشعور بأن كيانه الى زوال، بعد ان كان يهدد بتحقيق خرائط جديدة للشرق الاوسط التي بدا للبعض انها بدأت تتحقق، وما هو الا وهم كاذب سرعان ما ستكشف عنه الايام والليالي، وافتضحت فيه بعض القوى على حقيقتها.
ايها الاخوة
نحن من منطلق قوله تعالى “قولوا قولا سديدا” ومع الوقائع الجديدة التي انتجت مرحلة جديدة بفضل ما انجزته المقاومة بفضل دماء الشهداء من قادة ومقاومين في الوصول الى انتخاب رئيس للجمورية وتكليف رئيس للحكومة بفضل هذا الصمود للمقاومة والشعب اللبناني، يجب ان نستغل هذه الفرصة ونمضي سريعا بتأليف الحكومة ليتسنى لها ان تقوم بمهامها الدستورية، ومن دون وضع العصي امام التأليف والتعاطي معها بالعقلية التي حاول البعض ان يتعاطى بها مع بيئة المقاومة عبر البروباغندا، بعقلية منتصر ومهزوم. فهذا عود على بدء وسيؤدي الى فرملة العهد الذي بدأ بخطاب فخامة رئيس الجمهورية، واعدا كما الرئيس المكلف، وما سمعناه مباشرة من فخامته لدى تقديم التهاني بانتخابه، الا تثنيه الصعوبات والعراقيل عن السير به لبناء لبناننا الجديد الذي يتطلع اليه اللبنانيون بأمل كبير، وبناء الدولة القوية العادلة، دولة المواطنة،الأمر الذي يتطلب حنكة وصبرا وجدية، وهي صفات متوفرة في فخامته، كما الحزم في تطبيق القرار ١٧٠١ وخروج العدو من الارض التي احتلها وعاث فيها خرابا ودمارا، وأن تلكؤه في الانسحاب موجه بالدرجة الاولى لمصداقية العهد، وكذلك مهمة اعادة الإعمار والبناء واعادة الناس الى بيوتهم وقراهم التي احتلها العدو، والذين لن يستطيع احد منعهم منها.
ونحذر الدول التي تعهدت بتطبيق الاتفاق من العواقب التي ستترتب على الإخلال به، فإن العالم سيرى بأس شعبنا رغم كل الآلام، لأنه شعب يأبى الضيم والهوان والاذلال، ولن يترك لغاز ومحتل أن يستقر، ولا لاحتلال ان يبقى أو يدوم، وتاريخ العدو الدامي شاهد على ذلك. فمدرسة شعبنا هي مدرسة أئمة اهل البيت، ومدرسة كربلاء وسيد شهدائها الامام الحسين (ع) الذي يعتز به أهلنا ويتخذون منه نموذجهم الاسمى، تمسكا بالقيم وحربا على الظالمين والطغاة والمعتدين والطامعين، فكانوا على الدوام حماة الأمة عندما تتعرض للخطر، لا يعيرون اهتماما للومة لائم انتهازي باع ضميره ووجدانه وامته وتخلى عن قيمه، عندما وجد فرصته لينتقم لاحقاد شخصية او ليجد لنفسه موقعا، وطالما وجدت هذه النماذج في حياة الامة فباءت بالخسارة في الدنيا والخزي في الاخرة.
قال الله في كتابه الكريم:
“يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ۛ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41)