بقلم د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
ينتظر أهل المقاومة إعلان وقف النار بعد ستين يوماً من القتال والتدمير والتهجير والحزن والآلام ،بالتلازم مع الخوف من المكر والغدر الاسرائيلي والخداع الأمريكي، وأن لا يكون الوعد كوعود وقف النار في غزة ، لكن السؤال الذي بدأ الناس بطرحه ونقاشه…هل انتصرت المقاومة لتقبل بوقف النار أم انهزمت فقبلت بالقرار؟
سيبادر خصوم المقاومة الذين عارضوا مشاركتها في الحرب لإنتقادها قبول وقف النار وهم الذين أعلنوا نهايتها عند بدء الحرب!
بعيداً عن العاطفة والإنفعال، وبقراءة موضوعية لقرار وقف النار، وحتى يعرف أهل المقاومة ماذا أنجزت، وحتى لا يقعوا ضحية التضليل الاعلامي المعادي ،نتيجة ضعف الإعلام المقاوم، ،مضمونا وشكلاً ،مع التأكيد ان المقاومة لم تبدأ الحرب بصورتها الأخيرة ، بل كانت في موقع الدفاع واستطاعت البقاء في حرب “الإسناد” ضمن قواعد إشتباك تحفظ قرار إسناد غزة ولا تُوقع لبنان في الحرب ،حرصاً على اهلها وعلى لبنان وقد دفعت الثمن الكبير مع أهلها،
أمام كل ذلك يجب ان يكون السؤال :هل انتصر العدو، وهو المبادر للحرب لتحقيق أهدافه الآتية:
– القضاء على المقاومة ونزع سلاحها.
– إقامة المنطقة العازلة وانسحاب المقاومة الى شمالي الليطاني
– إلغاء القرار 1701 او تعديله وتغيير الخط الأزرق وفق مصالحه الأمنية.
-إرجاع المستوطنين الى الشمال
-فصل الجبهتين.
– حق التدخل العسكري لمنع أي تهديد مُفترض ضده.
– – الرقابة على الحدود مع سوريا لمنع تهريب السلاح.
مع مطالب أميركية على المستويين السياسي والأمني:
- رئاسة لجنة الإشراف على تنفيذ وقف النار ونقل مرجعية الرقابة والقرار من الأمم المتحدة والدولة الى اللجنة.
- التمديد لقائد الجيش.
- انتخاب رئيس جمهورية لا تفرضه “الثنائية” بل تشارك في اختياره وانتخابه وتوافق عليه اميركا.
- وصاية أميركية سياسية وأمنية وإعادة هيكلة المؤسسات الدستورية والإدارة العامة (التعيينات)، خاصة وأن الإدارة العامة فارغة تماماً.
لقد استطاعت المقاومة وبطريقه تصل الى حد الإعجاز، استيعاب الضربات القاسية التي تمثلّت بإغتيال قائدها “السيد الشهيد” ومعظم قياداتها ومجزرة “البايجر”وان تواجه 50,000 جندي اسرائيلي طوال 60 يوما وتمنعهم من احتلال الشريط الأمني ،جنوب الليطاني مع الحرص على إنهاء الحرب حفظاً لأهلها بعد عمليه التهجير والمطاردة التي تعرّضوا لها، والتي وصلت الى حد التهديد بتهجيرهم الى العراق(كما صرح الوزير جنبلاط) خاصة وانها خاضت الحرب وحيدة، بالمعطى الميداني مع بعض الدعم الشجاع والمشكور من العراق واليمن وحاولت تقديم التنازلات في الداخل ارضاء للأميركي ليمارس ضغطه على اسرائيل ،لكسب ساحة لبنان.
وقد استطاعت المقاومة نتيجة صمودها وشجاعتها وقتالها الاستشهادي ان تحرم اسرائيل من تحقيق اكثر مطالبها وتنازلت في الداخل ،لأن التنازل في الداخل هو لصالح قوى لبنانية وإن كانت خصماً للمقاومة،ضمن التكتيك السياسي ويمكن تعويضه فيما بعد ،فوافقت على التمديد لقائد الجيش مع قادة الأجهزة الأمنية وتنازلت عن مرشحها الرئاسي” كمرشح وحيد”، وقبلت برئاسة اميركا للجنة الاشراف على تنفيذ وقف النار، أما موضوع الإدارة والتعيينات، فيمكن تقليل خسائره ،أما بالنسبة لمطالب العدو الاسرائيلي فقد استطاعت المقاومة إفشال كل أهدافه وفق التالي:
– منع العدو من احتلال الشريط الحدودي وفرض المنطقة العازلة بالقوة مع الاعتراف بأنه استطاع تدمير القرى المحاذية للحدود دون القدرة على البقاء فيها.
– إبقاء القرار 1701 ،مرجعية أساسية ،للإتفاق وعدم تعديله ،مع بعض الإضافات الخارجية .
– إفشال هدف العدو الرئيسي ،بالقضاء على المقاومة واجتثاثها من لبنان مع الاعتراف انه استطاع إنزال ضربات قاسية معنوية ومادية التي لا يمكن لأي حركة مقاومة ان تبقى على قيد الحياة بعدها!
– افشلت المقاومة شرط حق العدو بالتدخل العسكري.
اما أرباح العدو :
– إعادة المستوطنين (مقابل عودة المهجّرين اللبنانيين)
– فصل الجبهتين(عدم جدوى الربط بعد سقوط غزة )
– المنطقة العازلة وإنسحاب المقاومة من المنطقة جنوب الليطاني مع لفت الإنتباه أنهما في صلب القرار 1701 ولم تلتزم بهما المقاومة، مقابل عدم إلتزام العدو الاسرائيلي بالامتناع عن الطلعات الجوية .
استطاعت المقاومة إنزال الخسائر المعنوية (محاولة إغتيال نتنياهو) والمادية بالجيش الاسرائيلي طوال شهرين ،ما أرغم العدو على القبول بوقف النار بعد شهرين من بدء الحرب خلاف موقفه وأميركا من حرب غزة!
لا شك أن المقاومة وأهلها خسروا معنوياً وعاطفياً ومادياً ،فقد خسروا “السيد الشهيد” و20,000 شهيد وجريح وحوالي 100,000 منزل ومنشأة، لكنهم ربحوا دينهم وشرفهم وكرامتهم وربحوا معركة تقليل الخسائر ولم يرفعوا راية الاستسلام…
ونقول ان العدو لم ينتصر، والمقاومة لم تنهزم ،وهذا إنجاز عظيم عندما قاتلنا وحدنا…
بقيت المقاومة ..وسيرحل المحتلون!